بعد كل قمة عربية تحدث كارثة للعرب
بقلم: د. محمد صالح المسفر
2007/4/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=6871


المتتبع لدورات انعقاد القمم العربية في أي عاصمة عربية او منتجع يلاحظ تعبئة اعلامية ضخمة تمجد النظام الذي سيستضيف القمة وتروج لانجازات عربية لا سابق لها بفضل براعة النظام المضيف في حبك المواقف ومهاراته الدبلوماسية المنقطعة النظير. كما يلاحظ المراقب لقمم العرب حديثا التعبئة الامنية الكثيفة العدد والعدة والمدججة بالسلاح عالية التقانية. كنا في ماضي الزمان عندما تنعقد قمة عربية في أي من عوا صم العرب تتسابق الجماهير لتحية الزعماء العرب واحدا تلو الاخر، ويكون الزعيمان الضيف والمضيف واقفين جنبا الي جنب في سيارة مكشوفة تطوف بهما شوارع عاصمة الدولة المضيفة حتي مقر اقامة الضيف. القوي الامنية في هذه الحالة تذوب وسط الجماهير ويتحول المواطنون بالاجماع الي حرس امن لهذا الزعيم او ذاك. اليوم معظم الزعماء العرب يلبس تحت ملابسه بدلة واقية من الرصاص، ويركب سيارة مصفحة لا يخترقها الرصاص ويسير في موكبين الاول وهمي والثاني حقيقي كي لا يصيبه الاذي، ورجال امن لا تخترق صفوفهم ذبابة من كثرتهم، وتغلق الشوارع ويمنع العامة من المرور فيها وتغلق النوافذ في البيوت المطلة علي الشوارع التي سيمر منها الموكب الرسمي وتحتل اسطح المنازل برجال الامن وتتحول المنطقة برمتها الي جبخانة محصنة ولا يمكن اختراقها. سؤال طرحته بكل براءة علي صديق اعزه، ما الذي حصل حتي تتخذ كل هذه الاجراءات الامنية المنقطعة النظير؟ قال بكل صراحة : الكثير من الحكام العرب يعيش في خوف علي حياته، لم يعد يثق في شعبه، لم يعد الكثير منهم يحظي بشعبية بين مواطنيه ناهيك عن انعدام شعبيته في بقية اقطار الوطن العربي.

يقودني هذا الي مؤتمر القمة العربية 19 في الرياض، لاحظت كغيري من المراقبين لهذه الظاهرة الاعداد الاعلامي لها داخليا وخارجيا، ولاحظت ايضا الاجراءات الامنية التي ليست لها سابقة في الرياض، ولكل صاحب رأي موقف من كل هذا ولا مجال للحديث عن الامن والاعلام في هذه الزاوية. لكن كلمة صدق لابد ان تقال، لقد كان خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز ابلغ ما قيل في هذه القمة، لقد وصف حال الامة شعبا وحكومات وانحي باللائمة عن تردي حال الامة العربية الي ممارسات الحكام العرب، (... ) ان اللوم الحقيقي يقع علينا نحن قادة الامة العربية، فخلافاتنا الدائمة ورفضنا الاخذ باسباب الوحدة، كل هذا جعل الامة تفقد الثقة في مصداقيتنا، وتفقد الامل في يومها وغدها . وراح خادم الحرمين يرسم خارطة طريق الصلاح لهذه الامة وقال : ان اول خطوة في طريق الخلاص هي ان نستعيد الثقة في انفسنا، وفي بعضنا البعض، فاذا عادت الثقة عادت معها المصداقية، وبعدها تهب رياح الامل علي الامة، وعندها لن نسمح لقوي من خارج المنطقة ان ترسم مستقبلنا، ولن يرتفع علي ارض العرب سوي علم العروبة لا اعتقد باني في حاجة الي التعقيب علي ما نطق به الملك عبد الله ال سعود، فهو فصل الخطاب .

( 2 ) والحق ان وراء كل قمة عربية تحدث لامتنا العربية كارثة، واضرب امثلة لا حصر لها: في عام 1981 عقدت قمة في المغرب لدراسة مواضيع متفرقة من بينها الوضع في فلسطين والاعتداءات الصهيونية علي جنوب لبنان، وقدم مبادرة باسم الامير فهد ولي العهد السعودي في ذلك الزمان وتم اعتمادها في مؤتمر قمة الرباط وبعدها تم اجتياح لبنان في منتصف عام 1982م، في قمة القاهرة عام 1990 حدث بعدها ادخال جحافل الجيوش الغربية وتقدر بـ 800000 الف جندي منتشرين في جزيرة العرب ومصر ومياه البحر الاحمر والخليج العربي وحلت الكارثة في شباط (فبراير) 1991 بتدمير العراق ومحاصرته لثلاثة عشر عاما، وبعد مؤتمر قمة شرم الشيخ العربية الامريكية حدثت مجزرة قانا في جنوب لبنان، وفي عام 2002 بعد مؤتمر القمة العربية في بيروت بساعات اجتاح الجيش الاسرائيلي الضفة الغربية ودمر مخيم جنين للاجئين، وفي اقل من عام تم احتلال العراق علي الرغم بان احدي فقرات البيان الختامي لقمة بيروت تدعو الي عدم المساس بالعراق وان أي عدوان عليه يعتبر عدوانا علي الوطن العربي.

(3 ) بعد هذا كله فاني اتوقع كوارث كبري تحدث في هذه المنطقة من العالم واهمها عندي هو قبول ال سعود بالجلوس جنبا الي جنب مع الاسرائيليين سرا او علانية للتفاوض علي حقوق الشعب الفلسطيني واهمها حق العودة غير القابل للتفاوض حوله ومدينة القدس، اشير الي خطورة الفقرة 3 من قرار تفعيل المبادرة (...)، والاتصال بالاطراف المعنية بعملية السلام (... ) وهذا تشريع للتطبيع المباشر مع اسرائيل دون ان تقدم الاخيرة أي تنازل للشعب الفلسطيني. وهذه احد الكوارث القادمة علينا.

http://www.miftah.org