مفتاح
2024 . الثلاثاء 23 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
أخيراً، يبدو أن لقاء الرئيس أبو مازن ورئيس حركة 'حماس' خالد مشعل سيعقد في الأسبوع القادم، ربما في الخامس والعشرين من هذا الشهر ـ كما يقول عزام الأحمد عضو مركزية 'فتح'. لكن ليس من الواضح ما الذي سينجم عنه على صعيد ملف المصالحة الوطنية، خصوصاً في ظل تباين البرامج والأولويات لكل طرف فيما يتعلق بالخطوات المتسلسلة التي من المفروض أن تبدأ بتشكيل حكومة توافق وطني. فالرئيس أبو مازن يرغب في تعجيل موضوع الانتخابات، و'حماس' تريد الحكومة أولاً، ثم يأتي موضوع الانتخابات لاحقاً على ضوء نجاح الحكومة في معالجة ملفات المصالحة التي تقع تحت إشرافها، وأيضاً، على ضوء التوصل إلى حل كامل لمسألة منظمة التحرير والتمثيل في المؤسسات الأخرى.

من دون أدنى شك تحتل قضية المصالحة الوطنية أولوية أولى على ما عداها من قضايا لأنها أضحت الطريق نحو تحصيل الحقوق الوطنية وخاصة إنجاز الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلت في العام 1967. ونحن لم نكن بحاجة إلى تقرير لجنة العضوية في مجلس الأمن التي صدر عنها توصية بعدم التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، لندرك أهمية تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية. فتقرير اللجنة المذكورة ركز على نقاط سلبية تشكل ـ من وجهة نظرها ـ عائقاً أمام استيفاء شروط الحصول على العضوية تتعلق بدرجة رئيسية بالانقسام وبالذات سيطرة 'حماس' على قطاع غزة و40% من الشعب الفلسطيني، وعدم سيطرة السلطة الوطنية على كامل أراضيها.

وهكذا يشكل الإخفاق في مجلس الأمن بالإضافة إلى فشل العملية السياسية ووصولها إلى طريق مسدود، وأيضاً، الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السيئة في قطاع غزة ونسبياً في الضفة الغربية، أسباباً إضافية لتبوء مسألة المصالحة هذه الأولوية. ولعلّ الإدراك الشعبي الواسع لأهمية الموضوع والتأييد الشامل لتحقيق المصالحة والوحدة انعكاس لوعي الناس بالمخاطر المحدقة بالقضية الوطنية نتيجة لهذا الوضع الشاذ المضرّ الذي لا ينبغي له أن يستمر بأي حال. وفي هذا الإدراك والوعي الشعبيين تسبق الجماهير القيادات السياسية بحسها وتقديرها لمصالحها وللمصلحة الوطنية العليا.

ولا يبدو أن موضوع المصالحة سهل في ظل التجاذب السياسي المنطلق من مصالح ضيقة، وفي ظل اختلاف الأجندات والأولويات لدى أصحاب القرار على الرغم من قناعة الجميع المعلنة بأهمية إنجاز هذا الملف. وستكون هناك خيبة أمل كبيرة للغاية لو عُقد اللقاء بين الرئيس أبو مازن وخالد مشعل دون التوصل إلى الاتفاق على الإسراع بتشكيل حكومة توافق وطني تبدأ بالاتفاق على شخص رئيس الحكومة الذي كان يبدو دون وجه حق أنه العقبة أمام الاتفاق، خاصة عندما أصرّ الرئيس أبو مازن على تولي سلام فياض لرئاسة الحكومة بينما أصرّت 'حماس' على رفض ذلك بشكل تام.

سلام فياض يعلن المرة تلو المرة بأنه لا يشكل عقبة أمام الاتفاق وأنه مستعد للتخلي فوراً عن موقعه، وأصلاً الحكومة الحالية مستقيلة منذ فترة، في سبيل إنجاح المصالحة. وهو بهذا يسهل على الطرفين الاتفاق سريعاً على تسمية رئيس حكومة جديد تقع عليه مهمة تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة يجري الاتفاق على أعضائها بين مختلف الفصائل وخاصة 'فتح' و'حماس'، لتقوم بتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية خلال عام من تشكيلها.

نحن بحاجة ماسة للإسراع في إنجاز ملف المصالحة بدءاً من حكومة التوافق وانتهاءً بالانتخابات العامة وتسوية كافة القضايا السهلة والصعبة على حد سواء. ولكن نحن بحاجة، أيضاً، إلى تقييم إدارتنا لمعاركنا السياسية مع إسرائيل وخاصة على الحلبة الدولية.

صحيح أن لجنة العضوية أوصت بعدم التصويت، وصحيح، أيضاً، أن الولايات المتحدة الأميركية لعبت دوراً سلبياً كبيراً في ثني بعض الدول عن تأييد حصولنا على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وبالتالي أخفقنا في الحصول على تأييد ثلثي أعضاء مجلس الأمن الدولي، ولكن ليس صحيحاً أن إخفاقنا فقط يتعلق بالأسباب المذكورة فقط، بل هناك مشكلة جدية في إدارة المعركة على جبهة الحصول على التأييد الدولي. والقيادات الفلسطينية التي أشرفت على هذا الملف لم تمارس عملية سياسية ودبلوماسية هادئة وسرّية تضمن لنا النجاح، بل مارست لعبة علاقات عامة لإظهار بطولاتها وإنجازاتها المزعومة، فدخلنا في بورصة أرقام وأسماء الدول التي تؤيدنا لدرجة أننا كنا نسمع في اليوم الواحد أخباراً متناقضة عن عدد الدول التي تؤيدنا، مرة تحدثوا عن ثماني والتاسعة في الطريق ومرة تحدثوا عن سبع دول، ومرة عن عشر دول وبعضهم تنبّأ بحصولنا على تأييد إحدى عشرة دولة. وهكذا ساهمنا في تسهيل ضغط الولايات المتحدة على الدول المعنية. كما أننا لم نحضر لهذه المعركة من فترة طويلة وبدأ العمل الفعلي على ذلك قبل شهر من أيلول، بينما كانت إسرائيل تعمل على الموضوع من شهر كانون الثاني الماضي بدراسة ما يمكن أن يحدث، وبفعل دبلوماسي هادئ ومكثّف.

وكما نحتاج للمصالحة كحاجتنا للهواء والماء، نحتاج كذلك إلى تطوير وتغيير أدوات فعلنا السياسي ووضع الخطط والاستراتيجيات الحقيقية لتحقيق الإنجاز السياسي المنشود. وهنا لا بدّ من الاستفادة من كل خبرات وطاقات شعبنا وعدم حصر إدارة المعركة وأدواتها في أيدي أشخاص قلائل أثبتوا بالتجربة قصورهم، وحتى لو كانوا يتمتعون بعبقرية فذة هم بحاجة إلى عمل جماعي مؤسساتي يشارك فيه كل ذوي الخبرة والكفاءة والتخصص. فالطريق أمامنا لا تزال شاقة وطويلة، وتتطلب زاداً من نوع آخر.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required