|
عقدت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" اليوم الأربعاء الموافق 3 أيلول 2025، في رام الله، جلسة حوارية معمقة بعنوان: "رؤية الحكومة في ظل الأزمة المالية: الواقع والحلول لتعزيز استدامة الخدمات الأساسية"، تحديدا في القطاع الاجتماعي الأساسي الذي يشمل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، في ظل الأزمة لربما الأسوأ في تاريخ السلطة الفلسطينية يتسبب بها الاحتلال الإسرائيلي، من خلال جرائم الإبادة بكافة أشكالها على شعبنا في قطاع غزة، والتهجير والإغلاق والتوسيع الاستيطاني وقرصنة أموال الحكومة التي هي أموال الشعب في الضفة الغربية، فبات الوضع حرجا للغاية يحتاج من جميع مكونات المجتمع الفلسطيني التكاتف للصمود أمام جرائم الاحتلال التي يصعب اقتصار وصفها بإنها جرائم فقط، ولم تستطع أي جهة من العالم بأسره إيقاف كل ما يحدث منذ ما يقارب السنتين. فكان من المهم عقد هذا الحوار مع الحكومة الفلسطينية المتمثلة برئاسة الوزراء ووزارة المالية للحديث عن الشق المالي العام لوضع الحكومة والرؤية الأوسع للبدائل في ظل هذه الأزمة، وجانب الموازنات التي وُضعت في بداية العام وتقارير الإنفاق النصف سنوية التي استلمتها مفتاح في نهاية آب المنصرم، واستكمال الحوار مع وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الاجتماعية، للحديث عن الخطط والبدائل لضمان استمرار الخدمات الأساسية لكافة فئات شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية. وقد افتتحت الدكتورة تحرير الأعرج المديرة التنفيذية لمؤسسة "مفتاح" الجلسة الحوارية الأولى بترحيبها بالحضور الرسمي ومؤسسات المجتمع المدني مشددةً على أن الأزمة المالية التي تواجهنا كفلسطينيين هي جزء من إطار الإبادة الأوسع، وليست مجرد انعكاس لاضطرابات عالمية أو لإدارة مالية ضعيفة. بل هي أزمة مُفتعلة، من قرصنة أموال المقاصة من قبل الاحتلال، وخنق التمويل الدولي عبر شروط سياسية مفروضة، والتلاعب بالقنوات المصرفية، حيث تشكل جميعها أدوات مدروسة للعقاب الجماعي، فهذه حرب مالية أيضا تستهدف إضعاف الحُكم والكينونة الفلسطينية، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وجعل الفلسطينيين في حالة هشاشة واعتماد قسري. وأكدت د. الأعرج أن هذه الورشة هي منبرٌ للحوار وإيجاد الحلول سويا مع الحكومة من أجل استمرار تقديم الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، وأن العدالة والمساءلة ليست قضية هامشية، بل ركناً أساسياً لأي رؤية اقتصادية لفلسطين. ومن ثم عرض الأستاذ مؤيد عفانة، الخبير الاقتصادي لدى "مفتاح"، ورقة حقائق حول "الأزمة المالية وأثرها على الخدمات الأساسية وتوصيات لحلول مقترحة" تضمنت أهم المحاور الآتية: الديون والالتزامات: بلغت التزامات وديون السلطة الفلسطينية حوالي (45) مليار شيكل، أي حوالي (13) مليار دولار، منها حوالي (1.85) مليار دولار متأخرات ومستحقات لموظفي القطاع العام، بما يشمل الأطباء والمعلمين وموظفي وزارة التنمية الاجتماعية، في حين بلغت مستحقات الموردين حوالي (1.7) مليار دولار، بما يشمل موردي الأدوية والمستلزمات الطبية، والمستشفيات الخاصة، عدا عن الديون للصناديق المختلفة. آثار الأزمة المالية على الخدمات الأساسية:
وفي الجلسة الأولى بدأ الدكتور محمد أبو الرب مدير مركز الاتصال الحكومي بتثمينه على الجهود التي تقوم بها "مفتاح" لفتح الحوار حول هذا الموضوع الهامّ، حيث أوضح أن هذه الأزمة هي أزمة سياسية والهدف منها تقويض عمل السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، وتنفيذ خطة للضم ومخطط للتهجير ومنع الحركة والتنقل من خلال أكثر من 1200 بوابة وحاجز عسكري، وهذا فيما يتعلق بالضفة الغربية، وتدمير وإبادة جماعية في قطاع غزة. إن توقف إيرادات المقاصة بشكل كامل منذ أكثر من 4 شهور، والاقتطاعات السابقة منذ بداية الحرب، ضاعف الأزمة المالية والديون المترتبة على الحكومة مما زاد العبء بشكل كبير، الأمر الذي يستوجب العمل على ملف التهرب الضريبي، وتسوية الديون مع شركات الكهرباء، والعمل أيضا على حوكمة الهيئات المحلية، فإن ضبط هذه الملفات سيؤمّن المزيد من الإيرادات التي تساعد في التخفيف من الأزمة. واستعرض الدكتور أبو الرُب أيضا عمل الحكومة في تقديم المساعدات للعائلات النازحة في جنين وإصلاح البيوت المتضررة، والتعاون مع اللجان الشعبية لإعادة الإعمار. وأضاف أن من ناحية التعليم فإن رئيس مجلس الوزراء أعلن أن هناك دفعة من الرواتب قادمة، والإعلان عن العام الدراسي الجديد سيكون قريبا. ومن ناحية الصحة فإننا بحاجة للتعاون مع شركات توريد الأدوية. وبلا شك أن الحاجة ملحة لقانون ناظم للمسؤولية الاجتماعية لمساهمات القطاع الخاص، والتشيع على تقليل الاعتماد على الاستيراد والتركيز على الإنتاج والاستثمار المحلي، والاعتماد على المنتج المحلي في الاستهلاك وترك المنتجات الأجنبية وتقليل إيرادات المقاصة بذلك، فإن ما نمر به هو أزمة سياسية وطنية وليست مالية فقط. وأشار مدير عام الموازنة لوزارة المالية الأستاذ قدري بشارات أن موازنة عام 2025 هي شبه موازنة طوارئ، ويتم العمل على تقليص وحتى وقف كل النفقات التي لا داعي لها، ووقف التعيينات الجديدة، ودمج وإلغاء الشخصيات الاعتبارية، وينطبق ذلك على كل المؤسسات الرسمية ما عدا الصحة والتعليم، فإن وزارة الصحة لأول مرة زادت موازنتها ووصلت إلى 491 مليون شيكل، منها 200 ألف تحويلات طبية، و250 ألف شراء أدوية ومستلزمات طبية. كما أكد بشارات أن موازنة الأمن مشابهة لموازنة التربية والتعليم ويشكل 88% منها رواتب، ومن المهم القول أن 40% من موظفي الأمن هم من الشرطة والدفاع المدني والضابطة الجمركية. وتركز النقاش وأسئلة الحضور على أن المطلوب هو تقاسم السلطة والعبء بين الحكومة والمجتمع لكي يكونوا قادرين على التأثير في الإصلاح وحماية مصالح الشعب، مثلا متابعة قضايا الفساد أينما كان، توفير صندوق طوارئ خاص للنساء لتوفير الحماية لهن في حالات النزوح، توفير مخزون استراتيجي للأدوية حيث لم يكن موجود خلال جائحة كورونا ولا الحرب. بدأ د. عزمي الشعيبي، عضو مجلس إدارة "مفتاح"، مداخلته بالتشديد على أن ما نواجهه الآن هو تحدٍ وطني وليس أزمة سياسية فقط، فإننا في مواجهة طرف معادي، وهذه قضية وطنية وليست مناكفة سياسية. إن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على محورين: أوّلًا، هندسة الرأي العام الفلسطيني لنبذ المقاومة واعتبارها غير مشروعة، وثانيًا، إلغاء فكرة الهوية الجمعية وتقرير المصير. وما يتم حاليا هو تسريع انهيار السلطة عبر فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وكذلك فصل الضفة نفسها شمالًا وجنوبًا، وذلك لإلغاء فكرة الدولة واستمرار الضغط على السلطة حتى تعجز عن الوفاء بالتزاماتها، مما يؤدي إلى إنهائها والقضاء على القضية الفلسطينية. والسؤال الذي يطرح نفسه: أين منظمة التحرير الفلسطينية ودورها في هذه المرحلة؟ نحتاج اليوم إلى حكومة وفاق وطني وتكاتف شامل في ظل هذه الظروف. ثم انتقلت الجلسة الثانية في شقها الأول إلى طرح البدائل من قبل المتحدث الرسمي لوزارة التربية والتعليم العالي الأستاذ صادق الخضور. وأشار الى أنه يفترض أن يكون ما يقارب ال 700 ألف طفل من طلبة المدارس الحكومية في الضفة الغربية بصدد العودة إلى مقاعد الدراسة، مشددًا على أن الدوام سينتظم يوم الإثنين بتاريخ 8/9/2025م، بعد وعد بصرف نسبة من راتب شهر حزيران المستحق. وأضاف أنّ هناك ترحيبًا بالأفكار والحلول التي طرحتها مؤسسة "مفتاح"، خصوصًا الدعم الممكن من صناديق مختلفة، لكنه وضّح أن بعض هذه الصناديق تشترط أن يُوجه التمويل إلى مشاريع تنموية، وليس دفع الرواتب مباشرة. إن تأجيل المدارس لأول مرة لمدة أسبوع حرك المجتمع وبعض الجهات وحتى السفارات للفت نظر المجتمع الدولي على ما يحدث، إن استمرار المسيرة التعليمية هو استحقاق وطني. وأشار إلى وجود عدد كبير من المعلمين الذين لا يزالون ينتظرون توظيفهم، كما لفت إلى أن القطاع التعليمي يعاني من نقص في الكوادر. بناء عليه، دعا إلى أن تتعاون الهيئات المحلية من خلال تخصيص نسبة من الوظائف—مثل حراس المدارس—لصالح الكادر التعليمي، ما يسهم في الاستقرار داخل المدارس. وفي الشق الثاني تحدث مدير دائرة الاقتصاد الصحي في وزارة الصحة، السيد سامر جبر، أن النفقات للوزارة تتركز في ثلاثة محاور هي: الموظفون حيث يوجد برنامج يهدف إلى الحفاظ على التوازن في تقديم الخدمات الصحية، التحويلات الطبية وهي التكاليف المتعلقة بإحالة المرضى للعلاج خارجيا أو في مرافق أهليّة أو خاصة، والأدوية والمستلزمات الطبية. وأشار إلى أن ديون الوزارة بلغت 913 مليون دولار، كما كشف أن هناك 110 أصناف أدوية غير متوفرة من أصل صنفًا 616، و130 صنفا من المستلزمات الطبية ما زالت غير متوفرة في مستودعات الوزارة. وأضاف أن هذا النقص دفع بالوزارة إلى لجوء المرضى إلى القطاع الخاص لتلقي الخدمات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التكاليف بسبب شراء الخدمة من خارج النظام الصحي الحكومي. كم أكد الأستاذ جبر على ترشيد الإنفاق، ولكن شدّد في الوقت نفسه على الحاجة لخدمات صحية متطورة أكثر مثل أقسام للأمراض المزمنة وأمراض السرطان، وتحسن التأمين الصحي الحالي، بالإضافة إلى اعتماد نظام محوسب لتوحيد أسعار شراء الخدمة. وفي الشق الثالث من الجلسة، تناولت الدكتور هنادي براهمة، مدير عام دائرة مكافحة الفقر في وزارة التنمية الاجتماعية، الدور الذي تقوم به الوزارة تحديدا في العمل الإنساني وتنسيق الجهود للحصول على الخدمات، حيث لدى الوزارة قاعدة البيانات الوطنية التي تضم سجل العائلات المستفيدة في الضفّة الغربية وقطاع غزة، والتي تعتمد عليها المؤسسات الدولية والأممية في تقديم المساعدات الإنسانية. كما أكدت أيضا أن موظفي الوزارة في قطاع غزة على رأس عملهم. وأضافت الدكتورة براهمة أن تقديم المساعدات بشكل فردي من دول مختلفة يعوق وصولها المنتظم للمستحقين، وأن التنسيق عبر الوزارة سيكون أكثر تنظيمًا وأفضل توجيهًا، من خلال السجل الوطني وتحديد الفئات الأكثر احتياجا. كما تطرقت لمحاولة إعادة بناء منظومة الحماية الاجتماعية وإيجاد حلول مشتركة حيث أن النفقات التحويلية وصلت إلى 20% وهي موجهة مباشرةً إلى المستفيدين عبر الوزارة، في إطار الخدمات والتدخلات المقدّمة. تأتي أهمية هذه الجهود في ظل تزايد أعداد الأسر المحتاجة حيث بلغ عدد الأسر المسجلة في السجل الوطني والتي تحتاج إلى مساعدات 150,000 أسرة. وأضافت الدكتور براهمة تفاصيل عن المساعدات النقدية المقدمة عبر الوزارة في شمال الضفة الغربية وقطاع غزة عبر المحافظ الإلكترونية، وتطوير قاعدة بينات خاصة بالأيتام. وتنوع النقاش لتلك القضايا التي تم طرحها، حول خطة الحكومة في حالة الطوارئ كوننا مقبلين على مرحلة لربما أصعب. وقد قُدّم تساؤل لرئيس اتحاد المعلمين، مفاده ألا يكون الإضراب هو الوسيلة الوحيدة للاحتجاج، بل ينبغي ابتكار طرق بديلة لا تؤثر على المسيرة التعليمية. وأكد أن الصحة والتعليم والفئات الأكثر ضعفا لا ينبغي أن تدفع ثمن الأزمة المالية. كما صدرت توصيات إضافية تشمل:
للاطلاع على التقرير الاخباري والتوصيات بصيغة PDF
اقرأ المزيد...
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2025/9/11
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2025/4/17
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2025/4/15
|