مفتاح
2024 . الجمعة 29 ، آذار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
تفاعلت خلال الاسبوع المنصرم مسألة حرية التعبير خاصة بعد احتجاز النيابة العامة للصحفي يوسف الشايب على خلفية نشره تقريرا في جريدة الغد الأردنية، لكن ما يثير الاستياء ما جرى أيضا من تصريحات متضاربة ما بين ثلاث جهات من أركان العدالة: النيابة العامة ومجلس القضاء الأعلى من جهة والنيابة العامة والشرطة من جهة ثانية.

كما طرحت مسألة الاحتجاز والتحقيق مع صحفيين وناشطين ومدونيين على خلفية كتابات وتعليقات على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك مسألتين تتعلقان بالبعد القانوني والبعد الأخلاقي وتأثيرهما على حرية التعبير من جهة التواصل الاجتماعي من جهة ثانية. ما دعا رئيس الحكومة الى تخصيص لقاءه الإذاعي الإسبوعي للحديث عن الحريات العامة وحرية التعبير لإزالة بعض اللبس والتشديد على احترامها.

(1) النيابة العامة وأولوية الاختصاص

صاحب عملية احتجاز عن الصحفي الشايب والافراج عنه بكفالة تصريحات متضاربة ما بين النيابة العامة ومجلس القضاء الأعلى. فقد صرح النائب العام أن الشايب محجوز على ذمة المحكمة، لكن المحكمة نفت ذلك، وأضاف المكتب الاعلامي للسلطة القضائية أن محاكمة الشايب لم تبدأ بعد، وأن القضية برمتها لدى النيابة العامة.

يعد كلام النائب العام صحيحا من الناحية الفنية إلا أنه غير دقيق من الناحية الفعلية. فقد طلبت النيابة العامة من المحكمة تمديد احتجاز الشايب لمدة خمسة عشر يوما لاستكمال التحقيق، واعداد ملف القضية المثاره ضد الصحفي الشايب. لكن محامي الشايب تمكن بعد أربعة أيام من اقناع المحكمة باخلاء سبيله بكفالة مالية، ما أثار حنق النيابة العامة وقامت مباشرة باستئناف قرار المحكمة المتعلق بالافراج. ما يدلل أن غاية النيابة كانت الاحتجاز وليس التحقيق أو استكمال ملف الدعوة. خاصة انها لم تتخذ الاجراء القانوني، الذي يتيح لها الحصول على مصادر المعلومات التي اعتمدها الصحفي في تقريره، الأنسب والواضح في احكام المادة الرابعة من قانون المطبوعات والنشر رقم 9 لسنة 1995 ألا وهو التوجه للمحكمة لاجبار الصحفي على كشف مصادر معلومات اذا كان الأمر جديا.

هذا الجدال يحيل النقاش من قضية حرية التعبير إلى مسألة اختصاصات النيابة العامة ووظيفتها، وهل هي مدعي الحكومة وأجهزتها أم أنها تمثل المجتمع وتنوب عنه بالأساس؟

وفقا للقانون الفلسطيني، تختص النيابة العامة بشكل أساسي بوظيفة استقصاء الجرائم المرتكبة والتحقيق فيها وملاحقة المجرمين قانونياً وإحالتهم للمحاكم من خلال إقامة دعوى الحق العام، ومباشرتها نيابة عن المجتمع بأسره، وإقامة الدعوى الجزائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد أعضاء الضبطية القضائية لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها بموجب أحكام المادة (54) من قانون الإجراءات الجزائية لسنة 2001. إضافة إلى القيام بتمثيل السلطة التنفيذية والدفاع عنها لدى المحاكم والدوائر القضائية في الدعاوى التي ترفع عليها.

أي أن النيابة العامة تختص بمباشرة الدعوى العامة باسم المجتمع وتنوب عنه في تعقب الجاني وطلب توقيع العقوبة عليه، وهي الجهة المختصة بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها الحفاظ على سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات. وهنا يثور السؤال الملح في مقابل التحقيق مع الصحفي، هل فتحت النيابة العامة تحقيقا في المعلومات التي وردت في تقرير الصحفي باعتبارها حامية القانون وتنوب عن المجتمع؟ وهل يمكن تفعيل أحكام المادة 198 من قانون العقوبات لسنة 1960 التي تتعلق بحالات مشروعية نشر مواد ذم وقدح؟

الاعترض الأساس لأغلبية من كتب في هذا الموضوع هو على مبدأ احتجاز الصحفيين، إذا كان السبب يتعلق بنشره مقالا أو خبرا أو تقريرا أو تعليقا. وهنا أود التنوبه الى أن مهمة الصحفي، بالإضافة إلى نشر الأخبار، هي قرع الجرس خاصة في قضايا الفساد أو شبهات الفساد. وإن هي، باعتقادي، أضحت المهمة الأساسية للاعلاميين خاصة بعد "الربيع العربي" وما لعبته وسائل الاعلام على أنواعها في تطوير الحركات الشعبية في مواجهة الطغيان وفضح الفساد في دول الاستبداد.

النيابة العامة والاعلاميون لهما طريقان مختلفان لكن هدفهما واحد وهو استجلاء الحقيقة نيابة عن المجتمع، وتقديمها للمحاكمة؛ الأول للمحكمة "القضاء"، والآخر للشعب عبر وسائل الاعلام المختلفة.

(2) الفيسبوك وخيانة الصديق..

ارتفت وتيرة التضييق على حرية التعبير خاصة على من يكتوبون أو يعلقون في صفحاتهم على شبكة التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" منذ بداية العام الحالي بالاستناد الى أحكام قانون العقوبات لسنة 1960. وفقا لبيان المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية (مدى) المنشور في 2/4/،2012 اعتقلت أو احتجزت أو استجوبت الأجهزة الأمنية عددا من الصحفيين، مثل الصحفي طارق خميس مراسل "زمن برس" ورشا حرز الله والصحفي رامي سمارة، وكذلك احتجاز الناشط في مقاومة الفساد جمال أو ريحان والمواطنة عصمت عبد الخالق.

أشار النائب العام في مؤتمره الصحفي أن عصمت عبد الخالق محتجزة بتهمة "تطويل اللسان" لكتابتها في صفحتها على الفيسبوك، خلافا لأحكام المادة 195 من قانون العقوبات الاردني رقم 16 لعامة 1960 التي تنص "يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من:1- ثبتت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك".

والرفض لهذه الاجراءات تنطلق من اعتبارات أهمها؛ أولا: أن أحكام قانون العقوبات لسنة 1960 لا تراعي التقدم الذي حصل على الحريات العامة وحقوق الانسان وحرية الصحافة والإعلام وحرية التعبير عنه والمواثيق الدولية الراعية لها ولا تتفق معها، ويشكل عائقا أمام تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة بل أنه ينال من حقوق المواطنة بما فيها حرية التعبير وحق الحصول على المعلومات.

وثانيا: أن ملاحقة الصحفيين والمدونين تؤدي إلى إشاعة أجواء من الخوف بين الصحافيين والمواطنين مما يعزز الرقابة الذاتية والخوف.

وثالثا:غياب قانون فلسطيني ينظم الممارسات في الانترنت حسبما أشار الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري. ورابعا: أما الأخطر هو خيانة الصديق على الفيسبوك بإعتبار من يبلغ عن المدونين هو أحد الأصدقاء أو الذين يعتبرونهم أصدقاء، مما يثير الرعب بين المواطنيين للتعبير عن آرائهم واحاسيسهم ليس فقط في وسائل التواصل الاجتماعي بل بين الأصدقاء الشخصيين. وهذه مسألة أخلاقية بحاجة لنقاش مجتمعي يتعلق ليس فقط بحرية التعبير بل في مسألة المعايير الأخلاقية في المجتمع الفلسطيني.

* كاتب فلسطيني. - jehadod@yahoo.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required