في الذكرى الـ59 لليوم العالمي لحقوق الانسان: الجرائم الإسرائيلية تتواصل دون ملاحقة لمرتكبيها
بقلم: عبد الناصر عوني فروانة
2007/12/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=8345


كنت بصدد كتابة دراسة عن قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالصراع العربي الصهيوني وحق المقاومة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني كما جاء في تلك القرارات المتعددة.. وذلك قبل التقرير الاخير الذي يتناول الممارسات التمييزية والعنصرية ضد العرب في فلسطين المحتلة عام 48.. ومن ضمن ما تناولته في دراستي التي لم انتهي منها إلغاء القرار 3379، الذي اوهم البعض العربي والفلسطيني والدولي بأنه "مجحف بحق الديمقراطية الاسرائيلية".. وعليه أقدم هذه الفقرة المتعلقة بذلك القرار للتذكير به ليس إلا!

القرار 3379 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 تشرين الثاني 1975 نص في فقرته الأخيرة على إعتبار "الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري". من الواضح للمتابع المحايد الذي ليس بالضرورة صاحب "خطاب خشبي" بأن حيثيات القرار الذي صوتت له الاغلبية الساحقة من دول العالم لم يرتكز على وقائع اختلقها العرب وتحديدا الفلسطينيين والسوريين في الجولان بل على وقائع وممارسات أقل ما توصف أنها عنصرية وفوقية تعتبر اليهودي أعلى قيمة من العربي الواقع تحت الاحتلال.

يتكرر اليوم تأكيد هذه العنصرية اللامبالية بأصحاب الارض الاصليين باشتراعات تسلبهم الجغرافيا منعا للتمدد الطبيعي في مدنهم وتعاملهم على أساس ايديولوجي توراتي باعتبارهم "بقايا احتلال عربي لارض اسرائيل".. ولا داعي الان لتفصيل كل أساليب الممارسات التمييزية التي تمارسها دولة الاحتلال بحق العرب واختراعها التقسيمات الاثنية والدينية لتسمية هؤلاء حتى لا يبقوا كتلة عربية واحدة.. لكننا نستطيع أن نسوق مثلا بسيطا حول عملية التطهير القائمة من الجليل الى النقب بسلب هؤلاء أرضهم لمصلحة مهاجرين يهود.. إضافة الى التصريحات الاكثر عنصرية التي يُطلقها برلمانيون صهاينة عن ترحيل هؤلاء بسياسة الترانسفير وتعميق الوضع المزري للمدن والبلدات العربية داخل الخط الاخضر بميزانيات ضئيلة جدا مقارنة بما يقدم لليهود..

التصريحات الاخيرة، بل والعمل المترافق مع "العملية السلمية" تضع وبخبث شديد مسألة "نقاء الدولة اليهودية" والاعتراف العربي بها على رأس جدول العمل العنصري الدؤوب.. مع أن إستمرار بناء جدار الفصل العنصري الذي يقضم نصف أراضي السكان الفلسطينيين لا يمكن وضعه خارج حيز التمييز العرقي لمصلحة مستعمرين يهود ينهبون ما فوق وما تحت الارض.. إن نظرة متفحصة لما يتمتع به المستوطن من بنية تحتية ومسابح وابنية حديثة يقابل حالة البؤس في المخيمات والقرى القريبة التي تمنع الانسان من الوصول حتى الى ارضه التي كان يعتاش من زراعتها تفضح واقع لا يرغب الكثيرين بظهوره كما هو.. ويستعاض عنه بكلام وتسويف عن تقاسم بين المعتدي والضحية.. عدا عن الممارسات البشعة بحق كل الفئات التي تمنعها الحواجز والجدران من الوصول الى حيث يجب ، أكان مدرسة أم جامعة أم مشفى أو حتى دور العبادة التي تدعي وبكل صفاقة الدولة العنصرية احترامها لحق العبادة. وليس لنا في هذه العجالة ان نعدد كل الاساليب العنصرية التي تقارب الاساليب النازية من حيث بناء المعتقلات وتسييجها على الطريقة النازية.

من المؤسف القول بأنه وبنتيجة انخداع الرسميين العرب وتشرذم سياستهم وبانخراط أميركي علني جرى في أواخر عام 2000 إلغاء القرار 3379 دون وجود تغييرات على أرض الواقع الذي استدعى مثل ذلك القرار.. إلغاء القرار الذي يشبه الصهيونية بالعنصريةومع صدور التقرير الاخير يؤكد وللمرة المليون بأن السياسات الارتهانية والارتجالية تؤدي الى الكثير من الكوارث على المصالح العربية.. فبعد إلغاء ذلك القرار فتحت الابواب لمراجعة قرارات أخرى مؤثرة ومقررة للمستقبل الفلسطيني والعربي مثل القرار 194 بشأن حق العودة.. بعض اليهود الذين استطلعت "الجزيرة" مواقفهم من العنصرية الممارسة بحق الفلسطينيين في ظل كذبة الديمقراطية الصهيونية لم يترددوا في فاشيتهم وعنصريتهم الممنهجة والمشرعة في القانون الصهيوني أن يدعوا وبكل وقاحة الى ترحيل فلسطينيي الخط الاخضر الى غزة او أي بلد عربي .. لا شك عندي بأن ماكينة الرقابة الصهيونية واليهودية الامريكية التي تتابع كل كلمة تخرج من افواه الناس ومن الاعلام العربي لا تعير التصريحات الصهيونية المترافقة مع عجرفة الممارسة الغير آبهة بكل الاعراف والمواثيق الدولية على عكس الخطاب الرسمي العربي الملتزم التزاما فولاذيا بنصوص حتى لو كانت ذد مصالحه، أقول لا تعيرها الاهتمام لأنه وبكل حسرة وأسى نكرر قولنا بأن العرب أنفسهم قد تركوا استراتيجياتهم عرضة لمصطلح حسن النوايا ليس إلا..

التقرير الاخير بشأن عنصرية الدولة الصهيونية يعرف أصحاب الارض الاصليين أدق تفاصيله المعاشة يوميا مع كيان يدعي التساوي بين مواطنييه ويدعي الديمقراطية بينما الافعال تدلل على كل أشكال العنصرية والنازية الجديدة.. ففي اوربة توجد حركات عنصرية ونازية جديدة، لكنها أبدا ليست مشرعة أو محمية من ساسة أمثال ليبرمان ونتنياهو ورجال دين امثال عوباديا يوسف وموشي ليفنغر..

ما يحتاجه الفلسطيني اليوم وخصوصا داخل الخط الاخضر إلى تكاتف قومي وطني ودعم عربي لرفع دعوة صريحة امام المحافل الدولية واعادة تفعيل القرار 3379 وليس الشجب والادانة وبقية الاسطوانة المشروخة التي لم تكن ولن تكون في يوم من الايام إلا جوزا فارغا بينما ماكينة الاعلام والسياسة الصهيونية تواصل عملها بدون محاسبة حقيقية.. - مفتاح 10/12/2007 -

http://www.miftah.org