ماراثون غزة ..إما بالمرأة أو فلا يكون
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2013/3/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14642

يحظى شهر آذار بالكثير من المناسبات والأيام العالمية، ومنها ما هو خاص بالمرأة، كيوم المرأة العالمي في الثامن من آذار، ويوم الأم في 21 منه، وذات اليوم هو اليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري، ويوم الإعلامية العربية في 12 منه، ويأتي يوم الأرض في ال30 من ذات الشهر، ولطالما ارتبط يوم الأرض بالمرأة، فكما قالت الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان في قصيدتها حمزة

هذه الأرض امرأة

في الأخاديد في الأرحام

سر الخصب واحد

قوة السر التي تنبت نخل

وسنابل

تُنبت الشعب المقاتل

لكن المفارقة أن ذات الشهر حمل تميزا ً صارخاً ضد المرأة، ففي مطلع الشهر أصدرت الحكومة المقالة في قطاع غزة، قرارا ً منعت بأمره النساء من المشاركة في الماراثون الدولي الثالث في غزة، ما دعا بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا إلغاء المراثون الرياضي الذي كانت ستنظمه في القطاع في العاشر من إبريل/ نيسان المقبل، وبحضور عدائين دوليين للركض فيه.

ولم تدرك الحكومة المقالة أنها بتصرفها هذا إنما ضيعت فرصة هامة، لتسليط الضوء على الأوضاع الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة، حيث أن الماراثون نُظم بهدف تسليط الضوء على الحصار المفروض على غزة، وجمع الأموال لألعاب الصيف، التي يشارك بها أكثر من 250 ألف طفل عبر إنشاء الصداقات والتعلم والتعبير عن أنفسهم بحرية.

والمفارقة الأكبر أن الحكومة المقالة عبرت عن أسفها لقرار الـ"أونروا" إلغاء الماراثون وأكدت إبلاغها للمنظمة الدولية الموافقة على تنظيمه مع "بعض الضوابط المتعلقة بعادات وتقاليد الشعب الفلسطيني"، لكن منذ متى كانت عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني تقوم على أساس إقصاء المرأة الفلسطينية، وحرمانها من المشاركة المجتمعية؟ وهي التي لطالما كانت جنباً إلى جنب مع الرجل في النضال الوطني والعمل الشعبي والمجتمعي. والحقيقة أن الأنروا قد فعلت خيرا بإلغائها للماراثون، نتيجة للقرار العنصري والإقصائي، لأن موقفها هذا يؤكد على حق المرأة في المشاركة في الحياة العامة، وأن الماراثون سيكون إما بها أو فلا يكون، وهذا الموقف هو تأكيد على دورها وأهمية مشاركتها، وهو دحض لأي مزاعم تقدمها الحكومة المقالة حول تقاليد أو أعراف فلسطينية لا تمثل أحدا ًسواهم.

وفي الوقت الذي نطالب فيه باسترجاع مزيد من حقوق المرأة المسلوبة، يتم التميز ضدها على أساس الجنس، وكأنها تعاقب لكونها امرأة، وتذكر بمناسبة يومها العالمي أن مكانها هو البيت وليس الحياة العامة، باستثناء إن رغبت أن تكون متفرجة، وليست مشاركة.

والحقيقة أن الأكثر إثارة للاستفزاز- إن كان صحيحا ًبالفعل-، ليس منع النساء من المشاركة في الماراثون فحسب، بل "منع النساء من مختلف الفئات العمرية" من المشاركة في الحدث الرياضي، أي حتى الأطفال منهم، فمسألة قمع النساء في من قبل الحكومة المقالة في غزة لم تعد شيئاً متسغرباً، بعد سلسلة القرارات القمعية بحقها، كمنعها من ركوب الدراجات النارية، ومنعها من تدخين الأرجيلة، وغيرها من القرارت، أما أن تمنع الإناث دون سن ال18 من المشاركة، فهذا يدخل في سياق حقوق الطفل التي كفلتها المواثيق الدولية، ولم يعد في سياق حقوق المرأة، وهذا انتهاك آخر بحد ذاته.

إن الممارسات القمعية التي تنتهجها الحكومة المقالة ضد النساء في قطاع غزة تشير بما لا يدع مجالاً للشك، أنها تتعامل مع المرأة وكأنها إنسان قاصر، وربما بحاجة لوصي أو محرم في كثير من الحالات حتى غير الشرعية منها، كل ذلك تحت ذرائع واهية تارة باسم الدين، والدين منها براء، وتارة باسم العادات والتقاليد الفلسطينية.... وما هي بفلسطينية، إذ عملت على إقصاء المرأة وتكميمها وفرضت عليها قيوداً على مختلف المستويات المجتمعية، بما يتناسب مع نظرة حماس وفكرها الخاص، البعيدة عن ثقافة المجتمع الفلسطيني كما تدعي.

إن الحكومة المقالة والمؤسسات التابعة لها، مطالبة بالتوقف الفوري عن سياسة قمع الحريات التي تمارسها بحق النساء، باعتبارها سياسة مدانة، مع التأكيد على حق النساء في المشاركة الوطنية والجماهيرية قولا وفعلاً، وفي ذات الوقت يتوجب على القوى القانونية والحقوقية رفض هذا التصرف وإنكاره.

http://www.miftah.org