"سرطان" التسوية
بقلم: جعفر محمد أحمد
2007/12/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=8356


كثيرة جداً هي المرات التي أرسلت فيها “إسرائيل” رسائل واضحة، لا تقبل التأويل، تتمثل في رفضها لخيار السلام. والآن وبعد أقل من أسبوعين من اجتماع “أنابولس” جاء القرار “الإسرائيلي” الخاص بتوسيع المستوطنات، كرسالة رفض جديدة لخيار السلام، ويمثل انتهاكاً صارخاً لما تم الاتفاق عليه في المؤتمر فضلا عن أنه انتهاك للقانون الدولي الذي يعتبر الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية أراضي محتلة.

هذا الخرق “الإسرائيلي” الفاضح، الذي صدر عشية استئناف مفاوضات الوضع النهائي المقررة غداً الاربعاء، يثير الشكوك حول نوايا الكيان الفعلية بعد التزامه بما جاء في “أنابولس”. إن قرار توسيع المستوطنات بعد تفاهم “أنابولس”، الذي ركز أساساً على التفاوض بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”، انطلاقاً من المرحلة الأولى لخريطة الطريق، التي تقضي بإزالة المستوطنات من الأراضي الفلسطينية، هو رسالة “إسرائيلية” لكل من شارك في المؤتمر مفادها أن حضوركم تحصيل حاصل وأن الكيان ماض في سياسة الاستيطان حتى النهاية.

التحذيرات الخجولة التي صدرت عن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس “لإسرائيل”، من تنفيذ خطتها لبناء المئات من الوحدات السكنية الاستيطانية في منطقة “أبو غنيم” بالقدس المحتلة، وقولها إن هذه الخطة لا تساعد على بناء الثقة بين أطراف النزاع في هذه المرحلة، وأنها تهدد مفاوضات الوضع النهائي، هو كلام للاستهلاك الاعلامي وخالٍ من المصداقية والجدية الأمريكية في العمل على دفع عملية التسوية.

إن تحريك العملية السلمية أمريكياً يقتضي الانحياز إلى جانب الحق والسلام العادل والشامل في المنطقة الذي يأخذ في الحسبان كل جوانب العملية السلمية ومساراتها.

وما نراه على أرض الواقع حاليا لا يشير إلى أن الإدارة الأمريكية جادة في اعتماد السياسات المتوازنة المؤهلة لصنع السلام، وإنما العكس هو الغالب في ضوء تطابق المواقف “الإسرائيلية” والامريكية بما يحول دون إنجاز السلام الحقيقي القائم على قرارات مجلس الأمن ومبادئ مؤتمر مدريد والمبادرة العربية.

مطالبة السلطة الفلسطينية، الرئيس الأمريكي بالتدخل الفوري والضغط على “إسرائيل” لوقف النشاطات الاستيطانية، لن تجد أذنا صاغية من جانب الإدارة الامريكية، لأن بوش يؤيد ويدعم بلا حدود سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية، ويعلم تماماً أن ثمن دعمه هو تدمير عملية السلام وتخريب جميع الجهود المبذولة في سبيل إنجاحها.

سياسة التوسع الاستيطاني التي يتبعها الكيان لن تحقق أي إنجاز سلمي وإنما تدفع الأمور إلى المزيد من التوترات والتعقيدات. إن الاستيطان بلا شك هو سرطان السلام ولكن في المنظور “الاسرائيلي”، لا يعني مجرد اغتصاب المزيد من الأراضي الفلسطينية فحسب، وإنما تكريس لكيان واحد على الأرض الفلسطينية، هو الكيان “الإسرائيلي”، لذا فإن صنع السلام والحالة هذه سيكون بعيد المنال ما لم تترتب عليه إجراءات عملية على الأرض تجبر الكيان على وقف التوسع الاستيطاني. - الخليج 11/12/2007 -

http://www.miftah.org