تمخض الجبل مرة أخرى فولد إزالة حاجز
الموقع الأصلي:
أكثر ما يثير السخرية في مسلسل التسهيلات الاسرائيلية ان كوندوليزا رايس تفاجأت بالسخاء الاسرائيلي، وهذا يدل على ان الادارة الاميركية قبلت سابقاً ومستعدة لأن تقبل لاحقاً كل ما تقوم به اسرائيل، مهما كان شكلياً وتافهاً. ألم يصرح ايهود اولمرت اثناء زيارة بوش الاخيرة، بأن الرئيس الاميركي لم يطالبنا بشيء لا نقوم به؟ والم يصرح ديك تشيني بأن الأولوية يجب ان تكون للأمن الاسرائيلي، وان واشنطن لن تضغط على اسرائيل؟ ودون ضغط على اسرائىل لا يمكن ان يتحقق السلام العادل أو المتوازن. نعود مرة اخرى لمسألة التسهيلات الاسرائيلية التي يمكن ان تتمخض هذه المرة عن إزالة حاجز اريحا وخمسين ساتراً ترابياً، من أصل 580 حاجزاً ومئات السواتر الترابية. وانا استخدمت كلمة "يمكن" لان الحكومات الاسرائيلية عَوَدّتنا دائماً على أنها لا تفي بتنفيذ ما تتعهد به مهما كان محدودا. والذرائع عندها لعدم الوفاء بتعهداتها جاهزة سلفاً. فهي تدعي بانها رصدت انذارات كثيرة لتنفيذ عمليات "ارهابية". واذا شاءت الصدفة، وتم تنفيذ عملية فدائية فاسرائيل عندها لا تكون بحاجة إلى ذرائع أو تبريرات للتنصل من كل ما تعهدت به، خصوصاً فيما يتعلق بالتسهيلات التي تفيد شرائح واسعة من الفلسطينيين. اذاً تمخض الجبل وانتهت زيارة رايس الثانية خلال شهر، عن تسهيلات تتضمن اضافة الى ما ذكر آنفاً، تحسين نظام المراقبة على الحواجز من اجل تخفيف وقت الانتظار لدى عبورها ووعد باراك وزير جيش الاحتلال بدراسة مسألة السماح بتسليم 25 آلية مدرعة روسية الى السلطة الفلسطينية، وربط 37 قرية فلسطينية بشبكة الكهرباء الاسرائيلية ومدينة اريحا بالشبكة الاردنية، وأعطى باراك الضوء الاخضر لنشر 600 شرطي فلسطيني في جنين، واصدار 1500 تصريح خاص للسماح لرجال الاعمال الفلسطينيين بالتنقل بحرية اكبر في الضفة الغربية، واقامة محطات للشرطة الفلسطينية في المناطق المصنفة (ب) واقامة مفترق طرق للفلسطينيين في منطقة الخليل، وتسهيلات في التنقل للمسؤولين الفلسطينيين عن طريق منح مزيد من بطاقات (V.I.P)، والدفع باقامة 3 مناطق صناعية في اريحا والخليل وشمال جنين، وزيادة تصاريح العمل للفلسطينيين بخمسة آلاف، والموافقة على اقامة مدينة شمال مدينة رام الله، وغيرها من التسهيلات المماثلة. والملاحظ في كل هذه التسهيلات انها لم تمس المستوطنات، والتوسع الاستيطاني الذي اعلن اولمرت مؤخراً وبالفم الملآن انه سيستمر في القدس والمستوطنات التي ستضمها اسرائىل في اي اتفاق نهائي، ولم يتم التطرق الى العدوان والحصار والاغلاق والجدار والى البؤر الاستيطانية العشوائية، التي تزيد على 130 بؤرة، حيث تسعى رايس الى اصدار قانون اسرائيلي يقضي بتعويض عن المستوطنين المقيمين فيها علماً بأن معظم هذه البؤر قد اصبحت "قانونية" بقدرة قادر عندما قامت الحكومات الاسرائيلية بعقد اتفاقات متلاحقة مع المستوطنين تقضي بضم البؤر الاستيطانية الى مساحة المستوطنات القائمة حتى مسألة اصدار قانون وتطبيقه لتعويض من بقي من القاطنين في البؤر العشوائية قالت تسيبي ليفني انه ليس وقته، ويجب ان يتم عند الاتفاق على رسم حدود الجدار بعد استكمال بنائه. ان هذه التسهيلات تصب بتكريس واقع الاحتلال وتحسين صورته عبر تلطيفه ما دامت ليست جزءاً من مخطط متكامل يتضمن وقف الاستيطان والعدوان والجدار وازالة البؤر الاستيطانية العشوائية، كما انها ليست مترافقة مع أفق سياسي جاد قادر على انهاء الاحتلال، فحكومة اولمرت ادخلت المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية بحلقة مفرغة منذ أنابوليس حتى الان، فهي قامت باقرار مخططات واسعة لتوسيع الاستيطان بلغت حد الموافقة على اقامة اكثر من 20 الف وحدة استيطانية في القدس وحدها. ونشرت عطاءات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية، وزادت الحواجز، حسب تقارير دولية واسرائيلية منذ أنابوليس وحتى الآن بـ 52%. كما ان جزءاً مهماً من التسهيلات يتعلق باصدار تصاريح لرجال الاعمال والمسؤولين واقامة طرق او ممرات خاصة بهم، وهذا يزيد الهوة بين شرائح معينة وبقية الشعب ما يمس بالثقة الشعبية في القيادة والحكومة. ان تطبيق الالتزامات الفلسطينية في خارطة الطريق يصبح مصلحة فلسطينية، كما قال فياض، اذا طبقت اسرائيل الالتزامات المتعلقة بها، وليس اذا جرى عملياً على ارض الواقع تطبيق الالتزامات الفلسطينية اولاً وبعد ذلك ترى اسرائيل ماذا تفعل بالتزاماتها، وذلك وفقاً للقراءة الاسرائيلية لخارطة الطريق التي تنسفها من حيث الاساس. ان كل الاجراءات الامنية والمالية والاقتصادية التي قامت بها الحكومة ستبقى اهميتها محدودة ما لم توضع في سياق مخطط متكامل يسعى لصب كل هذه الجهود لانهاء الاحتلال عن كافة الاراضي المحتلة العام 1967، وحل مشكلة اللاجئين حلاً عادلاً وفقاً لقرار 194 الذي يضمن حق العودة والتعويض. الايام
http://www.miftah.org |