بعد توقيع الاتفاق لن يرحم الشعب فتح او حماس اذا تم احباط المبادرة اليمنية
بقلم: المهندس حاتم أبو شعبان
2008/3/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9022

توقيع حركتي فتح وحماس امس في صنعاء على اتفاق لبدء حوار جاد بناء على المبادرة اليمنية يعتبر خطوة هامة تبعث الامل والتفاؤل مجددا بامكانية توحيد الصف الوطني واعادة اللحمة للوحدة الوطنية الفلسطينية وقد جاءت المبادرة اليمنية بعد معاناة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الشعب الفلسطيني منذ منتصف حزيران الماضي وحتى الآن ، ومن وجهة نظر العديد من أبناء الشعب الفلسطيني أنها أكثر من معاناة النكبة عام 1948 لسبب بسيط جدًا ، أنه بعد النكبة بقى الأمل بالعودة والتحرير موجودًا وبقيت القضية الفلسطينية هي القضية الرئيسية المطروحة على الساحة الدولية ، وصدر العديد من قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية والتي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير بدءًا من القرار رقم 194 عام 1947 وحتى توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وإسرائيل والذي يقر بالوحدة الجغرافية بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في الضفة والقطاع والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني ، ويمهد الطريق لإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، رغم ابقاء خمس قضايا رئيسية لمفاوضات الحل الدائم بين المنظمة وإسرائيل .

وبالرغم من كل العوائق التي كانت تضعها إسرائيل في طريق المفاوضات ، وأفشلتها في أغلب الأوقات ، خصوصًا في القضايا الرئيسية المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم ، وانسحاب قوات الاحتلال من القدس الشريف واعتبار القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة ، وإزالة كافة المستوطنات من الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة والقطاع وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات سيادة كاملة برًا وبحرًا وجوًا على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، إلا أن الشعب الفلسطيني لم يفقد الأمل لحظة واحدة ، وهذا ما كان يجعله صامدًا ويرى الضوء في نهاية النفق .

ولكن ما حدث بعد الأحداث المؤسفة والدامية في منتصف حزيران عام 2007 واستيلاء حركة حماس على السلطة في قطاع غزة ، أدى إلى ان تطورت أمور عديدة على الأرض أفقدت الشعب الفلسطيني هذا الأمل الذي كان هو الشيء الوحيد المتبقي لدى هذا الشعب ، حيث تم فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ، وأصبح هناك حكومتان واحدة في غزة برئاسة حماس تفقد شرعيتها في الساحة الدولية ولكنها تسيطر سيطرة كاملة على القطاع ، مما أدى إلى فرض الحصار الشامل على قطاع غزة الذي أصبح سجنًا كبيرًا ، والثانية في الضفة بقيادة السلطة الفلسطينية المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية وتحظى بالشرعية في الساحة الدولية ، ولكنها من الناحية العملية فقدت السيطرة الإدارية على قطاع غزة ، الا انها بقيت ملتزمة بدفع رواتب الموظفين التابعين للسلطة في القطاع .

وأصبحت القضايا الرئيسية بعد استيلاء حماس على السلطة ثانوية ، ولا تطرح على طاولة المفاوضات ، لأن الهم الرئيسي لكافة الأطراف الفلسطينية أصبح رفع الحصار عن القطاع وتوفير المواد الأساسية والتموينية لسكانه ، وهكذا نجحت إسرائيل ليس بشطارتها ، وإنما من خلال الاقتتال الداخلي وتقسيم الوطن في طمس هذه القضايا الرئيسية في الساحة الدولية ، ومن المؤسف له أن بعض الجهات الفلسطينية أصبحت تتدحرج في هذا السياق المدمر للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة من أجل مصالحها الذاتية ، وتسعى لفرض الأمر الواقع من أجل السيطرة على الحكم دون مراعاة للمعاناة والمآسي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني إنسانيًا وسياسيًا ، والانحدار الذي لحق بجوهر القضية الفلسطينية ، ونسيت هذه القيادات أننا ما زلنا نقبع تحت الاحتلال الإسرائيلي ، وظنت أن تسمية رئيس وزراء ووزير وغيره هنا وهناك أنها تسمية حقيقية ، وكأنهم لا يدركون أن بعض هؤلاء لا يستطيعون الخروج من مناطقهم على الإطلاق ، وبعض هؤلاء الآخرين لا يستطيعون الخروج والحركة إلا بالتنسيق الكامل مع الجانب الإسرائيلي وموافقته .

لقد أصبحت حملات التشهير والتخوين والإساءة لبعض القيادات الفلسطينية ومنها قيادات تمثل رمزًا قياديًا للشعب الفلسطيني هي الشغل الشاغل لبعض الفضائيات الفلسطينية وأحيانًا العربية ، حتى المواقف الوطنية لبعض هذه القيادات الوطنية الرمزية أصبحت تفسر لدى هذه الفضائيات بالتخاذل والضعف والتواطؤ .

والآن جاءت المبادرة اليمنية وهي المخرج الوحيد للشعب الفلسطيني بكافة فصائلة وقياداته وأبنائه للخروج من هذا المأزق الكبير الذي وصل الشعب الفلسطيني إليه ، وتعتبر بنود هذه المبادرة واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج إلى تفسير أو ايضاحات على الإطلاق ، ويجب على طرفي النزاع الفلسطيني الرئيسين فتح وحماس ، عدم وضع العراقيل وطلب الإيضاحات والموافقة عليها ، وبعد التوقيع امس على اتفاق يمهد لحوار جاد على اساس المبادرة اليمنية سيتحمل أي طرف يتسبب في إفشال هذا الحوار المسؤولية الكاملة أمام الشعب الفلسطيني الذي لن يرحمه على الإطلاق لأن نتيجة فشل المبادرة اليمنية معروفة سلفًا وهي الدمار الكامل والدخول في نفق معتم كالقبر لا ضوء في نهايته على الإطلاق .

ومن هنا فإننا نقول لوفدي المفاوضات في اليمن عليكما أن تتفقا شئتما أم أبيتما وكفى تلاعبًا بمصير الشعب الفلسطيني من أي منكما من أجل مصالحه الحزبية.

ونطالب الرئيس اليمني عبد الله صالح إذا فشلت المفاوضات لا قدر الله فأن عليه أن يضع الحقيقة الكاملة أمام الشعب الفلسطيني وكشف المتسببين في إفشالها ، لأنه لا مجال للمواراة والدبلوماسية الفضفاضة ، ولابد أن يعرف الشعب الفلسطيني من الذي يتسبب في دماره.

بقلم المهندس حاتم أبو شعبان

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

http://www.miftah.org