علامات على الطريق-حراك العقلاءوصراخ المجانين
بقلم: يحيى رباح
2007/9/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=7908

العقلاء، الذين لديهم شعور عال بالمسؤولية، وقفوا منذ اللحظة الأولى ضد القرار الإسرائيلي الجائر باعتبار قطاع غزة كيانا معاديا، هؤلاء العقلاء يتقدمهم الأمين العام للأم المتحدة بان كي مون، الذي ذكر إسرائيل بالتزاماتها طبقا للقانون الدولي، وطلب منها بصريح العبارة التراجع عن هذا القرار، وبطبيعة الحال، فإن الأمين العام للأمم المتحدة لم يقف وحيدا في هذا الموقف بل سانده الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وسانده أيضا الموقف الذي أعلنته الشرعية الفلسطينية ممثلة بالرئيس وحكومته وبعثتنا إلى الأمم المتحدة التي تبذل جهودا غير عادية لحشد موقف دولي ضاغط على إسرائيل لتتراجع عن قرارها الخطير.

المشكلة دائما تأتي من الذين يستخدمون هكذا قضايا خطيرة مثل القرار الإسرائيلي في حمى التجاذبات الداخلية، هؤلاء الذين لا ينظرون لأبعد من أقدامهم، ولا يعدون سوى صورتهم في المرأة، وينسون أن هذا القرار الإسرائيلي الخطير يتم التحضير له منذ أعلن شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق عن خطة الانسحاب أحادية الجانب من قطاع غزة، حيث جرى فعلا سحب قطاعات الجيش الإسرائيلي من القطاع كما جرى إخلاء المستوطنين وتدمير المستوطنات حتى لا يستفيد منها الفلسطينيون بشيء

جرى كل ذلك، بينما بقى القطاع على مستوى الحياة بكل تفاصليها خاضعا للضغوط الإسرائيلية سواء على مستوى المعابر واتصاله بالعالم الخارجي، أو على مستوى الأمن وتكرار الاجتياحات والمداهمات والاعتقالات والاغتيالات!! وبالتالي فإن إسرائيل أبقت الاحتلال بمضمونه الفعلي بينما تريد أن تتحلل من الالتزامات التي يفرضها عليها القانون الدولي بصفتها قوة احتلال.

المزايدات في هذا المجال لا تفيد مطلقا، بل هي تضر كثيرا وتقدم للاحتلال الغطاء الذي يريد ولذلك أشعر بالتفاؤل شخصيا لأن صوت المسؤولية الوطنية في هذه القضية طغى على صوت المزايدات!! ولأن صوت المسؤولية الدولية طغى على صوت التجاهل واستخدام المعايير المزدوجة.

وهذا الجهد الفلسطيني، يتم تتويجه اليوم باللقاء الذي يجري بين الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش والرئيس أبو مازن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث وجهة النظر الفلسطينية حول مؤتمر الخريف المقبل تتحرك إلى الأمام، وتلقى المزيد من الدعم العربي والدولي، والدليل على ذلك يتجسد في هذه القمة الاميركية الفلسطينية التي من المنتظر أن تضع النقاط النهائية على الحروف بالنسبة لمؤتمر الخريف!! ومن المؤكد أن القرار الإسرائيلي الأخير الذي حصل على نوع من التغطية السريعة من قبل الإدارة الاميركية سيكون على جدول البحث والمناقشة الجادة.

نريد مزيدا من الحراك الجاد، ونريد مزيدا من المبادرات الجادة على مستوى الوضع الفلسطيني حتى لا يظل هذا الوضع الشاذ القائم حاليا مثار استغلال من قبل الأطراف الأخرى سواء إسرائيل أو غيرها، وأعتقد أن الجهود يجب أن تنصب في الأسابيع المقبلة على تحصين الوضع الفلسطيني حتى لا تبقى مكاسبنا الوطنية وأهدافنا الوطنية عرضة لهبوب عواصف المزايدات وصراخ المجانين.

http://www.miftah.org