ساعات وسيقتحم الرئيس الأمريكي بوش عاصمتنا المؤقتة رام الله.. سيدخلها بجيش جرار من المارينز وعملاء السي أي ايه قوامهم سبعة آلاف رجل.. تحميهم من الجو طائرات أمريكية ومثلها إسرائيلية.. وستفرض سلطتنا الوطنية طوقا امنيا شاملا على كل قلب المدينة، وتمنع حركة سير المركبات وكذلك السكان.. إجراءات أمنية لم تشهد مثلها بلادنا، رغم أنها استقبلت فيما مضى زعماء دوليين عظام.. لكن بوش المتغطرس أراد أن يعطي هالة لزيارته من جهة-- ومن جهة أخرى ولأنه مجرم أيديه ملطخة بدماء الملايين من شعوب العالم-- يتوقع دائما أن يجد في كل مكان من يكرهه ومن يحقد عليه ويضمر له الشر.. وهذا طبيعي أن يفكر احد أو تفكر جماعة ما بالمساس بحياة من تسبب بويلات وأشعل حروب، ومن يعلن جهارا عداءه السافر للقضايا العربية وللإسلام، ولكل الشعوب الطامحة للانعتاق من ظلم واستغلال إمبراطورية الشر.

ونتساءل نحن كجماهير فلسطينية ماذا سيجلب لنا هذا بوش في زيارته، وعلى ماذا تعول قيادتنا وهو الذي لا ينفك ليلا ونهارا عن التأكيد على دعمه المطلق لإسرائيل وسياساتها الإجرامية..!!؟؟ وهو الذي كان قد أعطى لصديقه الإرهابي الأكبر شارون، ضمانات باسم الإدارة الأمريكية بإلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وبضمان لعدم إزالة الجزء الأكبر من المستوطنات وضمها لإسرائيل.. فهل يمكن لعاقل أن يواصل الرهان على حليف استراتيجي لخصمه..!! وهنا يصدق مثلنا العربي القائل ( يا طالب الدبس من... بوش النجس )..

أما وقد أصبحت الزيارة أمرا واقعا.. فان الواجب الوطني يفترض بقيادتنا الفلسطينية أن تقول لبوش أننا متمسكون بحقوقنا الشرعية كاملة-- كما نصت عليها كافة القرارات الدولية-- وان السلام العادل يمكن أن يتحقق فيما لو ضغطت الولايات المتحدة على إسرائيل وأجبرتها على تنفيذ هذه القرارات.. الواجب أن نقول لبوش لا تنازل عن التطبيق الكامل للقرارات الدولية، التي تعني الانسحاب الكامل والنهائي عن جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وإزالة كافة المستوطنات وهدم الجدار وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.. الواجب أن نتمسك بقوة بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم الكاملة، ورفض كل السناريوهات البديلة.. نعم هذا ما على قيادتنا ان تقوله لبوش وان تغادر نهج تسول الحلول والرهان على ما تقدمه أمريكا من حلول مجتزئة تؤبد الاحتلال وتنتقص حقوقنا المشروعة.. وعلى قيادتنا أن تتوقف عن التفكير بان لا خيارات أمامنا-- ذلك التفكير الذي قادنا إلى أسوأ الأحوال.. فنحن ما زلنا نمتلك الورقة الأقوى-- ألا وهي قول كلمة لا -- مستغلين الحاجة الأمريكية لتهدئة بؤرة الصراع بيننا كفلسطينيين وبين الإسرائيليين، حتى تتفرغ هذه الإدارة الأمريكية لصراعها مع إيران، وتلملم جراحاتها الدامية في العراق وأفغانستان.. نعم إننا يمكن لنا أن نخرب على بوش كل مخططاته، وبموقفنا هذا نحرج حكام الدول العربية أمام شعوبهم الطامعين بالحصول على انجاز مهما كان واهيا، لتخدير شعوبهم، ويمنعها من التصدي للحلف البغيض الذي تزمع الولايات المتحدة إقامته في المنطقة، والذي سيضم إلى جانب أصدقاء أمريكا العرب .. سيضم أيضا إسرائيل.. وهو أمر لم يعد خافيا بعد مطالبة بوش الدول العربية بالإسراع بعملية التطبيع مع إسرائيل

وبعد.. فان جسد بوش بأكمله ملطخ بدماء الشرفاء والضحايا.. وستنتشر آثامه في عموم بلادنا.. ولا يجب أن نغضب لامتناع بوش عن زيارة ضريح زعيمنا الراحل أبو عمار، لان هذا الضريح وان كانت ستصله مع الهواء بعض آثام بوش الذي سمر من جانبه.. سيظل هو وجسد أبو عمار طاهران لم يمسسهما هذا المجرم الأفاق بوش..

وكخطوة رمزية فإنني أدعو لتنظيم يوم عمل تطوعي في عموم رام الله-- ومنطقة المقاطعة خاصة-- لكنس الشوارع وغسلها بالماء والصابون سبع مرات، لتطهيرها من دنس بوش، كما وانصح رئيسنا أبو مازن بالاستحمام فور مغادرة بوش لرام الله، ليطهر جسده من نجس بوش، وكذلك أقول بان على كل من صافح بوش أو حتى رآه بالعين المجردة أن يفعل كذلك.