في الانتخابات الأميركية: تداعيات وانعكاسات
مراقبون: الانتخابات أحدثت متغيرات مهمة ستنعكس نتائجها على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية

بقلم: مفتاح
2020/11/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15467

مقدمة:

أكد محللون ومتابعون للانتخابات الأميركية الأخيرة، والتي أفضت إلى فوز الحزب الديمقراطي برئاسة مرشحه جو بايدن، أن هذه الانتخابات ستنعكس في نتائجها على علاقة الإدارة الأميركية الجديدة على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، كما ستؤدي إلى تغييرات ملموسة في السياسات الأميركية، وفي العلاقات الدولية للإدارة الجديدة، إضافة إلى انعكاساتها على الأوضاع الداخلية الأميركية ذاتها، وتبدل أولويات هذه الإدارة في التعاطي مع العديد من الملفات خارجياً وداخلياً، خاصة فيما يتعلق بملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتنفيذ ما وعد به بايدن على صعيد الأولويات المحلية داخل الولايات المتحدة.

د. غسان الخطيب: تغيير جذري

د. غسان الخطيب، المحاضر في جامعة بير زيت، وفي تعليقه على نتائج هذه الانتخابات، قال:" أعتقد أن نتائج الانتخابات الأميركية سوف تؤدي إلى تغييرات ملموسة في السياسات الأميركية، وفي العلاقات الأميركية الدولية، إضافة إلى الأوضاع الداخلية الأميركية، والسبب في ذلك أن الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترمب كانت قد أجرت تعديلات غير مسبوقة على السياسات الأميركية خصوصاً على مستوى السياسة الدولية وعلى العلاقات الدولية، وبالتالي الفجوة بين الحزبين في الانتخابات لم تكن بهذا الاتساع في أي انتخابات سابقة، واستناداً لذلك، فإن انتصار حزب آخر أو مرشح آخر سيؤدي إلى تغييرات كثيرة، وقد أعلنوا حتى الآن عن العديد من هذه التغييرات، ومنها أنهم سيعودون إلى اتفاق المناخ الذي انسحبوا منه، وبأنهم سيحسنون علاقاتهم مع حلفائهم الأوروبيين، وغير ذلك. أما في موضوع الشرق الأوسط، فقد أعلنوا عن أنّ الإدارة الأميركية الجديدة سوف تعكس بعض السياسات التي اتخذتها الإدارة السابقة، بمعنى أنها ستعود إلى السياسات التقليدية الأميركية في جزء غير قليل من جوانب الموقف الأميركي من الصراع العربي الإسرائيلي".

انعكاسات وتأثيرات

أضاف:" أعتقد أنّ هناك بعض التغيّرات التي ستكون سريعة نسبياً. وبالتالي أتوقع بأن الإدارة الجديدة ووفق ما صدر عنها ستعود إلى استئناف المساعدات للشعب الفلسطيني، وربما إلى وكالة الغوث، وهذا أمر مهم لأنه سيشجع دولاً أخرى على العودة لاستئناف تقديم المساعدات، لأنّ بعض الدول توقفت عن تقديمها بسبب الضغوطات والتأثيرات الأميركية، ومن ناحية أخرى، فربما سيقومون بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وهذا فيه بعض الرموز الإيجابية، والأهم من هذا وذاك هو أنّ الحزب الديمقراطي وبايدن لديهما موقف قوي اتجاه فكرة حل الدولتين، وبالتالي من المتوقع أن يكون لهم موقفاً نقدياً ولو على المستوى اللفظي ضد التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وهذا سوف يشكل بعض الضغط الدولي ضد إسرائيل في موضوع الاستيطان، لأنّ فترة إدارة ترمب منعت تلك الدول عن التعبير عن أي انتقاد للتوسع الاستيطاني، بل أنَ السفير الأميركي في إسرائيل كان يشجع الاستيطان في تصريحاته، ويؤكد أن الولايات المتحدة ليس لديها مشكلة في توسيع المستوطنات، الأمر الذي أضعف من الموقف الدولي المعارض للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي. أما فيما يتعلق بالعملية السياسية، فالمسألة هنا أكثر تعقيداً، لأنّ الإدارة الأميركية مارست إدارة الصراع أكثر من محاولة حله، لأن الجميع استنتج بأن إمكانيات الحل صعبة، وبالتالي ذهبوا في اتجاه محاولة حسم الصراع لصالح إسرائيل بنسبة مائة بالمائة، وأتوقع أنّ الإدارة الأميركية الجديدة سوف تعود إلى إدارة الصراع بدلاً من حله وإن كان في ظاهر الأمر غير جيد بما فيه الكفاية، إلا أنه أفضل من مسعى لإدارة ترمب لحسم الصراع لصالح إسرائيل بدرجة كاملة كما كانوا يحاولون أن يفعلوه من خلال صفقة القرن".

خيارات القيادة الفلسطينية

وفيما يتعلق بخيارات القيادة الفلسطينية على ضوء هذه النتائج، قال د.الخطيب: "في رأيي، أن الانتخابات الأميركية هي متغيّر مهم في السياسة الدولية باتجاه الموضوع الفلسطيني، وهذه الانتخابات يمكن أن تحمل في طياتها فرصاً وتحديات، والنتيجة تتوقف على الأداء الفلسطيني، وعلى مدى تماسك الوضع الفلسطيني الداخلي وقوته، كما تتوقف نهائياً على مدى حنكة وحكمة إدارة الملف السياسي المتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة. فإذا كان موقفنا متماسكاً وقوياً وحكيماً، فربما نستطيع أن نتجنب بعض المخاطر التي ستأتي قطعاً نتيجة إعادة فتح ملف العملية السياسية مرة أخرى، وهنا الوضع مقلق بعض الشيء، لأن الوضع الداخلي الفلسطيني وطريقة إدارة العمل السياسي والملفات السياسية المختلفة غير مطمئنة وتدعو إلى القلق بعض الشيء، وبالتالي هذه مناسبة لدعوة القيادة الفلسطينية للتماسك والوحدة والثقة بالنفس وبالجمهور الفلسطيني، وانتهاج مقاربات حكيمة وذكية في التعامل مع هذا المتغيّر الجديد لأنه في غاية الأهمية".

المصالحة والانتخابات

لكن ماذا عن مصير المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، إجراء الانتخابات؟.

عن ذلك يجيب الخطيب:" الذين كان لديهم وهم في الشهور الأخيرة بإمكانية تحقيق المصالحة وإجراء الانتخابات سوف يربطون عدم إجرائها وعدم تحقيق المصالحة بهذا التطور في الولايات المتحدة، لكن في حقيقة الأمر، وفي تقديري أننا لم نكن قريبين لا من الانتخابات ولا من المصالحة بغضّ النظر عما جرى وما كان سيجري في الولايات المتحدة من انتخابات، لأن إمكانية المصالحة ضعيفة ومحدودة لأسباب ذاتية، إضافة إلى أسباب خارجية إقليمية تتعلق بتأثير قوى إقليمية على طرفي الصراع، ولذلك لا أعتقد بأن نتائج الانتخابات الأميركية سيكون لها أثر على الملف الداخلي، أما الملفات الخارجية فهي لا تبشر بالخير لأسباب داخلية وليس لأسباب تتعلق بالولايات المتحدة".

التطبيع العربي مع إسرائيل

وفيما يختص بموجة التطبيع الأخيرة بين إسرائيل والأقطار العربية، وكيف ستؤثر عليها نتائج الانتخابات الأخيرة، قال د. الخطيب:" الملف الثاني الشرق أوسطي الذي سيطرأ فيه تغيير على سياسة الولايات المتحدة هو الخليج، لأن الإدارة الديمقراطية لديها مقاربة مختلفة لأسلوب التعامل مع الملف الإيراني، وهذا سيعكس نفسه على علاقة الولايات المتحدة بالتوتر الخليجي. وفي تقديري أن جزءً من التغيير الذي حدث هو أن الإدارة الجديدة للولايات المتحدة لن تكون متحمسة بنفس القدر لموضوع التطبيع. صحيح أنها ستؤيد التطبيع، ولكن لن تكون هي العامل الضاغط من أجل التطبيع كما كان الأمر عليه سابقا، لذلك أتوقع أن تخف حدة التطبيع، وهذه الموجة ستتوقف خصوصاً، لأنّ الدولة التالية التي كانت تسعى الولايات المتحدة لجرّها للتطبيع كانت مترددة جداً وتخشى من تأثيرات ذلك على مكانتها في المنطقة – أقصد السعودية -، وبالتالي تراجع الضغط الأميركي باتجاه التطبيع سيكون مريحاً وملائماً للعربية السعودية التي لم تكن متحمسة أصلاً لهذه الخطوات لأسباب تتعلق بمكانتها كدولة تسعى لاستمرار زعامتها للعالم الإسلامي.

صفقة القرن والضمّ

من أهم المفارقات الإيجابية لنتائج الانتخابات الأميركية هو أن حملة بايدن أثناء الانتخابات كانت قد أعلنت بأنها لا تؤيد الضم، لأنه يضعف فرص حل الدولتين، كما كانت قد عرضت خطة صفقة القرن لأنها تضعف إمكانية حل الدولتين في المستقبل. وأريد أن ألفت الانتباه هنا، إلى أن هذه الانتخابات قسّمت الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. ولكن دراسات استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات التي جرت في الولايات المتحدة أشارت إلى أن ثلثي اليهود الأميركيين صوتوا لبايدن بالدرجة الأولى لأسباب تتعلق بالوضع الداخلي الأميركي، لأنهم يخشون من أجواء العنصرية التي شجعها ترمب، ولكن السبب الثاني هو أن هناك شعوراً بالقلق والقناعة لدى أكثرية الجالية اليهودية في الولايات المتحدة بأن سياسة نتنياهو وترمب ذاهبة في اتجاه إحكام السيطرة على كل الأراضي الفلسطينية بطريقة تغلق الطريق أمام حل الدولتين وتشكل خطراً على الطابع الديمقراطي والطابع اليهودي لدولة إسرائيل، وهو أمر مقلق بالنسبة للأكثرية الساحقة من اليهود الأميركيين الذين هم بطبيعتهم معنيون بإسرائيل ديمقراطية وإسرائيل يهودية أكثر مما هم معنيون من ضمّ المناطق الفلسطينية المحتلة.

إدارة بايدن القادمة وعلاقتها بالفلسطينيين

يقول الخطيب:" سنشهد عودة إلى ما يشبه السياسات الأميركية التي اعتدنا عليها قبل ترمب، وهي ليست سياسات منصفة أو صديقة للشعب الفلسطيني، بل هي سياسات منحازة ومؤذية لمصالحنا كشعب فلسطيني، وتحابي إسرائيل، ولكن بدرجة أقل من مغالاة إدارة ترمب في الانحياز لإسرائيل وفي الإضرار بمصالح الشعب الفلسطيني.

خليل شاهين

في تحليله لنتائج الانتخابات الأميركية وانعكاساتها المحتملة على الفلسطينيين والإسرائيليين، قال خليل شاهين الباحث المحلل السياسي والإعلامي:" ترافق صعود الترمبية مع تحولات على المستوى العالمي أيضاً يتعلق بصعود الشعبوية اليمينية في العديد من بلدان العالم، حيث شكّل فوز ترمب في تلك المرحلة دافعاً قوياً لتنامي الشعبوية وتلاقيها مع شعبوية متصاعدة في إسرائيل يمثلها بشكل واضح رئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل، وهذا الأمر ألحق ضرراً بالغاً بالقضية الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطيني، وخصوصاً أن شعبوية ترمب التقت مع أكثر الاتجاهات يمنية وتطرفاً بالمعسكر الديني والأيديولوجي في داخل إسرائيل وتبنيه مجمل الرواية الصهيونية.

تحولات في خسارة ترمب

يرى شاهين، من ناحية أخرى، أنه "ليس من المؤكد أن خسارة ترمب يمكن أن تشكّل محطة في تحول آخر، أي بتراجع الشعبوية سواء في الولايات المتحدة أو على المستوى العالمي، ولكن بالتأكيد سيكون لها امتدادات حتى خارج أميركا، وخصوصاً في بعض الدول التي تغذت فيها الشعبوية في صعودها على شعبوية ترمب ذاته. لذلك أعتقد أن هذا مؤشر بحاجة إلى مزيد من الوقت لنفحص ما إذا كان فوز بايدن في الانتخابات سيشكل تحولات فيما يتعلق بتراجع الشعبوية اليمينية بما في ذلك الأمر الجوهري الذي يمس حقوق الشعب الفلسطيني، وهو إنكار التيارات الشعبوية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وقرارات الأمم المتحدة باعتبارها أصلاً اتجاهات مناهضة لحقوق الإنسان، وهذا الأمر يعني أن وجود تيار في الحكم في الولايات المتحدة قد يعيد الاعتبار قليلا لكيفية تعامل الإدارة الأميركية الجديدة مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وكذلك تعاملها مع الأمم المتحدة ووكالاتها، وبعض المؤشرات على هذا الأمر ظهرت في تصريحات بايدن عندما قال على سبيل المثال بأنه لن يتخذ موقفاً حاداً وعدائيّاً من وكالة الغوث، وبأنه سوف يعيد الدعم الأميركي لموازنة الأونروا، وهو أمر يشكل في نظر كثيرين مؤشراً على كيفية تعامل الديمقراطيين مع المؤسسات الدولية، وهذا الأمر ينطبق على بعض المحافل الدولية مثل الموقف من مجلس حقوق الإنسان الذي انسحبت منه الولايات المتحدة انسجاماً مع الموقف الإسرائيلي، واتخذت عدة مواقف عدائية تماماً من القرارات التي تتخذ في مجلس حقوق الإنسان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وهذا الأمر قد يمتد لنشهد تحولات في اليونيسكو وغيرها، وربما تشكل هذه السياسات إذا ما تم اعتمادها تحوّلاً في طريقة تعامل إدارة ترمب الذي شن حرباً على حقوق الشعب الفلسطيني في مختلف المنتديات والمحافل الدولية.

القيادة الفلسطينية والعلاقة مع إدارة بايدن

يرى شاهين، ضرورة التريث لمعرفة طبيعة العلاقة التي ستربط القيادة الفلسطينية، مع إدارة وبايدن، ويقول: "أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من الوقت لكي نفحص كيفية السياسات التي ستعتمدها إدارة الرئيس الأميركي الجديد بايدن فيما يتعلق بالسياسة الخارجية في قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بما في ذلك علاقة التطبيع بين إسرائيل وبعض الأٌقطار العربية، أو المسار الإقليمي الذي اعتمده ترمب إزاء جهود حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فجزء كبير من السياسة الفلسطينية سوف يتوقف على سلوك وسياسة الإدارة الأميركية الجديدة. ولذلك أعتقد أن المطلوب ليس المباشرة بتقديم المزيد من التنازلات أو الأوراق التي تسعى من خلالها القيادة إلى استرضاء وكسب رضا إدارة بايدن، وهذا يعني أننا بحاجة إلى تغيّر ما حتى تنضج سياسة الإدارة الجديدة في عدد من المفاصل المهمة، من ذلك الموقف من مضامين صفقة القرن وليس صفقة القرن ذاتها. فالصفقة ستزاح كإطار كان مفتوحاً لتسوية إملائية على الفلسطينيين وهي لم تعد قائمة، لكن هناك مضامين بالصفقة كان يجري العمل على تنفيذها، تتعلق بالضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وبالموقف من اللاجئين، ومن طبيعة الدولة الفلسطينية وصلاحياتها ومستوى سيادتها، وتتعلق أيضاً بالاستيطان وهذه مفاصل مهمة، وإذا ما كانت الإدارة الجديدة سوف تتبنى السياسات السابقة لإدارة أوباما على سبيل المثال. نحن نستطيع أن نستنتج – خاصة وأن هناك مؤشرات في تصريحات سابقة لباديدن – بأنها ستتخذ موقفاً مناهضاً لتوسع الاستيطان، ولكنه لا يصل إلى مستوى اتخاذ إجراءات تعكس الاتجاه السابق في تعميق الاستيطان. ولكن أيضاً هذا الموقف يتطلب أن ننتظر، ونحن لا نعرف كيف ستتصرف إسرائيل ونتنياهو في موضوع الضم قبل أن يرحل ترمب من البيت الأبيض. بمعنى أن هناك مواقف إسرائيلية تدفع باتجاه خطوات إن لم يكن بالضم الشامل على الأٌقل بفرض القانون الإسرائيلي أو ما يسمى بفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية أو أجزاء واسعة من المستوطنات، أملاً بأن تكون الهدية الأخيرة والكبرى من ترمب قبل رحيله من البيت الأبيض.

سوف نرى كيف يتعامل بايدن مع هذا الأمر. هل سيتعامل معه باعتباره أمرأ واقعاً ؟ أم أنه سوف يسعى إلى اتخاذ قرارات تنفيذية لاحقة لتشطب وتلغي القرارات التي يمكن أن يتخذها ترمب بهذا الخصوص. هذه مسائل مهمة لأنها ستؤثر على الموقف الداعم، وهو الموقف الآخر للقيادة الفلسطينية وإمكانية إطلاق عملية سياسية فلسطينية إسرائيلية.

خيار حل الدولتين

يعتقد شاهين أن اهتمام الإدارة الأميركية الجديدة فيما يتعلق بخيار حل الدولتين سوف يركز على الشعارات. يقول:" أنا أرجّح أن الإدارة الأميركية الجديدة سوف تهتم بشعار حل الدولتين، وليس في مضامين حل الدولتين كما كان عليه الحال في الإدارة السابقة، ولكنها سوف تكون معنية بإطلاق هذه العملية وتجديدها بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى لا تذهب باتجاه مزيد من المواجهة على الأرض خاصة إذا ما أقدم نتنياهو على مزيد من الخطوات التي تتعلق بتعميق الاستيطان والضم، لكن لن تكون هذه – كما تشير التقديرات – أولوية الإدارة الجديدة. هناك أولويات داخلية وخاصة تبعات انتشار فايروس كورونا، إضافة إلى القضايا الأخرى المتعلقة بالموقف من العلاقة مع الصين وأوروبا وقضايا عديدة أخرى من أبرزها المناخ التي وعد الديمقراطيون بأنهم سوف يتخذون إجراءات عملية عاجلة لمواجهتها، وهذا الأمر يعني بأن الإدارة الأميركية الجديدة ربما تتريث قبل أن تستأنف الجهود ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لكن أنا أرجح بأنها سوف تكون معنية أكثر في إدارة الصراع وليس حله في ضوء الفجوات الواسعة في الموقفين والفلسطيني والإسرائيلي، وهذا الأمر يعني أننا قد نكون أمام شكل من المفاوضات التقليدية التي قام بها وزير الخارجية الأميركية السابق جون كيري ، أي التنقل المكوكي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

الجانب الآخر، هو ما تعلق بجهود المصالحة الفلسطينية، فهناك جهود كانت تبذل لاستئناف الحوار الثنائي بين فتح وحماس واجتماع الأمناء العامين للفصائل، ومن ثم هناك على ما يبدو استعصاء في معالجة هذا الملف وجزء منه كان يتعلق بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية. هل سيعود الديمقراطيون مرة أخرى لتبني سياسة تقوم على احتواء التيارات الإسلامية وخاصة التيارات الوسطية والنظم القائمة في منطقة الشرق الأوسط؟ هل سينطبق ذلك على حركة حماس، لأن الإدارات السابقة بما في ذلك إدارة أوباما كانت تتبنى هذا الأمر، ولكنها عندما يتعلق الأمر بالموضوع الفلسطيني - الفلسطيني وبسبب الموقف الإسرائيلي كانت تضغط باستمرار من أجل إبقاء شروط اللجنة الرباعية التي كانت تفرض شروطاً على مشاركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني. هذا الأمر مهم من زاوية أن إطلاق عملية سياسية على الأٌقل من وجهة نظر الرئيس الفلسطيني يتطلب أن يظهر باعتباره يحظى بشرعية سياسية أو تفاوضية إن جاز التعبير، وإذا ما كان سيطلق عملية سياسية، فإنه سيحتاج إلى تجديد شرعيته كرئيس انتهت ولايته منذ فترة، وإعادة الاعتبار للمجلس التشريعي بما يمكنه من خوض عملية سياسية مع إسرائيل مدعوم بتوافق على شرعيته. أنا أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى وقت أيضاً لنرى كيف ستتعامل الإدارة الجديدة لبايدن مع موضوع المصالحة الفلسطينية، أو بشكل آخر مشاركة حماس في نظام سياسي فلسطيني وانتخابات وقضايا ذات صلة.

إزاء هذه الملفات، أنا أعتقد بأن القيادة الفلسطينية ربما تميل أكثر باتجاه استئناف العلاقة مع الولايات المتحدة، وهذا الأمر كان واضحا من رسالة التهنئة التي أرسلها الرئيس إلى بايدن، وفي جوهرها كان يعبر عن أمله باستئناف عملية السلام دون أن يحدد المرجعيات أو الاشتراطات. هي رسالة قصيرة، ولكنها تعكس أن الرئيس مهتم بعملية سياسية خلال الفترة القادمة، وهذا الأمر سوف تكون له تبعات، أي أننا سنشهد خلال الفترة القادمة إجراءات متبادلة بين الجانبين الفلسطيني والأميركي تبدأ باستئناف الاتصالات وربما تكون قد بدأت كما تشير بعض التقارير، وإعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن، وإرسال ممثل المنظمة لواشنطن، واتخاذ قرار بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وكذلك استئناف الدعم للسلطة الفلسطينية، واستئناف المشاريع التي كانت تقوم بها الوكالة الأميركية في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى ما تعلق الأمر بوكالة الغوث الدولية لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. هذه قضايا كلها قد تكون سريعة خلافاً للتريث الأميركي فيما يتعلق بمسار السلام، وفي هذا المسار أعتقد بأنها تتعلق بإجراءات تنفيذية يستطيع الرئيس بايدن أن يتخذها، مثل أن يلغي قرارات سابقة لترمب مدعوماً بأغلبية موجودة حتى الآن على الأقل في الكونغرس، لذلك هو لا يحتاج قوانين جديدة، لكنه يستطيع اتخاذ إجراءات للقيام بذلك، والقوانين التي أقرت خلال فترة ترمب والتي تفرض قيوداً على دعم السلطة الفلسطينية يستطيع أيضا أن يتخذ قراراً بشأنها، وفي كل الأحوال هذا الأمر يعني بأننا سنكون أمام العودة إلى المربع الذي كان فيه هناك تواصل دبلوماسي وسياسي واقتصادي وأمني أيضاً مع الولايات المتحدة. لكن السؤال، كيف سينعكس هذا الأمر على العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية أعتقد أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون معنية مقابل ذلك أن يعيد الفلسطينيون العلاقة مرة أخرى مع إسرائيل، وإن كان بشكل تدريجي، وبعض المحللين الإسرائيليين لا يتوقعون عودة سريعة للتنسيق الأمني والمدني، ولكنهم يعتقدون بأن هذا الأمر سوف يختلف عن الفترة السابقة، وسوف يترتب عليه مرة أخرى العودة لاستلام المقاصة، وربما العودة لأشكال من التنسيق الأمني والاقتصادي، أي أننا سنعود في نهاية المطاف إلى الوضع الذي كان قائماً قبل أربع سنوات.. وفي رأيي ان القيادة الفلسطينية سوف تنظر إلى الأمر إيجابياً، لأن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية خاصة في ظل جائحة كورونا شكلت عامل ضغط على القرار السياسي ذاته، وجعلت القيادة الفلسطينية أمام مفترق طرق إذا واصلت تطبيق القرارات خاصة فيما يتعلق بالتحلل من الاتفاقات الموقعة، ومن العلاقة مع إسرائيل في ظل هذه الظروف الاقتصادية، فإن الأمور كان يمكن أن تتجه نحو انهيار وفوضى في ظل مخاوف ما كان يمكن أن يحدث من إعادة انتخاب ترمب وتفعيل العمل من أجل إيجاد قيادة فلسطينية بديلة، أو تشكيل السلطة بطريقة تتواءم مع تطويعها، وقبول ما هو قائم في صفقة القرن، وهذه الأمور سوف تؤثر على لقرار السياسي، بمعنى أن وجود معدلات من الانتعاش الاقتصادي وحل الأزمة المالية سوف يؤدي إلى تخفيف القيود على القرار السياسي الفلسطيني باتجاه توسيع مساحات المناورة في إطار العلاقة مع إسرائيل، ومع الإدارة الأميركية الجديدة، وتخفيف الاندفاع الذي شهدناه في فترة ترمب اتجاه المسار الإقليمي والتطبيعي.

د.هنيدة غانم

وماذا عن انعكاسات نتائج الانتخابات الأميركية على إسرائيل وساحتها الحزبية، وتداعيات ذلك على العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية...؟

عن ذلك، تجيب د. هنيدة غانم، مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية مدار:" إعلان النتائج تزامن مع إصدار "مدار" مؤخراً ورقة تقدير موقف استندت إلى تحليل لتطورات تلك الانتخابات وما تخللها من نتائج لاستطلاعات الرأي التي أجريت هنا وفي الولايات المتحدة. فلقد أجريت مؤخرا عدة استطلاعات رأي في إسرائيل، تناولت الفرق بين ترمب وبايدن، وقد أظهرت نتائج تلك الاستطلاعات بأن أكثر من 70 % من المستطلعين يؤيدون ترمب ويعتبرونه الصديق الأفضل لإسرائيل، وفي اعتقادنا أنه لو جرت الانتخابات في إسرائيل لربما فاز ترمب فيها فوزاً ساحقا. في مقابل ذلك أكد 20% من اليهود بالولايات المتحدة أنهم سيصوتون لترمب، وبالتالي فإن التداعيات الأولى المرتبطة بهذه الفجوة بين يهود أمريكا وإسرائيل أحدثت خللاً في العلاقة بين يهود أمريكا وإسرائيل، حيث تدعي الأخيرة بأنها تمثلهم، علماً بأن 5% فقط من يهود أمريكا يعتبرون أن إسرائيل هي قضيتهم الأساسية، وبالتالي فان هذه التغيرات التكتونية التي تحدث بالعمق ليس بالضرورة أن ترى نتائجها اليوم، لكن يمكن البناء عليها مستقبلاً من أجل التأثير على السياسة الامريكية تجاه إسرائيل .

من ناحية أخرى، فإنّ هناك أموراً مرتبطة بالأمور الاستراتيجية، وهو أنّ أمريكا تتعامل مع إسرائيل كحليف استراتيجي، وعليه فالمسألة ليست متعلقة بأمزجة عابرة، وإنما هناك تحالفاً استراتيجياً قائماً، لكن هذه التغيرات التي ستحدث بالعمق ستؤثر مستقبلا على العلاقات بين الطرفين، وسينعكس ذلك على العلاقات الاستراتيجية التي لن تتغير بين عشية وضحاها، لكن يمكن القول أنّ مؤشر التغيّر بهذا الخصوص يشير إلى أن العلاقات الاستراتيجية لن تتأثر كثيرا، وستظل إسرائيل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة، لكن العلاقات لن تكون كما كانت من قبل، وستتحول هذه العلاقة تدريجياً إلى موضوع نقاش في داخل الحزب الديمقراطي، وهذا تحول يقلق إسرائيل جدا وبصورة كبيرة .

تأثيرات على الساحة الحزبية الإسرائيلية

ترى د. غانم، أن الانتخابات الأميركية ستترك تأثيراتها على الساحة الحزبية في إسرائيل حيث تقول:" نعم سيكون لها تأثيرات هي بالأساس معنوية، بمعنى أن إمكانية أن تسقط نتنياهو قد تكون واردة، وأنه يمكن تحقيق ذلك، طالما أنه في أمريكا اتحد الجميع من أجل إسقاط ترمب ونجحوا في ذلك. فمن الناحية المعنوية يمكن أن يكون هذا داعماَ، ومن ناحية أخرى هذا يؤثر في أنه يتيح مساحه للمناورة أكثر باتجاه الأحزاب المعارضة لنتنياهو كي تعيد بناء نفسها .هناك اليوم تحالف (الزعران والبلطجة ) بين الترمبية والنتنياهوية والشعبوية الموجودة في أوروبا والهند والبرازيل، وهذا يمكن أن يكون له تأثير، وهذه الأمور قد تؤثر على الساحة الإسرائيلية، لكن الانعكاس الأخطر هو ان النجم الصاعد في الساحة السياسة الإسرائيلية هو نجم بينت بمعنى أن الصراع السياسي في إسرائيل لا يحدث بين يمين ويسار، وإنما بين التيارات التي هي أصلا يمينية حيث أن هناك انزياحاً كبيراً نحو اليمين، وبالتالي سيحاول نتنياهو أن يتجاوز الآن هذا اليمين الأكثر تطرفا، ووجود بينيت يعني أن دعايته التي سيستخدمها ستقوم على من سيكون أكثر تطرفاً ، فالموضوع الأساس الذي سيطرح في هذا التنافس بين نتنياهو وبينيت ليس موضوع الكورونا، وإنما هو موضوع الضم، بحيث سيتحول هذا الموضوع الى عنوان وجوهر الصراع الداخلي بين اليمين، وهذه المزايدة سيدفع ثمنها الشعب الفلسطيني. في حين أن مواجهة هذه الخطوات المتطرفة من قبل إسرائيل إزاء الفلسطينيين يتعلق بالكيفية التي ستتصرف على ضوئها الإدارة الامريكية الجديدة.

توظيف الفلسطينيين لنتائج الانتخابات

في هذا السياق، ترى د. غانم، أنّ " هناك الكثير من الطرق على صعيد استفادة الفلسطينيين من توظيف نتائج الانتخابات الأميركية في علاقتهم مع الإسرائيليين. تقول:" لقد أثبتت النتائج الامريكية، أنّ تلك الانتخابات جرت بين التيار الأبيض الاستعلائي وبين التيارات والجماعات الأخرى الموجودة مثل الأقليات، والسود، والنساء، وهذا يؤكد على ضرورة أن يعمل الفلسطينيون على مستوى القاعدة مع هذه التيارات والجماعات في أمريكا وأوروبا بشكل عام لأنّ المستقبل هناك في هذه العلاقة مع القاعدة الشعبية، وبالتالي لدينا الآن مساحة خصبة تماماً للعمل معها، وليس بالضرورة مع الأوساط الرسمية، لأن من يؤثر على هذه الأوساط قواعدها الشعبية، وهو ما أظهرته نتائج الانتخابات الأميركية التي دلّت على أنّ من دعم بايدن هم هذه الجماعات ولم يعد الحزب الديمقراطي الموجود كتلة بل هو عدة كتل متجمعة، وبالتالي فإنّ التواصل مع هذه الكتل يتطلب دبلوماسية فلسطينية ووضع خطط وعملاً منظماً، كما يحتاج إلى خطاب صحيح، لأننا أمام وضع خطير جدا في أمريكا، ولا نعلم كيف سيتطور، ويمكن أن ينزلق إلى اتجاه مرعب، ولكن إذا أخذنا بعين الأمور أنّ الأوضاع تسير بهذا الاتجاه، فنحن أمامنا مساحة خصبة للعمل الفلسطيني.

مصير العملية السياسية

من ناحية أخرى، ترى د. غانم أنّ ما صدر من تصريحات عن زعيم حزب كحلون لفان، والناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، والتي تطالب بالعودة للمفاوضات الفلسطينية لا تعدو كونها حديث للاستهلاك الجماهيري. فعلى أي أساس سيعود الطرفان إلى المفاوضات؟ هل سيعودون لجرجرة الشعب الفلسطيني إلى عشرين سنة إضافية من مفاوضات ستفضي في النهاية إلى أن يعيش الفلسطينيون في جحر مثلاً أو في كنتونات كما هو الوضع حاليا؟ أم أنه سيكون لديهم أساساً جديداً، بينما الذهاب على نفس الوتيرة السابقة التي سيلعب نتنياهو فيها مع الفلسطينيين لعبة البيضة والحجر باعتبارها أفضل طريقة يقوم من خلالها بتصفية القضية الفلسطينية. فإذا كان الرهان على التغيرات في الساحة الإسرائيلية، فالفلسطينيون يراهنون على حصان خاسر، وبالتالي يجب أن يكون البناء الجديد لأية مفاوضات من خلال تبني استراتيجية جديدة لأسس هذه المفاوضات، بالإضافة إلى أن يسارع الفلسطينيون إلى ترتيب بيتهم الداخلي، وترتيب أوضاع المؤسسات الفلسطينية والنظام الفلسطيني، عدا ذلك فكل ما يجري الحديث عنه هو مجرد كلام فارغ.

انعكاسات محلية وعالمية

من ناحية أخرى، ترى د. غانم، أن نتائج الانتخابات الأميركية انعكست على مجمل الأوضاع في العالم وليس فقط على إسرائيل والفلسطينيين، لكن فيما يتعلق بالجزئية الفلسطينية في الداخل وعلاقتها بالمؤسسة الحاكمة في إسرائيل، فلها تحليل خاص بها.

تضيف:" أنا ممن يقولون بأن هناك فرقاً كبيراً بين الحكم عليك بالإعدام والحكم عليك بالمؤبد، فالحكم بالإعدام يعني أنك انتهيت، وهذا ما كان يحاول أن يفعله ترمب بالحكم على المسألة الفلسطينية بالإعدام الفلسطينية. حاليا نحن موجودون تحت الحكم المؤبد مع الاحتلال، لكننا تملك الوقت لكي نعيد بناء أنفسنا ولدينا مساحة من المناورة، لكن كيف يمكنك أن تستخدمها. بالطبع هذا سيؤثر على فلسطينيي الداخل، علماً بأن هذه التغيرات التي أفرزتها نتائج الانتخابات الامريكية ووصول الديمقراطيين إلى الحكم هي تغيّرات بعيدة المدى. فعلى مستوى قضية اللاجئين مجرد إعادة دعم الأونروا وإعادة دور أمريكا في اتفاقيات المناخ التي انسحبت منها في عهد ترمب هذا كله يؤثر، لكن التأثير ليس وشيكاً، واذا لم يأت من قبلنا فلن نشعر به. نحن من يجب أن نغير أدوات المناورة واللعب، وليس أن ننتظر ماذا سيحدث في أمريكا. ما حدث مع ترمب يجب أن يكون درساً كبيراً لنا، مفاده أنه يجب أن نبني نحن أنفسنا، وأن تكون لدينا قوة داخلية والتي هي عمقنا الاستراتيجي الأساس.

التطبيع العربي

وفيما يتعلق بموجة التطبيع العربي مع إسرائيل وما ألحقته من أذى بالفلسطينيين، تقول د. غانم:" ما حدث هو أنّه كان لديك عمق عربي كنت تراهن عليه، لكن هذا العمق العربي تم تسطيحه الآن، وبالتالي أنت كفلسطيني خسرته، وهناك خسارة كبيرة على هذا الصعيد وقلباً للمعادلة التي كانت تقول دائماً أن لا سلام الاّ مع الفلسطينيين أولا ثم يتبعه السلام مع العرب، وما يحدث الآن يضيف ضعفاً إلى ضعف الفلسطينيين، ولن يساهم هذا التطبيع في تقوية الموقف الفلسطيني، بل ستكون له آثار خطيرة جداً، ناهيك عن أنّ الإمارات مثلاَ لا تطبّع مع إسرائيل الرسمية، ولكنها تطبّع مع المستوطنين، بمعنى أنها تجاوزت حتى الخطوط الحمراء التي وضعها الاتحاد الأوروبي. وبالتالي فأنت لديك مشهد مربك جديد لأن البناء على العلاقة مع الأنظمة هو مراهنة على حصار خاسر، وكان أولى أن يكون رهانك على الشعوب، وما حدث مع الإمارات والبحرين والسودان هو دليل على ذلك، علما بأنّ هذه الدول ليست دولاً بالمعنى المعروف، بل هي حالات جنينية قبلية.

http://www.miftah.org