نصف شاي، نصف قهوة
بقلم: الوف بن
2007/7/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=7453


الرئيس الامريكي جورج بوش القى أمس بعظمة لكل من يتهمونه باهمال النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. فقد القى خطابا مضنيا، بدا كقائمة المخزون لكل المسائل العالقة قبل البحث والتنفيذ، ووعد بتشديد الجهود "لتعزيز ثقة كل الاطراف بحل الدولتين". لقد بدا هذا جميلا، ولكن أقل اثارة للحماسة بكثير من التصريح الذي أطلقه في بداية ولايته الثانية حين وعد "باستثمار المال الامريكي في اقامة دولة فلسطينية".

أمس امتنع بوش عن الوعود لاقامة دولة فلسطينية. واكتفى بوضع معضلة للفلسطينيين الذين دعيوا لان يختاروا بين المتطرفين من حماس وبين ثنائي المعتدلين، الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض، اللذين عرضا كشريكين متساويين في الحكم.

وهاجم بوش بتعابير قاسية على نحو خاص حماس، وعرض الحركة كعصبة قتلة ستوقع كارثة على الفلسطينيين، وأعطى شرعية لابعادها عن الحكم. وعقب مصدر سياسي كبير في القدس قائلا: "حتى نحن لا نتحدث عنهم هكذا".

وعرض الرئيس مسارا من مرحلتين. اولا، ان يقضي الفلسطينيون في أوساطهم على الارهاب والفساد، وفقا للتعليمات الصارمة في خريطة الطريق: اعتقال ارهابيين، حل منظمات ارهابية ومصادرة السلاح. واذا ما قاموا بذلك، ستبدأ مفاوضات اسرائيلية – فلسطينية على التسوية الدائمة، يتم فيها البحث في "مسائل اللباب": الحدود، اللاجئين والقدس. الحدود بين اسرائيل وفلسطين ستتقرر بالتوافق. استنادا الى "خطوط الماضي" والواقع في الحاضر، مع تعديلات متفق عليها". الترجمة: حدود على أساس الخط الاخضر، مع تبادل للاراضي تعوض فيها اسرائيل الفلسطينيين على ما ضمته من كتل استيطانية.

بوش وافق على مطلب عباس للبحث مباشرة في التسوية الدائمة، والقفز عن المرحلة الانتقالية لدولة فلسطينية بحدود مؤقتة. اما رئيس الوزراء ايهود اولمرت، الذي يرفض الان البحث في مسائل اللباب، فليس لديه ما يدعوه الى القلق. فقد تلقى تمديدا، الى أن تكون السلطة الفلسطينية نقية من الارهابيين والفاسدين.

الخطاب تقرر في ذكرى مرور خمس سنوات على عرض "رؤيا الدولتين". وفي البيت الابيض ترددوا بالنسبة للتوقيت وارادوا ألا يكون الخطاب قريبا جدا من زيارة اولمرت الى واشنطن، في 19 حزيران، كي لا يظهر وكأنه املاء اسرائيلي. الخطاب في العام 2002 الذي دعا الى ازاحة ياسر عرفات، اعتبر في حينه في العالم كخضوع لارئيل شارون.

في مكتب اولمرت كانوا راضين امس. التعابير القاسية لبوش عن حماس اتاحت لاولمرت تحذير عباس، حتى قبل الخطاب من أنه اذا ارتبط مرة اخرى بالحركة "فان المسيرة السياسية ستتفجر". والطلب الوحيد لبوش من اسرائيل كان اخلاء مواقع استيطانية، واولمرت مستعد له. الجديد الاساس في الخطاب، مبادرة المؤتمر في الخريف، تصب في رغبة اولمرت الذي يحتاج الى انجاز سياسي عشية تقرير فينوغراد. ثمن البطاقة الى المؤتمر، على حد تعبير بوش، هو الاعتراف باسرائيل: الان يتبقى أن نرى اذا كانت السعودية توافق على المجيء. فمعارضتها للقاء علني مع اسرائيل فجر مبادرة مشابهة قبل بضعة أشهر.

وقضى بوش ان الدولة الفلسطينية ستكون "في الضفة الغربية وفي غزة"، وهدأ روع الاردنيين المتخوفين من توحيد مفروض للضفتين. وجدد دعوته لمصر والاردن ليكونا بوابة للتصدير الفلسطيني. وهكذا يكون استجاب لفكرة شارون القديمة ورد الضغوط على اسرائيل لتفتح المعابر من المناطق للتجارة الخارجية الفلسطينية. في اسرائيل فسروا الخطاب كاسناد من بوش لوزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس، التي اصطدمت دعواتها لحث الافق السياسي لانعدام الحماسة من اولمرت. ولكن اسناد بوش كان فاترا، نصف شاي ونصف قهوة: هو مستعد لافق سياسي ومحادثات على التسوية الدائمة، شريطة أن تقود المؤتمر الاقليمي رايس وهو يبقى في البيت. ما تبقى من اعتبار قليل له، لا يريد بوش أن يخاطر به في المستنقع الفلسطيني. - هآرتس 17/7/2007 -

http://www.miftah.org