اللقاء الإقليمي للنساء الفلسطينيات: أجندة المرأة الفلسطينية
بقلم: ريما كتانة نزال
2018/4/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15260

وَفَّرت مؤسسة مِفتاح مِنَصّة مفتوحة للنقاش أمام قيادات نسوية فاعلة، من داخل الوطن، بما فيها مناطق ما وراء الخط الأخضر؛ بحضور ممثلات من مناطق الشتات، من سورية ولبنان ومصر والأردن. منصة ديمقراطية للعصف الفكري باتجاه التوافق على محددات الوجهة العامة لأجندة المرأة الفلسطينية في المرحلة القادمة. حيث اتَّسعت المنصة لأغلبية وجهات النظر حول واقع ومستقبل الهمّ الوطني والاجتماعي، نحو اشتقاق إطار عام للأجندة السياسية والاجتماعية من منظورها النسوي.

في الطريق إلى تحديد جدول أعمال وطني _ اجتماعي، لا بد من المرور على المستجدات الموضوعية، المحطات الفارقة والنوعية، تحولات الواقع الوطني والاجتماعي التي استحقت التداعي للحوار حولها لجهة الأثر المتروك على جناحي البرنامج النسوي، ليحلِّق نحو أهدافه، هكذا تعمل المؤسسات الحيوية من أجل بقائها فاعلة في الملعب.

في الخلفية، أيُّ جدول أعمال لا ينطلق من سِمات راهن المرحلة؛ من ملامحها الوطنية والاجتماعية، من واقع وتحليل واقع المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال الاستعماري الاستيطاني، من واقع حضور المرأة في المشهد وتقييم أدائها من أجل توسيع المشاركة في النضال لإنهاء الاحتلال، مستوعبة دروس الترابط الجدلي بين فك القيود الاجتماعية وبين زخم تطوير دورها الفاعل في المشاركة بالنضال الوطني والديمقراطي، بما يمكنها من استعادة جماهيريتها في الشارع وتقوية أدواتها التنظيمية. أي جدول أعمال لا يراعي السمات الخاصة لن يكون له الحظ في النفاذ والتطبيق، وسيفقد المصداقية والالتفاف النسائي؛ وسيتعذر عليه شق الطريق.

في المستجدات، تزايدت وطأة المشاريع والمحاولات لتصفية القضية الفلسطينية، وآخرها ما عُرِف باسم "صفقة القرن"، وترافقت مع استباحة شاملة للأرض والحقوق الوطنية المدنية والإنسانية، بما يضع الشعب أمام تحديّات غير مسبوقة، كبيرة واستثنائية. إما أن يمضي نحو تقرير مصيره بنفسه كحق مكفول وفق القانون الدولي، أو يقرر الاحتلال مصير القضية بدعم من إدارة "ترامب" المستندة إلى الأساطير والأيديولوجيا.

العروض قدَّمت واقع وتفاصيل واقع النساء من المناطق المشاركة في اللقاء، حالة النساء تحت الاحتلال في مناطق الضفة والقطاع ومناطق 48، مناطق منزوعة السيادة بشكل متفاوت؛ سيادة نسبية في مناطق السلطة في الضفة وغزة، نفي السيادة بشكل مطلق عن فلسطين القابعة خلف الخط الأخضر.

العروض المقدمة من فلسطينيات الشتات، من سورية ولبنان ومصر، أبرزت الواقع الاجتماعي والحقوقي تحت سقف قوانين الدول المضيفة، مُضافاً إليها المستجدات "الدرامية عن نكبة متكررة تستنسخ نكبات جديدة، هجرة جديدة تفاقم الأزمة القديمة، عن الواقع ما بعد فشل أهداف الثورات العربية، أو تكاد، في الوصول للعدالة الاجتماعية. ستلحظ العروض واقع الوجود الفلسطيني في الأردن، لجهة الاندماج والفروق، والتداخل والتمايز البرنامجي.

أما في مناطق 1948، يُشير الواقع إلى هجمة باتجاه الأسرلة والتهويد والتطويع، ترسانة القوانين العنصرية وتشديد قبضتها، ربط الحقوق المدنيّة بالولاء للدولة اليهوديّة، دفع الواقع نحو مزيد من التخلف الاجتماعي. كما يُشير الواقع إلى الاتجاه العقائدي الذي يعمل على فرض رؤيته الاجتماعية على المشهد الكلي، عدم اعترافه بالتعددية الفكرية والاجتماعية في واقع مُركَّب وبالغ التعقيدات، الاضطهاد القومي والعنصري والاستعلائي من جهة، والقمع الاجتماعي على أساس الجنس من جهة أخرى.

في رأس قائمة التحديات لا بد من لحْظ العامل الذاتي الداخلي، أزمة الضعف العام بسبب الانقسام والتفكيك والتجزيء، التفرد والهيمنة والشرذمة، الذي ينعكس تلقائياً على المؤسسات النسوية بشكل أوضح، ليس بسبب العلاقة العضوية مع الحركة الوطنية التي تنطبق على جميع القطاعات، بل بسبب وضع المرأة في المجتمع كقطاع يعاني من التباس وارتباك في دوره ومكانته القانونية، الإصرار على التعامل معه والحفاظ عليه في حكم الأقلية، التباس موقف الطبقة السياسية على صعيد مشاركة المرأة وحجم دورها ونوعيته، خلط وتمويه المشاركة الحقيقية بالديكورية. أزمة الحركة النسائية، أزمة الأدوات التنظيمية، ضمور عمقها القاعدي، فقد حيويتها مع استبعاد العنصر الشبابي عن قيادتها. عدم طرح رؤيتها للتغيير الاجتماعي وقلب البيئة الاجتماعية.

التحديات الجسام تتطلب تقوية العامل الذاتي، باستعادة الدور القيادي الوطني للمرأة في ميدان الصراع مع الاحتلال، الدفاع عن الأرض، مقاطعة البضائع الإسرائيلية، استخدام الأدوات الدولية في محاسبة ومساءلة الاحتلال. توسيع التحالفات مع القوى النسائية العربية الثورية على قاعدة تبادلية التضامن، الخلاص من المحن والمعاناة الناجمة عن الحصار والهجرة والإرهاب الذي يهاجم مجتمعاتنا دون رحمة. التضامن مع محنة النساء العربيات والفلسطينيات مهمة مشتركة، لوقف محاولات التفكيك والتجزئة وترك كل طرف يواجه أزمته ومحنته منفرداً.

للمقال والأجندة بقية.

جريدة الايام الفلسطينية

http://www.miftah.org