الحرق والقتل والوهم
بقلم: أمجد عرار
2008/4/5

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9116

بين نفي وتأكيد، وتهدئة وتهديد، يتأرجح مؤشر الحرب “الإسرائيلية” في المنطقة. الغريب في الأمر أن “إسرائيل” التي تجري المناورات وتتفقد الملاجئ وتحشد القوات، تتهم الآخرين بأنهم يخططون لمهاجمتها، بل إن الوزير المستقيل افيجدور ليبرمان خطر له أن يهدد بحرق سوريا وقتل رئيسها د.بشار الأسد وعائلته. هكذا بهذه البساطة يتهيأ لليبرمان ومن لفّ لفه في القيادات “الإسرائيلية” التي تحبو على الأرض في علم القيادة السياسية، بدليل فشلها في عدوان يوليو/ تموز، ولم تثق بتوصيف أمين حزب الله لها قبل ساعات من شنها الحرب على لبنان.

بذريعة الجنديين وجد طاقم الحماقة السياسية- العسكرية بنيامين نتنياهو وعامير بيرتس فرصتهما لاعتلاء منصة بن غوريون وحاييم بيجين واسحاق رابين، وأدخلا جنودهما في حرب مفتوحة مع المقاومة اللبنانية، فاكتشفوا أنها تحاربهم من دون أن يروها. وكمن يمشي في الوحل فيدفعه هروبه إلى الأمام للغرق أكثر، تدحرج غباء الأغبياء وزجوا بالجيش في الحرب البرية والنتيجة “فينوغراد”.

الآن، يبدو أنهم يريدون مسح آثار الهزيمة بما يعتقدون أنه استفادة من دروس “فينوغراد”. تفقّدوا الجبهة الداخلية بملاجئها ودفاعها المدني والبنية الصحية وكل ما يلزم في لحظات الحرب، ووزعوا الأقنعة الواقية من الغازات تحسباً لصواريخ غير تقليدية تطلقها سوريا وإيران، ويعتقدون، على طريقة من يعتقد أنه سيكبر ويترك ابنة عمه طفلة، أن “إسرائيلهم” باتت الآن أقوى، فيما الآخرون يتفرجون. رحل أبو المنظار المغلق (بيرتس) وجاء بدلاً منه ايهود باراك على رأس وزارة الحرب. ولا ندري لماذا لا يتم استخلاص العبر والدروس بأثر رجعي. فليعودوا إلى هروبهم المذل في أيار/ مايو عام 2000 من الشريط المحتل في جنوب لبنان، تاركين وراءهم دباباتهم وعتادهم وعملاءهم ومعتقلهم البغيض في “الخيام”. من كان وزير الحرب آنذاك؟ إنه باراك الذي كرّر في الأسبوع الأخير فقط، أن ““إسرائيل” أقوى دولة في المنطقة” ثلاث مرات، وعاد نائب رئيس الأركان هارديل ليعيد العبارة ذاتها، في محاولة من هؤلاء لتعويض الحالة الناشئة عن شعور بأن الطرف الآخر يكشف حجم إمكاناتهم ومدى قلقهم. والذريعة في إشاعة كل هذه الأجواء، ترقبهم لانتقام حزب الله لاغتيال قائده العسكري الشهيد عماد مغنية. لم يفكّروا في الأمر عندما قرروا تنفيذ الاغتيال، والآن، ومع إدراكهم أن الرد المنتظر لا يمكنهم من التذرع به لشن حرب، فإنهم يهددون بالحرق والقتل، ويعتقدون أن الآخرين أهداف من قش، وينتظرون الجولة الثالثة ليتأكدوا، متأخرين، أن هناك من أحال مقولة “الجيش الذي لا يقهر” إلى قاموس الوهم.

دار الخليج

http://www.miftah.org