مقابلة مع فاروق القدومي
بقلم: "العرب"
2003/6/2

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=247

مرحب به إن اراد المشاركة معنا في اجتماعات الجامعة العربية أو أي مؤتمر دولي

القدومي لـ"العرب": أنا وزير خارجية فلسطين وشعث وزير دولة

سأترأس الوفد الفلسطيني لمؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية بطهران ولجنة المتابعة العربية في القاهرة

حريصون على عدم تعرض ايران لما تعرض له العراق.. تمتلك اسلحة دمار شامل والجيش الأميركي أصبح جارها

الضغوط الأميركية انتجت حكومة أبو مازن.. فدائي يخوض في ميدان صعب للغاية ونتمنى له النجاح

سنكلف من يبلغنا عن أحوال الفلسطينيين في العراق.. سفارتنا في بغداد مغلقة ولم نتصل بأحد بعد

حاوره في عمان: شاكر الجوهري

الكلام الدبلوماسي الذي قاله فاروق القدومي محاولا توضيح الإلتباس الذي اثاره تعيين الدكتور نبيل شعث وزيرا للعلاقات الخارجية في حكومة محمود عباس (أبو مازن)، مؤداه أنه هو وزير خارجية فلسطين، وأن شعث وزير دولة للشؤون الخارجية، مرجعيته القدومي.

تكريسا لهذا المفهوم، يكشف القدومي في هذا الحوار أنه سيترأس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر وزراء خارجية الدولة الإسلامية الذي سيعقد في طهران اواخر الشهر الحالي، وكذلك إلى اجتماع لجنة المتابعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الذي سيعقد في القاهرة، اوائل الشهر المقبل.

ويرحب القدومي بمشاركة شعث تحت رئاسته، بحضور اجتماعات الجامعة العربية أو أي مؤتمر دولي. ويبدي وزير خارجية فلسطين قلقا على ايران، وهي التي تمتلك اسلحة دمار شامل، من أن تتعرض لما تعرض له العراق، خاصة وأن الجيش الأميركي أصبح جارها في العراق.

وبلغة دبلوماسية ماهرة، ينفي وجود فتور في العلاقات ما بينه وبين محمود عباس، لكنه يؤشر إلى أن تشكيل حكومة أبو مازن كان نتاج الضغوط الأميركية على منظمة التحرير الفلسطينية. وقد تمنى له النجاح في مهمته، غير أنه بسؤاله إن كان يتوقع له النجاح اجاب قائلا إن أبو مازن فدائي يخوض في ميدان صعب للغاية.

ويكشف القدومي عن أن سفارة فلسطين في بغداد مغلقة حاليا. ولذلك فإنه سيتم ارسال اشخاص إلى بغداد يكلفون بتقصي اوضاع الفلسطينيين في العراق في ظل الإحتلال الأميركي.

هنا نص الحوار: • ابتداء، لماذا أنت في عمان، وما برنامج زيارتك..؟

ـ أنا في عمان في طريقي إلى طهران من أجل المشاركة في اعمال مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية، الذي سيعقد يوم 28 من الشهر الجاري، ويستمر لثلاثة أيام، أو اربعة.

• ممن يتشكل الوفد المرافق لك، وهل يضم الدكتور نبيل شعث وزير العلاقات الخارجية في السلطة الفلسطينية..؟

ـ الأخ نبيل شعث كلف من قبل الأخ أبو عمار، وبالتنسيق معي، بترؤس وفد فلسطيني سيشارك في مؤتمر اليورو المتوسطي، الذي سيعقد في كريت بعد يومين، ويشارك في الوفد الذي يرأسه الأخ شعث شوقي الأرملي، عبد الله عبد الله، الدكتورة نهى تادرس مسؤولة الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الفلسطينية (الدائرة السياسية لمنظمة التحرير)، وماهر المصري وزير الإقتصاد في السلطة الفلسطينية. أما أنا فيرافقني إلى مؤتمر طهران وفد يضم في عضويته اخوة من الداخل والخارج من بينهم مسؤول الشؤون الإسلامية في وزارة الخارجية، والعاملين في هذه الدائرة، اضافة إلى أحد العاملين في وزارة العلاقات الخارجية في الداخل، اضافة إلى رجل دين اسلامي وآخر مسيحي ليشاركونا في اعمال المؤتمر.

• إلى أين ستذهب من طهران..؟

ـ قد يكون هناك اجتماع للجنة المتابعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، وذلك خلال العشرة أيام الأولى من الشهر المقبل. وسيعقد الإجتماع في القاهرة.

• هل هنالك اتجاه للتنسيق بين الوفدين الأردني والفلسطيني بشأن موضوعات البحث في مؤتمر طهران..؟

ـ سألتقي الدكتور مروان المعشر وزير خارجية الأردن أثناء وجودي في عمان لبحث هذه الأمور. ونحن حريصون دائما على استمرار التنسيق الكامل مع الأردن وسوريا ولبنان ومصر باعتبارها دول الجوار الفلسطيني، إلى جانب بقية الدول العربية.

• ما نقاط جدول اعمال مؤتمر طهران..؟

ـ المشكلة الأساسية التي تشغلنا في حقيقة الأمر هي تداعيات العدوان الأميركي على العراق. وبعد أن اجتمعت دول الجوار العراقي قبل اسابيع، واتخذت قرارات معينة، لا بد من أن تنقل هذه القرارات إلى منظمة المؤتمر الإسلامي.

هنالك على جدول الأعمال كذلك أمن الخليج، والتسوية السياسية للصراع العربي ـ الإسرائيلي. ولا بد من التركيز على ضرورة انجاح التسوية السياسية، وإن كنا نعتقد أن اسرائيل تشعر بعد العدوان على العراق أنها اصبحت أقوى من الماضي. وهي تقول إن التهديد الأساسي الذي كان يقلقها، في اشارة للعراق، قد أزيل.. • الإنفراد الأميركي بالقرار الدولي، هل يترك مجالا لمثل

هكذا مؤتمرات كي تكون فاعلة ومؤثرة..؟

ـ الحقيقة أن مؤتمر طهران لوزراء خارجية الدول الإسلامية يكتسي أهمية بالغة، خاصة أن ايران من الدول المجاورة للعراق، وهي تمتلك بعض اسلحة الدمار الشامل، وقد ادرجتها الولايات المتحدة ضمن دول محور الشر. وهذا ما يجب أن نأخذه بعين الإعتبار، فنحن حريصون على أمن منطقة الخليج، وعلى أن لا تتعرض أي دولة اسلامية إلى ما تعرض له العراق.

• كيف تنظرون إلى موقف ايران من العدوان الأميركي على العراق واحتلاله. هل أثر ذلك على علاقتكم مع الإيرانيين..؟

ـ أعتقد أن ايران، بعد الذي جرى في العراق، ازداد قلقها، لأن جار ايران في العراق أصبح جيش اميركا. وايران بحاجة الآن إلى تضامن الدول الإسلامية معها، حتى لا تتعرض لمثل ما تعرض له العراق.

• هذا يعني أن الرهان الإيراني على أن يؤدي العدوان الأميركي على العراق إلى قيام نظام حكم في بغداد موال لطهران، قد فشل..؟

ـ أعتقد أن ايران لم تكن تهدف إلى ذلك، ولكن يهمها أن يكون العراق حرا مستقلا، تحت قيادة عراقية مستقلة، بعيدة عن التأثير الأميركي إلى حد ما.

فلسطين بعد احتلال العراق

• أنتم في قيادة منظمة التحرير، كيف تنظرون إلى مسار القضية الفلسطينية بعد احتلال العراق..؟

ـ للأسف، هناك تداعيات سيئة، بمعنى أن اوراقنا التفاوضية قد تناقصت. أي أننا خسرنا بعض الأوراق، لأن وجود العراق كدولة عربية قوية كان يحقق وزنا داعما للأوراق التفاوضية العربية. وبعد احتلال العراق، حوصرت سوريا، وفي نفس الوقت ازدادت الضغوط على السلطة الوطنية الفلسطينية، وبدأ شارون يصول ويجول.. وبدأت المطالب الأميركية من السلطة الفلسطينية بالتزايد. وهذا وضعنا امام خيارات صعبة. فخارطة الطريق التي تبنتها اللجنة الرباعية الدولية، ربما لا تنجح بسبب هذه التداعيات في أن تصل إلى النتائج المرجوة.

وعلى كل حال، فإن السلطة الفلسطينية قبلت التعامل مع هذه الخارطة بشيء من التحفظات. لكن اسرائيل لا تزال ترفض وتريد ادخال تعديلات على هذه الخارطة. (اجري هذا الحوار قبيل اعلان موافقة اسرائيل على مشروع الخارطة).

• احتلال العراق، بما مثله من ضغوط على السلطة الفلسطينية، هل سرع في تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة محمود عباس (أبو مازن)، استجابة للإملاءات الأميركية ـ الإسرائيلية..؟

ـ في الحقيقة أن هناك ضغوطا اميركية تمارس على منظمة التحرير، وعلى السلطة الفلسطينية. وهذه الإجراءات التي تمت هي نتاج لهذه الضغوط، فكان علينا أن نقبل بهذه الإجراءات حفاظا على الذات، ودرءا للشر. أما نجاح الخارطة فنحن لا نضمنه. ونرجو من الله أن يعين هذه الحكومة التي تحملت مسؤولية السير في هذا الطريق.

• هل شخصكم مستهدف من قبل الولايات المتحدة واسرائيل، كما هو الرئيس ياسر عرفات..؟

ـ ليس الأشخاص هم المستهدفون.. • هم مستهدفون لما يمثلونه من مواقف وسياسات..؟

ـ نعم. منظمة التحرير ربما تكون هي المستهدفة. ومما لا شك فيه أن من يعمل في المنظمة فإنه مستهدف، وما زالت منظمة التحرير معتبرة من قبل الكونغرس الأميركي منظمة ارهابية، وذلك اعتبارا من عام 1977. ورئيس الولايات المتحدة يطلب من الكونغرس كل ستة أشهر السماح له بالتعامل مع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لغايات تحقيق التسوية السياسية للصراع.

• ما يعنيه السؤال هو الإستهداف الإستثنائي.. ياسر عرفات مستهدف دائما، لكنه مستهدف الآن بشكل استثنائي. هل شخصكم مستهدف بذات الإستثنائية..؟

ـ الأخ أبو عمار مستهدف بالدرجة الأولى، فهو قائد الثورة، وهو الذي يتمسك بعدم المساس بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. ولذلك، فإن الضغوط تتراكم على الأخ أبو عمار. واضافة إلى ذلك، هنالك ضغوط تمارس على كل من ينتمي لمنظمة التحرير، بما في ذلك رئيس الدائرة السياسية ووزير الخارجية.

وزارة العلاقات الخارجية

• بالمناسبة، هل جاء استحداث وزارة للعلاقات الخارجية في حكومة السلطة الفلسطينية على نحو مخالف لنص اتفاق اوسلو، والإتفاقات اللاحقة، ولقرار المجلس الوطني الفلسطيني في دورة عام 1988 باختياركم وزيرا للخارجية، ضمن عملية استهداف شخصكم تحت تأثير الضغوط الأميركية..؟

ـ أعتقد جازما أن هذه التسميات لا تغير من صلاحيات صاحبها، لأن هناك نصوصاً في الإتفاقيات تحدد صلاحيات أي أخ في حال تسميته وزيرا للعلاقات الخارجية، أو وزيرا للتعاون الدولي. فمسؤولياته تظل محدودة في اطار السلطة الفلسطينية التي قررت اتفاقيات 1993، 1994، 1995 أن ليس للسلطة الفلسطينية مسؤوليات ومهمات في المجال الدبلوماسي.. ولا في اقامة القنصليات والسفارات. وحتى الإتصال مع المبعوثين الدوليين لأراضي السلطة الفلسطينية لا يعتبر عملا دبلوماسيا.

هذا ما تقرره الإتفاقيات المعقودة. ومن حق منظمة التحرير الفلسطينية أن تفاوض نيابة عن السلطة الفلسطينية، وتوقع الإتفاقيات الدولية. وقد تم تبادل الإعتراف بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل. ولذلك، فإن هذه التسميات لا تؤثر مطلقا، وتبقى الصلاحيات كما هي.

ولكن تيمنا بما تنص عليه خارطة الطريق من أنه ستكون هناك في نهاية سنة 2005 دولة فلسطينية معترف بها من الأمم المتحدة، نقول إن الصلاحيات في ذلك الحين سوف تتغير، وليس قبل ذلك. نحن في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تمثل الحكومة الفلسطينية المؤقتة التي قرر المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده في الجزائر سنة 1988 استحداثها، حين انتخب الأخ أبو عمار رئيسا لدولة فلسطين، والأخ أبو اللطف وزيرا لخارجيتها، على أن نستكمل اختيار بقية أعضاء الحكومة المؤقتة من الداخل والخارج. لذلك، لا يستطيع أحد أن يغير في هذه التعيينات غير المجلس الوطني الفلسطيني.

• لكن الدكتور نبيل شعث، المعين وزيرا للعلاقات الخارجية في السلطة خاطب السفارات الفلسطينية خطيا، مبلغا اياها أنها أصبحت تابعة له، وأن مرجعيتها اصبحت وزارة العلاقات الخارجية.. وقد اطلعت على كتاب الدكتور شعث مشروحا عليه من قبلك بعبارات قاسية..؟

ـ الحقيقة أنه كان خطأ. والأساس، بغض النظر عن التسمية، أنه عين وزير دولة للشؤون الخارجية. ولذلك، لا بد من أن نزيل الإلتباس، وهذا ما فعلنا. وهو مرحب به إن اراد المشاركة معنا في اجتماعات الجامعة العربية أو أي مؤتمر دولي. لكن وزير الخارجية المفوض بالصلاحيات، والمعترف به، والمسؤول عن السفارات، بعد الأخ أبو عمار، هو وزير الخارجية الذي اختاره المجلس الوطني الفلسطيني.

والحقيقة أن الدكتور شعث يتولى مسؤولية ملف المعونات الأوروبية للسلطة الفلسطينية، لأن اوروبا لا تتعامل إلا مع السلطة الفلسطينية، لأن التعامل معها مادي، وهي تريد أن تدفع المسيرة السلمية للأمام.

معظم الأوروبيين لا يعترف بمنظمة التحرير، فقط يعترف بمفوضيات فلسطينية. وهنالك من يعترف بالمنظمة مثل النرويج ومالطا وقبرص، وهذا شيىء جيد. لكن فيما يخص التسوية السياسية، فإنهم يريدون أن تتعامل السلطة الفلسطينية. ولذلك قلنا للأخ نبيل شعث تولى هذه المسألة، ولكن بالتنسيق مع السفراء المعينين في اوروبا، والتابعين لوزارة الخارجية الفلسطينية.

ازدواجية المرجعيات

• السفير الفلسطيني في عمان يقول إن مرجعيته مزدوجة. فهي وزارة الخارجية، أو الدائرة السياسية حين يتعلق الأمر بصفته كسفير لدولة فلسطين، ووزارة العلاقات الخارجية، حين يتعلق الأمر بصفته كممثل للسلطة الفلسطينية. هل توافق على ذلك..؟

ـ لا. مرجعيته كسلطة يجب أن تكون الأخ أبو عمار، والأخ أبو مازن، ولا يستطيع أن يغير في ذلك إلا الأخ أبو عمار، أو الأخ أبو مازن. وأي عمل تقوم به السفارة يحتاج إلى موافقة وزير الخارجية. هذه هي الأصول.

• ما الموقف الذي اتخذه الرئيس عرفات من هذه الإشكالية التي اثارها تعميم الدكتور شعث..؟

ـ الموقف الذي اتخذه الأخ أبو عمار أنه وزع رسالتي بهذا الخصوص على أعضاء اللجنتين المركزية والتنفيذية. وأنا لا أدري إن كان الأخ نبيل هو الذي أعد ذلك التعميم أو أحد العاملين في وزارة التعاون الدولي (العلاقات الخارجية)، وهو صيغ بطريقة يمكن أن تقصد معاني متعددة.. وقد قلت لهم صححوا هذه المسألة لأن خطأ قد ارتكب. صحيح أنني استخدمت تعابير قاسية، ومرد ذلك أن الخطأ الذي ارتكب يخلق نوعا من التشويش. وقد ادرك الأخ أبو عمار هذه الحقيقة.

• وهل صحح الخطأ..؟

ـ نعم.

(أثناء اجراء هذا الحوار، يفاجئنا الدكتور نبيل شعث يطل عبر شاشة الفضائية المصرية قائلا إنه تمت تسوية الخلاف، وان اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح" تولتا توزيع الصلاحيات بينه وبين القدومي. ونسأل أبو اللطف). • ما مدى صحة ذلك..؟

ـ قرار المجلس المركزي الفلسطيني يقضي بأن المرجعية السياسية والتشريعية للسلطة الفلسطينية هي منظمة التحرير. ولذلك، فقد اعتبر المجلس التشريعي الفلسطيني جزءا من المجلس الوطني. لهذا، وحتى لا يساء فهم الحديث عن توزيع الصلاحيات، فيجب توضيح أن منظمة التحرير هي مرجعية السلطة.. أي أن وزارة الخارجية (الدائرة السياسية) هي مرجعية وزارة العلاقات الخارجية. إذا أتى إلينا الدكتور شعث، أهلا وسهلا. السلطة الفلسطينية ليست لها صلاحيات اقامة علاقات خارجية.

العلاقة مع أبي مازن

• العلاقة الفاترة التي تربطكم مع أبي مازن، هل لعبت دورا في استحداث وزارة العلاقات الخارجية..؟

ـ لا أعتقد. ليس هنالك أي فتور بيني وبين الأخ أبو مازن. نريد أن ينجح الأخ أبو مازن نجاحا كبيرا في المهمة التي تسلمها. وما أصعب هذه المهمة في هذه الظروف القاسية، بعد احتلال العراق، وبعد تشكيل حكومة جديدة، لا مرجعية لها سوى اتفاقيات اوسلو. وهو يحاول أن يجد طريقا من أجل تنفيذ مهماته كحكومة للسلطة الفلسطينية، علما أن الأخ أبو عمار، هو المكلف من المجلس المركزي الفلسطيني بأن يرئس السلطة الفلسطينية. والأخ أبو عمار، بناء على القرارات الصادرة عن اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح"، كلف الأخ أبو مازن القيام بهذه المهمة الصعبة.. اعانه الله عليها.

• أنت تتمنى له النجاح، ولكن هل تتوقع له النجاح..؟

ـ في ضوء الظروق الحالية، أعتقد أن الأخ أبو مازن هو فدائي.. ارجو له النجاح.

• فدائي، أم انتحاري..؟

ـ فدائي يخوض في ميدان صعب للغاية، لأن كل الظروف ليست معنا، بل هي ضدنا، غير أن ارادتنا قوية لجهة الرغبة في تحقيق السلام على أسس المبادرة السياسية التي قدمها بوش الأب.

• بعد تشكيل حكومة أبي مازن، التي من أهم مهماتها وقف العمليات الإستشهادية والمقاومة المسلحة، والعودة إلى المقاومة السياسية السلبية للإحتلال.. ما نظرتك في ضوء ذلك إلى مستقبل الوحدة الوطنية الفلسطينية..؟

ـ حركة "فتح" مهتمة اهتماما خاصا، وحريصة على أن تكون هناك وحدة وطنية، وبعيدا عن أي صدام مسلح بين فصائل المقاومة. ولا يجوز مطلقاً حدوث أي صدام.

أضف إلى ذلك أن جميع الفصائل حريصة على أن لا يكون صدام. ولهذا السبب، لا بد إذا ارادت اميركا أن تنجح المسيرة السلمية، أن تجبر اسرائيل على الإنسحاب إلى خطوط 28 ايلول/سبتمبر 2001، ورفع الحصار عن القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ليشعر الشعب الفلسطيني أن هناك نوايا حسنة. أما إذا لم يزل الإحتلال، وهم يريدوننا بالفعل أن نقنع الناس بعدم المقاومة، فإنهم يريدوننا أن ننتحر.. ويريدون حربا أهلية فلسطينية.

• في ضوء ذلك كيف تقيمون الموجة الأخيرة من العمليات الإستشهادية، خاصة لجهة التوقيت الذي تمت فيه، بعيد تشكيل حكومة أبو مازن..؟ هل هدف من خطط لهذه العمليات التصعيد مع حكومة أبي مازن وتحديها..؟

ـ هذه عمليات مستمرة.. حاولنا أن نمنعها من خلال اتفاق مع الولايات المتحدة لتجبر اسرائيل على الإنسحاب، لكن شارون، بعد أن وافقت هذه المنظمات على أن توقف العمليات الإستشهادية، قام بضرب حي الدرج في غزة، وكانت السعودية قد بذلت جهوداً لوقف العمليات الإستشهادية. وكانت حصيلة ذلك العدوان قتل وجرح 135 فلسطينياً، واستشهد في ذلك العدوان البطل صلاح شحادة (القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام).

انهم لا يريدن السلام. شارون لا يريد السلام، وليس في ذهنه أي حل سياسي.

خارطة الطريق

• نأتي الآن إلى احتلال العراق، وما اعقبه من تقديم النسخة الأخيرة من خارطة الطريق. بم تختلف هذه النسخة عن النسخة التي أقرت في 20/12/2002..؟

ـ بعد مماطلات استمرت من نيسان/ابريل 2002، حين زار الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي عهد السعودية الولايات المتحدة، مروراً بإعلان الرئيس بوش رؤاه لحل القضية الفلسطينية، ثم تقدم الدنمرك في ايلول/سبتمبر بمشروع خارطة الطريق كآلية عمل لتنفيذ هذه الرؤى، لقد تقدمت واشنطن بنص الخارطة، وقالت إنه لا تغيير طرأ عليها. وفي حقيقة الأمر أن "الخارطة" تضمنت تعبيرات لا يمكن القبول بها، وقد تحفظت السلطة الفلسطينية على الكثير من هذه التعبيرات.

ـ بعد مماطلات استمرت من نيسان/ ابريل 2002، حين زار الأمير عبد الله ولي عهد السعودية الولايات المتحدة، مرورا بإعلان الرئيس بوش رؤيته لحل القضية الفلسطينية، ثم تقدم الدنمرك في ايلول/ سبتمبر بمشروع خارطة الطريق، كآلية عمل لتنفيذ هذه الرؤية، تقدمت واشنطن بنص الخارطة، وقالت إنه لا تغيير طرأ عليها. وفي حقيقة الأمر أن خارطة الطريق تضمنت تعبيرات لا يمكن القبول بها، وقد تحفظت السلطة الفلسطينية على الكثير من هذه التعبيرات، وقالت اميركا إن هذه التعبيرات يجب أن لا تغير وأن لا تبدل، فقال شارون إن لديه مئة تعديل، ثم اختصرها في 15 تعديلا. وعندما نفذت العمليات الاستشهادية الأخيرة عدل عن زيارة واشنطن، وكأنه يريد التهرب من مواجهة الحقيقة.

وفي نهاية الأمر، أصر شارون على التعديل، فقبلت الولايات المتحدة بعشرة تعديلات. أي أن "خارطة الطريق" بدأت تتعثر منذ البداية. ونحن لا ندري ما الذي يمكن أن يحدث بعد ذلك، لكنه طريق صعب وشائك وطويل.

• أنت كان لك موقفا من هذه الخارطة. لم تكن متحمساً لها..؟

ـ في حقيقة الأمر أن التجارب الماضية تثير لدي دوما الشكوك، حول نجاح هذه "الخارطة". ونحن اناس ديمقراطيون. فعندما قبلت الغالبية في القيادة هذه "الخارطة"، بالرغم من الملاحظات التي ابدتها، فإن الأغلبية تلتزم.

الموقف السوري

• الضغوط التي اعقبت الإحتلال الأميركي للعراق لم تقتصر فقط على الجانب الفلسطيني بشكل مباشر، انما تناولته كذلك بشكل غير مباشر عبر الضغط على سوريا. وها هي مكاتب الفصائل الفلسطينية في دمشق تجمد تقديرا للظرف السوري، كما شرحه وزير الخارجية السوري للأمناء العامين للفصائل التي تتخذ من العاصمة السورية مقرا لها.

هذا الإجراء السوري كيف تنظر إلى مداه الزمني وآفاقه..؟ هل هو اجراء نهائي، أم مؤقت..؟

ـ ليست هناك في سوريا فعاليات فلسطينية مسلحة.. معظم الاخوة الفلسطينيين الموجودين في سوريا هم من الذين هاجروا إليها عام 1948.

• هذا ما قاله السوريون لكولن باول وزير خارجية اميركا..؟

ـ نعم. الأخ أحمد جبريل وغيره موجودون في سوريا منذ عام 1948. • لكن باول رد على هذا الكلام بتقديم تقرير أمني عن الدور العسكري الذي يقوم به الدكتور رمضان عبد الله شلح أمين عام حركة الجهاد من على الأراضي السورية، لجهة اصدار الأوامر بتنفيذ عمليات استشهادية..؟

ـ اعتقد أن كل هذا اختراعات، لأن الذين يعملون هم في الداخل، ويعرفون معرفة جيدة كيف يخططون. ولا يحتاجون إلى من يخطط لهم من الخارج. في الداخل يوجد تخطيط حي، ويستطيعون أن يخططوا بشكل أفضل.

• أنت شخصيا، علاقتك مع سوريا الآن هل هي ذاتها قبل احتلال العراق..؟

ـ نعم.. نفس العلاقة دون تغيير، لأن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وبدون تعاون وتنسيق عربي، فإننا نخسر الكثير من الأوراق الضاغطة.

• اشرت في مقابلة لك مع صحيفة "بيروت نيوز" التي تصدر في الولايات المتحدة إلى تعاون سوريا في مكافحة "الإرهاب". ما تفاصيل هذا التعاون..؟

ـ لا معلومات لدي.

الفلسطينيون في العراق

• ما المعلومات التي لديكم حول وضع الفلسطينيين في العراق، منذ بداية الحرب وحتى الآن..؟ ما الذي تعرضوا له..؟ ـ تعرض الاخوة الفلسطينيين إلى الطرد من منازلهم. • من قبل من..؟

ـ من قبل ملاك المنازل لأنهم كانوا يدفعون ايجارات قليلة، وكان النظام السابق يوفر لهم الحماية، كما تعرضوا كذلك لاعتداءات من قبل فئات معادية للشعور القومي. ولكن الشعب العراقي احتضن الفلسطينيين لسنوات طويلة. وكان يقدم لهم كل مساعدة، حتى أنهم رفضوا أن تتولى وكالة غوث اللاجئين تقديم الدعم لهؤلاء الفلسطينيين.

واريد أن ألفت هنا إلى أن شائعات واقوال ترددت في السابق اشارت إلى أن اللاجئين الفلسطينيين سينقلون إلى العراق. وقد اثار ذلك الكثير من الحساسية لدى الإخوة العراقيين، الذين شعروا أن الفلسطينيين سيأتون إليهم. وهذا سبب من الأسباب التي أدت إلى هذه المعاملة التي لقيها بعض الفلسطينيين داخل العراق.

• هل تعني بذلك فصائل سياسية عراقية، ومن هي تحديدا..؟

ـ لا أعرف إن كانت فصائل أم اشخاصاً. ولكن كثرة هذه الشائعات التي طافت الوطن العربي بكليته، اوجدت هذه الحساسية لدى بعض العراقيين الذين قالوا لأنفسهم يكفي وجود خمسين ألف فلسطيني في العراق.

• ماذا فعلتم للإطمئنان على اوضاع الفلسطينيين في العراق..؟

ـ نعتزم ارسال من نفوضهم بإجراء اتصالات مع الفلسطينيين في العراق ومعرفة حقيقة اوضاعهم. • ولم لا تقوم السفارة الفلسطينية في بغداد بهذه المهمة..؟

ـ السفارة الفلسطينية في بغداد لا تعمل الآن.

• ما رؤيتكم لمستقبل العلاقات الفلسطينية ـ العراقية بعد تشكيل نظام حكم جديد في العراق، تشارك فيه المنظمات السياسية العراقية التي كانت معارضة للنظام السابق، وبعضها مرتبط بالولايات المتحدة وسبق له التصريح أنه يعتزم الاعتراف بإسرائيل واقامة علاقات دبلوماسية معها..؟

ـ اولا لنرى من الذي سيحكم العراق. ونحن نأمل أن يراعي، الذي سيحكم العراق، الحقوق القومية وضرورة دعم القضية الفلسطينية. هذا ما نريده من العراق، لأن العراق دولة عربية كبيرة لها امكانيات سياسية ومالية كبيرة يمكن أن تدعم الشعب الفلسطيني.

• ما توقعاتكم بشأن طبيعة نظام الحكم المقبل وتوجهاته..؟

ـ يقولون أن هناك رغبة في اقامة الديمقراطية في العراق.. أي أنه ستكون هناك تعددية سياسية، وانتخابات. لكن الديمقراطية تحتاج إلى فهم ووعي جماهيري، ورغبة من القوى السياسية لأن تتعامل على اساس المبادىء الديمقراطية.

http://www.miftah.org