انتهاكات الحق في حرية الحركة للنساء الفلسطينيات وآثارها
حالة دراسية: الحواجز في البلدة القديمة في الخليل

بقلم: عُلا سالم
2022/12/30

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15647

إن الحق في حرية التنقل حق أساسي ومن أبسط حقوق الإنسان، حيث كفلته جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ومحمي تحت القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني. بالرغم من هذه الحماية التي تعد وبشكل كبير حماية شكلية عندما يتطرق الحديث عن الحقوق والحريات في الإطار الفلسطيني وتحت الاستعمار الإسرائيلي، يعتبر هذا الحق من أكثر الحقوق انتهاكاً في حياة الفلسطينيين. وتختلف هنا أشكال المعيقات والانتهاكات التي يمارسها الجيش الإسرائيلي على الفلسطينيين، حيث تتنوع ما بين حواجز عسكرية، إغلاقات لمداخل المدن والقرى لأية أسباب يفرضها الاحتلال الاسرائيلي أو إغلاق المداخل المؤدية إلى البلدات كعقاب جماعي لسكانها والذي يعتبر مخالفة جسيمة للمادة ٣٣ من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تجرم استخدام سلطات الاحتلال للعقوبات الجماعية باعتبارها مخالفة جسيمة للقانون الدولي، منع من السفر، منع من إصدار تصاريح وزيارة القدس والداخل المحتل وغزة ، "التفتيش الشخصي" والذي يمارس بشكل تعسفي وبإذلال وإهانة، بالإضافة إلى سيطرة إسرائيل على جميع المعابر والحدود البرية والبحرية والجوية بحيث تقيد إسرائيل حركة شعب بأكمله في جميع المناحي حيث من الممكن لإغلاق حاجز واحد من الحواجز العسكرية أن يعطل حركة مدينة كاملة ولعل من أبرز الاغلاقات، الاغلاق المفروض على مدينة القدس والحصار المفروض على قطاع غزة، حيث أن الاحتلال يتحكم وبشكل كامل في خروج ودخول الفلسطينيين من وإلى فلسطين.

يقع على إسرائيل التزام إيجابي تحت القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بضمان حياة كريمة لسكان الأراضي المحتلة، ويقع تحت ذلك، الالتزام بعدم التمييز العنصري والحق في تقرير المصير. ويقع الحق في حرية الحركة ضمن الالتزامات الواقعة على إسرائيل، حيث أن على إسرائيل أن تضمن تحقيق الحق في حرية الحركة للفلسطينيين وهي مجبرة تحت القانون الدولي الإنساني بأن تحترم وتوفر كافة الإمكانيات لتحقيق الحق في حرية الحركة للفلسطينيين. ويربط الحق في حرية الحركة ويتفرع تحته في القانون الدولي الإنساني العديد من الحقوق المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وممارسة العديد من الحقوق كالحق في العمل، التعليم، العبادة، والصحة يعتمد وبشكل كبير على القدرة على التحرك بحرية وانتهاك الحق في حرية الحركة بالتالي يؤدي وبشكل مباشر إلى انتهاك وتقييد العديد من حقوق الإنسان الاساسية. بالإضافة إلى ذلك من الواجب الإشارة إلى اتفاقية جنيف الرابعة والتي تتحدث عن حقوق المدنيين ضمن إطار القانون الدولي الإنساني والذي يقع بموجبها على إسرائيل الالتزام في ضمان الحقوق الأساسية للفلسطينيين بما يضمن بالإضافة إلى ذلك حقهم في تقرير المصير ويحرم بموجب هذ اتفاقية جنيف المس بحقوق المدنيين.

بالرغم من ذلك، تعمد الاحتلال خلال السنوات الأخيرة على تضييق الخناق على الفلسطينيين بشكل مستمر وحاد، بحيث يخلق الاحتلال معيق في كل جانب من جوانب الحياة من الزواج إلى الحركة. إن القيود على الحق في حرية الحركة تهدف وبشكل أساسي إلى انتهاك حق الفلسطينيين في التنقل وإلى إهانة الفلسطينيين وسلب كرامتهم الإنسانية خلال ممارستهم لهذا الحق. بالإضافة إلى أنها تأكيد على جريمة الفصل العنصري التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين والتي تعد جريمة ضد الإنسانية وفقا للمادة ٧ من ميثاق روما الأساسي. حيث أن هذه القيود المفروضة من قبل الاحتلال الإسرائيلي من خلال الحواجز العسكرية لا تنطبق على المستوطنون ومواطنين آخرين – إسرائيليون وأجانب – إن هذه القيود التي تفرضها إسرائيل على حركة وتنقل الفلسطينيين تعتبر من ضمن الأدوات المركزية التي تستخدمها إسرائيل لغرض تطبيق نظام الفصل العنصري والسيطرة على الفلسطينيين. فيما يخضع تنقل الفلسطينيين بشكل كلي وكامل لإرادة إسرائيل فتبعاً للأوامر والتعليمات التي يتلقاها الجنود تفتح وتغلق الطرق في الضفة الغربية.

كل خطوة في حياة الفلسطينيين مقيدة بحاجز يعيق حياتهم، كل خطوة محكومة بأهواء الجندي الذي يقف على الحاجز، العديد من الساعات والساعات والحياة نفسها ضاعت بسبب العوائق والاثار الناجمة عن وجود حواجز عسكرية. إن أثر القيود المفروضة على الحق في حرية التنقل كبيرة جدا وليست محصورة فقط في الاجراء نفسه إنما في الاثار الناجمة عنه أيضاً والذي يرتبط بحقوق إنسانية أخرى كالحق في التعليم، الصحة، العبادة والخ وفي ذلك انتهاك للإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة الثانية والثالثة والتي توجب باحترام حقوق الانسان وكرامته الإنسانية. وفي هذا الاطار ننظر هنا إلى العنف على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي الأوسع والموجه ضد الشعب الفلسطيني كجزء لا يتجزأ من كينونة الاحتلال القائم على ممارسة كافة أشكال العنف ضد جميع مكنونات الشعب الفلسطيني، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن، إلا أن لهذا العنف بشكل خاص أثر مضاعف على المرأة الفلسطينية، حيث أنه يؤدي إلى معاناة النساء من شكلين للعنف، عنف الاحتلال والواقع على كافة الشعب الفلسطيني والعنف الموجه ضد النساء في المجتمع من خلال تعزيز النظام الأبوي وأدوار النوع الاجتماعي والصور النمطية التقليدية بالإضافة إلى إعادة انتاج حلقة العنف من قبل المجموعة الأقوى تجاه المجموعة الأضعف. بناء على ذلك، سيتناول هذا البحث الاطار القانوني للحق في حرية الحركة ومن ثم أشكال التمييز العنصري الذي تمارسه إسرائيل تجاه الحق في حرية الحركة مع التركيز على البلدة القديمة في الخليل وتأثير هذه الانتهاكات على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لسكان البلدة القديمة في الخليل وعلى النساء بشكل خاص مع تسليط الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات بممارسة حقهم في حرية التنقل وآثار هذه الانتهاكات على حياتهم مع تسليط الضوء على دور القانون الدولي الذي يفترض به تقديم الحماية للحقوق الأساسية للإنسان والتركيز على عدم انتهاكها من قبل أي قوة/ سلطة. بالإضافة إلى ذلك، سيتم التركيز على قرار رقم ١٣٢٥ الصادر عن مجلس الأمن والذي سيتم التطرق إلى ماهيته وتفاصيله لاحقاً خلال البحث بغرض توضيح دوره في توفير الحماية والامن والسلام للنساء.

الإطار القانوني للحق في حرية الحركة

يعتبر الحق في حرية الحركة من أهم الحقوق التي نصت عليها أهم المعاهدات والاتفاقيات الدولية في القانون الدولي ومن أبرزهم، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي نص في المادة ١٣ من الإعلان على "لكل فرد حرية التنقل واختيار مكان إقامته داخل حدود كل دولة، ويحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحلق له العودة إليه". فكما ذكر الإعلان لكل فرد الحق بأن يتنقل بحرية دون حرمان من هذا الحق وبدون الانتقاص منه بأي شكلً من الأشكال. وكذلك أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة ١٢ على أن الحق في الحركة هو حق لكل إنسان مقيم بصفة قانونية داخل إقليم دولة معينة، وفي اختيار مكان إقامته ضمن ذلك الإقليم، وله الحرية في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلدة، ولا يجوز حرمان أحد من حق الدخول إلى بلاده". بالإضافة إلى ذلك، نصت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في المادة ٥ منها على الحق في حرية الحركة واختيار مكان الإقامة داخل حدود الدولة وخارجها وحق كل فرد في مغادرة البلد التي يقيم بها ومغادرتها وقت شاء والعودة إلى أي بلد يريدها ومغادرتها. ونصت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في المادة ١٥ فقرة ٤ على " تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم."

تتعدد أشكال التمييز العنصري والانتهاك للحق في حرية التنقل من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومن ضمنها

جدار الفصل العنصري

يعد جدار الضم والفصل واحدا من أبرز القيود التي فرضتها إسرائيل على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث يمر 85% من الجدار في أراض الضفة الغربية المحتلة. أحد الاهداف الأساسية في بناء الجدار هو تأمين وربط المستوطنات الإسرائيلية ببعضها البعض من أجل تسهيل حركة المستوطنين حيث ضم الجدار ما يقارب 69 مستعمرة. في الوقت ذاته، عَزَلَ الجدار 267 ألف فلسطيني عزلاً مباشراً عن شعبهم، كما قيَّد حركة الفلسطينيين إلى ما لا يٌقل عن 50% من الأراضي الزراعية في الضفة الغربية. وفي السياق القانوني، أكد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 2004 بأغلبية 14 قاضياً على عدم شرعية جدار الضم والعزل، إلا أن إسرائيل لم تُعر احتراماً لقرار المحكمة.

القيود العسكرية

تفرض إسرائيل القيود العسكرية على الفلسطينيين من خلال الحواجز العسكرية والتي بلغ أكثر من ٧٠٠ حاجز في سنة ٢٠٢٢. وتتحكم هذه الحواجز في حياة الفلسطينيين وحركتهم (الدخول والخروج) إلى المدن والبلدات والقرى، بالإضافة إلى تحكمهم في الدخول إلى المناطق المحتلة. وكما تعزل هذه الحواجز الفلسطينيين عن بعضهم البعض، بالإضافة إلى ذلك تغلق وتفتح هذه الحواجز بناء على التعليمات التي يتلقاها الجنود، ومن الممكن أن تغلق في أي وقت تحديداً عند وجود " توتر أمني" في منطقة معينة ومن الممكن أن تغلق هذه الحواجز كعقاب جماعي ; كمخالفة واضحة لنص المادة ٨٣ الفقرة ٣ من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تحرم العقاب الجماعي كممارسة ضد المدنيين. الإحصائيات تشير الى وجود أكثر من مائة حاجز وبوابة الكترونية في محيط البلدة القديمة بمدينة الخليل، تشابه بعضها البوابات التي توضع على المعابر الحدودية، كحواجز "أبو الريش و106 ومدخل شارع الشهداء"، حيث تضم هذه الحواجز عددًا من الحجرات مختلفة الشكل، المزودة بأجهزة الفحص بالأشعة، حيث يتعرض أكثر من 60 الفَ مواطنٍ ممن يقطنون البلدة القديمة لهذه البوابات مرتين على الأقل يوميا.

نظام التصاريح

يعد نظام التصاريح من أقسى القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، حيث يخضعون إليه أثناء سفرهم أو تنقلهم، وينتهك ذلك الاتفاقيات التي سبق وذكرناها، وتستخدم إسرائيل نظام التصاريح بشتى أنواعها بهدف التضييق على الفلسطينيين وتهجيرهم. فهو نظام يتجاور مجرد تقييد لحركة الحرية، فهو يؤثر في مختلف جوانب الحياة المدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. فيحتاج الفلسطينيون إلى تصريح للدخول إلى المناطق المحتلة، والذي يتطلب أيضا إصدار ممغنطة من خلال المنسق ومن خلال إجراءات مكلفة وصعبة، وليس بالضرورة أن يعني إصدار الممغنطة على الموافقة على التصريح، وفي معظم الاوقات تصدر التصاريح ليومٍ واحد ومن دون مبيت، بالإضافة إلى تكلفتها العالية. وفيما يتعلق بتصاريح العمل المتعلقة بالعمل داخل الأراضي المحتلة، فهو نوع من التصاريح الذي يتطلب العديد من الإجراءات الصعبة بالإضافة إلى التكلفة العالية والتي تتجاوز الالفين شيكل. وهنالك التصريح الطبي الذي يتطلب صعوبة الحالة المرضية للشخص وأيضا احتمالية رفضه كبيرة جداً. بالإضافة إلى التصريح الذي يجب أن يستخرجه حاملي جوازات السفر الأردنية للسفر خارج فلسطين والذي من غير الممكن أن يسافر حامل جواز السفر الاردني من دونه، وهذا يضع أعباء اقتصادية إضافية على السفر للفلسطينيين. بينما على الجانب الاخر توفر إسرائيل الحرية الكاملة والأريحية لمواطنيها في التنقل والحركة.

سياسة الإغلاق

تقوم إسرائيل وبشكل متكرر باتخاذ إجراءات إغلاق المناطق الفلسطينية خلال الأعياد اليهودية أو لأسباب أمنية، وتستخدم إسرائيل هذا الإجراء كعقوبة جماعية تستهدف منطقة معينة أو السكان الفلسطينيين والذي يعد انتهاك صارخ للقانون الدولي من جهة تقييد الحق في حرية الحركة ومن جهة عقوبة العقاب الجماعي التي منعها القانون الدولي في اتفاقية جنيف الرابعة المادة ٨٣ منها. ويقوم هذا الاجراء بمنع حركة الفلسطينيين بالتنقل داخل المناطق الفلسطينية أو ما بين هذه المناطق وداخلها والمناطق المحتلة والسفر خارج البلاد.

من الجوهري هنا أن أتطرق إلى حصار غزة الذي فرضته إسرائيل منذ ١٥ عام إذ أنها يطلق عليه أكبر سجن مفتوح في العالم، وتشدد إسرائيل القيود على القطاع يوماً بعد يوم إلى حد عزل القطاع بشكل تام وكامل عن باقي مناطق الضفة الغربية والعالم. وبحسب "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA"، فإن 1.3 مليون فلسطيني من أصل 2.1 مليون في غزة (أي 62 في المائة من السكان) بحاجة إلى المساعدات الغذائية. و2.1 مليون فلسطيني في قطاع غزة "محاصرون" ولا تملك الغالبية الساحقة منهم القدرة على الوصول إلى بقية أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة والعالم الخارجي، مما يحدّ من إمكانية الحصول على العلاج الطبي الذي لا يتوفر في غزة، ومؤسسات التعليم العالي، والتمتع بالحياة الأسرية والاجتماعية والحصول على فرص العمل والفرص الاقتصادية. وعلاوة على ذلك، يواجه نحو ٣١ في المئة من الأسر في غزة صعوبات في الوفاء باحتياجات التعليم الأساسية بسبب شح الموارد المالية .

إن الحصار المطول واللاإنساني التي تفرضه إسرائيل يشكل مخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي الإنساني، حيث أن الحصار المفروض يؤثر وبشكل مباشر على باقي الحقوق الإنسانية لسكان القطاع كحقهم في التعليم والصحة، فحسب إحصائية صادرة عن أوتشا فإن من العام 2022، لم تصادق السلطات الإسرائيلية إلا على 64 بالمائة من الطلبات التي قدمها المرضى لمغادرة غزة من أجل الحصول على العلاج التخصصي أساسا في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، في المواعيد المقررة لعلاجهم. وخلال السنوات السابقة، توفي مرضى وهم ينتظرون الرد على طلباتهم..

المعيقات المادية

تفرض اسرائيل سياسة إغلاق العديد من الطرق الفرعية في الضفة الغربية التي تتصل بالشوارع الرئيسية بالقيام بوضع المئات من المعيقات المادية التي تحد من حرية الحركة والتنقل مثل مكعبات الباطون، الكتل الترابية، البوابات الحديدية، حيث يواجه الناس والسيارات صعوبة في تجاوز هذه المعيقات مثل السيارات في حالة الطوارئ، والمرضى، والمسنين، والنساء الحوامل، والاطفال.

الشوارع الممنوعة

يُحظر على العديد من الفلسطينيين التنقل او استعمال شوارع معينة في الضفة الغربية، والتي خصصت للمستعمرين اليهود فقط. تُقيد هذه السياسة وصول الفلسطينيين الى الشوارع المجاورة التي لا يسري عليها حظر الاستخدام. وقد يحظر على الفلسطينيين استخدام المركبات في شوراع معينة كما هو الحال في البلدة القديمة في الخليل. وقد يحظر عليهم استخدام شوارع معينة سواء سيراً على الاقدام أو بالمركبات. ونتيجة لهذا، يضطر الكثير من الفلسطينيين النزول من السيارات وقطع الشارع سيراً على الاقدام أو العثور على مواصلات بديلة من الناحية الاخرى، أو التوجه عبر شوارع اخرى يقطعون خلالها مسافات طويلة وملتوية للوصول الى منطقة قريبة وتعد الشوارع الممنوعة واحدة من سياسات إسرائيل التمييزية والعنصرية ضد الفلسطينيين.

سياسة حظر التجول

تُمارس إسرائيل سياسة حظر التجوال كنوع من السيطرة على الأماكن الفلسطينية في حالات الحصار والاقتحامات، حيث تستخدم إسرائيل هذه السياسة كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين. وقد مارست إسرائيل هذه السياسة بشكل مكثف خلال فترة بناء جدار الفصل العنصري عام 2002 في الضفة الغربية، وخلال الاجتياحات الاسرائيلية للمناطق الفلسطينية عام 2002. فرض حظر التجول لفترات مستمرة لا يمكن اعتباره وسيلة مشروعة، فإستخدام الحظر كوسيلة روتينية، والذي ينبع ظاهرياً من اعتبارات أمنية، لا يمكن أن يتماشى مع القانون الدولي أو حتى مع المعايير التي وضعها الجيش الإسرائيلي لنفسه. بصفته القوة المحتلة ملزم الجيش الإسرائيلي بضمان سلامة السكان المدنيين. ولذا يجب فحص كل وسيلة يقوم بإستخدامها إن كانت ضمن ما هو معقول، وبناءً على ذلك يجب اجراء موازنة بين الاحتياجات الأمنية والأضرار المحتملة على السكان لإختيار الاحتمالات الأقل ضرراً عليهم. في الوضع الراهن ليس هناك تكافؤ بين الاحتياجات العسكرية والأضرار المحتملة على السكان المدنيين، فإحتياجات السكان ليس لها أي اعتبار او وزن المتمثل برفع حظر التجول لفترة قصيرة. إضافة إلى ذلك، من غير المعقول وعلى مدار فترة زمنية طويلة كهذه أن لا يقوم الجيش بإيجاد أي بديل آخر يكون انتهاكه به لحقوق الإنسان اقل وطأة. ألواقع أن حظر التجول الجارف المفروض على جميع الأراضي المحتلة يعزز من الاستنتاج بأنه لم يتم فحص بدائل أخرى بشكل جدي، وبأنه في نهاية المطاف تم اختيار استخدام حظر التجول لأنه الوسيلة الأرخص والأسهل للتطبيق.

ان تأثيرات حظر التجول المتواصل ملموسة في جميع النواحي الحياتية وخصوصاً بدمار البنى الاقتصادية في الأراضي المحتلة، فقدان مصادر الدخل وسوء التغذية. بضغوطات نابعة من سجن العائلة في البيت لفترة طويلة وأضرار جسيمة في أجهزة التعليم، الصحة والرفاه. عدم القدرة في الحصول على علاجات طبية في الوقت المناسب وعلى اجراء متابعة صحية كما هو مطلوب، يلحق أضرارا كبيرة بالوضع الصحي للسكان المحتاجين لها كما أن حظر التجول المتواصل يشكل عقاباً جماعياً ممنوع منعاً باتاً وفقا للقانون الدولي

التوسع الاستيطاني

يعتبر التوسع الاستيطاني من أهم الأدوات التي تمارسها إسرائيل لانتهاك حقوق الفلسطينيين حيث أنه بحسب معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) هنالك ١٧٩ مستوطنة إسرائيلية و٢٢٠ بؤرة استيطانية وبلغ عدد المستوطنين ٩٥٠ ألف مستوطن في أنحاء الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية. وللتوضيح، البؤر الاستيطانية لا تكون مرخصة من قبل الحكومة الإسرائيلية وتبدأ بوضع بيت متنقل يسكنه مستوطن إسرائيلي يطلب من الجيش توفير الحماية والمياه والكهرباء، ثم لاحقاً تتحول مجموعة من البيوت المتنقلة إلى بيوت مشيدة وتجمع لمجموعة من العائلات وحسب معهد الأبحاث التطبيقية فإن ٩٦ بالمئة من هذه البؤر الاستيطانية أنشئت في مواقع إستراتيجية من شأنها تحويل الضفة الغربية إلى كانتونات وتهدف هذه الظاهرة إلى السيطرة على أوسع مساحة من أراضي الضفة الغربية. وأكدت الأمم المتحدة مراراً على عدم شرعية المستوطنات ويؤكد ذلك القرار رقم ٢٣٣٤ الصادر عن مجلس الأمن بخصوص عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية وعلى عدم قانونيتها بموجب القانون الدولي وعلى واجب إسرائيل بالتوقف عن أي نشاط استيطاني بالإضافة إلى ذلك، فإن المستوطنات تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين والتي حرمت بموجبها في المادة ٤٩ منها من نقل السكان الإسرائيليين إلى الأراضي المحتلة.

التهجير القصري

يعني التهجير القصري وفقاً لميثاق روما "نقل الأشخاص المعنيين قسراً من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة، بالطرد أو بأي فعل قسري آخر، دون مبررات يسمح بها القانون الدولي". ويعتبر التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية وفقاً لميثاق روما. فإن السياسات الإسرائيلية التي تمارسها إسرائيل ضد سكان البلدة القديمة في الخليل تعتبر فعل منهجي وموسع هدفه طرد السكان الفلسطينيين منها عن طرق الانتهاكات المستمرة تجاه حقوقهم. بالإضافة إلى ذلك يقوم الاحتلال الإسرائيلي بهذه السياسة عن طريق طرد السكان بشكل قصري من منازلهم لعدة "أسباب" غير مشروعة كعدم وجود تصاريح بناء والتي من الجديد بالذكر تمنح بشكل نادر وباهظ الثمن بالإضافة إلى أهداف أمنية أو لإنشاء وتوسعة مستوطنات أو بهدف اعتبارها مناطق إطلاق نار، ففي سنة ٢٠٢٢ تم إصدار قرار من قبل محكمة العدل الإسرائيلية بطرد سكان مسافر يطا في الخليل والذي لا يقل عددهم عن ١٠٠٠ مواطن واعتبار المنطقة منطقة إطلاق نار .

مقدمة عن البلدة القديمة في الخليل:

لقد أضحت البلدة القديمة قوقعة صغيرة ضمن نظام كبير مبني على نظام التمييز العنصري متكامل الأجزاء، الكثير من الشوارع حُجزت كلياً للمستوطنين، ويمنع الفلسطينيون من استعمالها، شوارع أخرى يسمح للفلسطينيين السير فيها، ولكن يمنع عليهم قيادة مركباتهم، وشوارع أخرى مسموح للفلسطيني قيادة مركبته لكن يمنع عليه الترجل منها. ويوجد في البلدة القديمة منازل مُنِعَ سكانها من استخدام أبواب منازلهم فحولوا شبابيكها إلى أبواب، أو فتحوا أبواباً جديدة لمنازلهم، وآخرون لم يستطيعوا حل مشاكل الوصول إلى منازلهم إلا بالسير على أسطح المنازل المجاورة. أحياء لا يمكن للفلسطيني أن يدخلها إلا إذا كان من سكانها، وبالتالي لا يُسمَح لأحد بزيارتها، وأحياء أخرى لا يمكن دخولها إلا عبر بوابات ونقاط تفتيش جسدي. كل هذه الإجراءات بغرض تسهيل حياة المستوطنين غير الشرعيين على حساب المواطنين الفلسطينيين، فبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة-OCHA، يوجد في محافظة الخليل 22 مستوطنة إسرائيلية، إضافة إلى 15 بؤرة استيطانية، و4 مستوطنات صناعية، يقطن هذه المستوطنات حوالي (19 ألف مستوطن إسرائيلي). بالإضافة إلى ذلك يتواجد في البلدة القديمة في الخليل ما يقارب ال ١٠٠ حاجز عسكري وسدة مغلقة منتشرين على طول البلدة القديمة في الخليل.

تأثير الحواجز على الحالة الاقتصادية في البلدة القديمة في الخليل

كانت البلدة القديمة في الماضي مصدر نشط جداً في الخليل للقطاع الاقتصادي والسياحي ومع تواجد الاحتلال وتضييق الخناق من خلال تحويل البلدة القديمة في الخليل إلى ثكنة عسكرية مليئة في الحواجز العسكرية والجنود والمستوطنين الذين لا يضيعون فرصة لتعكير حياة الفلسطينيين. حيث أنه تعمد الاحتلال بشكل رئيسي إلى تحويل هذه المنطقة إلى مكان ينفر منه كل مواطن أو سائح. بالإضافة إلى القرارات العسكرية العديدة التي صدرت عن الحاكم العسكري الإسرائيلي بإغلاق العديد من المحال التجارية في المدينة، وإغلاق شوارع رئيسية بها مثل شارع الشهداء. يعتبر الاثر الاقتصادي لإجراءات الاحتلال مدمر جداً لاقتصاد البلدة القديمة في الخليل. حيث أنه بالاستناد إلى ورقة مفتاح حول الوضع التجاري والسياحي في البلدة القديمة في مدينة الخليل، قدرت الخسائر المباشرة، وغير المباشرة الناتجة عن إغلاق المحلات التجارية بأوامر عسكرية بنحو ٤٨٥ مليون دولار خلال ال ٢٥ عاماً الماضية، أي ما يعادل ١.٦ مليون دولار شهرياً. حيث أنه تم إغلاق ٦٢.٤٪ من المحلات التجارية خلال الانتفاضة الثانية، والباقي أغلق بسبب أوامر عسكرية إسرائيلية، ففي شارع الشهداء كان هنالك ٣٠٤ محل تجاري مغلق، ٢١٨ منها بأوامر عسكرية وأسفر ذلك عن ترحيل عشرات العائلات قسرياً من البلدة القديمة، بلغ عددهم ٦٠٠٠ فرد.

قديماً، كانت مدينة الخليل القديمة مركزاً للتجارة وكان يعمل بها حوالي ٥٠٠٠ عامل في أعمال مختلفة ومع إغلاق المحلات التجارية وتشديد الحصار والقيود على البلدة القديمة في الخليل أصبح هؤلاء العمال عاطلين عن العمل وأجبرت بهذه الطريقة مئات العائلات على مغادرة مكان عيشها بحثاً عن فرص عمل. وكنتيجة لذلك يعيش ال ٧٥٪ من السكان الباقيين في المدينة القديمة في الخليل تحت خط الفقر، حيث أنه وبحسب مسح أجرته وزارة الاقتصاد الوطني، يبلغ فيه متوسط الدخل لكل أسرة في البلدة القديمة حوالي ١٦٠ دولار شهرياً مقارنةً بمتوسط الدخل في الضفة الغربية والبالغ ٤٠٥ دولار.

تمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلي العديد من القيود على تسيير العجلة الاقتصادية لسكان البلدة القديمة في الخليل، مما يزيد من حالات البطالة والفقر بالإضافة إلى شح الموارد الغذائية المتنوعة في منطقة البلدة القديمة في الخليل، حيث أن هنالك قيود شديدة على التجارة ودخول المواد الغذائية إلى البلدة، بالإضافة إلى إغلاق العديد من المحلات التجارية كما تم ذكره سابقا مما يدفع سكان البلدة القديمة في الخليل إلى تكبد عناء المواصلات والعبور خلال الحواجز العسكرية للحصول على احتياجاتهم اليومية والتعرض إلى المضايقات بشكل مستمر ومهين من قبل قوات الجنود الإسرائيليين والمستوطنين.

تأثير الانتهاكات الاقتصادية من قبل الاحتلال في البلدة القديمة في الخليل على النساء تتأثر النساء بشكل واضح في عجلة الانتهاكات الاقتصادية التي يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيون في البلدة القديمة في الخليل، مما يضع عليها أعباء ثقيلة لكي تتحمل مسؤولية العائلة بالإضافة إلى التكاليف الاقتصادية التي تحتاج إليها العائلة. حيث وأنه تزايدت هذه الأعباء تحديداً بعد جائحة كورونا التي تأثر بها الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير وتضاعف الأثر على المواطنون الفلسطينيون الذين يقطنون في المناطق المهمشة. بناءً على رئيس بلدية الخليل فإن نسبة البطالة في البلدة القديمة في الخليل بلغت ٧٠٪ بسبب الاغلاقات المستمرة للمحلات التجارية في البلدة. يتبلور هنا صورة العنف الاقتصادي الذي يمارسه الاحتلال على صورة العائلة الفلسطينية وحياتها، حيث أنه عنف خارجي يمارس ضد الاسرة في واقعها الحياتي وعنف داخلي يؤثر على العائلة ويضيف مسؤوليات عديدة على أفرادها وتحديداً النساء. على الجانب الاخر تضطر النساء إلى استخدام المواصلات العمومية في أغلب الاحيان للوصول إلى منزلهم بسبب الحواجز مما يضيف أعباء اقتصادية أخرى على العائلة لتغطية تكاليف المواصلات المستخدمة.

بناء على مقابلة قمت بإجرائها مع إ.ح وهي تقطن في منزل في البلدة القديمة في الخليل عبرت خلال سؤالها عن الاثار الاقتصادية للحواجز ب "طبعا الحواجز بتأثر على الحالة الاقتصادية على العيلة، أنا زوجي كان بشتغل بالإحذية وكان زمان يوخد مناوبة زيادة ويتأخر ليغطي التكاليف، مع الشي الي بصير ما بسمح لزوجي إنه يتأخر ولازم يكون من المغرب بالدار، وهاد والله كثير أثر على حالتنا الاقتصادية والاجتماعية".

تسبب الحواجز والإغلاقات المتكررة لها في منع رب/ة الأسرة من العمل بوقت إضافي أو أخذ مناوبات ليلية، مما يضع عوائق على طبيعة العمل الذي سوف يعملون به وساعاته ويضيق دائرة الأعمال التي من الممكن أن يعملون بها. وذلك يضع قيود اقتصادية زائدة على الأسرة ويتسبب في تسكير الأبواب أمام دخل إضافي لها. وينعكس ذلك على النساء بالضغوطات الاقتصادية والنفسية التي سوف تعاني منها العائلة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية لها. بناء على جواب ن.ج عن تأثير الحواجز على حياتهم الاقتصادية قالت “قولي انا بدي اطلع لازم ارجع بدري ع البيت واولادي لازم يرجعوا بدري كمان، لو بتركوا شغلهم وبتأثر شغلهم وأحيانا بصير مشاكل مع صاحب الشغل بس بتعرفي لو صارت عتمة بصير بدهم يستفردوا فيه ويوقفوه".

بالإضافة إلى ذلك، فإن المشاريع التي تقوم بها النساء في البلدة القديمة في الخليل تعاني من صعوبة تلقي الدعم ومن صعوبة أو استحالة التطور، فمن ضمن النساء التي تمت مقابلتهم كانت ن.ج هي صاحبة مركز نسوي وحضانة في البلدة القديمة وعبرت عن الصعوبات التي تعاني منها ب "انا فتحت هاد المركز والروضة شو بدي اعمل اضل قاعدة بالبيت؟ وكمان عشان أهل منطقتي أخدمهم…. يعني أنا هسا روضتي، الاولاد بخافوا يجوا احيانا لأنه الكلاب ع الحاجز بلحقوا الاولاد وبخافوا وبتأثروا كثير…. أنا عندي الروضة والمركز، قديش بحتاج أغراض، قرطاسية، ضيافة والله لأني بدي أحمل وأنزل بوكل هم، حتى لبيتي يعني بنجيب شوية اغراض لانه بدنا نحملهم من مسافة، بدنا نحمل وننزل"

"أنا مش حابة أوخد دار برا، أنا بحب داري وبحب شغلي وبدي اياه، مع انه شغلي ما بدخل علي، مثلا بدبر رواتب موظفتين بطلوع الزور، أنا حابة يكون عندي دخل، عشان أقوى وأحكي أنا بوخد مقابل لشغلي"

تأثير الحواجز على الحالة الاجتماعية في البلدة القديمة في الخليل

تهدف السياسات الإسرائيلية في البلدة القديمة في الخليل إلى عزل الفلسطينيين الذين يقطنون فيها عن باقي السكان والمناطق في الخليل والضفة الغربية بشكل عام. فجميع المواطنون الفلسطينيون الذين يقطنون في البلدة القديمة في الخليل يشعرون بالقلق عند استضافتهم للزوار بسبب قلقهم من اقتحام الجيش أو اعتداءات المستوطنين وعلى الجانب الاخر يشعرون بالقلق المتواصل عند زياراتهم أو ذهابهم إلى أماكن خارج البلدة بسبب خوفهم من إغلاقات الحواجز أو اعتداءات المستوطنين. فيضعون وقت محدد لأنفسهم للعودة إلى المنزل. وقد عبرت إ.ح عن ذلك " أنا نفسي أروح على عرس أو أروح على أهلي أو عند حد من أقربائي وانبسط عندهم، بروح وانا متوترة وبرجع وانا متوترة وأحيانا لما ارجع يعني على الساعة، يعني أقصى شي بغيب للتسعة بلليل". " هاي الحواجز بتعيق علينا نفسيا وجسديا كثير، بتصيري بدك دايما مخنوقة وقاعدة بالبيت وكثير مخاوف، ما بدي اطلع عشان ما يصير شي". " والله اول ما بلشت الانتفاضة وطعن السكاكين كثير انحرمت من أهلي، يعني أهلي صاروا يخافوا يجوا، وأنا صرت اخاف عليهم يجوا عندي، والله يوم العيد أقول لأبوي أمانة أنت واخواني ما تيجوا علي انا بجي اعيد عليكم، تصوري يعني عيد بكون نفسك يجوا عندك اهلك، حبايبك لما ينحرموا كيف بتحسي انتي".

ومن هذا المنطلق أؤكد مرةً أخرى على الاثار المتشعبة للحواجز في البلدة القديمة في الخليل والتي تعيق بشكل أساسي الحق في حرية الحركة والذي لا يشمل فقط الحركة بحد ذاتها بل يتفرع إلى الجوانب العديدة التي تنبثق منها، ومن أهمها الجانب الاجتماعي. إن الانسان بحد ذاته كائن اجتماعي، ولكن السكان في البلدة القديمة في الخليل وتحديداً النساء يشعرون بأنهم في سجن كما عبرت إ.ح " حاسة حالي بسجن مقيدين من كل النواحي، يعني بيتك مش عارفة تعيشي فيها مش بس المنطقة".

تأثير الحواجز على الحالة النفسية لسكان البلدة القديمة في الخليل

لا شك بأن للحواجز والقيود المفروضة على الحق في حرية الحركة أثر كبير على الحالة والوضع النفسي لسكان البلدة القديمة في الخليل. حيث أن كل العوامل التي تم ذكرها سابقاً تأثر على الوضع النفسي للسكان أيضا كنتيجة للجوانب الحياتية التي تؤثر بها الحواجز كالجوانب الاقتصادية والاجتماعية. إن الضغط المستمر الممنهج التي تمارسه قوات الاحتلال الاسرائيلي تجاه السكان الفلسطينيين في البلدة القديمة في الخليل يهدف وبشكل أساسي لقمعهم وطردهم منها. من جانب يتعرضون إلى التوقيفات المستمرة والتفتيشات على الحواجز، إغلاقات للحواجز، انتهاكات لكرامتهم الإنسانية، اعتداءات بالضرب، عنف ممهنج بشتى أنواعه، تضييقات على جميع مناحي الحياة. كل ذلك يخلق بشكل لا بت فيه وضع نفسي سيء لسكان البلدة. بناء على المقابلات التي قمت بإجرائها عبرت إ.ح "والله أحيانا لما اوقف على الحاجز بحس بشعور ألم كبير، إنه أنا بيتي داخل المنطقة ومش قادرة اوصل بيتي ويجي اليهود يمنعوني أدخل بيتي أنا كثير بتألم". "انه نفسيتي يعني احيانا بتكون، حاسة انه بدك الشي يكون حلو وأنه هاد كله حلم وأنه رح يروح وتصحي وأنه كله رح يروح بس مش حاسسته أنه رح يتحقق بالعكس لأنه من الاسوء للاسوء هاي الحواجز….. معاناة هاي، نحن مش عايشين نفس ما العالم عايشة"

إن أبسط الحقوق المضمونة تجاه الإنسان لكونه إنسان يحرم منها سكان البلدة القديمة في الخليل، فهم يمنعون من إدخال جرة الغاز إلا بحملها، يمنعون من إقامة الحفلات، يمنعون من تدخيل الأثاث الجديد إلى من منزلهم، يمنعون من إجراء أي شكل من أشكال التصليحات في منزلهم، يمنعون من استضافة الزوار، ومن العيش بحياة طبيعية هانئة. محاطون بالجيش والحواجز من جميع مناحي حياتهم ومواجهون بعنف المستوطنين بكل فرصة.

"المستوطنين قعدوا فترة قبل أربع شهور، جيش ومستوطنين يتفقوا على الشباب الي يعجبهم يوخدوا يضربوه ويكلبشوه ويعتقلوه.. طبعا انا بالضبط الحاجز الي تحت شبابيكي ببينلك كل شي، بتشوفي كل شي كأنك فبيتي يعني بكون واقفة فجأة على شباك المطبخ، الجندي بتلاقيه بضرب ولا برفع السلاح على شب".

إن كمية الألم والخوف التي يعيشون بها النساء في البلدة القديمة في الخليل لا تطاق وتفوق قدرة الإنسان على التحمل في معظم الأحيان. إ.ح "وين ما تيجي البارودة على راسهم وبوقعوا على الارض والله على نسوان بهجموا ويضربوهم، بقولك حرب نحن كانت تكون في منطقتنا.. يعني ما تواخذيني بس أسهل شي بطلع بطخك أنتِ وأولادك وما حد بحكي معه وبلبسك أي تهمة. كثير نحن بنعاني، كثير كثير بالمنطقة يعني بخاف بخاف، هيك بجي علي أي حد وبكون الضيف قاعد أنا بشعره انه أمان و أنه فش شي وبنفس الوقت بخاف يصير شي وهو عندي قاعد".

إن سكان البلدة القديمة في الخليل، لا يشعرون بالأمان إطلاقاً في منازلهم، بسبب الاعتداءات والاقتحامات المتكررة للجيش على منازلهم. تقول ه.ح في هذا الشأن "نحن الي ذايقين المعاناة من الغاز ومن رمي الحجر، نحن بنكون قاعدين مافي شي ما بتشوفي الا قنبلة غاز داخلة على البيت كثير بنعاني". وقالت ت.أ " فتشوا الدار وانا كنت نايمة وما صحيت الا على اصواتهم وتخبيط، يعني انا عندي بنت حما مريضة انا بعتني فيها، هي مرة كبيرة عمرها سبعين سنة…..كنت قاعدة وما صحيت الا وقنابل الغاز عندي في الساحة، يعني مراة كبيرة ما بتقدر تقوم وانا عندي ضيقة نفس ما بقدر بالمرة انخنقت قعدت ساعة وربع وانا مرمية ع الارض واليهود اجوا عندي ع الدار فتشوا الدار وطلعوا… وين الولاد؟ فش عندي انا ولاد لحالي.. فش عندي صغار أنا… بضلهم يدخلوا عندي ما بصحى الا هم عندي.. كيف لما اكون انا لحالي؟ انا زوجي مش عندي، ولادي مش عندي ".

إن العنف النفسي الممنهج تجاه النساء من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي يهدف وبشكل أساسي وجوهري إلى هدم نفسيات النساء وزرع الخوف في قلوبهم، فمع معرفتهم بوجود النساء لوحدهم بالمنزل والذي بشكل بديهي في المجتمعات العربية يزرع الخوف لوحده في قلوبهم، يقوم الجيش الإسرائيلي بالاقتحامات المتكررة للمنازل التي تقطن بها النساء لوحدهم، مع زرع الخوف في قلوبهم وتهديدهم والعبث بأغراضهم الشخصية بدون أي سبب أو عذر.

وفي هذا السياق يستوجب ذكر سياسة تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي وهي سياسة " ذكرهم بوجود الاحتلال" بمعنى آخر بأن يقوم الجيش الإسرائيلي في أي طريقة كانت وفي كل السبل بزرع الرعب في قلوب السكان وفي تذكيرهم بوجودهم البشع بكل الطرق لكي لا ينسون لثانية بأنهم يعيشون تحت احتلال فاشي. هذه سياسة تمارس كثيرا في مدينة الخليل تحديدا في البلدة القديمة في الخليل، فحتى مع معرفتهم لعدم وجود أي "عذر أمني" تجاه معظم السكان فهم يستمرون في اقتحام منازلهم وزعزعة حياتهم وأمانهم. قالت ت.أ " دخلتهم مرعبة".

من ضمن الاسئلة التي طرحتها في المقابلات، ما هو شعوركم عند كل ذلك؟ أجابت ت.أ "خوف، ألم، يعملولنا شي يبعدنا عن أولادنا، رعب كثير بتبقي مريضة هيك بتخافي يصيرلك شي وأنتِ واقفة معهم…..معاناة صعبة ووجع قلب كبير". وقالت ن.ج " فش عندنا الحياة، الكل محبط، يعني النسوان ما عندهم شي يعملوه الا بالبيت".

بشكل عام، مع التضييقات التي يمارسها الاحتلال بشكل يومي ومن جميع مناحي الحياة، فإن الحياة في البلدة القديمة في الخليل تزداد صعوبةً وسوءاً يوماً بعد يوم وتزداد يد الاحتلال التي تعصر على رقبة المواطنين في البلدة، ويزداد العنف وبشكل موجه ومركز ضد النساء، وفي هذا السياق سوف أتطرق بشكل فرعي للعنف الجنسي الموجه ضد النساء، والذي يمارسه جيش الإحتلال والمستوطنين ضد النساء. ومن ضمن ذلك، ملاحقتهم إلى منزلهم بشكل تعسفي، التفوه بالشتائم ضدهم عند الحواجز أو في الشارع، وقالت ت.أ " أنا أحب شي علي انزل على الحرم، بس لحالي والله بخاف أنزل، لأنهم لما يشوفوا هيك ست لحالها بصيروا يتحركشوا فيها….. صاروا يخافوا النسوان ينزلوا على الحرم" أما ه.ح قالت "بنتي قالولها هاتي السكينة الي معاكي قلتلها هاي انت الي جبتها لولا أنه طلعنا أقوى منهم وبنتي خافت ما قبلت تكمل علي وقالت والله ما بروح".

أما إ.ح عبرت عن ذلك من خلال "عندي بنتي الصغيرة بتمسك لعبتها وتصير تعيط، وبتقولي نفسي نطلع نشتري بس بخاف يطخوكي او يطخونا، يعني والله اقولك نحن مش عايشين بأمن، أكثر شي نحن فاقدينه الأمن والأمان، يعني أنا أولادي توأم عندهم توجيهي والله بروحوا وبيجوا وانا ايدي على قلبي بلاش يصيرلهم شي ع الحواجز. يعني لا سمح الله بخافوا يعتقلوا ابني او يأخروا بنتي على امتحانها، أقولك نحن مش عايشين بالمرة، فش حد بسأل، هسا أنا أكثر من مرة اكون اجي واروح والله ما يدخلوني البيت قديش أحس حالي منهارة ومع ذلك اضل واقفة ومصرة، والله اضل واقفة ساعة ونص وساعتين لحد ما يدخلوني ع داري.. طيب والله هاي مأساة يعني انا اولادي داخل المدرسة الابراهيمية والفيحاء. لما يصير عندهم عيد، قديش بحزن عليهم لا بكملوا تعليمهم زي باقي المدارس ولا بوخدوا حقوقهم بضل الجيش يهجم ع المدرسة والمستوطنين يهجموا.. والله ما بتقدري تحرميهم ابسط حقهم التعليم، ما بتقدري تقعديهم، بقول خليهم زيهم زي اولاد العالم يتعلموا..

يتعمد الجنود على الحواجز على مضايقة الفتيات على الحواجز، وزرع الخوف في قلوبهم وقالت إ.ح " بناتي كانوا لما يروحوا على المدرسة أو الجامعة يحكولي يا ماما حكولنا كلام ما بنحكى"، معظم الفتيات بشكل عام يتعرضون للتحرش اللفظي على الحواجز في فلسطين، مما يسبب لهم صدمات نفسية وألم وخوف شديد، ولا يخفى ذلك الأمر عن الناس، وتتعمد هذه السياسة إلى زرع الخوف والألم في قلوب الفتيات. وبشكل خاص يتعرضن الفتيات إلى العديد من المضايقات من قبل الجنود في الحواجز في البلدة القديمة في الخليل، من خلال تحرش لفظي، أو تهديدات، أو اتهامهم باتهامات باطلة كحمل سكينة لزرع الخوف في قلوبهم.

قرار رقم ١٣٢٥ لمجلس الأمن بشأن المرأة والأمن والسلام

وفي هذا السياق، سأتطرق إلى الغلاف القانوني الأساسي لحماية النساء من العنف الممنهج وتحديداً الجنسي في ظل النزاعات المسلحة وهو القرار الاممي رقم ١٣٢٥ والذي اعتمد في عام ٢٠٠٠ بشأن المرأة، الامن، السلام، وهو قرار جوهري يعتبر القرار الاول الذي يعترف بدور المرأة القيادي في تحقيق السلام والامن ودورها في منع النزاعات وحفظ السلام، بالإضافة إلى ذلك، يشيد القرار الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها المراة خلال النزاعات وتحديدا الانتهاكات الجنسية وأثرها على المراة وعلى عملية السلام. ويعتبر هذا القرار بمثابة خط فاصل بالنسبة لتطور حقوق المراة وقضايا الامن والسلام، حيث أنه يعتبر أول وثيقة رسمية وقانونية تصدر عن مجلس الامن يطلب فيها من الاطراف احترام حقوق المراة ودعم مشاركتها في المفاوضات، وتوفير الحماية لها في ظل النزاعات. ويعتبر مكافحة العنف الجنسي أثناء الصراع وزيادة مشاركة المراة في عمليات السلام المكونان الرئيسيتان للقرار رقم ١٣٢٥.

الأعمدة الأربع الرئيسية لتنفيذ القرار

نادى قرار 1889 لعام 2009 الأمانة العامة بتطوير عدد من المؤشرات لمتابعة تنفيذ قرار 1325. واستخدمت هذه المؤشرات في برامج الأمم المتحدة، وتبنت بعض الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية هذه المؤشرات أيضًا. وترتكز المؤشرات التي تم تطويرها على أربعة أعمدة رئيسية وهي المنع، والحماية، والمشاركة، والتعافي والمساعدة.

المنع: ويركز على منع العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي، وكذلك الوعي الجنساني في منع نشوب الصراع، ونظام الإنذار المبكر. ويتضمن ذلك منع الاعتداء والاستغلال الجنسي من جانب قوات حفظ السلام.

الحماية: وتتضمن تحسين أمن الفتيات والنساء، وتحسين صحتهم الجسدية والعقلية، وأمنهم الاقتصادي وحياتهم بشكل عام. وتركز أيضًا على تحسين حقوق النساء والفتيات وحمايتهم القانونية.

المشاركة: وتشير إلى تعزيز مشاركة النساء في عمليات السلام، وزيادة أعداد النساء في جميع منظمات صنع القرار، وزيادة الشراكة مع المنظمات النسائية المحلية. وتتضمن المشاركة أيضًا زيادة مساهمة النساء في المناصب العليا بمنظمة الأمم المتحدة، كمنصب الممثل الخاص ومهام وعمليات حفظ السلام.

جهود التعافي والمساعدة تتضمن توزيع مساوٍ للمساعدة الدولية للنساء والفتيات، وتضمين منظور النوع الاجتماعي في جهود التعافي والمساعدة.

وقد أكد القرار على الحاجة إلى التطبيق الكامل للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان اللذين يحميان حقوق المرأة، ويطلب القرار وبشدة أن يحترموا احتراماً كاملاً للقانون الدولي المنطبق على حقوق النساء والفتيات وحمايتهن الخاصة ويدعو القرار من جميع الاطراف بأن يتخذوا تدابير خاص

تحمي الفتيات والنساء من العنف القائم على أساس الجنس.

من الواضح بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي وحكومة الاحتلال تنتهكان وبشدة القرار رقم ١٣٢٥ والذي موجه لتوفير السلام والامن للمرأة ودعم دورها في المجتمع وعمليات السلام، بالرغم من هذه الحماية التي يوفرها هذا القرار إلا أن الواقع التطبيقي عبارة عن حبر على الورق، حيث أنه يحتاج هذا القرار وبشدة إلى أن يقوم بدوره الذي وضع لأجله، لأن الدور الذي يمارسه الان هذا القرار ليس بالجدي وليس بالشكل والقوة المطلوبتين لتوفير الحماية للنساء الفلسطينيات الذين يتعرضون كل يوم إلى الانتهاكات والمضايقات والتحرش من قبل جنود الاحتلال على الحواجز وتحديدا في البلدة القديمة في الخليل.

الخاتمة:

في الختام، إن الانتهاكات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تزداد يوماً بعد يوم وسط صمت جبان من قبل المجتمع الدولي الذي لا يقبل إلى الأن أن يحاسب إسرائيل على انتهاكاتها المستمرة تجاه القانون الدولي وحقوق الإنسان. إن الحق في حرية الحركة من أكثر الحقوق الإنسانية الأساسية التي تسلبها إسرائيل كل يوم من الفلسطينيين، في انتهاك صارخ وواضح تجاه قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فكل خطوة في حياتهم مقيدة بأهواء الجندي على الحاجز وفي بعض الأحيان من الممكن أن تكلف الخطوة عمر وحياة، فتستبيح قوات الاحتلال الإسرائيلي حياة الفلسطينيين كل يوم وحقوقهم في كل لحظة. إن الحق في حرية الحركة من أهم وأبسط الحقوق الإنسانية التي تحفظ الكرامة الإنسانية للشخص. فكما ذكر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة ٣ "لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه". وكما أن الممارسات الإسرائيلية التي تم ذكرها في البحث تجاه الفلسطينيين تحط من كرامتهم الإنسانية كالتفتيش والإهانات المتكررة على الحواجز وتعتبر هذه الانتهاكات خرق واضح للمادة ٣ من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحرم الممارسات المهينة والحاطة بالكرامة الإنسانية للشخص. بالرغم من ذلك يسلب الفلسطينيون كل يوم من حقهم في الحياة وفي الحرية وفي الأمان، فكما تم توضيحه خلال البحث، يعيش سكان البلدة القديمة في الخليل حياة خالية من الأمن والأمان من جهة ومليئة بالخوف من جهة أخرى وفي المقابل يعيش الإسرائيليون حياة مليئة بالأمن والحرية والرفاهية وتوضح هذه الفروقات والانتهاكات كمية التمييز العنصري الذي يمارس ضد الفلسطينيون من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحكومته والذي يعرف بالمادة واحد من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بأنه "أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم علي أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة" بناء على هذا التعريف فإن إسرائيل بممارساتها تجاه سكان البلدة القديمة في الخليل تقوم وبشكل واضح وعلني بالتمييز العنصري تجاه الفلسطينيين وبالفصل العنصري والذي عُرف وفقاً لميثاق روما في الفقرة تحت المادة سبعة في بند الجرائم ضد الإنسانية فقرة ٢ بأنه "أية أفعال لا إنسانية …..ترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى, وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام" . وبناء عل ذلك فإن الاحتلال الإسرائيلي يقوم بجريمة ضد الإنسانية وفقاً لميثاق روما الأساسي المادة سبعة ومن هذا المنطلق أود أن أوضح ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي في دوره في توفير الحماية والمحاسبة القانونية التي يترنم بها في نصوصه ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يقوم بجرائمه بشكل ممنهج وواسع النطاق وعلني تجاه الفلسطينيين

على الجانب الاخر، إن النساء الأكثر عرضة في ظل هذا النظام الفاشي إلى الانتهاكات المتزايدة والممنهجة لزرع الخوف في قلوبهم والرهبة ومن هذا المنطلق أيضاً، يجب على القائمين وأعضاء أجندة المرأة، الأمن والسلام أن يتحركوا إلى الفعل بدلاً من القول وأن يقوموا بتطبيق دورهم في توفير الحماية للنساء الفلسطينيات وتحديداً وفقاً للقرار ١٣٢٥ الذي يعد هدفه الاساسي في توفير الحماية للنساء في وقت الصراع وتحديداً من الاعتداءات الجنسية، وكما تم ذكره خلال البحث فإن العديد من النساء يتعرضن إلى مضايقات جنسية ونفسية على الحواجز عند عبورهم من خلالها في البلدة القديمة في الخليل وعليه فإنه من الإلزام الشديد أن تلتفت منظمات الأمم المتحدة إلى انتهاكات حقوق النساء ضمن أجندة المرأة، الأمن والسلام وضرورة تعزيز الاجراءات الدولية لحماية النساء والفتيات في البلدة القديمة في الخليل وذلك من خلال دعم ومتابعة ذلك مع المؤسسات الفلسطينية التي توثق الجرائم المرتكبة ضد النساء في إطار جرائم الحرب ليتم إحالتها إلى محكمة الجنايات الدولية بالإضافة إلى عقد جلسة استماع إلى النساء الذين تعرضوا ويتعرضون بشكل مستمر لانتهاكات الاحتلال ومنها القيود المفروضة على الحق في حرية الحركة في الخليل وغزة وانعكاس ذلك على حقهم في الحصول على خدمات الأمن والصحة والتعليم. بالإضافة إلى ذلك يجب على مجلس الأمن أن يحدد وقت خلال الذكرى السنوية لإصدار القرار رقم ١٣٢٥ لجلسة استماع لشهادات حية من قبل النساء الفلسطينيات على الانتهاكات التي يتعرضون لها.

إن السياسات الإسرائيلية الممنهجة لانتهاك حقوق الفلسطينيين تهدف وبشكل مباشر ورئيسي إلى تهجيرهم من مساكنهم ووطنهم، وإلى تحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق، وتظهر هذه السياسات والأهداف التي ورائها بشكل جوهري في البلدة القديمة في الخليل، وباعتقادي أن كل ما تم ذكره سابقاً عكس ذلك ولكنني مع ذلك أشدد على أن الكلام بالتأكيد لن يطابق الواقع القاسي الذي يعيشونه سكان البلدة القديمة في الخليل بشكل كامل، ومن هنا أشدد مرة أخرى على ضرورة إلقاء الضوء على البلدة القديمة في الخليل باعتبارها رمز للصمود الفلسطيني الذي لا يأبى أن يتنازل عن حقه وأرضه وإن كانت حياته لا تطاق بسبب الانتهاكات الإسرائيلية.

بناء على ما سبق ذكره فإن الكلام لم يعد كافي الأن بتاتاً وعليه فإن من الواجب الجوهري أن يقوم المجتمع الدولي بالتحرك تجاه تجريد إسرائيل من المناعة ضد المحاسبة، حيث أنه من الواضح لأي عين بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحكومته لا يقدمون أي نوع من أنواع الاحترام للقانون الدولي ونصوصه ولحقوق الإنسان ومع ذلك تستمر الحصانة والمناعة ضد المحاسبة التي بناء عليها تفلت من العقاب فوفقاً لذلك يجب أن يتم فرض عقوبات سياسية واقتصادية على إسرائيل من قبل المجتمع الدولي وأن يتم مساندة تحرك الملفات المرفوعة في محكمة الجنايات الدولية وذلك لإنهاء المناعة التي تتمتع بها إسرائيل ضد المحاسبة وتوفير العدالة التي يستحقها الشعب الفلسطيني.

عُلا سالم:متدربة في مجال حقوق الانسان وأجندة المرأة السلام والأمن لدى مؤسسة مفتاح

http://www.miftah.org