لقد تناولنا في المقالات السابقة ماهية قانون العقوبات وماهية الجريمة، وفي الأيام السابقة سمع الكثير منا عن ضبط مزارع ومصانع مخدرات في عديد من المناطق. وتعد الجرائم المتعلقة بالمخدرات سواءً كانت تعاطي أو اتجار أو حيازة من أخطر الجرائم التي تؤثر على الفرد والمجتمع بأكمله، ولا بل من الممكن أيضاً أن تؤدي إلى حدوث جرائم أخرى، كالقتل أو السرقة وغيرها. الأمر الذي دفعني لتناول التنظيم القانوني لجرائم المخدرات، وكيف عالج مشروع قانون العقوبات الفلسطيني ذلك في هذه المقال.
من المعروف أن قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 هو المطبق في الضفة الغربية، وبتمحصه نجد أنه قد خلا من أي نص يعالج جرائم المخدرات، الأمر الذي يثر التساؤل حول المصدر القانوني لتجريم هذه الجرائم؟
وبرجوع إلى التشريعات السارية اللاحقة والسابقة لقانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، نجد أن الأمر العسكري رقم (558) لسنة 1975 بشأن العقاقير الخطرة هو المرجع القانوني لتجريم هذه الأفعال.
وينبغي الذكر أن هذا الأمر العسكري قديم ولم يطرأ عليه أي تعديل منذ صدوره، الأمر الذي يجعله مشوباً بالقصور خاصة في ظل التطور التكنولوجي الذي أثر على تطور المواد المخدرات وظهور العديد من الأنواع التي كانت غير معروفة أنذاك. أما عن العقوبات في هذا الأمر فأنه لم يميز بين حيازة المخدرات بهدف التعاطي أم الإتجار ، وفرض على كلتا الجريمتين نفس العقوبة، الحبس لمدة عشر سنوات أو بغرامة مقدارها خمسون ألف ليرة إسرائيلية أو بكلتا العقوبتين
أما عن مشروع قانون العقوبات الفلسطيني فهو لم ينظم جرائم المخدرات تاركاً ذلك لأمر العسكري (558) لسنة 1975، أو لقانون خاص ينظم هذه المسالة، والجدير بالذكر أنه يوجد مشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية الفلسطيني، ولكن التساؤل الذي يفرض نفسه، إذا سن مشروع قانون العقوبات ولم يسن مشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، سيبقى الأمر العسكري رقم (558) هو المرجع القانوني لهذه الجرائم!
