خلال سلسلة من حوارات إذاعية:
منظمات مجتمع مدني وقيادات سياسية وشبابية وإعلامية تدعو إلى إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة

بقلم: مفتاح
2016/6/13

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15091

اختتمت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، سلسلة من الحوارات الإذاعية عبر أثير راديو 24FM، مع العديد من القيادات السياسية والشبابية والإعلامية ومسؤولي منظمات المجتمع المدني، ونساء قياديات من مختلف الأطر والتنظيمات الفلسطينية ، تركز النقاش فيها على قضية الانقسام الفلسطيني والجهود والآليات المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية، وذلك ضمن أنشطة متابعة مؤتمر رفع صوت النساء لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية والذي تم تنظيم بمبادرة من مؤسسات مجتمع مدني في حزيران 2015 تحت شعار "النساء يردن ... شعب واحد ، وطن واحد، علم واحد.

العقد الاجتماعي... حاجة ملحة

أكد المتحدثون أن أسس العقد الاجتماعي الذي تطالب به الحركة النسوية ترتكز إلى المساواة واحترام التعددية وعدم التمييز، وتستند الى فكرة المواطنة التي تمنع أي نوع من أنواع الإقصاء، وهو ما ينسجم مع القانون الأساس ووثيقة الاستقلال، والميثاق الوطني الفلسطيني ذاته، إضافة إلى المواثيق والمعاهدات الدولية الملزمة.، وعبّر المتحدثون على أن الوصول الى العقد الاجتماعي يكون من خلال مؤتمر إنقاذ وطني يرسم ويحدد معالم نظام سياسي تقدمي يحدد معالم المستقبل الفلسطيني و يضمن العدالة والمساوة فيما بين الجنسين تستند الى الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تم التوقيع عليها في مطلع 2014، سيما تلك المتعلقة بالمرأة وهذا يتطلب توفر الإرادة السياسية التي من شأنها أن تدفع باتجاه وجود تشريعات ديمقراطية تخدم النساء وتطوير نظام قادر على إنفاذها من خلال عملية الرقابة والمحاسبة على اعتبار أن عملية الالتزام بالقوانين هي أساس العقد الاجتماعي، وأن عملية اختراق القوانين وانتهاكها هي من أهم عوامل التشرذم والانقسام.

القيادات الشابة والنسوية

هناك حاجة لتقييم الوضع القائم للمشاركة السياسية للشباب والنساء وضرورة دمج وإدخال القيادات الشابة والنسوية بطريقة واضحة وواعية ومسؤولة. وكلما كانت النساء خارج الحكم، لا يستطيع أي نظام حكم أن يستمر، بل يفتقد قدرته التمثيلية، لأن إقصاء النساء عن المشاركة السياسية سيما في هذه المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني وعدم رفع تمثيلها في الأطر السياسية والمجتمعية هو تخل عن كفاءات وقدرات ورؤى نسوية، والتي في أساسها تعالج جوهر المشاكل المجتمعية والسياسية التي تمخضت عن الانقسام الفلسطيني، وأكدوا على ضرورة دمج النساء في لجان المصالحة الوطنية التي تفتقد إلى العنصر النسوي، سيما وأن النساء هن اللواتي يدفعن ثمن الانقسام وعدم تحقيق المصالحة الوطنية ووجودها وتمثيلها الفعلي من كافة ألوان الطيف الفلسطيني سيضع الامور في سياقها الصحيح والحقيقي لأنها وحدها القادرة على تحديد الاولويات والتركيز على القضايا التي تصب في الصالح العام والتي تحقق مكاسب للمجتمع بشكل عام بعيدا عن الحزبية والفئوية، التي من شأنها أن تقصي الآخر وتغلق أبواب الحوار بين مكونات المجتمع الفلسطيني.

تفاهمات واتفاقات لإنهاء الانقسام

وأجمع المتحدثون في هذه الحوارات على ضرورة الالتزام باتفاق القاهرة ووثيقة الأسرى واتفاقية الشاطئ، ورفض الاتفاقيات الثنائية بين فتح وحماس، ودعوا طرفي الانقسام إلى التوقف عن كيل الاتهامات ووقف التراشق الاعلامي بينهما.

دور النساء

وأكدوا أن النساء اكثر تضررا ومعاناة من الانقسام، وبالتالي طولبت النساء بأن يتصدرن الجهود المبذولة لإنهاء الانقسام، مع الإشارة إلى أن النساء قمن بسلسلة من النشاطات على هذا الصعيد من خلال الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والاطر النسوية في الوطن والمنفى، وأن المطلوب هو التنوع في الأدوات والآليات للضغط باتجاه إنهاء الانقسام، حيث المستفيد من استمراره هو الاحتلال.

وفي هذا الإطار، تم الدعوة إلى تشكيل لجان نسوية شعبية وتوحيد صوت النساء من توجهات الكل الفلسطيني ، واعادة الاعتبار للاتحاد العام والاطر النسوية، بما يعزز المصالحة المجتمعية، والسياسية.

التدخلات الإقليمية والضغوط الخارجية

ولفت المتحدثون في حواراتهم الإذاعية، إلى التدخلات الاقليمية، واعتبروها من معيقات المصالحة، مشددين على أن تحقيقها يتطلب توافر إرادة سياسية وطنية، وعدم الرضوخ لأجندات اقليمية، واعتبار المصالحة وإنهاء الانقسام قضية وطنية ومصيرية ترتبط بالكل الفلسطيني وليس بحركتي فتح حماس لوحدهما.

الحراك الشعبي

فيما تم التأكيد على أن الحراك الشعبي الضاغط على طرفي الانقسام وسيلة مهمة لتحقيق المصالحة ودفع طرفي الانقسام إلى إنهائه.مع الإشارة هنا إلى مؤتمر "النساء يردن... " الذي بادرت لتنظيمه مؤسسة "مفتاح"، والذي أكد على أن النساء قادرات على تحقيق الوحدة الوطنية، والانطلاق من رؤية عامة موحدة وواضحة لترتيب البيت الفلسطيني تتبنى استراتيجية واضحة، تكون هي المرجعية للتحركات القادمة في إطار توحيد الجهود لتحقيق المصالحة، والتأكيد على ضرورة مشاركة النساء في لجان المصالحة الوطنية، والاسهام في تنفيذ بنود الاتفاق وتفعيل منظمة التحرير، وتشكيل مجلس وطني قائم على الانتخابات، والضغط باتجاه انهاء الجدل القائم على الثنائية في المجتمع الفلسطيني، ما يتطلب من الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية إلى صياغة خطة وطنية تمكن النساء من الدخول في لجان المصالحة، عبر ممارسة الضغوط داخل أطرهن السياسية، وتشكيل قيادة موحدة من جميع الاحزاب والفصائل الوطنية والاسلامية، وتشكيل لجان شعبية لممارسة الضغوط على طرفي الانقسام لتحقيق المصالحة.

دور الشباب

ولفت المتحدثون إلى أن الانقسام خلق حالة من الاحباط وعدم الثقة لدى قطاعات واسعة من الشباب في الاطر الحزبية والفصائلية، وانتقدوا اقتصار الحوار على القيادات الفلسطينية ، وعدم اشراك جميع فئات المجتمع في العملية الحوارية من اجل فرز وانتاج نظام سياسي جديد معبر عن آمال المواطنين وتطلعات واحتياجات الشباب.

كما رفض هؤلاء ما يجرى من محاصصة بين طرفي الانقسام، وأشاروا إلى أن نشاطاتهم وحراكاتهم غالبا ما تتم بعيدا عن الاحزاب السياسية، ومن خلال منظمات المجتمع المدني التي تعطيهم مساحة وحرية تعبير عن الرأي بعكس الاحزاب التي قد يفصلون منها بذريعة عدم الالتزام بأنظمتها الداخلية.

ودعوا إلى منظومة قانونية جديدة تضمن حرية التعبير والتجمع، وتتيح للشباب القيام بالأدوار التي يرغبون القيام بها، منتقدين ما يجرى من قمع للمبادرات الشبابية في قطاع غزة.

الشبكات الشبابية

في حين، لفت المتحدثون إلى أن الشبكات الشبابية الناشطة حاليا هي شبكات مستقلة، رغم أن عددا كبيرا من أعضائها ينتمون لمختلف الفصائل والأحزاب، لكن يتفق هؤلاء على رؤية موحدة إزاء القضايا والاولويات الوطنية بعيدا عن أحزابهم وفصائلهم، مستفيدين من مساحة التحرك التي تمنحها لهم مؤسسات المجتمع المدني وأشار المتحدثون إلى أن الانقسام عطل انعقاد المؤتمرات الداخلية للفصائل والأحزاب، في حين أن وجود صانعي القرار لفترة طويلة في مواقعهم يخلق مصالح مشتركة بين هذه القيادات، ويمنع انخراط الشباب، الذي وجد نفسه من خلال الشبكات الشبابية، واعتبروا المصالحة المجتمعية الهم الأكبر للمجتمع، وهي صمام الأمان لعدم عودة الاقتتال، وضرورة نشر الوعي، وتطبيق العدالة الانتقالية بعيدا عن الحلول العشائرية، وتحقيق والمصالحة المجتمعية، وان يلعب الشباب دورهم في تعزيز قيم الحوار وتقبل الآخر، ونشر سياسة التسامح والعدالة الاجتماعية، والالتفات إلى ما يجري في بعض المدارس والمساجد من تعزيز لثقافة الانقسام.

ودعا المتحدثون، الشباب في الحركتين المتنافرتين، إلى تشكيل مجالس طلبة وحدوية داخل الجامعات، وخوض العملية الانتخابية بشفافية، علما بأن آليات المحاسبة الشعبية والتنظيمية والمساءلة غير متاحة، مؤكدين قصور القانون الاساسي ، وعدم إعطائهم الشباب حقوقهم على صعيد المشاركة السياسية. بالإضافة الى العقلية الامنية والبوليسية في التعامل مع الحراكات الشبابية والشعبية.

مجموعات ضغط

كما دعوا إلى تشكيل مجموعات ضاغطة ضد الانقسام وإشراك الشباب في لجان المصالحة السياسية والمجتمعية، وإنشاء جسم رقابي، والسماح بممارسة نشاطات داخل الجامعات والمدارس، إضافة إلى تشكيل حكومة ظل شبابية تراقب أداء وعمل لجان المصالحة.

ودعا متحدثون إلى وجوب القيام ببعض الدراسات لتحويل المبادرات الشبابية الى حراكات اجتماعية قادرة على احداث التغيير المطلوب، مؤكدين على أن الشباب يلعبون دورا رياديا وينشطون في فضاءات مثل الحراكات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني التي من الممكن ان يلعب فيه الشباب دورا بارزا في تشكيل تيار ثالث، مثل حراكات الشباب في في حملة المقاطعة، ولجان العودة المطالبة بحق العودة، وهذه جميعا تعمل خارج المنظومة التقليدية للنظام السياسي والحركة الوطنية، لا تتبناها منظمة التحرير او الفصائل، ولكنها مبعثرة وبحاجة الى تنسيق ورؤية ومن الممكن ان تتحول الى تيار وطني ديمقراطي ثالث.

الإعلام والانقسام

وأشار المتحدثون إلى أن الاعلام المحلي تعاطي ولا زال مع ملف الانقسام بسطحية، تعامله مع جميع الملفات الاخرى، ولم يقم بدوره في المساءلة والرقابة. وذلك ينسحب على وضعية النساء الاعلاميات في تسليط الضوء على انهاء الانقسام. حيث لم يكن هذا الاعلام منبرا للنساء المتضررات من الانقسام، ولم يؤثر على مستويات القرار السياسي المختلفة، في حين استمر تهميشهن من قبل القيادات السياسية.

ودعا المتحدثون إلى وجوب محاسبة الاعلاميين والصحفيين الذين ساهموا بالتحريض والتشجيع على القتل، ونشر الكراهية، ومطالبة الاعلاميين بالتزام المهنية، والالتزام بالحيادية والموضوعية، وتطوير الخطاب الاعلامي، وإجراء تحقيقات صحفية عن اثر الانقسام، وتسليط الضوء على أوضاع النساء بعيدا عن القيادات السياسية واضرار الانقسام . وأن يقوم الإعلام بدور إيجابي في موضوع المصالحة المجتمعية، والحث على مشاركة النساء في لجان المصالحة الوطنية، وتفعيل دورهن.

وأكدوا على ضرورة تطوير ورقة سياسات عامة وقوانين إعلامية ناظمة، صديقة لحقوق الإنسان، وتوفر بيئة آمنة للإعلاميين.

دور مؤسسات المجتمع المدني

في هذا السياق شدد المتحدثون إلى تعدد وتباين برامج مؤسسات المجتمع المدني، وقالوا أنها جزء لا يتجزأ من الازمة سيما فيما يتعلق ببرامجها السياسية التي ارتبطت بموضوع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ولم تقم على أساس الصراع الداخلي ما قبل الدولة، وإن كانت هناك بعض الجهود من بعض مؤسسات المجتمع المدني فإن عملها نخبوي، غير فاعل ومؤثر على المستوى المجتمعي حيث أن الأغلبية العظمى من مؤسسات المجتمع المدني ليس لديها برامج خاصة للمصالحة الوطنية وليس ذلك فحسب، بل تعمل في هذا الملف بشكل موسمي باعتبار أن قضية المصالحة الوطنية وإنجازها ليس حقا من حقوق الشعب الفلسطيني ، ناهيك عن أن مؤسسات المجتمع المدني ليس لها استراتيجية أو رؤية واضحة نحو انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية بالإضافة الى فقدان الجهد الجماهيري بشكل واضح من كافة مكونات المجتمع الفلسطيني.

وشددوا على أن العنصر الاساسي للمصالحة مفقود، ويتمثل في ضرورة التوافق على برنامج سياسي توافقي، والذي بدونه لا يمكن استدامة حكومة وحدة وطنية وربما تنفجر من داخلها في مرحلة ما. في حين يجب عدم إغفال ميزات النظام السياسي الفلسطيني الحالي، حيث أن أدوات التأثير في النظام الحالي غائبة، فالتشريعي معطّل ولا يوجد مساءلة أو رقابة، بل هي مفقودة في ظل هذا النظام السياسي، ما يستوجب الذهاب إلى فضاءات أخرى. يجب أن تنشط مؤسسات المجتمع المدني لتفعيلها.

تغييب النساء في لجان المصالحة

نبه المتحدثون، إلى تغييب مشاركة النساء في لجان المصالحة الست، وأن عدم الاعتراف بقوة الدور الذي ممكن ان تلعبه النساء هو إهدار لهذه الطاقات الفلسطينية الموجودة للنساء المتعلمات والشخصيات العامة المنتمية للأحزاب السياسية مثل عضوات مجلس التشريعي المعطل، اللواتي كان يجب عليهن أن يلعبن دور قوي لدى طرفي الانقسام لإنهائه، ودعوا الى الضغط بهذا الاتجاه من خلال القياديات داخل الاحزاب والفصائل الفلسطينية وأن لا يكون هذا التمثيل النساء تمثيلا شكليا ، الامر الذي يتطلب التنسيق العالي ما بين القياديات النسوية والنساء في مواقع صنع القرار وأن يبلورن برنامجا واضح يتم الالتزام به للمساهمة في التغيير وخلق حوار مع جميع الطيف الفلسطيني ، وأن يتم تمثيل الامهات اللواتي تضررن من الانقسام.

http://www.miftah.org