مفتاح
2024 . الجمعة 19 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
يسود الظن بأن الفلسطينيين أصبحوا خارج معادلة التاريخ، محيدين سياسياً، ومعتمدين كلياً على المعونات الدولية. ولكن هل هذه حقيقة؟ لقد صدرت مؤخراً وثيقة فلسطينية تحدد خيارات استراتيجية، وتقف شاهداً على أنه ما زال لدى الفلسطينيين طاقة لاستكمال نضالهم من أجل الاستقلال.

بعد أكثر من 60 عاماً من السلب و40 عاماً من الاحتلال العسكري الإسرائيلي الوحشي، بات العديد من أصحاب النفوذ في العالم مقتنعون بأنه تم إجبار الفلسطينيين على الاستسلام وقبول الظلم الهائل الذي لحق بهم.

والذي يقود الجوقة الولايات المتحدة وحلفيتها إسرائيل، إلى جانب العديد من الأنظمة العربية غير الديمقراطية.

على الصعيد السياسي، هم لا يزالون يشعرون بالفخر من "عملية السلام" التي لا تنتهي أبداً والتي خلقت صناعة السلام في فلسطين، ويتم تمويلها من قِبَل دافعى الضرائب في جميع أنحاء العالم. عملية السلام هذه ليس في نيتها تحقيق السلام مع العدل، وإنما تفتيت التطلعات الوطنية للفلسطينيين إلى قطع صغيرة هي أشبه بدولة وهمية تهتم بالبهارج فقط – والتي هي نقيض دولة ذات سيادة حقيقية، ناهيك عن تقرير المصير.

على الصعيد الأمني، يَدَّعون أن السلطة الفلسطينية (في إشارة إلى حكومة سلام فيَّاض غير المنتخبة في رام الله) تَبْرَع في بناء نظام أمني صارم، يشبه بشكل مخيف الأنظمة البوليسية غير الديمقراطية في الدول العربية مثل مصر والأردن وجميع دول الخليج الغنية بالنفط، والتي ساندتها الولايات المتحدة لعقود من الزمن. فبقيادة الجنرال الأمريكى كيث دايتون، وبموافقة القيادة الفلسطينية في رام الله، يبدو هذا الاهتمام الهائل في بناء نظام أمني صارم للكثير من المراقبين أنه ما هو إلاَّ بناء آليات لخدمة تطبيق متطلبات الرؤية "الأمنية" الإسرائيلية.

على الصعيد الاقتصادي، يشيرون إلى الخطط الضخمة لإنشاء مجموعة من المناطق الصناعية الضخمة، يقع غالبيتها على مناطق حدودية بين الضفة الغربية وإسرائيل كما هي محددة من الطرف الإسرائيلي بشكل منفرد وغير قانوني. والغرض من هذه المناطق هو استيعاب ما يزيد عن 150,000 من العمال الفلسطينيين الذين منعتهم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من العمل في إسرائيل. علاوة على ذلك، وكما تم إعلامي من قِبَل إسرائيلي يروج لهذه المناطق الصناعية، أنه مقابل خلق كل فرصة عمل في منطقة صناعية كهذه، سيتم خلق ثلاثة للفلسطينيين خارج المناطق الصناعية -- وهكذا، جوهرياً، يتم خلق اقتصاد كامل مصطنع مبنياً على مناطق اقتصادية مملوكة للفلسطينيين والأجانب، ولكن تسيطر عليها إسرائيل من حيث توفير الكهرباء والمياه والاتصالات والمنافذ الخارجية.

بالاضافة إلى ذلك، هناك أكثر من 1.5 مليون فلسطيني محاصرين من قِبَل إسرائيل في أكبر سجن في العالم (قطاع غزة)، ليسوا حتى جزءاً من النقاش.

باختصار، إن النهج الذي يتبعه المجتمع الدولي يخلق ديناميكية يتعايش الفلسطينيون بموجبها ليس مع جيرانهم الإسرائيليين، ولكن مع نظام الاحتلال العسكري الإسرائيلي، أو بطريقة أبسط، تزيين الوضع الراهن الذي يعود بالفائدة على إسرائيل.

لكن المجتمع الدولي سيفشل إن لم يدرك أن الوضع على الأرض متفجر. فالاحتلال العسكرى الإسرائيلى لا يزال قائماً وقوياً ويسبب أضرراً هيكيلة وربما لا رجعة عنها للأراضي الفلسطينية والفلسطينيين. بالإضافة إلى، إن مشروع الإستيطان الإسرائيلي اليهودي يخرج عن نطاق السيطرة ويؤدي إلى بناء المزيد والمزيد من المستوطنات غير القانونية كما لو أنه ليس هناك غداً، ناهيك عن تزايد أعمال العنف من قِبَل المستوطنين الذين يصولون ويجولون دون رادع. وهذا النشاط الاستيطاني يحدث مع الموافقة الكاملة للحكومة الإسرائيلية وعلى مرأى ومسمع المجتمع الدولي. إن أنظمة الرعاية الصحية والتعليم غير الناجحة (إن لم تفشل حتى الآن) في فلسطين تُخَلِّف جيلاً من الفلسطينيين لديهم القليل ليخسروه وأمل ضئيل في المستقبل.

هؤلاء الذين اعتبروا الفلسطينيين خارج معادلة المستقبل بحاجة إلى إلقاء نظرة ثاقبة على تاريخ نضال هذا الشعب العظيم. فالفلسطينيون يدركون أفضل من غيرهم طبيعة المخاطر الواردة جرَّاء الانقسام الداخلي والتدخل الأجنبي في شؤونهم المعيشية، ويعرفون أن الوضع الراهن يمثل تهديداً هائلاً لنضالهم من أجل الحرية والاستقلال. ومع ذلك، في الأوقات الحرجة في تاريخهم، كان الفلسطينيون يستعيدون دائماً زمام المبادرة ويواصلون مسيرتهم، شأنهم في ذلك شأن أي شعب مضطهد ومناضل.

لقد شَاركْتُ على مدى الشهور القليلة الماضية مع مجموعة من عشرات الفلسطينيين من جميع مناحى الحياة -- من الرجال والنساء، من اليمين واليسار السياسي، علمانيين ومتدينين، سياسيين وأكاديميين، ومن المجتمع المدني ورجال الأعمال والجهات الفاعلة، من فلسطين المحتلة وداخل إسرائيل وفي الشتات. كنا مجموعة عبارة عن صورة مصغرة تعكس ديناميكيات المجتمع الفلسطيني. لم نتمكن جمعينا من الاجتماع في غرفة واحدة في أي مكان في العالم لأن القيود التي تفرضها إسرائيل على السفر لم تسمح بحدوث ذلك، ومع ذلك ما زلنا نواصل التخطيط والعمل. إن مهمتنا هي فتح باباً للنقاش حول: إلى أين نمضي من هنا: ما هي الخيارات الاستراتيجية للفلسطينيين لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، إن وجدت؟

من الجدير بالذكر أن هذه المجموعة تضم متطوعين يمثلون أنفسهم، والهدف منها ليس إنشاء تجمعاً سياسياً جديداً، وإنما إثارة النقاش بطريقة منظمة داخل مجتمعنا الفلسطيني لتجاوز حالة الانقسام والمساهمة في رسم استراتيجية سياسية تعكس مصالحنا الوطنية في هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها.

بعد العديد من ورشات العمل في فلسطين والخارج، ونقاش مستمر عبر الإنترنت، أنتجنا المسودة الأولى لوثيقة تحت عنوان "استعادة زمام المبادرة: الخيارات الاستراتيجيه الفلسطينية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى." وتم نشر الوثيقة في www.palestinestrategygroup.ps وهي تعكس مقترحاً بديلاً للخطاب الفلسطيني الرسمي العاجز والذي في وقت قريب جداً، في رأي معظم الفلسطينيين، سيصطدم بجدارٍ اسمني.

المجتمع الفلسطيني هو مجتمع ديناميكي مفكر، تم إذلاله وتحطيمه كثيراً من قِبَل إسرائيل ومؤيديها لدرجة أن الكثيرين، بما فيهم العديد من الفلسطينيين أنفسهم، سيتفاجأون بأن للفلسطينيين خيارات دائمة. وشيء واحد مؤكد هو أنه: مهما طال واستمر الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع، لا تتوقع من الفلسطينيين أن يستيقظوا ذات صباح ويقبلوا أن يكونوا أقل إنسانية من أي فرد آخر حر في هذا العالم.

لقد منح الشعب الفلسطيني الجميع -- بما فى ذلك قيادته التقليدية متسع من الوقت لإنهاء هذا الاحتلال المذل والوحشي. وعندما يفشل كل شيء آخر، سيستعيد الفلسطينيون زمام المبادرة، وسيواصلون القيام بذلك مراراً وتكراراً، حتى ينتهي هذا الاحتلال ويوضع في صندوق نفايات التاريخ إلى جانب جميع مجرمي الحرب الذين سمحوا له بالاستمرار لسنوات عديدة.

عن شبكة أمين

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required