مفتاح
2024 . الخميس 28 ، آذار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لاقت الدعوة إلى تنظيم طاولة الحوار النسائية ردود فعل متباينة، تراوحت ما بين مؤيدات لبدء الحوار، بينما تحفظ البعض الآخر على الفكرة من حيث ضرورتها والبعض الآخر تحفظ على التوقيت. ولكل طرف مبرراته المبنية على أساس الواقع الفلسطيني وتقاليده. ومن جانبي، أصنفه انطلاقاً من الأبعاد السياسية والارتباطات الحزبية، كما لا يمكن تغييب علاقته المؤسَّسَة على الأعراف المعتادة من كوْن الأحزاب والفصائل السياسية تطلق عادة رصاصة البدء، ومن ثم يتبع الكل راضياً، ممتعضاً وغير مبال..

لقد أَطلَقَ توقيع تنفيذ الاتفاقات الموقعة الإشارة الإيجابية، لكنها إشارة مبدئية لم تحقق غاياتها بعد، ولا زالت الشكوك تحيط بها تأسيساً على التجارب الماضية، وعدم رؤية الدخان الأبيض الذي يؤكد التطبيق العملي للبنود الواردة في الاتفاق، ممثلاً بحَلْف حكومة الوحدة المنتظرة يمينها للإخلاص لمهماتها، ومن ثم رؤية باقي العقد تتحلل تدريجيا لتطوي تاريخا لا يفضِّل أحد تذكره، وبما يفكك البنى والأجهزة المنقسمة وإعادة تركيبها على أسس مهنية ومستقلة.

لم يأتِ طرح الحوار الموازي بين الأطراف أو التيارات النسائية كرد فعل على الإقصاء المتعمَّد من قبل الفصائل السياسية، بل تنبع الفكرة وتتأسس على أهمية الشروع في تنظيم الحوار النسائي الذي يستهدف أبعد من توجيه الانتقاد الموضوعي على تجاوز حوار الفصائل الأطراف الاجتماعية الفاعلة ومنها المرأة، ليصل إلى الأهداف الجوهرية التي تتمثل بأهمية استمرار حَمْل الموقف الضاغط لإنهاء الانقسام إلى الأبد، خوفا من بعثه من جديد، حيث يُعلن التوقيع عن نوايا طيبة اتجاه التوحُّد، بينما يذهب الهدف نحو الحوار النسائي الموازي اتجاه الاستمرار بالحملة النسائية لإنهاء الانقسام، كتشكيل نسوي ضاغط بمهام مستجدة نحو مراقبة الالتزام به ومنع التنصل منه، عبر مسميات عديدة منها التباطؤ في تنفيذه أو احتمالات التراجع والخروج عنه، لنجد أنفسنا في المربع الأول.

لذلك فالحوار الموازي النسائي يتميز بتعدد وظائفه، فعدا مراقبة مسار استعادة الوحدة الوطنية ورصد وتوثيق أشكال الخروج عن عقدها وإعلانه علناً، يستهدف فتح النقاش والحوار الصريح بين الجميع، بما فيها الأطر النسوية المحيطة بحركتي حماس والجهاد، حول التباينات الفكرية بين المكونات النسوية لاشتقاق التوجه الأسلم للمرأة، بما يمكنها من أداء واجباتها وحقوقها من جهة، والذي يخاطبها كمواطنة وإنسان مساو قيمة وعددا، ويقر ويعترف بالحقوق المتساوية في العمل والتعليم والاقتصاد ومراكز القرار وفقا لمعايير الكفاءة، ويضع الآليات والخطط اللازمة لتجسيد حقوق المرأة في القوانين والمناهج الدراسية والإعلام والثقافة، ذلك لوضع استراتيجية شاملة للتغيير الاجتماعي باتجاه دولة الحقوق والمواطنة في إطار الدولة المدنية وحقوق الإنسان، بديلاً لتجزئة الحقوق وعدم ترابطها.

أنطلق من حقيقة ان شجون وشؤون الخلاف الفلسطيني الداخلي عديدة ومتشعبة، لكون الخلاف السياسي أحد مظاهر صراع المصالح أو مظهرا من مظاهر الخلاف الأيدولوجي في المجتمع، الذي لا يجد حلوله إلاّ في الدولة الديمقراطية الضامنة للتعددية الفكرية والسياسية وللحريات العامة والشخصية، وهي الدولة المدنية التي تحمي سيادة القانون والفصل بين السلطات وتفصل الدين عن السياسة. ولنا في الأحداث والويلات التي شهدتها الدول العربية في عمليات التحول السياسي والاجتماعي نحو الديمقراطية، والآثار السلبية التي انعكست على المرأة واستخدامها في تسعير الخلاف وتظهير أبعاده الفكرية أكبر دليل وبرهان على أهمية خوض الحوار على مستقبل وضع المرأة وأهدافها ومطالبها من النظام السياسي الفلسطيني.

علينا عدم خشية وضع الأمور الشائكة على الطاولة، وأن نحمي حوارنا كجهة مستقلة لا تعمل كمرآة عاكسة لنقاشات الأحزاب وأولوياتهم ومصالحهم وأهوائهم، وعدم جره إلى محاكاة مواضيع الحوار الدائر بين الفصائل، بل توخي مصالح النساء كطرف رئيسي في المجتمع عانى ما عاناه جرّاء الانقسام، ومورس عليه الاضطهاد والتمييز والتهميش، ورفض تنميطه بحصر مشكلة المرأة في الخلاف السياسي، واعتبار أن إشكالاتها تُحل حالما تنتهي الفصائل من حلّ إشكالياتها البينية، وما على الجميع سوى التصفيق والالتحاق.

وأخيرا، لا يعني الحوار الموازي بين النساء في قضاياهن؛ التفريط بحقوقنا في المشاركة في القرار الوطني والسياسي، ولا يعني الحوار بين القطاع النسائي زهدنا بحقنا في المشاركة باللجان التي ستنبثق عن الحوار الفصائلي المصطلح على تسميتها بلجان المصالحة بجميع تفرعاتها، لأن ذلك من حقنا كجزء من الشعب ومعاناته ومطالبه واحتياجاته للسلم الأهلي والأمان الإنساني، بينما الحوار النسوي مهمته تنظيم الحوار والتوافق بين مكونات القطاع النسوي على قضيته الخاصة، بينما الحوار الوطني حق لجميع القوى السياسية والمجتمعية وأصحاب المصالح.. والكرامة الإنسانية من وراء القصد.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required