الوجع الفلسطيني من النكبة إلى الاقتتال الداخلي...!
بقلم: نواف الزرو
2006/10/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=6200


الواضح في هذه الايام مع بالغ الاسى والخجل ان التطورات والاحداث الفلسطينية الداخلية تتسارع بوتيرة عالية مذهلة بالاتجاه الذي يتحسب منه كل الفلسطينيين والعرب وكل اصدقاء فلسطين في العالم ...فالذي يجري على صعيد صراع الصلاحيات بين المؤسستين الرئاسية والحكومية يتجاوز المنطق والمعقول والمصلحة الوطنية الفلسطينية العليا ..كما انه يتجاهل حقيقة كبيرة ...كبيرة... صارخة : ان هناك دولة احتلال تعمل على مدار الساعة بغية الشطب الكامل للقضية والحقوق الفلسطينية في الوقت الذي تعمل فيه من اجل التهويد الشامل لفلسطين من البحر الى النهر ...؟!

والواضح ان الحسابات والاعتبارات الضيقة تطغى وتهيمن حتى الآن على الحسابات والاعتبارات الوطنية العليا ، حيث الواقع هناك على الارض الفلسطينية يستدعي الائتلاف والتلاحم والوحدة الوطنية الفلسطينية ...!

نربط ربطا جدليا عضويا ما بين النكبة الفلسطينية الكبرى بكل اثقالها واوجاعها المستمرة وما بين هذا الصراع والاقتتال الداخلي ما بين حاملي النضال والجهاد الفلسطيني من اجل التحرير والاستقلال ...بل ان هذا التطور الاخير لهو اشد وطأة بكارثيته ونكبويته من كل الاوجاع السابقة التي كانت وما تزال نتاج المشروع الصهيوني والاحتلال بكل مضامينهما وتداعياتهما...!َ ونقول: ربما تتجسد امامنا في هذه الايام على ارض غزة والضفة اسوأ الكوابيس التي كانت تؤرق كل الفلسطينيين ومن يناصرهم على مستوى الامتين العربية والاسلامية وكذلك على المستوى الاممي ..تلك الكوابيس المرعبة التي ما فتأ اجماع فصائل وقوى الفلسطينيين يعتبرها خطا احمرا ومن اخطر المحرمات الفلسطينية التي لا يمكن الانزلاق اليها...!

فالفلسطينيون يدركون باجماعهم الفصائلي السياسي والجماهيري من الحائط الى الحائط، ان "مقتلهم" يكمن في صراعاتهم واقتتالهم الداخلي، وان صمودهم وتواصل مشروعهم النضالي حتى نيل الاستقلال، يكمن في وحدتهم وتماسكهم وصلابة جدران جبهتهم الداخلية.

وتدرك ادارة مشروع الاحتلال من جهتها، انه لا يمكن النيل من معنويات وصلابة هذا الشعب - الفلسطيني - ولا يمكن الحاق الهزيمة الشاملة به، الا بتفكيك وحدة "نصه" النضالي وهز اركان جبهته الداخلية.

ولذلك حرصت سلطات الاحتلال منذ اندلاع الانتفاضة الكبرى/ 2000 والمواجهات الفلسطينية - الاسرائيلية، على التركيز على الجبهة الاعلامية/ النفسية/ المعنوية، لما لهذه الجبهة من دور كبير في حسم المواجهة.

وقد وظفت تلك السلطات كافة اسلحتها في هذه الجبهة، وكان من اخطرها المحاولات الحثيثة المتصلة من اجل اثارة الفتنة في الجبهة الداخلية الفلسطينية، واشعال الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني.

فالانجراف الى الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني هو مقتل الفلسطينيين، وهو اخطر مدماك في نجاح مشروع الاحتلال....؟!! ولذلك نؤكد : لعل الاولوية الوطنية الفلسطينية العليا تتمثل بالتماسك الجبهوي الداخلي ..الذي يحتاج بدوره الى قراءة فلسطينية معمقة لنوايا ومخططات وخطوات العدو...!

على هذا الصعيد تحديدا كنا تابعنا وما زلنا سياسيا الضغوطات والحصارات والتهديديات الثلاثية الامريكية –الاوروبية –الاسرائيلية للسلطة والحكومة الفلسطينية المنتخبة ...

* فالحملة كانت وما تزال شاملة مرعبة حربيا ميدانيا وحصاريا تجويعيا واعلاميا ومعنويا وديبلوماسيا على كل المستويات ... - فالجنرالات موفاز وحلوتس وبن اليعازر يضاف اليهم جنرالات السياسة من اولمرت وبيريز وبيرتس وغيرهم كلهم يجمعون ويجددون التهديدات الحربية الاجتياحية التدميرية لغزة ... ويوصون باحزمة امنية حصارية وباجراءات خانقة اكثر فعالية...!

كان الجنرال موفاز قد اطل علينا قبل الحرب الاخيرة معربدا : "ان غزة ستهتز وترتعد تحت وقع "امطار الصيف" ، و "ان الزهار وهنية سيلحقون بالشيخ ياسين والرنتيسي " ...يضاف الى ذلك سلسة لا حصر لها من التهديدات والعربدات الحربية على لسان كبار جنرالات الجيش والسياسة في " اسرائيل ".

فغزة غدت اليوم على ابواب حرب اسرائيلية اجتياحية تدميرية قد تبقى ولا تذر...!

نتابع ذلك عربيا ودوليا وكأنه لم يعد علاقة لاحد بما يجري ويعد ويقترف هناك من حروب عدوانية وجرائم حرب بشعة.

عمليا.. وتطبيقا على الارض الفلسطينية المحتلة هناك، تدمر آلة الحرب الصهيونية ليس فقط عملية المفاوضات والسلام وفرص التسوية وكل المشاريع والمقترحات، بل تدمر بلا رحمة كل المرجعيات والمعاهدات والمواثيق والقرارات الدولية، ولم يعد في الأفق سوى مرجعية واحدة طاغية هي مرجعية الاحتلال ولغة القوة والعربدة العسكرية المنفلتة.

وتتكرس هذه المرجعية يوما عن يوم نتيجة للاوضاع الفلسطينية الصعبة والقاسية والكارثية اولا، ونتيجة الاوضاع العربية المفككة والعاجزة والمهزومة والمدجنة - هكذا طوعا وبقرارات وارادات عربية رسمية - ثانيا، ونتيجة لموازين القوى الاقليمية والدولية وهيمنة وطغيان الولايات المتحدة الصهيونية على المجتمع والقرارات والارادات الدولية ثالثا.

ولذلك نتابع ونثبت في ضوء ذلك حقيقة كبيرة راسخة: ان حاملتي مشروع المقاومة والتحرير والاستقلال (فتح وحماس) غفلتا عنها وهي : اذا اردت ان تعرف مدى كارثية الاحداث والتطورات الفلسطينية الداخلية ، ومدى تفاقم المأزق الفلسطيني الشامل فانظر لاسنان العدو .. واذا اردت ان تقرأ التداعيات الحقيقية لمثل هذه الاحداث، وهذا المأزق فانظر في مرآة العدو ..

وبالتالي فان الحقيقة الكبرى الساطعة تغدو ان الفلسطينيين كلهم بفصائلهم وجماعاتهم واجماعهم يجب ان يكونوا في خندق واحد في نهاية الامر ان شاؤوا ام ابوا .. وكلهم باجماعهم في مواجهة حرب ابادة سياسية تستهدفهم جميعا، فجنرالات الاحتلال لا يريدون ان يروا لا سلطة ولا فصائل ولا دولة ولا كيان فلسطيني .. ولا يرودون حتى ان يروا طفلا فلسطينيا سليما معافى يدرس ويلعب ويبتهج كباقي اطفال العالم.....؟!!

nawafzaru@yahoo.com - مفتاح 17/10/2006 -

http://www.miftah.org