عام 2020 عام الشباب الفلسطيني ....والبطالة ما تزال من أكبر التحديات
بقلم: ليلى بدوي
2020/1/13

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=15403

ينظر إلى البطالة بوصفها مشكلة عالمية تعاني منها الدول المتقدمة والدول النامية، ولا يكاد مجتمع يخلو من هذه الظاهرة بشكل أو بآخر، وتعد البطالة مشكلة اجتماعية تحتاج منا تحليل نتائجها وآثارها وفق منهج علمي لمعرفة حجمها وتحديد أسبابها وآثارها، فهي مرض خطير يصيب الاقتصاد الوطني ومعيق رئيسي لعملية التنمية في المجتمع.

لقد حظي مفهوم البطالة على أهمية كبرى في المجتمعات المعاصرة ، لذا لا تكاد تصدر دورية علمية متخصصة ذات علاقة بعلم الاقتصاد والاجتماع إلا وتتعرض لموضوع البطالة بالتحليل والنقاش.

وقد عرّف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني البطالة بأنها: جميع الأفراد الذين ينتمون لسن العمل (15 سنة فأكثر) ولم يعملوا أبداً خلال فترة الإسناد في أي نوع من الأعمال، وكانوا خلال هذه الفترة مستعدين للعمل، وقاموا بالبحث عنه بإحدى الطرق مثل مطالعة الصحف، التسجيل في مكاتب الاستخدام، سؤال الأصدقاء والأقارب، أو غير ذلك من الطرق. (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2012) يشكل الشباب (18-29) ما نسبته 23% من إجمالي عدد السكان في فلسطين، والذي بلغ في العام 2019 ما مجموعه 4.98 مليون نسمة، ويرئس الشباب 15% من الأسر الفلسطينية، وعلى الرغم من الازدياد الملحوظ في نسب الشباب الملتحقة بالتعليم وتلاشي الأمية في صفوفهم، إلا أن معدلات البطالة في ارتفاع متزايد خلال السنوات الأخيرة لتصل إلى ما نسبته 45% (36% بين الذكور و 70% بين الإناث) مقارنة مع 37% في العام 2008. ومن جانب آخر انخفض معدل البطالة بين الشباب في الضفة الغربية من 28% في العام 2008 إلى 27% في العام 2018، قابلها ارتفاع ملحوظ في معدلات البطالة لدى شباب قطاع غزة لتصل من 35% إلى 69% لذات الفترة (تقرير الإحصاء الفلسطيني- 12/08/2019).

وتكمن أسباب شيوع وانتشار ظاهرة البطالة في فلسطين إلى العديد من العوامل والأسباب ومنها السياسات والممارسات الإسرائيلية التي دفعت نحو تشوهات واختلالات هيكلية في البنية الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية. وضعف قدرة الاقتصاد الفلسطيني في توليد فرص عمل ، نتيجة إلى ضعف النشاط الاقتصادي وعلاقات التبعية مع إسرائيل، مما أدى إلى خنق الاقتصاد من خلال سياسة الحصار والإغلاق والسيطرة على المعابر. ونمو القوى العاملة بمعدلات أسرع من معدلات نمو فرص العمل وعدم تخصيص الموازنات الكافية لتمويل مشاريع تنموية تقود إلى الحد من معدلات البطالة. والاتجاه نحو تقليص الوظائف الحكومية، نتيجة تطبيق برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادي وانتشار ظاهرة الفساد الإداري، والواسطة، والمحسوبية في تشغيل الباحثين عن العمل.

إن للبطالة آثاراً اجتماعية وسياسية لا تقل خطورتها عن الآثار الاقتصادية، كضعف الولاء والانتماء للمجتمع، و كذلك زيادة المشكلات الأسرية، واضطراب العلاقات الاجتماعية داخل الأسر وخارجها.

وما يهمنا هنا وارتباطاً بالقضايا التي تضعها شبكة الشباب الفلسطيني الفاعل سياسياً ضمن أولوياتها، فإن للبطالة الأثر الكبير على معدلات مشاركة الشباب سياسياً، وتجعلهم الأكثر عرضة للفقر والتهميش. فمن الناحية السياسية ترتبط البطالة بعدم استقرار النظام السياسي، حيث تعمل البطالة على إضعاف الولاء والانتماء للوطن، مما يوفر المناخ المواتي لانتشار التطرف والانحراف، وتعميق تبعية الدول الفقيرة للدول الغنية، وبالتالي فقدان استقلالها السياسي، حيث تلجأ الدول الفقيرة إلى الحصول على الدعم والمساعدات المالية الخارجية المشروطة.

لذا، فإن المخرج المتحقق من هذه الآثار هو بذل الجهد الحقيقي واللازم في معالجة الأسباب، والتي تتمثل في تخفيض معدلات البطالة في صفوف الشباب، ويتطلب ذلك دمج الشباب الفلسطيني وممثليهم في بلورة خطط وسياسات وطنية قائمة على توجهاتهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم، وأن يتم توفير المساحة اللازمة للشباب للتعامل مع قضاياهم والتحديات التي تواجههم خاصة موضوع البطالة والسماح لهم بأخذ زمام المبادرة في تطبيق هذه السياسات على أرض الواقع.

http://www.miftah.org