السلطة تحتضر
الموقع الأصلي:
هذا المؤتمر الذي يعتبر العنوان الأول اليوم للجهد الأمريكي الجديد في منطقة الشرق الأوسط والذي كانت ولادته عبر الإعلان عن النية في عقد لقاء دولي لمناقشة مستقبل السلطة وإعادة بناءها. وبعد ذلك تم تحميل عناوين سياسية على هذا اللقاء بناءً على حاجة الإدارة الأمريكية والأطراف الأخرى المعنية " عباس - اولمرت", فالولايات المتحدة لها أهداف من هذا المؤتمر تتعلق بحالة الصراع مع إيران ورغبتها بحشد حلفائها العرب وراء أي جهد تقوم به ضد إيران في المرحلة القادمة. وأولمرت يذهب للمؤتمر بدافع ضغط مشاكله سواء القضائية أو ما يتعلق بتبعات حرب لبنان أو غياب أي برنامج سياسي لحكومته. أما عباس فيراهن على أن الخروج من هذا المؤتمر بنتائج جيدة، هو فرصته الأخيرة لاستعادة شعبيته ولكسب تأييد الشارع الفلسطيني لبرنامجه القائم على المفاوضات كطريق وحيد للتعامل مع "إسرائيل", ويرى في هذا المؤتمر بوابة لإعادة إحياء عملية التسوية من خلال الخروج باتفاق أولي على قضايا الحل النهائي وجدول زمني للمفاوضات بخصوص هذه القضايا وضمانات دولية ملزمة بهذا الجدول, الرجل يعتقد انه استطاع استعادة اهتمام الولايات المتحدة بملف التسوية, وان حاجتها لهذا المؤتمر ولإحداث تقدم ما على صعيد القضية الفلسطينية لإرضاء وتقوية حلفاءها العرب, قد تدفعها للممارسة ضغط حقيقي على "إسرائيل", إلا انه فوجئ في لقائه الأخير مع رايس بتبنيها الكامل للرؤية "الإسرائيلية" بخصوص هذا المؤتمر, لا جدول ملزم ولا وثيقة مبدأيه ملزمة تحكم هذه المفاوضات, لذلك من الواضح أن ما سيخرج به أبو مازن من هذا المؤتمر لن يعدو إطلاق مفاوضات الحل النهائي. هذه المفاوضات التي لن تكون مختلفة عن التجربة السابقة كثيرا بالنسبة "لإسرائيل", فهي سعت منذ بدأ عملية التسوية الى إيجاد كيان فلسطيني يعمل على حفظ أمنها ويزيح عن كاهلها عبء السيطرة المباشرة على السكان الفلسطينيين مقابل حصوله على بعض الفتات السياسي, حكم ذاتي أو دويلة كانتونات أو أي شئ من هذا القبيل, فلقد عبر الطرف "الإسرائيلي" بوضوح طوال التجارب التفاوضية عن قناعته بضرورة الحفاظ على وجود أمنى له على حدود الكيان الفلسطيني " المفترض" مع الدول العربية وخصوصا الحدود الأردنية وعن السيطرة على المعبر أو الممر الواصل بين الضفة وغزة. "إسرائيل" تعي تماما حجم الظلم التاريخي الذي أوقعته بالفلسطينيين وتدرك أيضا آن أي شعب في هذه الأرض لن يقبل بحياة دون مستوى الحياة الآدمية على أرضه وفي بلاده, وان فرضها لأي حلول على المفاوض الفلسطيني لا يعني انتهاء الصراع أو قبول الشعب الفلسطيني بهذه الحلول والأوهام لذلك تصر على الاحتفاظ بضمانات أمنية تضمن عدم دخول أي وسائل قتالية إلى داخل هذا الكيان وعدم تشكيل هذا الكيان أو أي جماعات داخله أي خطر مستقبلي على إسرائيل. اولمرت تحدث علانية أن الحل يحتاج لعشرين عاما, وسيل من التصريحات من مختلف ألوان الطيف الإسرائيلي بنفس السياق, توضح أن "إسرائيل" ليست متحمسة كثيرا لتقديم أية تنازلات لعباس الضعيف, أو إعطائه كيان أو دويلة حتى, بل تميل اكثر للحفاظ عليه في حالته هذه والعمل على منحه بعض القوة من خلال تسهيلات ميدانية في الضفة الغربية تتعلق بالحواجز وتحسين الظروف المعيشية والمعابر وما إلى ذلك. - مفتاح 27/10/2007 - http://www.miftah.org |