مفتاح
2024 . الأربعاء 24 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

عشرون سنة أو أكثر، ونحن نعمل ضمن ظروف شائكة في إعداد

مسودتين لقانون العقوبات والأحوال الشخصية، تنطلقان من الواقع. وفي الوقت نفسه، كان غيرنا أيضا يضع مسوداته للقانونين ذاتهما. جميع المسودات من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية الموضوع لذات المجتمع متعارضة مع بعضها البعض، ذاهبة في أودية متوازية لا يمكن أن تلتقي، علاوة على عدم قدرتها على الاشتباك أو إيجاد قاعدة حوارية أو نقطة تقاطع.

وبشكل مواز للجهد الجاري على قانون فلسطيني موحَّد، كان البحث الجاد يجري على وضع البدائل، وعياً وإدراكاً منا للصعوبات الموضوعية في الواقع الفلسطيني الذي يغني فيه كلٌ على ليلاه. وقد تركزت البدائل على تحقيق المطالب الجزئية على شكل حُزَم وبنود قانونية تؤدي إلى صناعة الفارق في أحوال النساء، ومن أجل تجسير الفجوات التي صنعها تقادم القانون، بانتظار الوقت الذي يأذن بالتقدم بقانون متكامل.

في الحقبة التالية لتأسيس السلطة، وبسبب تخلف القانون عن مجاراة الواقع، اتخذ مجلس القضاء الأعلى بعض القرارات لتخفيف وطأة انفصام القانون عن الواقع، إقرارا منه على إشكالية القانون، كما قام الرئيس بوقف العمل ببعض البنود القانونية التي تسهل الإقدام على الجريمة، وشكل لجنة ثلاثية لمسح القوانين ودراسة المسودات الموضوعة على المائدة.

نحن الآن وبعد نفاد واستهلاك ما في جُعب الجميع، سواء في المعوِّقات المانعة لصدور القوانين، أو جديد في التحليل والتشخيص، لكن الجديد هو تصاعد عدد حالات قتل النساء، حيث وصل عدد الضحايا إلى رقم يفوق ضعف مجموع حالات القتل في العامين الأخيرين.

الأسئلة الدائرة في أروقة المؤسسات النسوية والحقوقية تتمحور حول تنامي مظاهر العنف ضد المرأة دون فعل يرقى إلى وقفه، وعن أسباب صدور قوانين تمَس مصالح قطاعات محدودة، كالاستثمار والضرائب، رغم العوائق الموضوعية ذاتها، بينما قضايا المرأة والمجتمع لا تحظى بذات الاهتمام والأولوية.

ماذا يجري حاليا على الجبهة القانونية، لقد تم توسيع اللجنة الثلاثية التي شكلها الرئيس لتستوعب ممثلي الائتلافات المدنية ليعمل الجميع تحت مسمى "الفريق الوطني" على المسودات المتعارضة. التساؤل البسيط المطروح في الساحة: هل يمكن لهذه اللجنة أن تصل إلى نتائج في ضوء الأجندات والرؤى المتناقضة، ولكونهما تنطلقان من قاعدتين ورؤيتين مختلفتين لا يمكن التوفيق بينهما أو إخضاع الحقوق إلى مفهوم الصفقات.

من هنا، وحتى نوفر الوقت، لابد من المبادرة إلى وضع إطار مبادئ حول الحقوق التي ينبغي الالتزام بها من قبل الفريق الوطني، وأن يستند الى التزامات السلطة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإعطاء الفريق الوطني انتباهة نحو المبادئ التالية الأساسية غير المختلف عليها لتجسيدها في بنود القانون:

أن يلتزم الفريق الوطني بمبدأ إلغاء جميع أشكال التمييز الممارس ضد المرأة. فقد خلق الله الجميع سواء لا فرق بينهم إلا بالتقوى.

أن تحفظ القوانين الكرامة الإنسانية للمرأة، وعدم تعامل القانون مع المرأة: كأم وأخت وزوجة وابنة... نريد أن نحظى بمنزلة وشخصية قانونية كمواطنات في الدولة، وليس كرعايا العشيرة، وأن تكون علاقتنا بالدولة ومؤسساتها ودستورها وقانونها، كما ورد في وثيقة الاستقلال، لا أكثر ولا أقل.

نريد وقف التعامل مع مصطلح جرائم الشرف، واستبداله بمصطلح جرائم قتل النساء، فالمدلول الأول تضليلي ويبرر الجريمة، والثاني يعبر عن الجريمة دون تهريب أو تبرير، ويردع مرتكبيها على حد سواء.. ليس أكثر أو أقل.

نريد إنهاء الزواج المبكر للمرأة والرجل، ببنود واضحة لا يتهرب منها أحد، ولا يلتفّ عليها أحد، بسبب مخاطره المعروفة وإشكالياته الواضحة، لا أكثر ولا أقل.

نريد قانونا ينهي التناقض بين ما وصلته المرأة من مراكز سياسية وتعليمية رفيعة المستوى، تقرر فيها بشأن الدولة، وتعقد الاتفاقيات وتبرم العقود.. بينما لا تستطيع أن تتولى أمور حياتها الشخصية، وتتحمل مسؤولية خياراتها الشخصية.. لا أكثر أو أقل.

هل يمكن للفريق الوطني تجسيد ذلك.. نقول هذا للتذكير بالمساواة التي تبناها دستورنا، رغم معرفتنا أن القانون، حتى لو كان متماشيا مع المطالب، لن يكون بمقدوره حلّ مشكلة العنف والتمييز، لأن بمقدوره فقط حماية المرأة وتحصينها ضد الاستلاب والسيطرة، لكنه لا يستطيع معالجة مشكلة التمييز والعنف، بل الذي يعالجهما ويكافحهما وضع خطة وطنية كاملة ومتكاملة تتناول التربية والثقافة والإعلام، تبدأ من المناهج التعليمية والتربية في المدارس.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required