مفتاح
2024 . الجمعة 19 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
السؤال يبدو بسيطاً. مسؤولة أوروبية تسأل ما إذا كان السلام على الأبواب أم أنه بعيد المنال. في الظاهر يمكن للمرء أن يشير إلى عدد من المؤشرات الايجابية. تبادل مؤخراً المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون رسائل تحدد مختلف مواقفهم السياسية كأفضل السبل للمضي قدما. حكومة إسرائيل الإئتلافية الموسعة الحالية كبيرة بحيث تستطيع أن تتخذ قرارات صعبة دون خوف من أي فصيل واحد صغير يبتز الحكومة.

تبدو أوروبا متحدة في سعيها الحثيث المنفرد للتأكد من أن عملية السلام تسير قدما دون مزيد من التأخير. ستعود الولايات المتحدة على الأرجح إلى موضوع الصراع العربي الاسرائيلي بعد انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني. والربيع العربي يمضي قدما مع مزيد من القادة المدعومين شعبياً والذين يرجح أن مواقفهم لن تكون صديقة لإسرائيل. المنطق يقول إن المناخ السياسي الحالي فرصة ذهبية لتحقيق السلام ليس فقط مع الفلسطينيين بل مع العالم العربي. فإسرائيل لم تتجاوب بعد مع مبادرة السلام العربية.

ومع ذلك، فإن المتشائمين لا يرون أية إشارة عملية من إسرائيل تجاه عملية السلام ما عدا إجراءاتها الشكلية. ويقولون إن قادة إسرائيل يبحثون فقط عن فرصة لالتقاط الصور وعن مظهر يبدو شكلاً بأنه عملية سلام دون أي مضمون. ما يبعث للقلق بالنسبة لهؤلاء المتشائمين هو التآكل اليومي لإمكانية حل الدولتين بينما الاستيطان الإسرائيلي لم يتباطأ. وبالنسبة إليهم فإن هذا الأمر هو الاختبار الحقيقي حول ما إذا كانت إسرائيل مستعدة حقاً لقبول دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة بينما تواصل الجرافات في حفر الأراضي الفلسطينية بهدف بناء مستعمرات يهودية فيها.

إن الأردن الذي لديه أطول حدود مع الأراضي المحتلة وهو أحد الدولتين العربيتين اللتين وقعتا معاهدة سلام مع إسرائيل قام في الأشهر الأخيرة بتكثيف جهوده الدبلوماسية حيال عملية السلام. أجرى الملك عبد الله الثاني عاهل الأردن زيارة غير مسبوقة الى رام الله لاقناع الرئيس الفلسطيني بإعطاء المحادثات فرصة تدفع القيادة الفلسطينية إلى الرد إيجاباً حتى في الوقت الذي يتم فيه التشكيك في نجاح المهمة الأردنية بسبب التعنت الإسرائيلي.

ولكن عملياً وبدون تغيير جذري في الموقف الإسرائيلي، يبدو أن النضال الميداني على الأرض سيكون له تأثير أكبر على الصراع وفرص تحريك مفاوضات السلام. إن نهجاً من القاعدة إلى القمة مثل هذا لا يخلو من مخاطر كثيرة. ومع عدم قدرة السياسيين على حل هذا النزاع الذي طال أمده فإنهم مما لا شك فيه سوف يدفعون الفلسطينيين إلى مواجهة المستوطنين اليهود اليمينين الذين يتصرفون بغطرسة في الضفة الغربية كما لو كانوا في الغرب المتوحش. والفلسطينيون من جهة أخرى سوف يبحثون عن سبل أخرى للحصول على نتائج بالطرق اللاعنفية كان الساسة قد فشلوا في تحقيقها.

إن النضال الناجح الأخير الذي شمل الإضراب عن الطعام والذي مكن السجناء الفلسطينيين من تحسين ظروف سجنهم قليلاً قد سلط الضوء على إمكانيات الاحتجاج اللاعنفي، وإن كانت صغيرة، بأنها قادرة على تحقيق نتائج ملموسة. وكانت الاحتجاجات الدولية المتزايدة التي تتخذ شكل المقاطعة الأكثر تشجيعاً إذ تدعو إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل. وقد ساهم قرار جنوب أفريقيا والدنمارك في الآونة الأخيرة في عدم قبول أي من السلع التي ينتجها المستوطنون بسبب تزييف كلمة "صنع في إسرائيل" ساهم في الشعور بأن التضامن الدولي يمكن أن يسفر عنه نتائج ملموسة.

بطبيعة الحال، فإن الساحة التي يمكنها أن تحصل على أكبر النتائج من الاحتجاجات اللاعنفية هي الأراضي المحتلة نفسها. إن الفلسطينيين من مختلف أطيافهم، بما في ذلك قادة فتح وحماس، أصبحوا أكثر اقتناعا بفعالية التحركات الشعبية اللاعنفية. لكن في حين أن القادة، بما في ذلك الرئيس عباس ورئيس حركة حماس خالد مشعل قد ساندوا قولاً الإحتجاجات اللاعنفية، فإنهم لم يعملوا إلا الشئ القليل لدعم المشاركة في الاحتجاجات.

في حين شارك رئيس الوزراء سلام فياض في عدد من النشاطات الاحتجاجية، فإن عدداً قليلاً من كبار قادة فتح ساهموا بشكل مستمر في الاحتجاجات اللاعنفية. من المؤكد أن بعض القادة قاموا بالظهور في وسائل الإعلام من هنا وهناك، ولكن لا يزال هناك غياب لمشاركة القيادت العليا.

رغم ثبوت فعالية عمل بعض الناشطين اللاعنفيين، ولكن حتى الآن، لا يمكن اعتبارها حركة واسعة. يستمر الخلاف حول ما إذا كان ينبغي أن يكون نشطاء السلام الإسرائيليون والدوليون جزءً من هذه الأنشطة، ولم يحدث نجاح يذكر في احتواء بعض المشاركين من ذوي الطبع الساخن الذين يصرون على انتهاك نقاوة الإحتجاجات اللاعنفية بإلقاء الحجارة، مما يؤدي حتما إلى القمع الإسرائيلي العنيف وبذلك تقليل من تأثير تلك النشاطات الللاعنفية.

على الصعيد السياسي، فإن الفشل في إحراز أية خطوة نحو عملية السلام قد عزز فكرة الدولة الواحدة عند كثيرين من المثقفين الفلسطينيين. ومنطق بعض هؤلاء الناشطين الذين ما زالوا قلة يقول إن حل الدولة الواحدة يمكنه أن يعالج على نحو أفضل طموحات الفلسطينيين في شأن الديمقراطية في المنطقة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن، بما في ذلك حق العودة. وبطبيعة الحال، فإن الصهاينة الإسرائيليين الذين يريدون دولة يهودية يرفضون المفهوم تماماً، ويعتبرون الفكرة متطرفة ولا يجدون الحاجة للرد عليها.

لقد شتتت الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في مصر وسوريا، حتى الآن الانتباه عن فلسطين إلى الربيع العربي وتداعياته. ومع ذلك، وكما قال أحد السياسيين العرب في الآونة الأخيرة، إن الربيع هو موسم يعود سنوياً. والفشل في الإمساك بفرص السلام الحالية الفريدة من نوعها لا يعني أن الفلسطينيين الذين يتوقون للحرية والاستقلال، سوف يضمحلون. قد يكون الآن فصل شتاء في فلسطين، ولكن الربيع هو بالتأكيد على الأبواب.

* الكاتب مدير عام راديو البلد في عمان ومؤسسة بن ميديا للإعلام التربوي في رام الله. - info@daoudkuttab.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required