قمة سوريه أم قمة عربية؟!
الموقع الأصلي:
استهل مقال اليوم بالتساؤل: هل عندما تعقد قمة عربية فى عاصمة دولة عربية تصبح هذه القمة وجدولها مرهونة بقرار الدولة ذاتها ؟ أم أنها قمة كل العواصم والدول العربية ؟ هكذا يفترض فى أي قمة عربيه . لكن أهمية كل قمه تكتسب ليس فقط من أهمية العاصمة التي تعقد فيها ، بل من قدرة مؤسسة القمه على مواجهة المشاكل والتحديات المفروضة، ووضع السياسات والآليات الضرورية والإمكانات العربية وهي كثيرة الكفيلة بإيجاد الحلول لها ، وليس بالضرورة أن تعقد القمة العربية بفعل مشاكل طارئة ، وهنا قد تكون قمة طارئه ، بل إن نجاح القمة العربية حتى ألأن يكمن فى إنتظام دوريتها منذ قمة 2001 التى عقدت فى عمان. وهذه الدورية ينبغى البناء عليها ، فتراكم عمل مؤسسة القمة من شأنه أن يعالج العديد من المشاكل التى تواجه العمل العربي المشترك وتشكل تهديدا للأمن القومي العربي ، ولماذا هى مؤسسة قمة ؟ فهي أعلى مؤسسات الجامعة العربية ونجحت أن تتحول حتى ألأن إلى مؤسسة ثابتة ومنتظمة ، وتكتسب أهميتها من مستوى تمثيلها على مستوى القادة العرب ، ومن قدرتها على إتخاذ القرارات السياسية الصعبة والمصيرية. ومن هنا ينبغى التذكير بأمرين هامين : أولا الحرص على عقد القمة العربية فى مواعيدها وعواصم إنعقادها ، وثانيا الحرص على التمثيل السياسي بما يتناسب ومستوى القمة ، فكلما كان مستوى التمثيل على مستوى الرؤساء والملوك كلما كانت القمة أكثر فعالية وتأثيرا وقدرة على إتخاذ القرارات . وهكذا من شأن الحرص على هذين ألأمرين أن يضمن ولو على المدى المنظور أن تتحول مؤسسة القمة إلى إطار مؤسسي فاعل فى إتجاة مزيد من التكامل العربي المشترك . وفى ألأساس فإن القمة العربية كانت تعقد لمواجهة مشاكل عربية طارئة شكلت تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي ، فقد إنعقدت القمة ألأولى فى عام 1964 فى القاهرة لمواجهة محاولات إسرائيل تحويل مياه نهر ألأردن ومع ذلك عقدت فى ظل حالة من الحرب الباردة والتوتر فى العلاقات بين الدول العربية وإنقسامها إلى معسكرين : معسكر التغيير بزعامة مصر ، ومعسكر المحافظبن بزعامة السعودية. وعقدت قمة الخرطوم عام 1967 عقب الهزيمة وفى ظل نفس حالات الإستقطاب السياسي ، لكن كان لحضور الملك فيصل والرئيس عبد الناصر وبقية القادة تأثيره المباشر فى الخروج بلا ءاتها الثلاثة الشهيرة ودعم دول الصمود والمواجهة مما ساهم فى إعادة بناء القدرات العسكرية لهذه الدول. وعقدت قمة القاهرة عام 1970 بعد الصدام المسلح بين ألأردن والمقاومة الفلسطينية وكان لحضور القادة العرب أيضا تأثيره فى إحتواء ذلك الصدام ووقف نزيف الدم ، وهكذا بقية القمم ألأخرى ، فقد إرتبطت بشكل أو بأخر بتحد أو مشكلة مباشرة ، إلى أن بدأت القمة العربية تعقد دوريا منذ العام 2001 ، ولا خلاف أن المطلوب هو تجاوز الدورية وعدم ألإقتصار على انها غاية فى حد ذاتها ، ولكن القدرة على إتخاذ السياسات والقرارات القوية الفاعلة والمؤثره لرأب الخلافات العربية وحل الخلافات والدفع فى إتجاه مزيد من الخطوات التكاملية العربية ، وهذا هو المعيار لنجاح أى قمة عربية . ولا خلاف بين جميع المراقبين والمحللين والمتابعين للشؤون العربية أن قمة دمشق المرتقبة ، ستعقد أيضا فى ظل حالات وليس حالة واحده من الإستقطاب السياسي العربي وخصوصا المؤئرة منها مثل العلاقة بين السعودية وسوريا لجهة الخلاف بشأن الملف اللبناني وعدم حسم إختيار الرئيس اللبناني حتى ألأن .وهناك قضايا أخرى هامة ومصيرية كالمسألة العراقية بكل أبعادها ، والسودان ، والعدوان ألأسرائيلي المستمر على ألأراضي الفلسطينية ، وقضية السلام ومستقبل المبادرة العربية فى ظل التعنت الإسرائيلي ، وفى قلب كل هذه القضايا القضية الفلسطينية وحالة الإنقسام الفلسطينية الفلسطينية. ولا أعتقد أن ألأمور أصعب مما كانت عليه فى قمة 1967 والتى دفع الرئيس عبد الناصر حياته ثمنا لها ، ولا شك أن هذه ألأزمات توضح لنا أهمية أن تعقد القمة العربية فى موعدها وعلى مستوى تمثيل عال يرقى إلى مستوى التحديات والقضايا المطروحة على أجندة القمة . وعدم ربط الحضور بموقف الدولة المضيفة من الملف اللبناني أو الفلسطيني ، وعدم ربطها أيضا بحتمية حل المشاكل قبل أن تعقد القمة ، وإلا لماذا تعقد القمة العربية ؟ صحيح من ألأفضل أن تكون هناك حالة من التوافق وألأرضية المشتركة قبل أن تعقد القمة ، لأن من شأن ذلك أن يوفر مقومات النجاح لها وخروجها بقرارات فاعلة ومؤثرة , ولذلك القمة ليست قمة العاصمة التي تعقد فيها بل هى قمة العرب جميعا وتتطلع إليها الشعوب العربية المتعطشة دائما لقمة عربية ناجحة . وفى يقيني على القمة العربية الحالية أن تضع حدا لحالة الخلاف الفلسطيني وتحررها من قيودها العربية ، وأن تولي القضية الفلسطينية أولوية دائمة على أجندات العمل العربي المشترك فى هذه القمة وغيرها .وهذا لا يقلل من أهمية وأولوية القضايا ألأخرى . هذه القمة ليست مجرد قمة عادية ، أو دورية ، أو حتى طارئة ، فهي تجمع ما بين دوريتها بموعد إنعقادها وطارئتها بمصيرية القضايا المطروحة . ويبقى التساؤل فى النهاية هل يدرك القادة العرب حجم المشاكل والتحديات الكبيرة فى ظل إحتدام تأثير القوى ألإقليمية والدولية والتحولات فى موازين القوى التى إذا لم تبادر هذه القمة والقمم القادمة من معالجتها ووضع التصورات لها ، فسيأتي الوقت الذي قد تختفي فيه هذه القمم .فالأساس فى عقد القمم العربية هو مواجهة المشاكل والتحديات ، وليس تسجيل مواقف هنا أو هناك. وإذا كانت القمم السابقة قد إقترنت بقضية معينة ، فقمة دمشق تقترن بالعديد من القضايا وإن بقيت القضية الفلسطينية هى قضية كل القمم العربية لأنه من خلالها ستجد القضايا ألأخرى الحلول المناسبة.
http://www.miftah.org |