د.جورج حبش..ضمير فلسطين ورمز وحدتها الوطنية
بقلم: ماهر الطاهر
2008/1/28

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=8587

في مساء يوم حزين السبت 26/1/2008 وفي قلب العاصمة الأردنية عمان توقف عن الخفقان قلب رجل كبير كان من أصدق الرجال وأخلص الرجال وأصلب الرجال الدكتور جورج حبش مؤسس حركة القوميين العرب قبل ستة عقود ومؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قبل أربعة عقود.

آخر الكلمات التي سمعتها منه في غرفة العناية المشدّدة في مستشفى الأردن قبل يوم من رحيله وكان في كامل وعيه السؤال عن أخبار قطاع غزة والحصار المفروض على أهلنا هناك، ولما أخبرته أن الناس قد اقتحمت المعبر ابتسم قائلاً: سيأتي اليوم الذي تزول فيه الحدود بين الدول العربية ويتحقق حلم الوحدة.

بقلوب يعتصرها الحزن والألم تودع فلسطين والأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم كله القائد الرمز المناضل الفلسطيني والقومي العربي الكبير جورج حبش الذي أفنى عمره وحتى آخر لحظة من حياته في خدمة قضية شعبه وأمته وفي خدمة قضية الحرية في العالم أجمع.

بقي قابضاً على المبادئ كالقابض على الجمر، رغم كل الظروف والعواصف والتحولات.

غادر موقعه كأمين عام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمحض إرادته لأنه آمن بالديمقراطية والتجديد وأصر على ترك موقعه رغم مطالبة رفاقه له بالبقاء.

غادر موقعه ولم يغادر مواقفه ومبادئه وقناعاته، وبقي يقدم النصيحة والمشورة حتى آخر لحظة من حياته، وكانت وصيته التمسك بالمبادئ ومواصلة النضال والمقاومة وتحقيق الوحدة الوطنية كشرط للانتصار وتحرير فلسطين.

في هذه السطور نقدم لمحة موجزة عن هذا القائد الفلسطيني والعربي الذي شكلت قضية فلسطين والوحدة العربية هاجسه اليومي منذ النكبة عام 1948 وحتى لحظة رحيله.

الميلاد والنشأة والتكوين

- ولد جورج حبش في الأول من آب عام 1925 في مدينة اللد.

- بدأ دراسته في المدرسة الإنجيلية في نفس المدينة، وانتقل بعد ذلك إلى مدرسة اللد الحكومية، وبقي فيها حتى إكمال المرحلة الابتدائية.

- تابع قسماً من دراسته الثانوية في المدرسة الأرثوذكسية في مدينة يافا، لأنه لم يكن في اللد ما يتجاوز دراسة المرحلة الابتدائية.

- واصل استكمال دراسته الثانوية في القدس، حيث لم تكن المدرسة الأرثوذكسية في يافا تشمل المرحلة الثانية بكاملها.

- أنهى دراسته الثانوية عام 1942 ونجح بتفوق.

- بعد حصوله على الشهادة الثانوية مارس التدريس لمدة عامين في يافا، بنفس المدرسة التي تعلم فيها.

- في عام 1944 التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت، لدراسة الطب.

- تأثر كغيره من أبناء فلسطين ومنذ الصغر بالأحداث السياسية التي مرت في بلاده.

- تأثر بشكل خاص بالإضراب الكبير عام 1936، والثورة المسلحة أعوام 1936 1939.

- أحدث قرار التقسيم عام 1947 صدمة كبيرة في نفسه، ولم يكن يتصور أن من حق أحد أن يقسم وطنه ويحرمه من أرضه، أرض الآباء والأجداد عبر آلاف السنين.

- بعد قرار التقسيم أصبح تفاعله وتأثره بالأحداث السياسية أبعد مدى وأكثر عمقاً.

- في عام 1948، بدأت قوافل من الفلسطينيين الذين طردتهم عصابات شتيرن والهاجاناه بالتدفق على لبنان ومعظمهم كان من شمال فلسطين.

- لا يمكن أن ينسى الحالة المأساوية التي كان عليها أبناء فلسطين، ولا زال يتذكر بعض النشاطات التي قام بها ضمن مجموعات من الطلاب، حاولت أن توفر للناس بعض المتطلبات الدنيا للعيش من غذاء وكساء.

- مع انتهاء السنة الدراسية في صيف عام 1948، وجد أنه لا يستطيع البقاء في بيروت رغم طلب أهله وأصدقائه، فتوجه إلى فلسطين عن طريق شرق الأردن، لأن طريق الناقورة أصبحت غير سالكة.

- من شرق الأردن عمان ذهب إلى بيت والده الذي بدأ حياته العملية في بيع بعض البضائع في القرى المحيطة بمدينة اللد، لكن ومع الوقت تحسنت أوضاعه، وافتتح محلاً تجارياً في يافا وفي القدس.

- في الأيام التي سبقت احتلال مدينة اللد، لازال يذكر أن الثوار الفلسطينيين المدافعين عن وطنهم كانوا يتصدون لجيش الهاجاناه، ويدافعون عن اللد من الأطراف.

- كانت صدمته كبيرة عندما عرف أن اللد قد سقطت في أيدي القوات الاسرائيلية ولم يكن قادراً على تصور ذلك. وتساءل مع كل الناس: أين الجيوش العربية؟

- يذكر أنه بعد أيام قليلة من احتلال اللد، ألقيت قنبلة على العصابات الصهيونية، فاتخذ هذا الحادث ذريعة للهجوم على بعض الناس المجتمعين في مسجد المدينة، وقتل عدد منهم.

- في تلك الفترة عمل جورج حبش في مركز للإسعاف، ولم يكن يعرف ماذا حل بأهله، وأهله لا يعرفون ماذا حل به.

- فوجئ بإحدى قريباته التي تمكنت من الوصول إلى مركز الإسعاف تطلب منه ضرورة الحضور للقاء مع شقيقته.

- كان يعرف أن شقيقته الكبرى مصابة بمرض التيفوئيد، واستطاع أن يستنتج أنها على الأرجح قد فارقت الحياة.

- اضطر أن يتحرك إلى بيت أخته، وفي الطريق لازال يذكر صور الكثير من جثث المدنيين العزل من السلاح ممن يعرف بعضهم، والذين قتلوا على أيدي الاسرائيليين.

- بعد وصوله إلى البيت علم أن شقيقته قد توفيت، وأن أهله اضطروا لدفنها في حديقة البيت بسبب استحالة الوصول إلى المقبرة.

- أثناء وجوده مع أهله في البيت تأتي مجموعة من الجنود الاسرائيليين وتطالبهم بمغادرة المنزل دون أن يعرفوا إلى أين ولماذا؟ وفي الطريق هناك جنود جالسون يشيرون لهم كيف يسيروا، حتى وجدوا أنفسهم خارج مدينة اللد.

- لا زال يذكر ذلك اليوم الحار جداً، من شهر رمضان المبارك، حيث كان بعض كبار السن غير قادرين على مواصلة السير بسبب العطش.

- كانت ميليشيا الهاجاناة تفتش الناس الخارجين من اللد، يسلبون النساء جواهرهن، الناس تشعر بالخوف والضياع، الأطفال يصرخون، الشيوخ يلهثون، أي إنسان يقاوم التفتيش يتعرض للرصاص.

- لا زال جورج حبش يذكر ابن الجيران الذي حاول مقاومة التفتيش فأردي قتيلاً.

- شقيقة ابن الجيران الذي قتل تفارق الحياة بنوبة قلبية حزناً عليه.

- مآس عديدة لا يمكن وصفها ستبقى شاهداً على عنف الاسرائيليين.

- وصل جورج حبش مع أهله إلى رام الله، وأقاموا هناك.

- كان الناس تتلقفون الأخبار، ويعتقدون انهم لا بد أن تعود خلال أيام أو أسابيع.

- كان شعور الناس هل معقول أن يتركنا العالم ويصمت على هذه المأساة وهل معقول أن تتخلى عنا الجيوش العربية؟.. لا يمكن تصور ذلك ولا بد أننا سنعود خلال أسبوع أو أسبوعين.

- أسئلة كثيرة كانت تدور بذهن جورج حبش في تلك اللحظات. وكان يسترجع بعض كلمات الأساتذة الأمريكيين، في الجامعة الأمريكية في بيروت، عن الحرية والكرامة، وحقوق الإنسان. وكان يتساءل: هل من المعقول أن كل الأشياء التي كنا نسمعها خدعة وأكاذيب؟

- بعد النكبة، عاش جورج حبش صراعاً نفسياً حاداً بين إكمال الدراسة، أو التوقف عنها، انتهى بإكمال الدراسة بناءً على إلحاح والدته بشكل خاص، التي كانت تحلم أن تراه طبيباً.

- عاد إلى الجامعة، لكن جل تفكيره واهتمامه ومشاعره، انصبت حول المأساة التي حصلت.

الحياة السياسية والنضالية

- لقد ترك احتلال القسم الأكبر من فلسطين آثاراً عميقة في تفكير جورج حبش، وكانت مشاعره تتأجج بالغضب والتحدي، وضرورة الرد على ما حصل.

- كانت جمعية العروة الوثقى في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1949، منتدى يهتم باللغة والآداب، حولته مجموعة من الشباب، من ضمنهم جورج حبش إلى منتدى للنشاط السياسي والفكري. ومن خلال بعض النشاطات، حاول الشباب العربي الإجابة على أسئلة تفسر ما حصل في فلسطين.. وكيف حصل؟ وما هو الرد؟

- يذكر جورج حبش أنه تم تنظيم سلسلة من الندوات، تحدث بها كبار المتحدثين، ويتذكر منهم الشاعر العربي الكبير عمر أبو ريشة.

- كان الشباب العربي في تلك الفترة، يعاني حالة من التمزق والغضب، والبحث عن طريقة للرد.

- كانت مشاعر جورج حبش وقناعاته، تتبلور باتجاه أن العنف هو الطريق الوحيد لاسترداد الحق، ومن هنا كان تحركه مع مجموعة صغيرة من الشباب العرب، المتواجدين في سوريا ولبنان والمشرق العربي لتشكيل كتائب الفداء العربي.

- قامت كتائب الفداء العربي ببعض العمليات في ذلك الوقت، وضرب بعض المؤسسات الاسرائيلية في الوطن العربي.

- انكشف تشكيل كتائب الفداء العربي.

- بدأت تتبلور لدى جورج حبش فكرة وأهمية العمل من خلال الجماهير، وبين صفوفها، وهذا ما قاد إلى بداية التفكير بتأسيس حركة القوميين العرب.

- في بداية عام 1951، تخرج جورج حبش من الجامعة. وبدأ مع الشباب يفكر، وماذا بعد؟ وصلوا إلى حل أن يبقى في الجامعة الأمريكية ويعمل على محاولة التدريس بها بهدف الاستمرار في تعبئة وتنظيم الشباب العربي.

- في يوم من الأيام، وعندما كان معيداً في الجامعة، تم التخطيط لعمل مظاهرة، فأحيطت الجامعة بالإجراءات الأمنية، وأغلقت أبوابها لمنع المظاهرة. وكانت الطريقة الوحيدة للتحدي والنجاح أن ينزل جورج حبش والشهيد وديع حداد،وغيرهم ويغلقون الباب بالقوة.

- عرفت إدارة الجامعة أن أحد أساتذتها يحرض الطلاب على التظاهر ويخلع باب الجامعة، فبادر جورج حبش وقدم استقالته.

- بعد الاستقالة، تم الاتفاق أن يغادر جورج حبش إلى عمان لافتتاح عيادة، وبعد فترة يلحق به وديع حداد.

- في عمان افتتح جورج حبش عيادة طبية.

- أصبح الأردن هو المركز الذي يشرف من خلاله، جورج حبش، على أنوية حركة القوميين العرب، التي بدأت تتشكل في لبنان وسوريا والخليج والعراق.

- في الأردن تم التفكير بضرورة شق مجرى للعمل بين الجماهير، من خلال بعض الوسائل وأهمها:

* العيادة المجانية.

* العمل في أحد نوادي الشباب.

* مدرسة لمكافحة الأمية.

* إصدار مجلة أطلق عليها اسم مجلة الرأي.

- تابع جورج حبش، هذه النشاطات في الأردن، بنفس الوقت الذي أشرف فيه على النشاطات الأخرى في لبنان والكويت وسوريا والعراق.

- انتقل جورج حبش إلى دمشق ثم غادر إلى الأردن.

- وبعد عودته جرت انتخابات نيابية، شارك فيها جورج حبش ومجموعة من أعضاء الحركة وأصدقائها بهدف الاتصال مع حركة الجماهير، وحصل جورج حبش على أصوات أكثر مما كان يتوقع، رغم أنه لم ينجح في الانتخابات.

- في عام 1956، عقد المؤتمر التأسيسي الأول في الأردن، وتم اختيار اسم حركة القوميين العرب. وحضر المؤتمر مندوبون عن: لبنان، العراق، سوريا، الأردن، الكويت، وفلسطين.

- بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا وتصاعد المد الناصري والتفاف الجماهير العربية حول قيادة عبد الناصر، طرح بعض مسؤولي الحركة سؤالاً حول مبرر استمرار وجود الحركة.

- جورج حبش مثل وجهة نظر، أكدت على ضرورة وأهمية تنظيم حركة الجماهير عبر إطار سياسي. وأن عبد الناصر يمثل القيادة الرسمية للجماهير العربية، والحركة واجبها تنظيم وتعبئة هذه الجماهير للنضال من أجل تحقيق الشعارات التي رفعها عبد الناصر.

- غادر جورج حبش الأردن إلى دمشق لتحديد الموقف، ومتابعة قيادة أوضاع الحركة، ورسم برنامج المستقبل بطموحاته الكبيرة.

- في صيف 1959 تم تأسيس أنوية لحركة القوميين العرب في ليبيا والسودان واليمن بشطريه الشمالي والجنوبي، ومناطق أخرى من الخليج العربي.

- عام 1961 وقع الانفصال، وانفك عقد الوحدة بين مصر وسوريا. فقامت المظاهرات والتحركات الجماهيرية المطالبة بإعادة الوحدة، وإسقاط الانفصال. ولعبت الحركة دوراً في تحريك الشارع العربي، وبشكل خاص في سوريا.

- في هذه الفترة تم اعتقال جورج حبش ثم أفرج عنه.

- عام 1963، حصل انقلاب جاسم علوان في دمشق، والذي كان يستهدف إعادة الوحدة الفورية مع مصر، وكان جورج حبش أحد المتهمين بالتخطيط لهذا الانقلاب.

- اختفى جورج حبش لمدة تسعة شهور، غادر بعدها إلى لبنان لقيادة عمل حركة القوميين العرب.

- بداية عام 1964، غادر جورج حبش إلى القاهرة، لمقابلة الرئيس عبد الناصر، وتكونت بينهما علاقات صداقة ومودة.

- طرح جورج حبش على الراحل الكبير عبد الناصر، موضوع الكفاح المسلح في جنوب اليمن، والكفاح المسلح في فلسطين، ودار نقاش طويل حول الموضوعين كانت نتيجته بدء الكفاح المسلح في جنوب اليمن الذي انتهى بطرد القوات البريطانية، وكذلك الاتفاق على بدء الإعداد للكفاح المسلح الفلسطيني على أن تتم عملية التنفيذ في اللحظة المناسبة.

- عام 1967 وقع زلزال الخامس من حزيران، وكانت الصدمة الكبيرة والتحول النوعي العميق في فكرة جورج حبش.

التطور الفكري والسياسي (الثوابت والتحولات)

- شكلت هزيمة الخامس من حزيران نقطة تحول عميقة في مسار تفكير جورج حبش، وحركة القوميين العرب، وحصل على ضوء هذه الهزيمة أكبر تطور فكري في ذهن جورج حبش.

- كان جورج حبش بعد تجربة الانفصال عام 1961، وسقوط تجربة الوحدة بين مصر وسوريا، قد بدأ يفكر بأهمية القضية الطبقية، أي تبني الاشتراكية العلمية، وأهمية العمل الوطني ضمن الإطار القومي. لكن هذا التفكير لم يتبلور بصورة واضحة إلا بعد هزيمة حزيران التي بلورت العديد من القضايا السياسية والنظرية في ذهن جورج حبش خلاصتها وأهمها:

1- أهمية الفكر الثوري، والمسألة الاجتماعية الطبقية.

2- الإطار القومي للنضال العربي لا يجوز أن يغيب أهمية وإبراز النضال الوطني والشخصية الوطنية الفلسطينية.

3- إن الجماهير المنظمة والمعبئة هي وحدها صانعة التاريخ، وهي الأساس في معركة التحرير.

4- أهمية وضرورة العنف والكفاح الجماهيري المسلح كأرقى شكل من أشكال النضال، في مواجهة اسرائيل.

5- ترابط حلقات النضال الثلاث: الفلسطينية، والعربية، والأممية.

- هذه الموضوعات والاستخلاصات النظرية والسياسية، التي بلورتها الهزيمة هي التي مهدت لنشوء وتكون الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

- بعد هزيمة حزيران تم البدء والإعداد لتأسيس الجبهة. وفي الحادي عشر من كانون أول عام 1967 تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهذا المنعطف لم يكن يعني انتهاء قناعات جورج حبش فيما يتعلق بالقضية القومية والوحدة العربية، ولكن التركيز والاهتمام أصبح منصباً على العمل الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية التي ستلعب دوراً أساسياً في تحقيق الوحدة.

- لقد شكل تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين انطواء مرحلة في عمل ونضال حركة القوميين العرب وبداية مرحلة جديدة.

- في آذار 1968، اعتقل جورج حبش في سوريا، وشكل له هذا الاعتقال فرصة ثمينة لتكثيف مطالعاته.

- ونجح في الهروب من السجن في سوريا، من خلال عملية دقيقة خطط لها الشهيد وديع حداد، وغادر إلى لبنان، ثم سافر إلى القاهرة، حيث قابل الرئيس الراحل عبد الناصر للمرة الأولى بعد هزيمة الخامس من حزيران.

- جرى عتاب بين عبد الناصر وجورج حبش، بسبب نقد بعض جوانب التجربة الناصرية، وأوضح جورج حبش موقفه وقناعاته المبدئية. وجرى الاتفاق على ضرورة استمرار التعاون ودعم المقاومة الفلسطينية المسلحة.

- وقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر موقفاً مبدئياً في دعم الكفاح المسلح الفلسطيني وقال لجورج حبش سأكون مع أي مناضل يقاتل ضد إسرائيل.

- كان عام 1972 من الأعوام الصعبة بالنسبة لجورج حبش، حيث أصيب بأزمة قلبية حادة، وفوجئ باغتيال رفيقه غسان كنفاني.

- في آب 1973 يقوم الطيران الحربي الإسرائيلي، بمحاولته الأولى لاختطاف طائرة الميدل إيست المتوجهة من بيروت إلى بغداد، والتي كان يفترض أن يكون على متنها جورج حبش، لكن جنرالات إسرائيل وعلى رأسهم موشي دايان يصابون بخيبة أمل عميقة. حيث تم إجبار الطائرة على الهبوط في أرض فلسطين، لكن جورج حبش لم يكن على متنها.

- في عام 1975، واجه جورج حبش الحرب الأهلية في لبنان. أكد جورج حبش على ضرورة أن يكون التحالف الفلسطيني الوطني اللبناني بقيادة الحركة الوطنية، وليس العكس.

- في عام 1978 تقوم إسرائيل/ بمحاولة اجتياحها الأولى للجنوب اللبناني، ويعطي جورج حبش التعليمات للقيادة العسكرية للجبهة بالصمود والتصدي وعدم الانسحاب من مدينة صور مهما كانت النتائج.

- في عام 1979، بدأ جورج حبش بالإعداد للمؤتمر الوطني الرابع للجبهة الشعبية وأنجز التقرير السياسي للمؤتمر.

- في عام 1980 أصيب جورج حبش بأزمة صحية وأجريت له عملية جراحية في الدماغ كان من مضاعفاتها أصابته بالشلل النصفي.

- خضع لعناية طبية مكثفة، اشترك فيها الطاقم الطبي للرئاسة الجزائرية وأرسل له الرئيس الراحل حافظ الأسد، الذي ربطت جورج حبش به، صداقة عميقة طائرة نقلته من بيروت إلى دمشق ثم إلى الخارج لتلقي العلاج.

- في نيسان 1981، تم انعقاد المؤتمر الوطني الرابع للجبهة الشعبية بعد شفاء جورج حبش، وكان هذا المؤتمر من أنجح المؤتمرات في حياة الجبهة الشعبية.

- قال جورج حبش في جلسة افتتاح المؤتمر: أنه يشعر بالفخر والاعتزاز، لأنه أسس عملاً سيستمر ويتواصل وينتصر.

- في عام 1982، وأثناء الحصار الإسرائيلي لمدينة بيروت، رفع جورج حبش شعار: لنجعل من بيروت أسطورة في الصمود وصمد شعب لبنان وفلسطين لأشهر عديدة.

- في أحد أيام الحصار، وبعد قصف الطيران الإسرائيلي على مدينة بيروت لمدة 18 ساعة متواصلة، وبعد أن تغيرت معالم مدينة بيروت البطلة، سأله أحد الصحافيين الأجانب: ماذا يوحي لك هذا القصف؟ أجاب جورج حبش: المزيد من حب السلام، المزيد من حب الأطفال، المزيد من التصميم على المواجهة لاجتثاث المشروع الاسرائيلي وبناء السلام.

- عاشت الساحة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت أزمة داخلية، عاصفة، وانقسام عميق، كاد أن يهدد وجود ومستقبل الثورة الفلسطينية.

- بعد مرور 4 سنوات على الأزمة الداخلية والانقسام في م.ت.ف جرت حوارات بين جورج حبش والشهيد أبو جهاد/خليل الوزير في العاصمة التشيكية. وتعرف جورج حبش على أبو جهاد عن قرب، وتلمس إمكانيات استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

- في نيسان 1987، تم انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في العاصمة الجزائرية.

- في التاسع من كانون أول 1987 اندلعت الانتفاضة الباسلة للشعب الفلسطيني في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.

- نظر جورج حبش للانتفاضة أنها محطة نوعية هامة ومنعطفاً تاريخياً يؤسس لمرحلة جديدة في النضال الوطني الفلسطيني بشكل خاص، والنضال التحرري العربي بشكل عام، فرفع شعار لتكن الانتفاضة محور عملنا في الجبهة الشعبية والثورة الفلسطينية.

- أكد جورج حبش على أهمية الحماية السياسية للانتفاضة، والتمسك الثابت بشعارها الناظم المتمثل بتحقيق الحرية والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة، ورفض بحزم سياسة التنازلات المجانية لبعض الاتجاهات في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.

- لقد مرت تجربة الدكتور جورج حبش النضالية، القومية الوطنية، على امتداد الستة عقود الماضية بمنعطفات كبيرة وتطورات عميقة، ولكن رغم كل التحولات، فإن تجربة الحياة الغنية بلورت في ذهن جورج حبش مجموعة من الثوابت تمثل جوهر تفكيره ومنطلق مواقفه، أهمها:

1- حقيقة اسرائيل ككيان عنصري استيطاني، يمثل أسوأ ظاهرة في هذا العصر، لا يمكن التعايش معها، أو التسليم بوجودها.

2- ترابط كافة أشكال النضال وفي طليعتها العمل المسلح، كأرقى شكل كفاحي تفرضه طبيعة اسرائيل التي نواجهها.

3- ترابط النضال الوطني الفلسطيني مع النضال العربي وأهمية إبراز الشخصية الوطنية الفلسطينية كنقيض للمشروع الاسرائيلي ولكن بذات الوقت الإيمان العميق والعلمي بقومية المعركة وترابط النضال الفلسطيني الوثيق والجدلي مع نضال حركة التحرر الوطني العربية.

إن إيمان جورج حبش بالوحدة العربية لم يتزعزع على امتداد تاريخ كفاحه الطويل، فقد آمن بعمق أن الجماهير العربية وقواها الطليعية برغم واقع التجزئة والكيانات القطرية ستتمكن من تحقيق وحدتها وبناء مجتمعها الديمقراطي الاشتراكي الموحد.

4- أهمية وضرورة الربط الدقيق والواضح بين التكتيك والاستراتيجية، التي تستهدف في النهاية تحرير كامل تراب فلسطين.

5- أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية كشرط أساسي من شروط الانتصار،

6- أهمية ترابط وتكامل حلقات النضال الفلسطيني والعربي والأممي.

- في المؤتمر العام السادس للجبهة في تموز عام 2000، ألقى د. جورج حبش كلمة شاملة تضمنت قضايا أساسية في الفكر والسياسة والتنظيم جمعت خلاصة القضايا الجوهرية التي أراد التركيز عليها وخاطب أعضاء المؤتمر موضحاً أسباب قراره بالتنحي عن موقعه، قائلاً: هناك سببان رئيسيان يقفان وراء قراره:

الأول: رغبة تبلورت لديه بتقديم مثل ونموذج بأن الإنسان المناضل والقائد يستطيع أن يستمر في العمل والعطاء بدون مواقع قيادية رسمية.

الثاني: شعوره أن من الأفضل أن يتفرغ لمهام بحثية من خلال توثيق تجربة حركة القوميين العرب، وتأسيس مركز للدراسات هدفه دراسة التجارب الوطنية الفلسطينية والعربية.

رحم الله جورج حبش وله منا الوفاء والعهد.

بقلم: د. ماهر الطاهر

عضو المكتب السياسي/للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

مسؤول قيادتها في الخارج

http://www.miftah.org