المجلس التشريعي وترسيخ قيم الديمقراطية وبناء المجتمع المدني(1)
بقلم: د. احمد مجدلاني
2003/3/12

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=174

لقد جرى اعتماد يوم تنصيب المجلس التشريعي في الحادي عشر من آذار عام 1996، بعد الانتخابات التشريعية الأولى في فلسطيني يوم للديمقراطية في فلسطين، وتأتي هذه الذكرى هذا العام في ظروف تدخل فيها الديمقراطية الفلسطينية في امتحان جديد وصعب في ضوء التغيرات التي أحدثها استحداث منصب رئيس وزراء للسلطة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها نقلة نوعية في صيغة النظام السياسي الفلسطيني.

تأتي عملية تأسيس وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، في غمار تحولات جذرية على الصعيد العالمي، حيث أصبحت قيم الديمقراطية والتعددية، والمجتمع المدني هي الهوية الأكثر تعبيرا عن حضارة الشعوب، ومعيار لمستوى تطورها، وقدرتها على الانخراط الفاعل والمؤثر في المجتمع الدولي، ويبدو أن الانتقال إلى القرن الواحد والعشرين، وعلى حد سواء للشعوب والمجتمعات والقوى والأفراد متعذرا بل ومستحيلا ما لم يمتلكوا هذه الهوية، إذ أن عدم امتلاكها يعني عدم التواؤم مع روح العصر ومتطلباته وتطلعاته المستقبلية وبذا أصبح الحديث لا يستقيم عن الديمقراطية بدون اتخاذ موقف من نقائصها والعمل على نقضها والتي يقف في مقدمتها الاستبداد والطغيان بكافة أشكاله وصوره. ولم تعد الديمقراطية بعد هذه التجربة الطويلة والغنية للشعوب عبارة عن فكرة مجردة لكنها تجسدت بممارسة عملية، وأصبحت مشروع اجتماعي سياسي يهدف إلى تحويل المجتمع من حالة إلى حالة (وتشير مراجعة المقاربات المختلفة حول العوامل الداعمة أو المعطلة لظهور الديمقراطية وتأسيسها إلى أن المقاربة الأكثر وعداً للتفسير والتنبؤ هي المقاربة التي تتوجه لبحث البنى الاجتماعية والاقتصادية، وانعكاساتها على النظام السياسي، ولا تستثني هذه المقاربة اللحظة التاريخية في بدء بناء الدولة كعامل هام في تشكيل النظام السياسي، وتحديدا فيما يتعلق بالظروف الدولية والإقليمية، إضافة لسمات البنية المجتمعية والاقتصادية في تلك اللحظة التاريخية ) (1) ، ولتجسيد المبادئ الديمقراطية وضمان تحققها في الواقع العملي لا بد من وضعها في إطار دستوري ،يشكل نوعا من العقد الاجتماعي وضابطا منظماً لمجمل الحياة والممارسة الديمقراطية في المجتمع .

ولكي تتحقق الديمقراطية لا بد من توفير بعض العناصر المتلازمة معها والتي تشكل شرطا لوجودها، وتكسبها قيمتها وتحقق أغراضها. أول هذه الشروط، إرساء قيم التعددية الفكرية والسياسية التي تعبر عن رؤى التيارات والاتجاهات المختلفة في المجتمع، وتشكل عنصر قوة وإثراء للبنية الاجتماعية والسياسية للسلطة والمعارضة على حد سواء، على قاعدة الرغبة الصادقة في التعايش وتقبل التنوعات الاجتماعية وتعبيراتها عن ذاتها، ومصالحها المنسجمة مع المصلحة العامة، والتي تجد تطبيقها الحي والملموس بتكريس مبدأ انتقال السلطة وتداولها بشكل سلمي وديمقراطي عبر الانتخابات الدورية الحرة والنزيهة.

الشرط الثاني، بناء مؤسسات المجتمع المدني والذي لا يمكن لأي مشروع حضاري في العصر الحديث أن ينمو ويتطور بدونها. فهو عمل إرادي حر ومنظم يقبل الاختلاف والتنوع ويقره ويحترمه على قاعدة التعايش وينبذ كل الخلافات والصراعات بالطرق الدموية، واللا ديمقراطية ويؤسس لقاعدة مجتمعية مبنية على أساس التسامح والتنافس السلمي والديمقراطي لحل الإشكاليات المجتمعية ما بين هذه المنظمات والمؤسسات من جهة وبين سلطة الدولة من جهة ثانية على قاعدة صيانة السلم الأهلي والمجتمعي، وتحقيق الأمن الاجتماعي، ولكونها تشكل في حقيقة الأمر رديفا لمؤسسات السلطة الرسمية.

الشرط الثالث، الالتزام بضمان حقوق الإنسان الأساسية وصيانتها والعمل على تطبيقها وفي مقدمتها، حقه بالعيش حياة حرة كريمة تضمن حقوقه، وتصون كرامته الإنسانية، في مجتمع يقوم على العدل وينبذ كل أشكال القمع واستعباد الإنسان لأخوه الإنسان.

لقد ولد المجلس التشريعي، في ظل هكذا مناخ دولي، والذي تحول العالم فيه، بفضل ثورة المعلومات ووسائل الاتصال إلى قرية كونية صغيرة، وتوجب عليه كمؤسسة منتخبة من الشعب مباشرة أن يسن القوانين والتشريعات رغم محدودية صلاحياته لإنشاء هذه البنية القانونية لضمان سيادة القانون واستقلال القضاء وممارسة الديمقراطية على تلك الأسس، وتوفير المناخات للعب دور أكثر تأثيراً وفاعلية لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في صيانة تلك الأسس وفي ترسيخ الممارسة الديمقراطية ودفع عملية استكمال إنجاز مهام التحرر الوطني المتلازمة مع هذه العملية المعقدة والشاقة، والمسؤولة في أن واحد.

1-تعزيز مكانة وسيادة القانون:- تعتبر عملية إرساء مكانة سيادة القانون، إحدى القضايا الأكثر تعقيدا في حياة الشعوب والمجتمعات والتي تتطلب فترة طويلة، وحالة من الاستقرار السياسي والأمني وبناءً مؤسساتياً، يوفر الإطار والمرجعية القانونية التي يجري الاستناد عليه، بتكريس القانون واحترامه لذا فان كافة البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية تطول أو تقصر وفقا لقدرتها على الإسراع في بناء مؤسساتها وتوفير الاستقرار السياسي والأمني فيها، لأنه بدون توفير هذه المتطلبات فان المجتمع لا يستطيع أن يشكل إطارا كافيا للتعايش والانسجام ما بين مواطنيه، ولا يمكن أن يتيح لهم تطوير إمكانياتهم المادية والروحية، ويصون حرياتهم الفردية والعامة، وبالتالي فان شروط قيام حكم ديمقراطي، يتطلب وجود سيادة القانون، والذي يمكن تعريفه على انه (وجود سلطة قضائية تتمتع باستقلال مؤسساتي أو عضوي، ولا تعتمد على قرار السلطة التنفيذية، بل تنبثق أصلا من تشريع قضائي، علاوة على ذلك يجب تأسيسها للسلطة القضائية وفق المعايير الدولية المناسبة، ويجب أن توفر لها كل ضمانات النزاهة والعدالة والمساواة، بتوافق تام مع معايير حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، وفي هذا السياق يمكن للمساواة في هذا المجال أن توطد أركانها) (2).

يتضح من التعريف أن الأساس لسيادة القانون هو وجود سلطة قضائية مستقلة، تنبع من تشريع قضائي طبقا للأسس والمعايير الدولية القائمة على ضمان حقوق الإنسان، وبنفس الوقت يتطلب ترسيخ سيادة القانون وجود آليات من المساءلة العامودية والأفقية.

فالمسائلة العامودية، تحدد مسؤولية المسؤولين المنتخبين أمام الناخبين، وفي هذا الإطار تلعب دورية الانتخابات وانتظامها أحد الأشكال الهامة للمساءلة العامودية، لأنها تعرض الجهاز الحكومي وباستمرار للمساءلة عند كل دورة انتخابية، إلا أن هذه الوسيلة لا تعتبر كافية بالقدر المطلوب لأنها لا تمكن المواطنين إلا من إجراء مسائلة عامة لسياسات الحكومة، ولكونها تأتى على فترات متباعدة، أما المساءلة الأفقية، فتتضمن مسؤولية الفروع المختلفة للحكومة أمام بعضها البعض، ويلعب المجلس النيابي دوراً هاماً فيقرر السياسيات العامة، ومراقبة تنفيذها ويمتلك وسائل رقابية هامة وفعالة على السلطة التنفيذية، مما يمكنه من تصحيح وتصويب مسارها في الوقت الملائم ولكي تنجح عملية المساءلة والمحاسبة بمستوييها العامودي والأفقي فان ذلك يستلزم مجتمعا مدنيا حيويا وفعالا، تلعب فيه الصحافة دورا يسهم في الكشف عن مكامن الفساد، وسواء استغلال السلطة ويسلط الأضواء على أوجه الخلل والقصور في ممارسة الحكومة، مما يستدعي بالمقابل جاهزية مجتمعية أعلى لمراقبة ومتابعة سلوك المؤسسات التنفيذية والعاملين فيها، ويسمح بكبح جماع استغلال السلطات وسوء استخدامها، ويعزز من الرقابة الشعبية، والممارسة الديمقراطية من خلال تقديم وسائل مبتكرة للتعبير عن المصالح السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بصيغ وبرامج عمل لمختلف فئات المجتمع، ويزيد من ثقة المواطنين بالقدرة على المبادرة والفعل وامتلاك القدرة على التغيير.

هذه الحيوية لمؤسسات المجتمع المدني لا يمكنها أن تنمو وتتفاعل سوى في بيئة قانونية مستقلة، قائمة على أساس الفصل بين السلطات وتؤمن نظاما للمحاسبة، يتمتع بالشفافية والنزاهة ويحول دون الاستخدام السيئ والمفرط للسلطة.وبنظرة للواقع الراهن، الذي يطمح فيه الشعب الفلسطيني لبناء مجتمع مدني ديمقراطي ويجسد فيه سيادة القانون في إطار كفاحه من اجل الاستقلال الوطني، وتجسيد السيادة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، نجد أن السلطة الوطنية الفلسطينية، ورثت واقعا تشريعيا ودستوريا معقدا وفريدا من نوعه.

فلقد عاش الشعب الفلسطيني فترة الانتداب البريطاني مجردا من كافة حقوقه السياسية، التي تمتع بها نسبيا في ظل الإمبراطورية العثمانية، واحتفظت سلطات الانتداب البريطاني بكافة الصلاحيات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وتركت له فقط المحاكم الدينية، وخاصة تلك المتصلة بالعائلة والميراث والأحوال الشخصية.

وبعد نكبة عام 1948، فان ما تبقى من الأرض الفلسطينية خضع لنظم سياسية وقانونية مختلفة، فطبق الأردن منذ عام 1950 نظامه القانوني، على الضفة الغربية، في حين طبق في غزة وهي تحت الإدارة المصرية مزيجا من القوانين المختلطة العثمانية والبريطانية، واقر المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب في أوائل الستينات في غزة بعض القوانين والتشريعات الخاصة بقطاع غزة.

لكن ومنذ الاحتلال الإسرائيلي لبقية فلسطين التاريخية عام 1967، أصبحت سيادة القانون في فلسطين بحكم المنتهية، فقد شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بإدخال قوانين الاحتلال العسكرية، بغية تعديل التشريعات المدنية العثمانية، والأردنية والمصرية، وحافظت على الأسوأ من التشريعات البريطانية وهي قوانين الطوارئ الانتدابية المنتهية عام 1945 فاعتبرتها سارية المفعول، وعملت على تطبيقها في الضفة الغربية وقطاع غزة من اجل إعطاء صيغة قانونية لإجراءاتها القمعية، مثل الاعتقال الإداري والإبعاد وهدم البيوت.

(ومع حلول عام 1994 كانت سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي قد أصدرت ما يزيد عن 1400 أمر عسكري في الضفة الغربية، و1200 أمر عسكري في قطاع غزة، وبذا تكون إسرائيل قد غيرت من هيكلية النظاميين القانونيين اللذين طبقا سابقا في المناطق الفلسطينية المحتلة ) (3) ، وفي كلتا الحقبتين ، الانتداب البريطاني ، والاحتلال الإسرائيلي ، فإن المشرع الأجنبي ، كان يضع القوانين والتشريعات للحفاظ على مصالحه بدون الأخذ بعين الاعتبار لمصالح الشعب الفلسطيني ، وهذا ما يجعل إلغاء أو تعديل هذه التشريعات ضرورة وطنية ملحة.

لقد أدى اتفاق إعلان المبادئ أوسلو أيلول 1993، لنشوء وضعا جديدا إذ بناء على أرضيته وتطبيقا لمبادئه، عقدت اتفاقيتين انتقاليتين لمعالجة كافة القضايا المتصلة بنقل المسؤوليات والصلاحيات من سلطات الاحتلال للسلطة الوطنية الفلسطينية خلال المراحل الانتقالية.

وبموجب اتفاق القاهرة الانتقالي الأول الذي وقع في 5 أيار عام 1994، والذي سمي في حينه اتفاق غزة –أريحا أولا، بقيت القوانين والتشريعات القائمة سارية المفعول بما في ذلك ( الأوامر العسكرية الإسرائيلية ) (4)، بيد إلى الرئيس ياسر عرفات وفي محاولة للالتفاف على الاتفاق المذكور، وللتخفيف من نقائصه أصدر القرار الرئاسي رقم (1) من تونس، وذلك قبل وصوله لأرض الوطن، حيث تضمن التالي (5):- 1-يستمر العمل بالقوانين والأنظمة والأوامر العسكرية التي كانت سارية المفعول قبل 5-6-1997، في الأراضي الفلسطينية، الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى يتم توحيدها.

2-تستمر المحاكم النظامية والشرعية، والطائفية على اختلاف درجاتها في مزاولة أعمالها طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها.

3-يستمر السادة القضاة النظاميون والشرعيون وأعضاء النيابة العامة في ممارسة أعمالهم كل في دائرة اختصاصه وفقاً لقوانين. 4-يسري هذا القرار اعتبارا من تاريخه ويبلغ من يلزم لتنفيذه وينشر في الجريدة الرسمية.

وكما هو واضح فان القرار أبقي على النظام القضائي كما هو وأجاز استخدام القوانين التي كانت سارية قبل بدء الاحتلال بصورة مؤقتة حتى توحيدها، وبنفس الوقت الذي علق فيه المرسوم الاستناد على الأوامر العسكرية، الإسرائيلية التي وطدت سيطرة الاحتلال، فانه من الناحية العملية فان تلك الأوامر العسكرية التي تلبي حاجة النظام القانوني السائد ظلت سارية المفعول. وفيما بعد أصدر الرئيس المرسوم رقم (5) في نيسان 1995 عدل فيه القانون رقم (1) الصادر في أيار 1994 ، حيث أشارت المادة رقم (1) منه :-

(تؤول إلى السلطة الفلسطينية السلطات والصلاحيات الواردة في التشريعات والقوانين والمراسيم والمنشورات والأوامر السارية المفعول في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل التاسع عشر من أيار (مايو ) لعام 1994 ) (6)، غير أن الاتفاق المرحلي الثاني، الموقع في واشنطن أيلول 1995، ألغى القيود التشريعية، التي وضعت في اتفاق غزة –أريحا، لكنه وضع قيودا جديدة قيدت فيما بعد المجلس التشريعي، (وهو عدم جواز إصدار تشريعات عن السلطة الفلسطينية، تعدل أو تلغي قوانين سارية، أو أوامر عسكرية تفوق ولاية السلطة الفلسطينية، أو التي تكون مخالفة لأحكام إعلان المبادئ، أو الاتفاقية نفسها، أو أية اتفاقية يتم التوصل أليها بين الطرفين خلال المرحلة الانتقالية ) (7)، وبموجب هذا الاتفاق جرت الانتخابات الفلسطينية في شهر يناير 1996، ونصب المجلس في السابع من آذار من العام نفسه، وأتاح وجود المجلس إجراء تغييرات قانونية وتشريعية، بما في ذلك سن تشريعات جديدة، وتطرق مشروع القانون الأساسي إلى مسألة سيادة القانون في المادة السادسة منه ( حيث أشار أن مبدأ سيادة القانون هو أساس الحكم في فلسطين وتخضع للقانون جميع السلطات والأجهزة والهيئات والمؤسسات والأشخاص).

وكنتيجة للجهد التشريعي الذي بذله المجلس، فقد ناقش المجلس (81) مشروع قانون، واقر منها (46) قانونا صادق الرئيس على (35) منها، والتي أصبح البعض منها ساري المفعول من ساعة نشره في الجريدة الرسمية ، وتغطي هذه القوانين جميع المجالات الإدارية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، ومجال الحريات العامة وحقوق الإنسان ، بينما هناك بعض القوانين التي اقرها المجلس ما زالت تنتظر مصادقة الرئيس ، ومن شأن المصادقة عليها وإنفاذها ، أن تعزز سيادة القانون ،أصول المحاكمات الجزائية ، والقانون المدني ، وقانون العقوبات ولا يعتبر عدم المصادقة على هذه القوانين وإنفاذها السب الوحيد والرئيس المعيق للحفاظ على النظام العام وسيادة القانون بل يعتبر البعض أن افتقار الحالة الفلسطينية للبناء المؤسسي والاستقرار السياسي والأمني سببا هاما ومعيقا لتحقيق سيادة القانون (فالحالة الفلسطينية قدر لها أن تجمع ما بين مرحلتي التحرر الوطني ، والبناء في أن واحد ، مما يزيد من المسألة تعقيداً خاصة إذا أخذت تركة الاحتلال لثلاثين عاما ، بعين الاعتبار من جانب ، وتأكل وتخلف القوانين وازدواجية النظام القانوني ما بين محافظات الشمال والجنوب في فلسطين ، وتردي الأوضاع القضائية في الجهاز القضائي الفلسطيني من جانب أخر ، لذا ليس بالإمكان الحديث عن سيادة القانون في كيان كالكيان الفلسطيني الذي لم تكتمل ملامح بنائه بعد ) (8).

غير أن المبررات التي سيقت كأسباب تعيق سيادة القانون قد تصبح أسبابا بنفس الوقت للتشديد على أهمية الحرص على تطبيق سيادة القانون فعدم الاستقرار السياسي والأمني، إذا ترافق معه غياب أساس قانوني يكفل الحقوق والحريات العامة والخاصة، فان ذلك يهدد وجود الكيان السياسي نفسه، ويعجل في توفير المقومات لإسقاطه وانهياره بينما تكون الصورة عكسية إذا ما توفر الحرص على تطبيق سيادة القانون فانه يعزز من الوضع الداخلي ويسهم في دعم استقراره وتطوره.

أن المجلس التشريعي الفلسطيني، وعلى الرغم من كافة القرارات والتوصيات التي اتخذها، لم يستطع حمل السلطة التنفيذية على احترام مبدأ الفصل بين السلطات ومعالجة الإشكاليات المتعلقة بالسياسة المالية والتنفيذية للحكومة، واخفق في استخدام آلياته في الرقابة والمساءلة، مما أدى لضرب مصداقية المجلس أمام جمهوره فنجم عن ذلك تشكك الناخبين بقدرة مجلسهم المنتخب على عمل أي شيء لهم ، وولد إحباطا في النظام السياسي بمجمله ، واثر على نمو وتطور العملية الديمقراطية في البلاد ، من خلال إخفاق المساءلة الأفقية العامودية، التي ترابطت وتداخلت معاييرها .

المراجع: 1- جميل هلال المجتمع الفلسطيني وإشكاليات الديمقراطية سلسلة أوراق التحول الديمقراطي (1)، مركز البحوث والدراسات الفلسطينية دائرة السياسة والحكم، نابلس فلسطين، آب 1999، ص19. 2- آريان الفاصد، حول آليات المسائلة وسيادة القانون في فلسطين ، الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن –سلسلة التقارير القانونية (2)، ص5. 3- لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع ، انظر النظام القضائي المدني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، الحاضر، والمستقبل ،جنين مركز استقلال القضاة ، والمحاماة اللجنة الدولية للحقوقيين حزيران 1995،ص11-14. 4- لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع ، راجع اتفاق القاهرة الانتقالي ، غزة –أريحا، 4/5/1994 . 5- مجلة الوقائع الفلسطينية ، العدد رقم (1) نوفمبر1994. 6- مجلة الوقائع الفلسطينية ، العدد رقم (3) . 7- لمزيد من التفاصيل حول ذلك ، انظر :-الاتفاق الانتقالي (طابا –واشنطن ) 28 أيلول 1995 . 8- علي مهنا ، نائب نقيب المحامين الفلسطينيين ، مجلة المجلس التشريعي ، العدد 1+2 –السنة السادسة 2001 ، ص 54 .

http://www.miftah.org