السفير عمار حجازي، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للعلاقات متعددة الأطراف:
نحن نعتبر أن تقرير الأمينة التنفيذية ل'إسكوا' ريما خلف لا زال قائما، ومضامينه قائمة أيضا

بقلم: مفتاح
2017/4/5

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15156

  • نحن نعتبر أن تقرير الأمينة التنفيذية ل"إسكوا" ريما خلف لا زال قائما، ومضامينه قائمة أيضا
  • الدول التي هاجمت التقرير لم تتعرض لمضمونه وأهمية ما ورد فيه من حقائق ووقائع
  • التقرير يشكل أساسا قويا لتحرك دبلوماسي قوي لإثبات وجود نظام فصل عنصري قائم في فلسطين
  • معركتنا هي معركة تحرر وطني واستقلال وليس معركة حقوق متساوية
  • التقرير حفزنا باتجاه خطوات سنقوم بها تحضيرا للتحضير لمساءلة إسرائيل عن جرائمها
  • كان الأجدر بالأمين العام الالتفات الى قوة الاتهام في التقرير، أكثر من الإجراءات المتبعة في المصادقة عليه

    مقدمة

    أكد السفير عمار حجازي، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للعلاقات متعددة الأطراف، أن التقرير الذي كان سببا في استقالة ريما خلف الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، لا زال قائما، ومضامينه قائمة أيضا، مشيرا إلى أن الدول التي هاجمت التقرير لم تتعرض لمضمونه وأهمية ما ورد فيه من حقائق ووقائع، في حين يشكل هذا التقرير أساسا قويا لتحرك دبلوماسي قوي لإثبات وجود نظام فصل عنصري قائم في فلسطين.

    وردت أقوال السفير حجازي هذه، في سياق مقابلة خاصة معه لزاوية "في ضيافة "مفتاح"، حيث أكد على أن معركة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال هي معركة تحرر وطني واستقلال وليس معركة حقوق متساوية.

    وقال:" التقرير حفزنا باتجاه خطوات سنقوم بها تحضيرا لمساءلة إسرائيل عن جرائمها، وكان الأجدر بالأمين العام الالتفات الى خطورة الاتهام في التقرير، أكثر من القضايا الإجرائية المتبعة ".

    *** كيف تنظرون إلى استقالة السيدة ريما خلف...؟ وهل للضغوط التي مورست عليها لسحب تقريرها المتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية علاقة بفحوى التقرير..؟ أم لإجراءات لم تتبع في إعداده كما ورد من ادعاء على لسان الأمين العام للأم المتحدة..؟ وما الخطوة التالية فلسطينيا..؟

    ** نعتقد بأن وزارة الخارجية كانت واضحة جدا في إعرابها عن أسفها وإدانتها للطريقة التي تمت فيها استقالة السيدة ريما خلف الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) على خلفية الطلب منها سحب التقرير، حيث أكدت أن الموضوع لا يمس جوهر التقرير، ولكن حسب بيان الأمين العام للأمم المتحدة، فهو يتعلق بإجراءات إدارية داخل الأمم المتحدة كان من المفروض أن يتم الالتزام بها حسبما ورد في بيان الأمين العام،لذلك، نحن نعتبر أن التقرير قائم، ومضامينه قائمة أيضا، وحتى الدول التي هاجمت التقرير لم يتعرض أي منها لمضمونه وأهمية ما ورد فيه من حقائق ووقائع هذا هو الموقف الرسمي وقد عبرنا عنه بجلاء، ونعتبر ما جاء في التقرير هو توصيف للحالة التي يعيشها الشعب الفلسطيني على مدار ما يزيد عن خمسين عاما من الاحتلال الذي واكبه أيضا إجراءات استعمارية وذات طابع عنصري ولإبعاده علاقة بمسألة التمييز العنصري، والتي هي جريمة يعاقب عليها القانون الدولي.

    *** ماذا بعد سحب التقرير..؟ وكيف سنستثمر ما ورد فيه من حقائق ووقائع على مستوى الدول والمنظمات والهيئات الدولية..؟

    ** مبدئيا المسألة ليست حديثة، بل لها تاريخ ممتد من الإجراءات والسعي الفلسطيني لإثبات أن الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل لخدمة مشروعها الاستعماري التوسعي على حساب الشعب الفلسطيني، تخللها ممارسات تأخذ أبعاد الفصل العنصري، ولم يكن ذلك غائبا في الخطاب الفلسطيني ولا في نقاش الطرف الرسمي الفلسطيني مع الدول، ولا أيضا من تقارير الأمم المتحدة. وهنا أذكر أن تقارير لمجلس حقوق الإنسان تحدثت بصراحة وبشكل مباشر عن قضية التمييز العنصري، وهو ما ورد مثلا من قبل المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الانسان في الارض الفلسطينية المحتلة للأمم المتحدة في العام 2007، وكان آنذاك السيد جون دوغارد، وهو قانوني جنوب إفريقي معروف ومشهود له بمواقفه، والذي تحدث عن أن الاحتلال وطول مدته، وما واكبه من انتهاكات وممارسات كانت إسرائيل تضغط من خلالها على الشعب الفلسطيني بهدف دفعه إلى الرحيل وإحلال سكان آخرين مكانه، وقد واكب ذلك إجراءات عنصرية تمييزية ترقى إلى التمييز العنصري ضمن منظومة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، مدللا على ذلك من خلال انتهاك اسرائيل للقانون الدولي بما فيها قانون حقوق الإنسان الدولي، والقانون الإنساني الدولي، والذي يجب بمقتضاه أن تكون إسرائيل ملزمة باحترام عدد من المبادئ، بينما هي في الواقع لا تلتزم بها او تحترمها، وعلى العكس من ذلك، ترتكب انتهاكات جسيمة اتجاه القانون الإنساني الدولي. لذلك تسعى فلسطين للدفاع سنويا في مجلس حقوق الانسان عن ولاية المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الانسان في الارض الفلسطينية المحتلة ، وهي ولاية لا تجدد تلقائيا، وهناك معركة تخوضها الدبلوماسية الفلسطينية وبعثتنا في جنيف في هذا الاطار. وكان ريتشارد فولك، أحد كاتبي التقرير، وخلال توليه لمنصب المقرر الخاص على مدى ثماني سنوات يتحدث باستمرار عن مسألة وجود فصل عنصري، ولكن بسبب خطورة الجريمة وخطورة التهمة والمسؤولية التي تترتب على الدول نتيجة تبنيها هكذا اتهام، كان هناك مقاومة كبيرة له من الدول لتبني مسألة اتهام إسرائيل بوجود نظام فصل عنصري أبرتهايد، وبالتالي أنا أعتقد أن هذا التقرير ساهم ضمن أمور الأخرى ودون توصيف هذه الانتهاكات في إدانة التصرفات والممارسات الإسرائيلية وتصويت الدول على قرارات، تدين الممارسات الاسرائيلية، دون توصيفها بأنها تمييز عنصري، مع التركيز على توصيف الحدث نفسه. وبعبارة أخرى، فإن مجموعة هذه الأمور بالإضافة إلى التقرير تشكل أساسا قويا لتحرك دبلوماسي قوي لإثبات وجود نظام فصل عنصري قائم في فلسطين، ضمن إطار منظومة الاحتلال الاستعماري القائمة.

    *** لكن، هناك من يظن بأن الصراع مع الإسرائيليين صراع على حقوق مماثلة .. وليس صراع تحرر وطني واستقلال وتخلص من حكم الاحتلال..؟

    ** أعتقد أن هناك مسألة هامة يجب مراعاتها والانتباه إليها، وتتمثل في قضية عدم تحويل الصراع من صراع حقوق غير قابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وأساسها حقه في تقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة، إلى صراع للحقوق متساوية لحقوق المواطنين الإسرائيليين، وهذا ليس ما يسعى إليه النظام السياسي الفلسطيني ومجموع شعبنا الذي يريد الاستقلال وإنهاء الاحتلال والتمتع بحرياته وحقوقه في إطار دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، ولذلك نحن نرى دائما أن مسألة النظام العنصري هو مكون من مكونات النظام الاستعماري الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، أي أنه جزء من السياسات التي تتبعها إسرائيل لقهر الشعب الفلسطيني، ودفعه لترك أرضه ضمن اطار المنظومة الاستعمارية القائمة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وليست منفصلة عنه. فنضالنا ليس لإنهاء نظام الفصل العنصري فقط كجزء من انتهاكاته لحقوق الإنسان، بل لإنهاء الاستعمار الإسرائيلي لأرضنا واستقلالنا السياسي ، ولذلك وجب التنويه إلى أن معركتنا هي معركة تحرر وطني واستقلال وليس معركة حقوق متساوية . نحن لا نريد أن يكون الإسرائيلي موجودا ليحكمنا. نريد أن نحكم أنفسنا بأنفسنا. كشعب فلسطيني حر ومستقل، ونريد استقلالنا على أرضنا وحق العودة للاجئين، وهي الحقوق التي نص عليها القانون الدولي ايدها المجتمع الدولي.

    *** أين سنذهب إذن في هذا التقرير بعد أن تقرر سحبه..؟ وهل يمكن أن تتبناه دول ما ليكون مجديا وعمليا وملزما..؟

    ** التقرير الآن هو وثيقة علمية وقانونية، جاء بناء على توصية من مجموعة الدول العشرين حول مسألة الممارسات الإسرائيلية ، والذي تم على اساسه تكليف قانونيين بشكل رسمي لإعداد دراسة رسمية، وبالتالي هي ليست دراسة إسكوا أو أمم متحدة ، بل هي دراسة مكلف بها قانونيون دوليون أعطوا رأيهم الأكاديمي استنادا إلى حقائق غير قابلة للتشكيك، والتقرير كما أشارت الإسكوا في ديباجته لا يعبر بالضرورة عن رأيها، بل هو رأي أكاديميين متخصصين في الموضوع، وهما ريتشارد فولك، وفيرجينيا تايتانلي، وكلاهما استند إلى وقائع اعتبراها مخالفة للقوانين الدولية المتعلقة بمسألة الفصل العنصري، من خلال اتفاقيتين رئيسيتين، الأولى هي: اتفاقية مكافحة التمييز العنصري، والثانية اتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري، وقد اتبع الأكاديميون هذه المنهجية ورأوا أنه يوجد في القوانين الإسرائيلية تمييز عنصري يرتكب، ولذلك استنتجوا وجود نظام عنصري.

    لا شك أن الدراسة تعتبر غاية في الأهمية، وقوة الدراسة في محتواها بالأساس، وليس بالجهة التي أصدرتها، ولكن أيضا البلبلة التي أحدثها سحب الدراسة أعطتها مزيدا من الزخم الاعلامي، ولفتت النظر إليها أكثر، وأعتقد أن أهمية التقرير تكمن في التوصيات الموجودة فيه، والموجهة للمنظمات الدولية والدول والمنظمات غير الحكومية الدولية وللأفراد المعنيين بالمسألة، فهذه التوصيات قائمة وتؤشر للدول، وهي في معظمها تعبر عن احترام القانون الدولي، حيث ستجد في هذا التقرير أيضاً عناصر يجب الالتفات إليها شاءت هذه الدول أم أبت، لكن واجبنا أيضاً كدبلوماسية فلسطينية تقديم التقرير أيضاً الى أوسع نطاق والبدء باستخدامه في محادثاتنا ولقاءاتنا مع الدول، واستخدامه أيضاً في التنويه الى موضوع الانتهاكات التي ترتكب في فلسطين. وهنا يوجد مسألة هامة جداً وهو أن فلسطين أصبحت طرفاً في اتفاقية مناهضة التمييز العنصري ،كما أنها طرف في اتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري وهاتان الاتفاقيتان وتحديداً اتفاقية مناهضة التمييز العنصري تتطلب من الدول أن تقدم تقارير حول تنفيذ الاتفاقية على الأرض التابعة لها، وسنستخدم التقرير بشكل واسع ومكثف للتدليل على انتهاكات الاحتلال، وفي تقريرنا الذي سيقدم الشهر القادم أو الشهر الذي يليه، لنشير إلى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تمييز عنصري على أيدي قوات الاحتلال . فهذا التقرير أعطانا دفعة إضافية للتدليل على أن هناك انتهاكات ترتكب فيما كنا نستند سابقاً الى ما يقوله المقررون الخاصون ولجنة القضاء على التمييز العنصري في هذا الإطار، كما كنا نستند إلى عدد آخر من المعطيات والحقائق حيث يمكن الاستعانة بها للتدليل على جرائم الفصل العنصري للاحتلال . وأعتقد ان هناك خطوات أخرى سيتم استيفاءها في حين أن التقرير أعطانا دفعة باتجاه عدد من الأعمال التي سنقوم بها بشكل علني ومباشر وبشكل غير علني، للتحضير لمساءلة إسرائيل عن هذه الجرائم ، ويجب التنويه أيضاً الى أن جريمة الفصل العنصري هي من أخطر الجرائم الدولية وتأتي في المرتبة التالية بعد جريمة الإبادة الجماعية، والتي من المفروض حسب ميثاق روما أن تسترعي انتباه المجتمع الدولي ككل، وهي تهز ضمائر العالم بشكل عام، وهذا العنوان الأساسي لخطورة الجرائم الدولية. فجريمة الفصل العنصري تعتبر في مرتبة عالية جداً وإثباتها مسألة ليست سهلة، ولكن التقرير او استنتاجاته يمكن أيضاً أن المحكمة الجنائية الدولية علما بها، وبصفتنا طرفا في هذه المحكمة سنتأكد أنها اخذت علماً بالتقرير، وبالتالي لدينا ما يكفي من الأدوات القانونية التي تساعدنا والجهات الدولية، وأدوات أخرى لا يمكن الإفصاح عنها في لوقت الحالي، ولكن نعمل عليها، والمؤكد أن الطرف الفلسطيني هو الطرف الوحيد الدولي الذي لم يتجاهل هذا التقرير وكل المسؤولين الفلسطينيين بمن فيهم سيادة الرئيس شخصياً أعلن أنه انه سيكرم السيدة ريما خلف المديرة التنفيذية للإسكوا على قاعدة جرأتها في إصدار مثل هذه الوثيقة، وهي كانت تعلم قبل إصدارها أن العالم لن يحتمل، وسيحاول أن يتجاوزها أو يتستر عليها، لكنها قررت وضعها أمام العالم وأن تتحمل مسؤولياتها الاخلاقية في هذا الصدد .

    *** إذن، هل سنجد هذا التقرير حاضراً بقوة في توجه فلسطين نحو المحكمة الجنائية الدولية؟

    ** ليس بالضرورة الاستناد إليه فقط، فهناك جرائم أخرى ترتكب أيضا،ً وهي مخالفات جسيمة بموجب القانون الإنسانيالدولي، وتقع أيضاً ضمن ولاية المحكمة الجنائية الدولية للنظر فيها، حيث أن يقع اختصاص هذه المحكمة في ثلاث جرائم، وهناك جريمة رابعة على الطريق، وهي جريمة العدوان، أما الجرائم الثلاث، فهي أولا جريمة الإبادة الجماعية، وثانيا جرائم ضد الإنسانية، ثم جرائم الحرب ثالثاً، ونحن كفلسطينيين توجهنا إلى المحكمة، وقلنا إن اسرائيل ترتكب على الأرض الفلسطينية المحتلة جريمتين ، واحدة هي جرائم ضد الإنسانية ،وتقع من ضمنها جريمة الفصل العنصري، وجرائم حرب، والأخيرة لا تقل أهمية عن الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، فنقل سكان دولة محتلة إلى الأرض المحتلة، هي جريمة حرب، وجريمة بالغة الخطورة حتى ولو لم يتخللها جرائم فصل العنصري، وبالتالي ليس من الضرورة أن تكون جريمة فصل عنصري حتى تكون جريمة بمفهوم ولاية المحكمة، ولذلك، فإن هذه الجريمة والجرائم ضد الإنسانية بما فيها مسألة التمييز العنصري، هي مسائل تم إرسال معلومات ووثائق تثبت وقوعها في الأراضي الفلسطينية، وواجب المدعية العامة بمقتضى القواعد الإرشادية لعملها، وبموجب ميثاق روما، أن تستند الى كل المعلومات المنشورة والتي تتلقاها من الدول والأطراف، وتلك التي تحصل عليها في إطار التحقيقات، وقد أخذت المحكمة علماً في التقرير، ولكن واجبنا كطرف فلسطيني، أن نتأكد ونسأل المدعية العامة هل شاهدتم التقرير؟ وهل لديكم نسخه منه ؟ وهل قرأتموه؟ اذا كان الجواب إيجابيا، فسنعتبر أن التقرير قد تم الأخذ به علماً من قبل المدعية العامة، أما إذا كان الجواب سلبيا،ً فسنقوم بتزويدهم به، والطلب منهم باعتبارنا طرفا مشتكيا، ان يأخذوه بالاعتبار في إطار الدراسة الأولية للوضع في فلسطين لهدف فتح تحقيق .

    *** هل وجهتم هذه الأسئلة للمحكمة الجنائية ؟

    ** هناك نظام معين للعلاقة مع المحكمة ضمن مشاورات رسمية تعقد بين الحين والأخر،,ومن المؤكد أنه وفي إطار المشاورات الدورية سيطرح هذا الموضوع، وهناك عدد من المواضيع سيتم نقاشها معهم، وهذا أيضاً موجود على الأجندة في أي لقاء قادم .

    *** من هي الدول التي ناهضت التقرير ورفضته ؟ وهل كان الرفضُ لمحتواه ؟

    ** هناك جهتان دوليتان كانتا أكثر صوتاً من أي طرف أخر ضد التقرير، وهما إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، حيث أن مندوبة الولايات المتحدة في الامم المتحدة نيك هيلي تبجحت في اجتماع "إيباك" الأخير، بأنها استطاعت أن تسحب التقرير، وأن يسجل ذلك كسبق ونصر لها، مع أن الأمين العام، قد أكد لنا ولكل الأطراف، أن سحب التقرير جاء على خلفية اجرائية كان يجب أن تتبع ولم يتم العمل بموجبها، وبالتالي عندما طلب سحبه لعدم اتباع تلك الإجراءات، ونحن لسنا على علم بطبيعتها، رفضت ريما خلف سحبه، واستقالت، وقالت أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك، ولا يمكنها أن تطلب من أي شخص آخر يخلفها بأن يسحبه، ومن المؤكد أن الأمين العام تعرض لضغوطات معينة، لكن وحسب ما اعلمنا ليس لذلك اثر على قراره، وحتى الذين انتقدوا التقرير مثل إسرائيل والولايات المتحدة، لم يأتوا على شيء على مضمون التقرير، لأنه يتحدث بوقائع وحقائق، وأما الاستخلاصات لهذه الحقائق والوقائع، فيمكن أن يجادلوا فيها، من قبيل أن بعض ما ورد في التقرير، لا يمكن أن يرقى إلى جريمة فصل عنصري، لكنهم لا يستطيعون القول، بأن الطفل الفلسطيني لا يقف أمام محكمة عسكرية، وبأنه يعامل معاملة مختلفة عن الطفل الإسرائيلي، كما لا يستطيعون الادعاء، بأنه لا يوجد طرق مخصصة للمستوطنين وأخرى للفلسطينيين، ولا يستطيعون أيضا نفي أن إبن القدس يجب أن يثبت مركز حياته كل مرة بشكل دوري لدولة الاحتلال حتى يستطيع أن يبقى ويعيش في مدينته، وهذا غير مفروض على الإسرائيلي أو المستوطن، كما لا يستطيعون الادعاء بأن الإسرائيلي من أصل فلسطيني في الداخل لديه تشريعات وقوانين مختلفة عن الإسرائيلي من أصل يهودي، بما في ذلك مسألة حق جلب الزوجة، وحق التملك .

    هذه حقائق موجودة والدول تعلم بها أكثر من الأمم المتحدة، لأن الدول تتبع الإجراءات التي تحدث على الارض لتحصل على تقارير من دبلوماسييها في الميدان، والكل يعرف أن هذه الحقائق لا يمكن إنكارها، كما لا تستطيع إسرائيل أن تنفي، بأنها تحرم اللاجئ الفلسطيني الذي يملك حق السكن في أرضه، ويملك وثائق الملكية للعودة على أرضه وممتلكاتها المنصوص عليها في القانون الدولي، بينما هي تشرع لأي يهودي بأن يأتي الى أرض الفلسطيني، من أي مكان في العالم ليحصل على الجنسية ويتملك فيه، ولذلك لم تستطع هذه الجهات بما فيها اسرائيل التطرق لمحتوى التقرير، وبالتالي نرى أن محتواه هو الأهم، وليس صفته الدولية، لكن المقلق أن الأمين العام نفسه تجاهل جسامة التهم الواردة في التقرير، والتي كنا نتوقع أن يتم متابعة ودراسة الوقائع الموجودة فيه، وخطورة ما يُشير له، وليس فقط بناء تقييمه على أساس الاجراءات، فالأساس في الأمم المتحدة ودورها هو حماية البشرية، وتنفيذ القانون واحترام حقوق الإنسان، وكان الأجدر بالأمين العام أن يلتفت إلى قوة الاتهام الموجودة في التقرير، اكثر من الإجراءات المتبعة في المصادقة عليه.

  • http://www.miftah.org