فتح وحماس والقضية
بقلم: أمجد عرار
2007/9/15

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=7841


من يتابع الحالة الفلسطينية الغارقة في العبث، سيجد نفسه أمام خيارين، إما أن يكف عن المتابعة أو يهيئ نفسه لسكتة دماغية أو صداع مزمن على أقل تقدير. ما من شيء ظل بعيدا عن الصراع الداخلي باستثناء ما كان يعرف يوما ما بالقضية الفلسطينية والثوابت الوطنية رحمها الله. قطاع غزة يجري تكريس انقسامه يوما بعد يوم، فيما هو معزول ومحاصر ومجوع دوليا. وكنا نتمنى على حركة حماس أن تتمتع ببعد نظر أكثر، وأن تؤكد ما قالته في اليوم الأول بعد سيطرتها على غزة بأن مشكلتها مع تيار وليس مع فتح، وأن الوضع في غزة استثنائي والعودة للوحدة حتمية، وهذا يترتب عليه إجراءات عملية في التعامل مع واقع تعددي لا يُحشر في زاوية واحدة، وشعب مناضل لا تحكمه الهراوة. P> والسلطة في الضفة الغربية يسيطر عليها هاجس ما جرى في غزة، فلا تضع على جدولها سوى كيفية شطب حماس من الوجود كغاية تبررها أية وسيلة، ومن يراقب وسائل إعلامها المختلفة وتصريحات الناطقين الكُثُر باسمها، يستنتج بأن لا عدو للسلطة وحركة فتح ولا هدف يستحق التصويب عليه سوى حماس. قد تنجح هذه السياسة في منع استنساخ تجربة غزة، لكن هل هذه هي القضية الفلسطينية التي قضي في سبيلها مئات الآلاف من الشهداء، أم أن هذا الصراع الداخلي يكشف صراعا على السلطة وحسب؟ هذا يؤكد أن النتيجة الوحيدة التي حققها اتفاق اوسلو الذي حلت ذكراه الرابعة عشرة أمس الأول، ولادة شريحة قبلت بالامتيازات بديلا للأرض، وبالشخصي بديلا للوطني.

وإذا كنا نتمنى دائما أن تكون تحليلاتنا السلبية خاطئة، فإننا لا نجد تفسيرا، ونحن نرى التهافت على كل شاردة وواردة لها علاقة بالمفاوضات، مع أن التجارب الطويلة يجب أن تعلم هؤلاء أن ما لم تحققه المفاوضات في عقدين لن تحققه أبدا ما لم تتغير موازين القوى أو تتوفر معطيات مختلفة. منذ مدريد واوسلو والقاهرة وطابا وواي بلانتيشن وشروم الشيخ المتعددة بالإضافة لكل اللقاءات السرية، ماذا تحقق من نتائج؟ لسنا بحاجة إلى عبقرية كي نكتشف أن جورج بوش أطلق دعوته للقاء الخريف فقط بهدف تكريس الانقسام الفلسطيني. فهي دعوة لا تستند إلى مرجعيات سياسية ولا هي واضحة من حيث جدول الأعمال والمشاركين، إنها مجرد جملة أطلقها شخص يتثاءب، ولا يدور في رأسه سوى خدمة “إسرائيل”. ايهود اولمرت يتلهى بنا تحت عنوان إعلان مبادئ جديد (لاحظوا أن اتفاق اوسلو سمي قبل 14 عاما إعلان مبادئ)، ولم تتورع عن الإعلان أن ما تريده هو التطبيع العربي. وإذا كانت واشنطن تريد من مؤتمرها أن يصادق على “إعلان المبادئ”، فإن اكتشاف عبثية المراهنة عليه يشبه اكتشاف الماء الساخن.

A_arar2005@yaho.com - الخليج 15/9/2007 -

http://www.miftah.org