بوابة القيادة في إسرائيل مفتوحة حتى أمام الـمشبوهين!
بقلم: عوزي بنزيمان
2007/3/1

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=6744


عندما يولد طفل أو طفلة في فرنسا يختار الوالدان له اسما فقط من كتاب اسماء محدد قامت الدولة باعداده. حرية الاختيار في هذه الـمسألة محدودة من أجل ضمان الهوية الفرنسية للـمولود. هذا الاتجاه يتواصل طوال حياتهم: في الـمدارس يتعلـم الاطفال كيف ينشئون هويتهم الفرنسية ومن الـمحظور عليهم ان يعبروا عن اي انتماء ديني. وهذا هو السبب وراء قيام الحكومة الفرنسية بحظر ارتداء الحجاب في الـمدارس. الهوية الفرنسية الـمتجذرة هي شرط للانخراط في الحياة السياسية والدليل على كل ذلك هو عدد الـمهاجرين الـمتدني جدا في الجمعية الوطنية.

فرنسا هي دولة قوية بصورة خاصة وليس لزاما ان تكون نموذجا لدولة ديمقراطية اخرى ولكن ليست هناك دولة لا تضع شروطا محددة للـمواطنين الذين يهاجرون اليها حتى يحصلوا على جنسيتها خصوصا من يرغب بالتحول الى قائد فيها. في ايرلندا مثلا يشترطون حق الترشيح للبرلـمان بالاطلاع على تاريخ الدولة وادبياتها. اما في النرويج فيشترطون الانتخاب بالاقامة في الدولة لـمدة عشر سنوات على الاقل. وفي كندا شرط مشابه. حتى في استراليا، البلد الذي يشجع الهجرة، لا يمكن للـمواطن الذي يحمل جنسية بلد آخر أن يرشح نفسه للبرلـمان. الدول تتوقع من ممثليها ان يعرفوا قيمها وتراثها وان تنعكس هذه القيم في الـمنظمة الداخلية لاحزابهم: وفي احيان كثيرة يرفض بعض الـمرشحين تحت شروط من أهمها ان يكون هناك ارتباط مؤكد بينهم وبين حزب ايديولوجي سياسي معين.

في اسرائيل تعتبر الـمساحة التي يتوجب على الـمواطن العادي ان يجتازها حتى يصل الى نقطة ترشيح نفسه للـمناصب الرسمية منطقة مهملة. من حق كل مواطن ان يرشح نفسه للكنيست (الا ان كان هذا الحق محظورا عليه بسبب ادانة جنائية) باستثناء شرط بلوغه (21) سنة وتمتعه بالـمواطنة. في الدول الاخرى يتطلب الامر كما أسلفنا توافر شروط اساسية، أما في اسرائيل لا توجد بسبب حق العودة اية قيود زمنية على تحول الـمهاجرين الجدد الى مستحقين للترشيح للبرلـمان بعد وصولهم للبلاد بيوم واحد. وقد كانت سابقة قام فيها يهودي كان قد فر للبلاد من سلطات القانون الفرنسية (شموئيل بلاطوشارون) واستطاع الفوز بمقعد برلـماني واكتساب حصانة امام قانون وتحصين نفسه من خلال ذلك لعدة سنوات على الاقل. اركادي غايدمك ينشط ويتحرك في هذه الـمساحة الـمخترقة. شرطة اسرائيل وفرنسا تهتمان به الا انه يتعامل معهما كمن ينفض ذرة غبار علقت في ثيابه. هو يخرج من مراكز التحقيق الاسرائيلية مطلقا تصريحات ساخرة مستهزئة بمستوى الـمحققين والتهم التي يوجهونها اليه ودرجة الوطنية التي توجد لديهم. غايدمك هذا تجول في البلاد موزعا امواله هنا وهناك مجتذبا افئدة الناس الـمعوزين حتى يتبوأ من خلال ذلك مكانة شعبية بكل ما تحمله الكلـمة من معنى.

منذ أن وطئت قدمه السياسة الاسرائيلية تحول غايدمك الى شخص معروف لدرجة انه اعلن عن اقامة حزب سياسي، الاسبوع الـماضي، الامر الذي يشير الى عزمه الوصول الى قيادة الدولة. من الـمخجل ان نرى كيف يستطيع هذا العملاق الغريب تماما عن اسلوب الحياة في اسرائيل ان يصل الى درجة انتقاد حياتنا ونظامنا وقانوننا بكل هذه البساطة. غايدمك يطلب من الناس ان يثقوا بوجهات نظره وان يعطوا اصواتهم في يوم الانتخابات لبنيامين نتنياهو. ربما يتوجب على البرلـمان ان يتدخل لوضع شروط امام اشخاص من امثال غايدمك ومنها مثلا تعلـمهم للغة الدولة قبل الـمراهنة على الوصول الى قيادتها.

جريدة الأيام عن هآرتس (01/03/2007).

http://www.miftah.org