حتى تكون الحكومة الجديدة- جديدة!!
الموقع الأصلي:
الـمعتدلون هم الذين يقبلون الإملاءات لقاء فتات رخيص. والـمتطرفون الذين تضم قائمتهم إضافة للـمتطرفين الفعليين أولئك الذين يرفضون الإملاءات ويتمسكون بالشرعية الدولية. وجدير بالذكر أن هذا التقييم جعل الرئيس عرفات (أبو الواقعية) متطرفاً وفتح عليه معركة ضروس، وكان محمود عباس غير مقبول ووضعت خطة الفصل من طرف واحد في مواجهته، والآن يجري التعامل مع حماس التي أصبحت جزءاً من الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية بالطريقة نفسها، فيتم إظهارها كجهة متطرفة لـم تتزحزح قيد أنملة عن مواقفها. وبناء عليه يستمر حصار الحكومة الجديدة من قبل إسرائيل وإدارة الرئيس بوش. حكومة الوحدة على قاعدة برنامج وأهداف واقعية تعد إنجازاً وطنياً كان لا بد منه، وهي الصيغة الـمثلى في شروط حركة تحرر لـم تصل بعد إلى الاستقلال. لقد بات في حكم الـمؤكد أن الشعب والحركة الوطنية الـمنقسمين والـمتصارعين لا يمكن لهما أن ينجزا هدف التحرر الوطني وبناء الدولة ولا بأي حال من الأحوال. وهذا ما أكدته تجارب حركات التحرر الظافرة. وتجارب الحزب الحاكم الفاشلة والـمدمرة. منذ الآن يفترض أن تذهب كل الجهود نحو إنهاء الاحتلال الذي سيدخل في حزيران الـمقبل عامه الأربعين كأطول وأسوأ احتلال. الـمنظمة والحكومة معنيتان بوضع خطة وطنية عامة تمنع التجديد للاحتلال عاماً إضافياً واحداً، معنيتان بتوحيد الشعب وإحياء التحالفات وممارسة الضغوط لجعل العام أربعين خاتمة للاحتلال. دولة الاحتلال لا ترغب ولا تملك حلاً أو خطة للتراجع عن احتلالها البغيض. وإدارة الرئيس بوش لا تملك غير أقوال بلا رصيد عن رؤية الدولتين، وواقع الحال لا ترى غير دولة واحدة. أكبر دليل على ذلك هو رفض الفرصة التي وفرتها حكومة الوحدة الوطنية للحل السياسي. والتثبيت على شروط الرباعية الدولية بحذافيرها وليس بمضمونها. منذ الآن لا يستطيع عقلاء الـمجتمع الدولي التذرع بشروط الرباعية والاصطفاف مع الاحتلال ضد الشعب الـمحتل، ولا البقاء شاهد زور على إقامة "بندوستونات" الفصل العنصري الجديد. كيف ستنجح حكومة الوحدة في طرح مشكلة الـمشاكل الـممثلة بالاحتلال كبديل لذريعة اسمها شروط الرباعية. هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة منذ اليوم الأول. الفلتان الأمني، وحالة التفكك الـمجتمعي، والنكوص إلى سلطة العشيرة والعائلة الـمتداخلة مع سلطة الفصيل، تلك الحالة الـمؤسسة على ثقافة ما قبل رأسمالية، كالأعراف والتقاليد البالية والانغلاق وإقصاء الآخر ونبذ الحداثة. أسباب عديدة كانت وراء هذه التحولات الرجعية في الـمجتمع الفلسطيني، جاء في مقدمتها تعدد الأجندات السياسية الخاصة الذي ولّد تعدد الـمليشيات الـمسلحة، واحتكار مراكز القوى لاستخدام العنف في إطار الجشع والـمصالح الخاصة بدلا من جعل الاحتكار من اختصاص السلطة وحدها في إطار من تطبيق القانون والعدل. الان وفي عهد حكومة الوحدة أصبحنا ننتمي إلى أجندة واحدة هي برنامج الحكومة الـمستوحى من برامج الـمجالس الوطنية ووثيقة الأسرى والقانون الأساسي. ومن الـمفترض والطبيعي ألاّ تكون لدينا مليشيات فصائلية ولا عائلية، من الـمفترض أن تكون لدينا شرطة واحدة تدافع عن القانون وتحيل كل من يعتدي على الحق العام والناس إلى القضاء كي يحاسب. أما سلاح الـمقاومة فله شأن آخر. ولا يجوز خلط هذا السلاح بسلاح الفلتان وسلاح العائلات والعشائر. ما جرى هو تعويم استخدام السلاح بمستوى طغيان السلاح غير الشرعي الذي أساء بشكل غير محدود لطهارة سلاح الـمقاومة. الاقتتال الداخلي أضاف تعقيداً جديداً في النسيج الاجتماعي الفلسطيني. برنامج الحكومة حاول لفلفة الـمشكلة وطي الصفحة على الطريقة القبلية. وهذا النموذج غير القانوني الذي غيّب الـمساءلة والـمحاسبة لا يساعد على ضبط الآخرين. إنّ وضع حد لفوضى السلاح يشكل التحدي الثاني أمام حكومة الوحدة الوطنية، و دون حل مشكلة الفوضى وحظر إقامة القانون باليد لن تستطيع الـمنظمة والحكومة توحيد الشعب لإنهاء الاحتلال في عامه الأربعين. عندما يصبح للجميع أجندة واحدة، تتحول الـمنافسة إلى حقول أخرى. فهل ستكون الـمنافسة بين الفصيلين الرئيسين على استحواذ الـمؤسسة وتقاسمها. النموذج الذي قدمته "فتح" في مجال بناء الـمؤسسة كان بيروقراطياً وشخصانياً وفئوياً دون إقصاء للآخرين. والنموذج الذي قدمته "حماس" كان فئوياً وإقصائياً بامتياز، حمل معه طموحاً غير مشروع لاستبدال سيطرة بأخرى، وفي الحالين كان الخاسر الأكبر هو الـمؤسسة والـمواطن. أين الإصلاح الذي طرح في البرامج وبقي حبراً على ورق؟ هل ستحصل مقايضة إغلاق ملفات الفساد بإغلاق ملفات الاقتتال! وهل ستتم مقايضة سيطرة حماس على الـمجتمع عبر الأوقاف والتربية والتعليم، والـمس بالحريات العامة لقاء سيطرة "فتح" على الـمال والعلاقات الخارجية؟ وهل ستبقى قوى اليسار في موقع هامشي للـمراقبة والتوسط والبحث عن حصة متواضعة؟ أسئلة ومواقف تبقى برسم تدخل الـمجتمع و كل الفئات الحيّة بداخله. ما يهمّ عدم تكرار التجربة السابقة في مجال عمل السلطة والـمعارضة. فقد توقفت الـمعارضة اليسارية وقوى الـمجتمع الـمدني عن خوض معارك ضد الفساد الإداري والـمالي وضد انتهاك الحريات العامة وضد التحوّلات الرجعية الـمخيفة داخل الـمؤسسة والـمجتمع في حدود القانون وفي الوقت الـمناسب. الحكومة لن تقوم بإصلاح جدي دون تدخل العناصر الحية في الـمجتمع ودون معارضة ديمقراطية نشطة لا تبرم الصفقات غير الـمبدئية ولا تبحث عن حصة مقابل صمتها. الأيام 20/3/2007 - http://www.miftah.org |