ما هو قانون العقوبات
بقلم: المحامية حنين أبو شلبك: ماجستير حقوق - متطوعة لدى 'مفتاح'
2015/7/2

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15022

تفاجأت قبل فترة بأن هناك عدداً لا بأس به من أفراد الشعب الفلسطيني على غير دراية بأهمية قانون العقوبات، والمبادئ الأساسية لذلك القانون. والمفجع أكثر إنكار بعض الأشخاص وجود قانون العقوبات أو المنادى باسميته؛ الأمر الذي دفعني إلى التطرق إلى ماهية قانون العقوبات.

بالوقوف بدايةً على مفهوم قانون العقوبات، يعرف هذا القانون بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تضعها الدولة، والتي تحدد فيها الجرائم والعقوبات والتدابير الاحترازية.

وبتفسير التعريف بشكل تفصيلي أكثر، فالقاعدة القانونية تمتاز بإلزاميتها وعموميتها وتجريدها، أما عن صفة الدولة فهي تكون ذات سيادة في هذه القواعد، أما الشق الثاني من التعريف فإنه فمن أهم خصائص قانون العقوبات؛ مبدأ الشرعية، أي أنه لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص، حيث لا يجوز المعاقبة على فعل إلا في حال وجود نص صريح على تجريم هذا الفعل. أما عن أهمية هذا المبدأ فهو يمثل الدعامة الرئيسية لصون العدالة وحماية المصلحة العامة والفردية على حدٍ سواء؛ حيث يكون الفرد على علم بما هو مباح وما هو محظور، وفي حال ارتكب المحظور يكون على علم بالعقوية التي تنتظره، وأيضاً يحمي الأفراد من استبداد القاضي واللامساواة في تكيف الفعل وتجريمه، حيث تكون سلطة القاضي التقديرية مقيدة. أما عن التدابير الاحترازية؛ فهي مجموعة من الإجراءات التي تطبق على الشخص المحتمل ارتكابه لجريمة مستقبلية بقصد دفعه عنها.

ومن المعروف أن أخطر المجتمعات؛ هو المجتمع الذي تعيش في كنفه الجريمة، والأخطر من ذلك هو أن تكون وتيرة الجريمة في ازدياد مستمر، وهنا تبرز أهمية قانون العقوبات في محاسبة وردع الجريمة وأيضاً منعها قبل حدوثها باتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة. فأهمية قانون العقوبات تتخطى المصلحة الفردية لتتصل بالمصلحة العامة والحفاظ على كيان الدولة والاستقرار المجتمعي والاقتصادي أيضاً.

كما أن أهمية قانون العقوبات تتخطى نطاق القواعد المكتوبة على الأوراق لتصل إلى كونها دعائم المجتمع، الأمر الذي يفرض أن تكون هذه القواعد مواكبة للتطور المجتمعي، حيث أنه في ظل التطور المجتمعي قد تستحدث أفعال غير مجرمة في القانون؛ الأمر الذي يضع عقبة أمام القضاء حول محاسبة مرتكبي هذه الأفعال في ظل عدم وجود نص مجرم، ومن الأمثلة على ذلك جريمة سرقة التيار الكهربائي التي كانت في باديء الأمر فعلاً غير مجرم، وثارت العديد من الإشكاليات حول محاسبة مرتكبي هذا الفعل في العديد من الدول ومنها فلسطين، وخاصة في ظل وجود مبدأ الشرعية سالف الذكر، وعدم وجود نص يجرم سرقة التيار الكهربائي.

وبالنظر إلى الواقع الفلسطيني، يطبق في فلسطين قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، والذي تم تقسيمه إلى كتابين؛ تحدث الكتاب الأول -أو ما يسمى بقانون العقوبات العام- عن القواعد العامة التي تتعلق بماهية القانون وتطبيقه من حيث الزمان والمكان والجريمة والمسؤولية وموانعها وغيرها من المبادئ العامة التي تتطبق على جميع الجرائم، ونقسم لذلك إلى أربعة أبواب. أما الكتاب الثاني –أو مايعرف بقانون العقوبات الخاص- فقد تناول كل جريمة على حده مبيناً أركانها وعقوبتها وكل ما يتصل بها، ونقسم لذلك إلى إثنى عشر باباً.

أما عن مشروع قانون العقوبات الفلسطيني، فقد سار أيضاً على ذات النهج، حيث ينقسم إلى أربعة كتب؛ تحدث بالكتاب الأول حول القواعد العامة. أما باقي الكتب، فقد قسمت الجرائم إلى ثلاثة أقسام؛ الجرائم المضرة بأمن الوطن والمصلحة العامة، والجرائم التي تشكل خطراً شاملاً، وجرائم الاعتداءعلى الأشخاص والأموال، أما الكتاب الأخير، فتناول الأحكام الانتقالية. الجدير بالذكر أن قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 قسم الجرائم تقسيماً مشابهاً، إلا أنه قسمها إلى أبواب.

http://www.miftah.org