المؤيدين والمعارضين والحذرين والمواقف المشروطة
بقلم: الدكتور يوسف كامل إبراهيم*
2007/2/14

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=6684


حظي اتفاق مكة بردود فعلٍ كثيرة ومتباينة ،وتباينت المواقف التي صدرت بشأن الاتفاق بين مؤيد ومعارض وبين موقف الدول والهيئات المشروط ، فقد تمحورت المواقف العربية والإسلامية كمواقف مؤيدة للاتفاق، في حين وقف الموقف الأمريكي والإسرائيلي عند الموقف المشروط والمنتظر لما بعد قراءة وتحليل مضمون الاتفاق بشرط أن يكون الاتفاق قد ألزم حركة حماس بالاعتراف بدولة إسرائيل ، أما موقف بعض الدول والمؤسسات الأوربية فقد توقف الموقف عن التأكيد الحذر ويمكن رصد المواقف لجميع الأطراف كالأتي:-

مواقف الدول العربية:-

فقد رحب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة الإمارات خلال اتصالا هاتفيا مع محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بالاتفاق الذي وقع مؤخرا بين حركتي فتح وحماس في مكة برعاية سعودية،كما انضمت الى الموقف المؤيد كل من إيران وتونس والأردن والحكومة اللبنانية، ووصل الحد إلى أن الحكومة الأردنية لن تفرض أي حظر على أي وزير من حماس في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنها سوف تتعاون مع الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها وإنها ستسعى لرفع الحصار الجائر عن الشعب الفلسطيني عبر المحافل العربية والدولية.

موقف الأمم المتحدة:-

موقف الأمم المتحدة صدر عن أمينها العام (بان كي مون) خلال اتصال هاتفي أجراه مع خادم الحرمين ،وأثنى على جهود الملك عبدالله ورعايته هذا اللقاء الذي حقق المصالحة الوطنية للقيادات الفلسطينية وحقن دماء أبناء الشعب الفلسطيني. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن سعادته وترحيبه بهذا الاتفاق وبأنه سيعمل ما في وسعه لمتابعة نتائجه للفلسطينيين والمنطقة. موقف الدول الأوربية:-

فقد صدر العديد من المواقف عن بعض قادة الدول الأوربية والتي لها ثقل في السياسة الدولية ، فقد رحب الرئيس الفرنسي جاك شيراك في اتصال هاتفي مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بالاتفاق معبرا عن "الأمل في أن يضع هذا الاتفاق حدا للمواجهات بين الفلسطينيين"، واعتبر شيراك أن الاتفاق "الذي يشكل خطوة أولى في أخذ مبادئ اللجنة الرباعية في الاعتبار، يجب أن يحظى بالدعم الكامل من المجموعة الدولية".

كما رحب وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي باتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس، كما رحب بتشكيل حكومة وحدة وطنية وأضاف "في هذه الظروف نعتبر أن تشكيل الحكومة الجديدة على أساس الوحدة الوطنية بين فتح وحماس يجب أن يكون موضع تشجيع وان يلقى دعما من المجموعة الدولية من اجل تمهيد الطريق لعلاقات تعاون جديدة واستئناف عملية السلام".

كما رحبت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت باتفاق مكة معتبرة ذلك انه "تطور مهم" على طريق المصالحة بين الفلسطينيين.وقالت بيكيت في بيان "نرحب بالجهود الجارية لوقف العنف والتشجيع على مصالحة بين الفلسطينيين".وتابعت "علينا ان ندرس هذه المقترحات بدقة ونناقشها مع شركائنا الأوروبيين وغيرهم" كما رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاتفاق ودعا إلى رفع التعليق المفروض على المساعدات المباشرة إلى الحكومة الفلسطينية.

موقف الاتحاد الأوروبي:-

فقد أعلن الاتحاد الأوروبي انه يحلل "بطريقة ايجابية لكن حذرة" الاتفاق الذي وقع في مكة بين حركتي حماس وفتح لتشكيل حكومة وحدة وطنية.وهذا الموقف عبرت عنه المتحدثة باسم الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا.وقالت كريستينا غالاش "سنحلل كل التفاصيل بطريقة ايجابية لكن حذرة".

أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد رحبت في مؤتمر ميونخ الأمني بالاتفاق، واعتبرته "خطوة في الاتجاه الصحيح" لأنه "أتى من منطقة الشرق الأوسط"، رغم أن "هناك الكثير من العمل لتلبية شروط اللجنة الرباعية الثلاثة".

موقف الرباعية:-

وقررت اللجنة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي عقد اجتماع في 21 فبراير/شباط الجاري ببرلين، في انتظار معرفة ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستقبل الشروط التي وضعتها اللجنة، وهي نبذ ما يسمى العنف والاعتراف الكيان الصهيوني وبالاتفاقات الموقعة بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية، وفي السياق ذاته جددت المجموعة الرباعية في بيان أصدرته دعمها حكومة فلسطينية "تتعهد بنبذ العنف وبالاعتراف بإسرائيل والموافقة على الاتفاقات المعقودة والالتزامات بما في ذلك خارطة الطريق". الموقف الأمريكي:-

فقد فضلت الولايات المتحدة التريث في اتخاذ موقف نهائي من اتفاق مكة إلا انه قد صدر موقف عن البيت الأبيض ووزيرة الخارجية ، حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض إنه بحاجة لبعض الوقت لدراسة تفاصيله، وأبدى البيت الأبيض حذراً بشأن اتفاق مكة لكنه ذكر في المقابل شروط للتعاون مع حكومة فلسطينية بدءاً بالاعتراف بإسرائيل. قال المتحدث توني سنو انه من "السابق لأوانه" اتخاذ موقف وان البيت الأبيض لا يملك سوى معلومات "أولية".وقال سنو "لكن ما سبق أن أكدناه وسنستمر في تأكيده هو انه من الضروري تشكيل حكومة (فلسطينية) تكون شريكة في المفاوضات مع إسرائيل وتلتزم بالتالي بشروط اللجنة الرباعية" الدولية التي وضعت خطة سلام تنص على قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وذكر سنو بهذه "الشروط" التي هي "ركائز" السياسة الأمريكية وتختصر بنبذ العنف والاعتراف بالاتفاقات المبرمة وبحق إسرائيل في الوجود.، أما وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليسا رايس فقد أكدت أن واشنطن لن تعقب على الاتفاق إلا بعد دراسته.وقد صرحت الوزيرة رايس في كلمة ألقتها أمام زعماء المنظمات اليهودية الأمريكية أن الولايات المتحدة مصرّة على أن تمتثل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية لشروط الرباعية الدولية الموقف الإسرائيلي:-

فقد جاء الموقف الإسرائيلي من اتفاق مكة على لسان العديد من المسئولين الصهاينة وكذلك من خلال ديوان رئيس الوزراء والذي أشار الى انه في حالة عدم امتثال الحكومة الفلسطينية لهذه الشروط وفي مقدمتها الاعتراف بدولة إسرائيل فإنها لن تحظى باعتراف دولي ، كما أشار النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيرس انه يجب دراسة تفاصيل اتفاق مكة بين فتح وحماس بإمعان مؤكدا ضرورة أن تلبي الحكومة الفلسطينية المنوي تشكيلها شروط الرباعية الدولية ، أما رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست تساحي هنغبي أن اتفاق مكة لا يتضمن التزاما من جانب حماس بالاعتراف بدولة إسرائيل مضيفا / أن حركة حماس كررت مجددا موقفها الرافض للتخلي عن ميثاقها الداعي إلى ابادة إسرائيل، من ناحيته عبر وزير الشؤون الإستراتيجية الصهيوني " افيغدور ليبرمان" في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية تنشر الاثنين عن خشيته من أن يؤدي «تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية إلى منح حماس الشرعية الدولية التي افتقدتها حتى الآن، دون أن تعترف بالكيان الصهيوني أو تضع حدا لإستراتيجيتها الإرهابية ضدنا».

من خلال استعراض مواقف الجهات المختلفة من اتفاق مكة نجد أن الموقف الايجابي والمؤيد قد صدر وبشكل صريح ليس فيه لبس من الدول العربية والتي يتوقع الشعب الفلسطيني منها هذا الموقف، ولكن لا يتمنى الشعب الفلسطيني من الأمة العربية والإسلامية أن يقف موقفها عند حدود المؤيد أو الراعي لهذا الاتفاق ، ولكن يتطلع الشعب الفلسطيني أن تفرض الدول العربية أرادتها في فرض الاتفاق وتبعاته على الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة والتي ظهر موقفها بالموقف الباهت والمرهون بالموقف الأمريكي والإسرائيلي حيث لم يتعدى الموقف الأوربي حدود الموقف المؤيد والمشروط، و بشروط على رأسها الاعتراف بإسرائيل، أما الموقف الأمريكي والإسرائيلي من الاتفاق فكان موقف واضح ضمن شروط سعت للحصول عليها إسرائيل منذ نشأتها من الشعب الفلسطيني وهي أن تعترف الضحية للجلاد، فمخاطر موقف واشنطن وتل أبيب من اتفاق مكة، والداعي إلى ضرورة التطبيق الحرفي للاشتراطات الدولية، يجب عدم التوقف عند هذا الموقف ولكن الخوف من تأثير هذا الموقف على مواقف العديد مِن الدول الإقليمية والدولية النافذة والوصول إلى حالة ركوع وانصياع من هذه الدول الإقليمية والدولية وراء الموقف الأمريكي والإسرائيلي والوصول إلى تفريغ اتفاق مكة من مضمونه والساعي الى رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وإبقاء الشعب الفلسطيني على حالة من الحصار الاقتصادي والسياسي وعدم قدرة وصول الدول إلى مربع التنفيذ كما حصل سابقا عندما اتخذ وزراء الدول العربية موقف فك الحصار عن حكومة الشعب الفلسطيني المنتخبة ولم يستطيعوا تنفيذ ذلك ، وكذلك الحال مع الكثير من الدول العربية والإسلامية التي رغبت في فك الحصار عن الشعب الفلسطيني وتقديم المساعدة للشعب الفلسطيني ولم تستطع فعل ذلك بسبب الضغط الأمريكي والتخويف لهذه الدول. - مفتاح 14/2/2007 -

http://www.miftah.org