من دروس العدوان: لا حليف للفلسطيني سوى الفلسطيني
بقلم: شادي أبو عياش-خاص بمفتاح
2009/1/6

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10068

معارك عدة خاضها الشعب الفلسطيني طوال سنوات النضال ومنذ انطلاقة ثورته المعاصرة، للحفاظ على استقلال قراره الوطني، ليكون فلسطينيا خالصا يخدم أهداف الثورة والشعب والقضية الفلسطينية، والحيلولة دون أن يرتهن هذا القرار لإرادات غير وطنية فلسطينية تسعى لاستثمار قضية الشعب الفلسطيني، والمتاجرة به واستغلاله لمصالحها، وما النصب التذكاري وسط جامعة بيرزيت الذي حمل أسماء شهداء الجامعة من الطلبة، ومن ضمنهم الشهيد شرف الطيبي، الذي استشهد أثناء مظاهرات تأييد للمجلس الوطني الفلسطيني في ثمانينيات القرن الماضي، إلا مثال على ما دفعه الفلسطينيون من ثمن للحفاظ على استقلالية قرارهم السياسي.

ولان قضية الشعب الفلسطيني هي قضية الأمة العربي والأحرار في العالم، وهي أعدل قضية شهدها القرن العشرين، ولأنها قضية شعب يعاني الظلم والاحتلال لذا فهو يتضامن معه ملايين العرب والأحرار في العالم، كما أن موقع فلسطين الجيوسياسي، جعلها مطمعا للعديد من الأطراف الدولية وخاصة الإقليمية، من حيث الرغبة في السيطرة على قرار الشعب الفلسطيني السياسي، ومحاولة ترجمة وتوجيه هذا القرار لخدمة أهداف هذا الظرف أو ذاك في صراعاته مع إسرائيل أو مع جيرانه أو ومع القوى الدولية الأخرى، أو حتى ذريعة لقمعه للحريات والنهضة في بلده، بحجة أن الهم الآن هو تحرير فلسطين ولا وقت للحديث عن النهضة والتطوير.

إن استقلالية الإرادة السياسية الفلسطينية، لا تعني إن الفلسطينيين ليسوا بحاجة والى دعم سياسية واقتصادية ومعنوي من الأشقاء العرب وشعوب العالم، بل على العكس لا يمكن للفلسطينيين إن ينكروا ما قدمه الأشقاء العرب طول سنوات الاحتلال، ومحاربتهم إسرائيل إبان النكبة والنكسة، والدعم المتواصل الذي قدموه، رغم أن العلاقات الفلسطينية العربية مرت بمراحل مد وجذر طول سنوات الاحتلال، وذلك نتيجة النضال الوطني للحفاظ على القرار الوطني المستقل، فالفلسطينيين واعون تماما أن قراراتهم يجب إن تكون بوصلتها مصلحة قضيتهم، دون التفريط بثوابتهم، فأي طرف فلسطيني مهما حاول إقامة أحلاف مع أي طرف كان على حساب شعبه ومصلحته، عاجلا أم آجلا سيعلم انه هو الخاسر وان فلسطين ليست ملكا لأحد بل لشعبها.

للأسف دول إقليمية عربية وغير عربية لا زالت ترى في فلسطين ورقة تخدم أجندتها، تستغلها عبر قوى داخلية تعتقد خطئا إن ذلك فيه مصلحة لها، وان هذا التناغم والتحالف سيمنعان العدوان وسيقصر عمر الاحتلال، إلا إن العدوان الإسرائيلي الأخير والمستمر على قطاع غزة، اثبت عكس ذلك، فلم نرى أي تحرك من دول وقوى طالما قالت إنها مع الشعب الفلسطيني وستواجه إسرائيل لحظة الحسم وستتصدى لها.

ان هذا العدوان كشف للقوى الإسلامية التي راهنت على الخارج، ما اكتشفته القوى الوطنية منذ عقود، أن الرهان دوما على القرار والإنسان الفلسطيني أولا وعلى دعم الرأي العام والشعوب العربية والعالم ثانيا، وأن الدول والأحزاب وحتى التنظيمات عابرة الحدود، والتي تجاهر يوميا بأنها ستخوض المعارك من أجل فلسطين ومن أجل حلفائها في فلسطين، لا تسعى الا لحماية مصالحها وليس حماية الشعب الفلسطيني، ففي قطاع غزة سقط مئات الشهداء في اقل من أسبوع من العدوان فلم نرى من حلفاء القوى الإسلامية في فلسطين سوى خطب رنانة تملأ شاشات الفضائيات، فأين هي الوعود بالعون وقت الحاجة، وأين وعود الحلفاء؟ ألم يكن وعدا صادقا؟

إن العدوان الإسرائيلي فعلا قد كشف الجميع على حقيقته، إذ لم يلقى الشعب الفلسطيني الدعم إلا من نفسه ومن الجماهير العربية ومن شعوب العالم الحرة الذين خرجوا في تظاهرات تضامنية رائعة، فيما تصدى للجهود السياسية الحثيثة لوقف هذا العدوان دول شقيقة وصديقة لم تسعى يوما للسيطرة على قرار الشعب الفلسطيني، فيما اختفت دول ما تسمى بالممانعة خلف شاشات الفضائيات.

ورغم هول العدوان وما خلفه من ضحايا في قطاع غزة، إلا انه قد يكون فرصة لمراجعة الحسابات السياسية، ودرسا لمن لم يقتنع بأن الوحيد الذي لا يقدم مصالح أي بلد عن مصلحة فلسطين وعن الشعب الفلسطيني هو الفلسطيني نفسه، فحليف الفلسطيني دوما هو الفلسطيني.

http://www.miftah.org