صدمة "إسرائيل"
الموقع الأصلي:
فإذا كانت قيادات سياسية وعسكرية أمريكية سبق وان اعترفت بأن الغزو الأمريكي للعراق كان لخدمة مصالح “إسرائيلية” فإن الولايات المتحدة باتت مضطرة الآن الى الخروج من العراق بأسرع ما يمكن بعد أن تجاوزت خسائرها البشرية في العراق خسائرها في الحرب العالمية الثانية، وبعد أن قدرت لجنة “بيكر - هاملتون” التي شكلها الكونجرس للبحث في إيجاد أفضل السبل للخروج من المأزق العراقي أن تكاليف الحرب في العراق، وحتى عام ،2008 أي بعد عام تقريباً من الآن سوف تتجاوز تريليون دولار (ألف مليار دولار). ومعنى الخروج الأمريكي من العراق هو سقوط كل الأحلام أو الأوهام “الإسرائيلية” لانهيار النظام العربي من خلال فرض “النموذج العراقي” على أغلب الدول العربية أي نموذج التقسيم العرقي والطائفي. المشكلة لا تقتصر على ذلك ولكن تقرير لجنة “بيكر - هاملتون” أصاب “الإسرائيليين” بالصدمة مرات ثلاث: الأولى، عندما أقر بأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق هو الحل للورطة الأمريكية الراهنة. والثانية، عندما ربط بين هذه الورطة الأمريكية في العراق وثلاث أزمات اقليمية ملتهبة، هي الصراع العربي - “الإسرائيلي” والبرنامج النووي الإيراني والوضع المتأزم في لبنان. والثالثة، حسم إقرار اللجنة ضرورة إجراء حوار أمريكي مع إيران وسوريا، والاعتراف بأن حل الورطة الأمريكية في العراق لن يتحقق في غياب البلدين. لقد راهنت “إسرائيل” على نجاح المشروع الامبراطوري الأمريكي وبالذات على الحرب الأمريكية على الإرهاب ودفعت الولايات المتحدة لخوض هذه الحرب لتوريطها في معارك “تمهيد الأرض” لفرض “المشروع الإسرائيلي” ونجحت في ربط حربها ضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية بالحرب الأمريكية على الإرهاب، ونجحت أيضاً في جعل إيران وسوريا وحزب الله وحركة “حماس” أطرافاً مستهدفة من هذه الحرب الأمريكية ودفعت واشنطن الى توصيف هذه الأطراف على أنها تشكل “محور الإرهاب”. الآن تتداعى كل هذه الترتيبات، سواء أخذ الرئيس الأمريكي بكل أو بعض توصيات لجنة “بيكر - هاملتون” فالأهم من هذا كله، وهو ما يدركه “الإسرائيليون” هو تراجع دور أمريكا في المنطقة، وانتهاء ما سماه ريتشارد هاس “نهاية الحقبة الأمريكية” لمصلحة صعود أدوار قوى الممانعة والصمود أمام المشروع الصهيوني، وتنامي وعي الشعب الأمريكي بأن تخليص أمريكا من أوحال العراق يبدأ بالضغط على تل أبيب من أجل حل مشكلاتها مع الفلسطينيين وسوريا ولبنان. الوعي بهذا التحول أدركته وزيرة الخارجية “الإسرائيلية” تسيبي ليفني عندما طالبت كبار المسؤولين “الإسرائيليين” في الكيان بعدم التعبير عن الدعم “الإسرائيلي” لرئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة لأن هذه التصريحات “لا تؤدي إلا الى إضعافه”. الواقع يؤكد أن المشروع الأمريكي للمنطقة يتهاوى، وأن الإدارة الأمريكية تعمل الآن على إخراج شكل فشلها. - الخليج الاماراتية 12/13/2006 - http://www.miftah.org |