ما بعد القمة!!!
بقلم: سميح شبيب
2008/3/31

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9079

وضعت كلمة الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، في الجلسة الافتتاحية للقمة العشرين بدمشق، حداً حاسماً وواضحاً للفهم الرسمي للمبادرة اليمنية كأساس سياسي قابل للتنفيذ، واعتبار الانقلاب العسكري في غزة أمراً لا يمكن أخذه في عين الاعتبار، اضافة لمطالبة حماس بالاقرار بـ "م.ت.ف"، كمرجعية سياسية والاقرار بالتالي بالاتفاقات الموقعة. تميزت كلمة الرئيس بالوضوح والشفافية ووضع النقاط على الحروف، فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني سياسياً وداخلياً على حد سواء. هناك حالة تململ عربي رسمي، عبرت عنها كلمة الرئيس السوري بشار الأسد، وكذلك كلمة الأمين العام للجامعة عمرو موسى؛ ذلك ان المبادرة العربية المعتمدة من القمة العام 2002، لم تلق آذاناً صاغية من لدن الولايات المتحدة واسرائيل، بل وقوبلت بنوع من الهجوم الاسرائيلي غير المسبوق، عبر اجتياح الضفة الغربية، وغيرها من اشكال العدوان؛ الا ان حالة التململ تلك، لم ترق الى مستوى اسقاط المبادرة وابدالها رؤية أخرى، قادرة على تحريك الاجواء، والخروج مما نحن فيه. الاّ ان حالة التململ تلك، اضافة لسخونة الاحداث، وما يشهده المشروع الاميركي في الشرق الاوسط، من ثغرات جدية، باتت تنبئ بأن ما حدث في قمة دمشق، بات مهيئاً للتجسيد الميداني من المرحلة المقبلة، خاصة على البعدين اللبناني والفلسطيني تحديداً.

فلسطينياً، هناك حالة تعثر فاقعة على مسار المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، وهناك أفق زمني لا يتجاوز نهاية هذا العام، للوصول الى درجة الحكم شعبياً ورسمياً لمدى جدية هذه المفاوضات وآفاقها، وهو ما عبرت عنه كلمة الرئيس محمود عباس صراحة وبوضوح!!!

بعد القمة مباشرة، سيلتقي الرئيس بوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في عمان، وابانها سيلتقي ابو العلاء قريع وسلام فياض بها في رام الله، عبر جولتها الرامية الى تحريك الأجواء، وتقديم بعض التسهيلات الاسرائيلية لتنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية!..

وعلى فرض ان ذلك قد حصل - جزئياً- فهناك صعوبات اسرائيلية جمة تتعلق بوقف او تجميد الاستيطان؛ اضافة الى ذلك، فلا ضمانات لقيام مجموعات مسلحة بعمليات عسكرية في المدن الاسرائيلية انطلاقاً من الضفة الغربية، على نمط عملية القدس الأخيرة... ما سيعيد الامور على ما كانت عليه.. واضافة الى هذا وذاك، فلا شيء سياسياً في الأفق؛ ذلك ان الخارطة السياسية الاسرائيلية الحكومية الراهنة، غير قادرة على التحرك في المفاوضات قيد أنملة. في ظل تلك الأجواء الداخلية الفلسطينية وما يحيط بها من أجواء، ستبرز قضية الحوار الداخلي وتتصدر، وستزداد الضغوط من كل حدب وصوب لانجاح المبادرة اليمنية، التي جرى حولها حوار داخلي، ومن ثم التوقيع على اعلان صنعاء، وكان ذلك محط خلاف رسمي فلسطيني وتباين في المواقف ازاء توقيعه.

الموقف الرسمي لـ "م.ت.ف"، ومن ضمنها "فتح" بالطبع، لا يزال يرى في المبادرة اليمنية ذات السبع نقاط، مبادرة متكاملة لا تقبل التجزيء اطلاقاً، وهي تشكل اساساً سياسياً قابلاً للتنفيذ، وليست اطاراً للحوار، الذي وان مُنح فلن تكون نهايته منظورة، خاصة فيما يتعلق بتحديد طبيعة ما حدث في 31/6 من انقلاب عسكري دموي، أدى الى تجزيء الجيو - سياسي الفلسطيني. اضافة الى ذلك فإن اعادة فتح باب الحوار مع حماس، في ظل احتلالها قطاع غزة، سيعني القبول بالانطلاق بالحوار، من حيث وصلت بساطير القوة التنفيذية، ما سيؤدي الى دمار البنية السياسية والتنظيمية لـ م.ت.ف، برمتها، وافساح الطريق امام سيطرة حماس فلسطينياً.

ولعله من الناحية العملية، ومن خلال تجربة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة اسماعيل هنية، ما يدعو للقول، انه ودون موافقة حماس الواضحة والصريحة، على ان "م.ت.ف"، هي المرجعية السياسية والتنظيمية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وأن ما قامت به المنظمة من التوقيع على اتفاقات ومنها الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي بالطبع.. دون ذلك سيقوم المجتمع الدولي بحصار السلطة، وعدم التعاطي معها.

قد يكون من الصعب الآن، على حماس، الدخول في نطاق السلطة و "م.ت.ف"، لكن وبالامكان وقف الحملات الاعلامية المتبادلة، ووقف الملاحقات السياسية، والتخلص من شرور فعل الانقلاب العسكري، وما تحمله تلك الشرور من مآس يدفع الشعب الفلسطيني ثمنها غالياً!!!

http://www.miftah.org