17 عاما على العدوان الثلاثيني على العراق كمقدمة لغزوه في 2003!
الموقع الأصلي:
قبل أيام قليلة عرضت الجزيرة الوثائقية برنامجا وثائقيا " حرب الصور" إذ ظهر فيه كيف أن البنتاغون كان في 1999 يدرب جنوده على لعبة كمبيوتر تحاكي غزو العراق الذي حصل في 2003... في اللغة المستجدة على العقل العربي سنكون ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة إن ربطنا بين هذه وتلك من الاحداث.. وفي ذات اللغة يصبح أي تمسك بعروبتك تهمة لا يقابلها حتى رغبة عند أصحابها تسمح لك حتى أن تكون جزءا من شيء أشمل وأعم في تاريخ الانسانية والبشرية.. إلا وفق منظومة التحول المرادة للعقل العربي ، منظومة التخلف والارتداد تغطيها قشور الادعاء بالتحضر والتمدن وفق صياغات العولمة التي تحول ذات الانسان العربي الى مسخ بدون قيمة ولا عقل مستقل.. قد يسأل سائل وما الرابط بين ماذكرته آنفا وبين الغزو والعدوان على العراق؟ علاقة الامرين سيامية إذا ما فهمنا تحول واقعنا العربي، على الاقل في جزئه الرسمي، إلى واقع مأزوم ومحكوم بانحطاط السياسة والاستراتيجية لمصلحة التسلط والحفاظ على واقع يكون فيه الحاكم العربي "إله" المحكومين المتصرف وحده بواقعهم ومستقبلهم.. لم يشهد الواقع العربي، على الاقل ايضا في التاريخ الحديث للدولة العربية، مثل هذا التشظي الذي نحياه تحت سقف "الأنا" المنتفخة عند الكثير من حكامنا الذين أجروا أراضي شعوبهم لتصير قواعد وفتحوا الابواب مشرعة للأميركي كقدر محتوم لا علاقة فيه لمصلحة الاوطان حين تحولت الى اقطاعيات يُرشى فيه المواطن وتشترى من خلالها النخب لتلعب دور شاهد زور على مأساة تجملها أبنية شاهقة وشوارع عريضة وضياع أجيال بين أرداف نانسي وتأوهات هيفاء ونفايات الصرعات الغربية.. 12 عاما من الحصار والقتل بمئات الآلاف لأبناء العراق وجماهير الفرجة العربية ليس لديه ولا لدى نخبها السياسية سوى لوك الكلام واجترار الشعارات.. قبل أن يخرج علينا الطابور الخامس وبكل فظاظة ليعلن ولاءه دون خوف تحت سقف الخيمة الاميركية .. لقد آمن هؤلاء بكل الكذب الاميركي والغربي عن نهاية التاريخ ووقعوا في مصيدة هانينغتون وجماعة تشيني – وولوفيتز فأعدوا لنا رواية بلغة عربية مترجمة عن نسخة أميركية محافظة بدون رتوش.. 12 عاما والتباكي على شعب العراق يذكرني بتباك مماثل على شعب فلسطين قبل أن يقلب "مثقفي" اليمين المحافظ الصفحة ليتلوا علينا بعضا من الأكاذيب الأخرى لشرعنة غزو العراق في 2003.. كذبة القاعدة.. ومحاربة الارهاب.. غاز الاعصاب وقصة النيجر.. تزوير المعلومات... المؤتمر الوطني ولعبته القذرة في التزييف والتحريض على بلدهم.. كذب الجلبي وجماعة رفحا.. وتغذية الاعلام المتأمرك.. والكذبة الاكبر من بقية الاكاذيب : امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل التي تبين فيما بعد كيف تم فبركتها.. على لسان الجلبي والشريف علي بن الحسين والزائرين للخارجية الاميركية على رأسهم الجادرجي ومراهنة على شهادات بعض الصغار الانتهازيين الذين بحثوا عن مجد ومصالح شخصية ضيقة.. كل البرامج التلفزيونية الاميركية التي كشفت الخديعة ما زال البعض رغما عن ذلك يصدقون الكذب.. كفاح من أجل الحرية ؟؟ ومن منا لا يتذكر أجوبة أولبرايت عما اذا كان قتل مئات الالاف من الضحايا اثناء الحصار مبررة.. حين أجابت: نعم إنه يستحق ومبرر.. بكل تأكيد كان عدوان 91 مقدمة لغزو 2003 ومن الغباء أن لا يُربط الامران وأن لا يعترف البعض بأن المخطط ليس وليد لحظة تنفيذه.. وأنا أتذكر هذه الأيام كيف كان تشوارتسكوف يعامل قادة حفر الباطن تعود صورة بريمر وكولن باول وتعاملها مع شكل آخر من البشر كاستمرار لذات الاستعلائية والوظيفية التي ولج من خلالها هؤلاء إلى عقول مضللة .. فهل هناك من يجيبنا عن معنى أن يجري منذ 1999 التحضير لغزو العراق؟ أو يخبرنا عما كانت تحضر له أميركا في 1989 بعد عام من انتهاء الحرب بين العراق وايران؟ وعن كل الاكاذيب عن أسلحة الدمار الشامل؟ بالطبع تلك الأسئلة لا إجابة عليها... كان مطلوب من العراق ليبدو مثل بقية الرهط أن يكون عاريا تماما.. ولكي يخرج من الجيوبوليتك المنطقة كان لابد من تقليم أظافره ولو بالوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم... هذا هو الواقع العربي الذي أنتجه مخطط احتلال العراق فهل هو واقع وردي .. هل هو واقع أفضل مما كان عليه قبل أن يهبط اليمين الاميركي المحافظ والمتحالف مع دول الاعتدال العربي؟ - مفتاح 17/1/2008 - http://www.miftah.org |