المصالحة الوطنية استحقاق داخلي ومطلب دولي
بقلم: شادي أبو عياش-خاص بمفتاح
2009/6/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10559

إن صدقت النوايا والتصريحات الدولية خاصة المواقف الأميركية الجديدة التي بدت جدية في التقدم في عملية السلام، فان ذلك يعني انتقال المنطقة إلى مرحلة جديدة، ريما تكون في الاتجاه صحيح على طريق إنشاء الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، سيما وان تسريبات صحفية من مصادر دبلوماسية ذكرت أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما جادة في العمل على إنهاء الصراع، عبر خطة تعكف على تنفيذها قريبا يكون ابزر مخرجاتها إقامة الدولة الفلسطينية في العام 2012.

وفي ظل هذا الحراك الدولي والإقليمي لجهة تحريك العملية السياسية، على الرغم من تعنت الحكومة الإسرائيلية التي تحاول والتهرب من استحقاقات هذه العملية والتملص من الضغوطات الأميركية التي بدت واضحة وتحديدا فيما يتعلق بالملف الاستيطاني، فان الالتزامات الفلسطينية واضحة، حيث أن الفلسطينيين مطالبون بمواقف وقرارات تساعد على إنجاح هذا الحراك الدولي، إلا أن الأجواء الداخلية الفلسطينية، وتحديدا الانقسام الداخلي يعد اكبر ذريعة تستخدمها حكومة بنيامين نتنياهو في مواجهة أي مطلب دولي بالتحرك على المسار السياسي.

ورغم الجهود والإلحاح المصري المدعوم بموقف عربي، على انجاز اتفاق مصالحة فلسطينية، وبأسرع وقت ممكن، فان هناك صعوبات تواجه هذا التحرك، أبرزها الذريعة التي استخدمها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عبر ما اسماه "بالموقف الذي لا يحتمل في الضفة الغربية" في إشارة إلى الحملة الأمنية التي تقوم بها قوات الأمن في ملاحقة الخارجين على القانون في الضفة الغربية، أو ما وصفه خلال لقائه أمين عام جامعة الدول العربية في القاهرة بمحاولات السلطة الوطنية "اجتثاث" حماس، والتي بمجملها هي حجج للتملص من الحوار الوطني واستحقاقاته، فالعمل على تثبيت الأمن في مختلف المحافظات ليس استهدافا لأي حركة، ولكن القرار الفلسطيني المتمثل في حصر السلاح بيد الشرعية وتحديدا القوى الأمنية هو قرار لا بد وان ينفذ لان المجتمع الفلسطيني عانى كثيرا من ويلات الانفلات الأمني، أما ما تقوم به حماس من حملات منظمة بقرار من أعلى رأس هرمها السياسي من استهداف لكوادر والمؤسسات الوطنية في قطاع غزة، يشكل خطورة وتهديدا لجهود تحقيق المصالحة.

ما لا يمكن فهمه هو الاستهانة بالمطلب الشعبي الذي لا زال قائما في ضرورة إنهاء الانقسام وإنهاء تبعات الانقلاب في قطاع غزة لجهة تحقيق المصالحة الوطنية، التي أصبحت واجبا وطنيا ومطلبا إقليميا ودوليا حتى، لجهة التقدم في الإطار السياسي واستغلال الحراك السياسي الذي لا بد وان ينتهي بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية، التي يرى بعض المحلين بل وحتى أطراف دولية أن الانقسام يحول جديا دون أن يتم الوصول إلى هكذا هدف.

وحتى وان كان الضغط الأميركي والإلحاح الدولي وخاصة العربي لإنهاء الصراع ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وفق الرؤية الدولية والأميركية لحل الدولتين، على الرغم من معارضة حكومة نتنياهو لذلك، في تصاعد، فان الاستحقاقات الداخلية وترتيب البيت الفلسطيني ستكون عاملا مساعدا بل وإلحاحيا لجهة تشجيع وحث العالم وإدارة الرئيس أوباما على التحرك في مواجهة التعنت الإسرائيلي.

كما أن الاستحقاق الداخلي لا يتوقف على تحريك المسار السياسي وإنجاحه، بل أيضا مرتبط بإنهاء أثار الانقسام على المجتمع الفلسطيني وانقسامه، وهو مرتبط أيضا بالبدء بعملية اعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، فدون إنهاء الانقسام والاتفاق على حكومة توافق تعد لانتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وفق التمثيل النسبي، لا يمكن البدء بإعادة اعمار القطاع.

http://www.miftah.org