اسرائيل تستعد للحرب ... ونحن؟!
الموقع الأصلي:
اذا كانت المناورات العسكرية الاسرائيلية غير موجهة ضد سورية، ولا حتى ضد لبنان و «حزب الله» تحديداً، كما يُطمئن وزير الدفاع ايهود باراك، فضد من هي موجهة اذن؟ من البديهي القول إن اسرائيل تعتبر نفسها في حال حرب دائمة، وبالتالي فهي يجب أن تكون في حال استعداد دائم. تجربة تموز 2006 كانت مؤلمة. قد يكون ان الدولة العبرية أُخذت على حين غرّة في ذلك الوقت، كما ان معنوياتها العسكرية من منظور التفوق التقليدي الذي تتبجح به قد تضررت. لكن اسرائيل استفادت من تلك التجربة سياسياً، والأرجح عسكرياً ايضاً. اعادت تقويم مناطق الخلل لديها من خلال تحقيق واسع قامت به مؤسساتها القضائية وتناول اخفاق الجيش وتعثر القرار السياسي. وأكدت على اهمية الاستعداد لكل الاحتمالات، على الجبهتين الشمالية والشمالية الشرقية. ومن هنا شعار المناورات الحالية: «الحماية تكمن في الاستعداد». تشمل المناورات تحضير الاسرائيليين لهجمات تقليدية، كالتي تعرضت لها من صواريخ الكاتيوشا التي اطلقها «حزب الله» او لهجمات بصواريخ مزودة برؤوس كيماوية أو ربما نووية، وهو القلق الذي تبديه اسرائيل حيال احتمال مواجهتها لضربة ايرانية، خصوصاً مع تهديدات احمدي نجاد المتكررة بـ «ازالتها عن الخريطة». كما تشمل استنفار المستشفيات واقسام الطوارئ واتخاذ اجراءات وقائية في المدارس والبلديات، اضافة طبعاً الى الاحتياطات التقليدية في الوزارات والمؤسسات الحكومية. ومع الاستعدادات الاسرائيلية من قبل «الدولة الاقوى في المنطقة»، كما وصفها باراك، الذي اعتبر ايضاً ان إعداد المواقع الخلفية للمواجهة «يشكل عاملاً اساسياً لتحقيق النصر»، من البديهي التساؤل عن استعدادات اعداء اسرائيل وعن مدى افادتهم من مواجهة 2006 التي قالوا انهم خرجوا منها منتصرين والطريقة التي يستعدون بها للاحتمالات المقبلة. لنأخذ الوضع اللبناني مثالاً، ونحاول مقارنة ما كانت عليه «المواقع الخلفية» لـ «حزب الله» في ذلك الوقت وما هي عليه اليوم، لجهة الموقف الشعبي شبه الكامل خلفه وخلف الجيش في حرب تموز 2006، على رغم التساؤلات حول عدم التنسيق في الهجوم الذي حصل ضد الجنود الاسرائيليين على الحدود، وما صار اليه هذا الموقف الآن في ظل التفكك والانقسام الداخليين اللذين كانا نتيجة طبيعية لعدم الاستثمار الايجابي لتلك المواجهة ضمن المشروع الوطني، ونقلها بدلاً من ذلك الى ساحة الاستثمار المذهبي والفئوي. هذا الوضع الجديد يفترض أن يستدعي كلاماً اكثر واقعية في التعاطي معه مما ذكره النائب عن «حزب الله» حسين الحاج حسن من ان «المناورات لا ترهبنا ولا تخيفنا، وشعبنا والمقاومة والجيش في اعلى مستويات الجهوزية». قد تكون المقاومة التي يتحدث الحاج حسن باسمها جاهزة، لكن هل الشعب كذلك، وهل الجيش ايضاً، خصوصاً بعد اعلان قائده العزوف عن المنصب نتيجة المناورات السياسية التي تعرض لها وحالت حتى الآن دون وضع التوافق على ترشيحه للرئاسة موضع التنفيذ؟ اما بالنسبة الى العدو الآخر لاسرائيل، اي سورية، فهناك تطمينات اسرائيلية واضحة على لسان رئيس الوزراء اولمرت، وباراك ونائبه ناتان فيلناي، الى انه لا يوجد اي سبب يستدعي قلقها، «وهم يعلمون هذا الامر»، حسب اولمرت، وهو ما يُستنتج منه ان القنوات السرية كفيلة بإيصال التطمينات اكثر مما تفعله التصريحات العلنية. يزيد من «الاطمئنان» الى ان المناورات الاسرائيلية ليست موجهة ضد سورية أن اختراقين من النوع الكبير، والاستراتيجي بمعنى الامن العسكري، ظلا الى الآن من دون جواب. الاول تمثل في الغارة التي تعرضت لها القاعدة العسكرية في دير الزور في ايلول (سبتمبر) الماضي، والتي ذكرت الصحف الاسرائيلية امس ان المسؤولين الاميركيين سيعلنون تفاصيلها وطبيعة الهدف الذي تم قصفه خلال جلسة استماع امام الكونغرس في 17 نيسان (ابريل) الجاري. اما الثاني فكان استهداف القائد العسكري في «حزب الله» عماد مغنية في قلب دمشق، والذي اتهم الحزب اسرائيل بتنفيذه، فيما تردد المسؤولون السوريون حيال «التسرع» في توجيه هذه التهمة واعلنوا فتح تحقيق في ظروف الاغتيال. الجبهة الشمالية مفككة ومتشققة من داخلها، والجبهة الشمالية الشرقية مطمئنة أو مُطمأن اليها. من يستعد إذن ضد هذه المناورات الاسرائيلية؟ دار الحياة
http://www.miftah.org |