Pal ideas: فضاء لخلق الأفكار الإبداعية
بقلم: ربى عوض الله لمفتاح
2012/9/1

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14060

"ع السيخ يا بطيخ" هكذا هتف أعضاء المبادرة الشبابية Pal ideas ليشدوا الناس إلى الكشك المخصص لهم في المهرجانات الفلسطينية.

ويحمل هذا الكشك اسم "بطيخ" وهو تابع لمبادرة شبابية تجمع أفكارها الفن والإبداع والوطنية في آن واحد. "بطيخ" ليست لمجرد التسلية وعمل منتجات إبداعية جديدة من البطيخ مثل كرات البطيخ وأصابع البطيخ مع الشوكولاتة المجمدة وعصير البطيخ، بل إن فكرتها الأساسية هي تعزيز الشراء من مزارع البطيخ الفلسطينية ومقاطعة بطيخ المستوطنات إلى جانب البطيخ الإسرائيلي.

هؤلاء الشبان والشابات يجلبون البطيخ من مدينة جنين الفلسطينية، ويقومون بعمل كافة الأصناف "البطيخية" الإبداعية بأنفسهم، ويبيعونها بسعر بسيط في المهرجانات الفلسطينية هاتفين بأعلى صوتهم بمرح وفرح: "ع السيخ يا بطيخ." وبهذه الطريقة، ينشر أعضاء المبادرة الشبابية "أفكار فلسطينية" رسالة وطنية مهمة ألا وهي ضرورة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ولكن بطريقة مبتكرة ومسلية وبالطبع لذيذة.

"ماكينة أفكار"

بدأ محمد مبيض ومجموعة صغيرة من أصدقائه في الجامعة بتنفيذ أفكار صغيرة تخطر ببالهم. كانت أول هذه الأفكار، فكرة تحت مسمى "event" والتي تعمل على تنظيم وتنسيق الفعاليات. وتبعت هذه الفكرة، فكرة راديو ساخر ناقد تحت مسمى "sioo radio." وقال محمد عن هذه الفكرة أنها "تنقض ظواهر في المجتمع بشكل هزلي وباللغة العامية، ويكون كتابة وتقديم ومونتاج النصوص بعمل فريق المبادرة." وبعد الراديو الناقد الساخر، جاءت فكرة "Pal promoters” والتي تعنى بتعيين شابات وشبان فلسطينيين بمؤتمرات وعروض كمروجين لهذه الأعمال. وقد شعر محمد، بعد عصفه لهذه الأفكار، أنه "ماكينة أفكار حسب وصفه.

"بدأ الناس من حولي بانتقادي ونصحوني أن أركز على فكرة واحدة“ هكذا عبر محمد عن حالة التشتت التي عاشها بين الأفكار الكثيرة التي أبدعها، ولهذا صار يفكر بمبرر أو حجة ليواجه الناس فيها. لهذا السبب قرر محمد أن يجمع كل هذه الأفكار بفكرة تحت مسمى "ideas" أي أفكار. وبعد تفكير ومحاولات، قرر أن يسمي حاضنة أفكاره ب "Pal ideas" فبرأيه "هذه الأفكار فلسطينية وتعبر عن فلسطين ويقوم بها شبان وشابات فلسطينيين، واختصار فلسطين باللغة الانجليزية هو Pal ... وهكذا جاء اسم Pal ideas." ومن بدايتها الصغيرة، وصل اليوم عدد أفراد دائرة المبادرة المغلقة إلى ثلاثين شخصا تتراوح أعمارهم بين 16 و26 عاما.

حلول لمشاكل مادية

بعد الفرحة بظهور اسم لهذه المبادرة الشبابية التي تضم أفكارا متنوعة واجه الفريق، وعلى رأسه محمد مبيض وزميله رامي طه، مشاكل مادية. فمن أين لمجموعة شبابية أن تجلب المال لتغطي تكاليف مشاريعها الإبداعية؟

هنا بدأ التفكير من جديد، فاكتشف الفريق، نتيجة لدراسة بعضهم بكليات التجارة والتسويق في جامعات الوطن، أهمية الترويج للفكرة. وبسبب عدم مقدرة المبادرة على ترويج نفسها عبر الطرق التقليدية، أي التلفاز والجريدة والراديو، اعتمدت "أفكار فلسطينية" على الأنشطة الميدانية كطريقة للترويج عنها. فيقول محمد: "الأنشطة الميدانية تقرب العلاقات بين أفراد الفريق وتترك بصمة في المكان كإشارة للمبادرة التي قمنا بها، وبالتالي تأتي الصحافة تغطي الحدث ونكون قد روجنا أنفسنا بطريقة غير مباشرة."

وكان أول نشاط ميداني يقوم به الفريق، هو دهان أطول درج في مدينة رام الله بألوان متنوعة. جدير بالذكر أن هذا الدرج يقع في الطريق بين وسط المدينة ومنتزه بلدية رام الله. ويرى محمد أن هذا النشاط "أعطى دفعة كبيرة لاسم المبادرة، ومنه صارت الشباب تعرفنا بشكل أكبر."

ومن الأفكار التي قام بها الشبان لحل المشاكل المادية، فكرة الماركة الفلسطينية للملابس "أفانين." وتحرص هذه الفكرة على طباعة عبارات شبابية باللغة العربية على "بلايز" وبيعها في المدن الفلسطينية. "أغلبية الشباب يلبسون ملابس مكتوب عليها كلمات انجليزية وربما بعضهم لا يعلمون معنى المكتوب أصلا، لهذا قمنا بعمل بلايز تعبر عن الشباب وبلغتهم العربية فقط بعيدا عن الكلمات الانجليزية أو العربيزي (أي الكلمات العربية بالأحرف الانجليزية)" هكذا شرح محمد فكرة أفانين. ومن العبارات المكتوبة على بلايز أفانين: "عاطل عن العمل،" بلدنا بتعمر فينا،" "بتعرف خايف،" و"فش بعد الدغري."

جدير بالذكر، أن الماركة الفلسطينية أفانين كانت تسمى سابقا "You." ويوضح محمد أن "اسم you وضع لإيصال الماركة الفلسطينية عالميا ولكن تم تغييره لأفانين للالتزام بمضمون الفكرة الأساسي ألا وهو تعزيز اللغة العربية." وبالنسبة لاسم أفانين فيعني أصول الكلام وأجناسه. "وأفانين،" يوضح محمد "كلمة قاربت على الانقراض وذلك لقلة استخدامها. و يكمن جمال أفانين في جمعها بين القديم والحديث إلى جانب صوتها الفني."

أفكار إبداعية

ومن الأفكار الأخرى التي قامت بها المجموعة الشبابية "أفكار فلسطينية": فكرة "ع البسكليت" و فكرة" creazy."

بالنسبة لفكرة ع البسكليت، فهي تعزز تفاعل الأفراد مع الطبيعة برحلة إلى مدينة أريحا والتجول فيها "ع البسكليت". أقيمت هذه الفكرة في شهري آذار و نيسان من العام الجاري لكنها توقفت بسبب درجات الحرارة المرتفعة في أريحا خلال الصيف. أما بالنسبة لفكرة creazy، فهي تجمع بين كلمتين في الانجليزية وهما crazy أي مجنون و creative أي مبدع، فباختصار، تعبر هذه الفكرة عن" المبدع المجنون" وتشجع الناس على عمل أشياء غير تقليدية.

تطوع أم تعاون

"يوجد عندنا مشكلة بثقافة التطوع،" هكذا بدأ محمد حديثه عن التطوع في البلد، وأكمل قائلا: "حتى كلمة تطوع أنا لا أحبها، أفضل كلمة تعاون وأقول أعمالا تعاونية بدل أعمالا تطوعية، حيث أنني أشعر أني بالتطوع أطوع العمل لصالحي." أما التعاون فهو شراكة بين شخصين أو أكثر دون تطويع العمل للمصالح الشخصية فقط بل للفكرة الأوسع من التعاون.

وردا على سؤال حول أسباب محدودية ثقافة التطوع أو التعاون في بلادنا، أكد محمد أن "أكبر سبب ومسبب لهذه المشكلة هي الجامعات لأنها تعطي مقابلا للطالب ليتطوع (ساعات عمل تعاونية تؤهله للتخرج)، فهي بالتالي شربت هذه الثقافة في الشباب." ومن المسببات الأخرى لمحدودية ثقافة التطوع، برأي محمد، هي المؤسسات، فيقول: "كل مؤسسة تعمل بنهج مؤسساتي غربي تقوم بعمل وحدة أو خلية تطوع، تساهم أيضا في تشويه مفهوم التطوع القديم."

فضاء لخلق الأفكار

"Pal ideas حاضرة بنشاطاتها في الوطن وعندها موقعها على الانترنت، وهدفها إيصال رسالتها عالميا وأن تكون فضاء لخلق الأفكار،" بهذه الجملة لخص محمد فكرة المبادرة الشبابية اليانعة حيث أنها أتمت عامها الثاني خلال هذا الصيف. وينهي محمد حديثه قائلا إن "البلدان العربية تفتقر لأماكن تشجع على خلق الأفكار الإبداعية،" ويصمت قليلا ليؤكد قائلا:" تفتقر جدا!"

يجدر بنا كأبناء وطن محتل، أن نعيد بناء ثقافة التطوع والتضامن عندنا، ونرقى بهما. فكما يقول الشاعر اللبناني بشارة الخوري: "نحن الشباب لنا الغد ومجده المخلد."

https://www.facebook.com/palideas

http://www.miftah.org