مبادرة الفرصة الأخيرة
الموقع الأصلي:
وكما يبدوا واضحا إن أسس المبادرة العربية / القطرية تحمل نفس المبادىء السياسية التي كان قد أكد عليها الرئيس عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك هي في المضمون تعبر عن روحية ما كان قد اتفق عليه بورقة المحددات السياسية ولو بصيغة اقل وضوحا كما هو وارد في المبادرة والتي تراجعت عنها قيادة حركة حماس وأسمت التعديلات التي طلبت تغيرها بالاستدراكات ، وكما هو واضح أيضا إن نفس التحفظات التي أبديت في سياق الحوارات السابقة حتى بعد أن التقى ممثل الرئيس روحي فتوح بقيادة الحركة في غزة بعد التنصل من اتفاق المحددات قبل توجه الرئيس للأمم المتحدة ، هي ذاتها ، ولم يجر أي تعديل جوهري عليها بل يمكن القول انه قد تكون هناك صعوبة بالغة في العودة للموافقة عليها بعد الضجيج الإعلامي الكبير الذي ثار حولها وبعد المواقف المعلنة من قبل قيادة الحركة والحكومة الرافضة لها بما في ذلك الخطاب الشامل لرئيس الوزراء السيد إسماعيل هنية يوم الجمعة الماضي الذي أعاد التأكيد على ذات المواقف وبلغة حازمة لا تفتح آفاقا حتى للمواربة بإيجاد حلول وسطية حتى بالصياغات اللغوية إن أمكن التلاعب باللغة ، ولسبب بسيط أن المواقف المعلنة في ظل مناخ هجومي على الآخرين وتبريري لفشل الحكومة والتهرب من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، فإن هذا الموقف العلني الصاخب قد يشكل قيدا على إمكانية العودة خطوة للوراء لتدوير الزوايا . السؤال الأساس الذي تبدوا الإجابة عليه هي مفتاح اللغز لنجاح أو فشل المبادرة العربية التي يقودها وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم والتي امتدت من دمشق لغزة وخاصة بعد إعلانه انه من الممكن مواصلة الاتصالات للتغلب على النقاط الخلافية لأسس البرنامج السياسي للحكومة القادمة . هل أعطاء فرصة إضافية وعدم إغلاق الباب أمام أمكانية بحث ومراجعة قيادة حركة حماس للموقف ، واختبار قدرتها على الموافقة على البندين الثاني والرابع ، والذي كان عليهم تحفظ مسبق كما كان قد أعلن القيادي خليل أبو ليلة سابقا ؟، أم أن هناك محاولة لتدوير الزوايا حول هذين البندين حتى لا تضع حركة حماس وحكومتها في موقف مواجهة ليس مع حكومة قطر بل ومع أطراف عربية عديدة ذات ثقل فاعل ومؤثر بالوضع العربي والإقليمي والدولي ، وهل هذه المحاولة تضمن الموافقة على هذين البندين بطريقة لا تجعلها وكأنها تراجعت عما أعلنته من موقف مسبق رافضا لهما ، أم أن محاولة تدوير الزوايا ستضع صيغة رفض مبهمة يصعب قبولها وتمريرها فلسطينيا وعربيا ومن ثم دوليا . وبما يعنيه هذا الرفض من المغامرة كما أشير بعلاقات الحركة وحكومتها مع المحيط العربي ، وبمعنى أدق ما هي الحسابات التي قد تفرض على قيادة حركة حماس الانتقال من محور / أو فسطاط دمشق، طهران، الضاحية الجنوبية في بيروت إلى المحور الآخر المقابل له ، وهل تسمح أوضاعها وصيغ تحالفاتها بما في ذلك قيادة حركة الأخوان المسلمين العالمية بهذا الانتقال أم لا . إن هذه الأسئلة الصعبة والمصيرية التي لا تمس مستقبل حركة حماس كحركة سياسية فلسطينية كبيرة ومؤثرة وذات نفوذ في الحياة السياسية والمجتمعية الفلسطينية ، وإنما تمس مستقبل النظام السياسي الفلسطيني وبقائه ، وبما يضمن بقاء القضية الفلسطينية حية ومطروحة على الأجندة العربية والدولية كقضية حرية واستقلال وطني . وفي ضوء الإجابة على هذه التساؤلات الصعبة والمصيرية ستتحدد الخيارات اللاحقة لمعالجة الوضع الفلسطيني وعلى أية أسس وقواعد ستجري هذه المعالجات ، وكما إن الجميع وفي مقدمتهم حركتي فتح وحماس يعتبر إن الحرب الأهلية هي الخط الأحمر الذي لا يجب ولا ينبغي الاقتراب منه ، فإن كافة الخيارات الديمقراطية الأخرى في ظل استنزاف الفرصة الأخيرة التي وفرتها المبادرة القطرية ، ستطرح على بساط البحث بما فيها التوافق إما على حكومة انتقالية من كفاءات وطنية مستقلة لمدة عام لإخراج القضية والشعب من المأزق والطريق المسدود الذي وصلت إليه وتفسح في المجال لمواصلة الحوار بعيدا عن الضغوط حول كافة الملفات بما فيها تفعيل وتطوير م.ت.ف ، أو التوافق على العودة إلى الشعب صاحب الحق الأول والأصيل ومانح الشرعية بالاحتكام مجددا لصناديق الاقتراع لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية تضع حدا لصراع البرنامجين وتخرجنا من المأزق الذي لا حل بالخروج منه سوى بالاحتكام لإرادة الشعب . - مفتاح 11/10/2006 - http://www.miftah.org |