المطلوب تغيير جوهري إسرائيلي على الأرض
الموقع الأصلي:
مرة أخرى عادت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس إلى المنطقة، ومرة أخرى سمعنا منها أمس اثر اجتماعها بالرئيس محمود عباس وقبل ذلك برئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت ، تصريحات مشابهة تماما للتصريحات التي سمعناها في زياراتها الكثيرة السابقة على غرار ضرورة إيجاد أجواء مناسبة لعملية السلام وعدم المساس بقضايا الوضع النهائي وان الاستيطان يقوض الثقة بين الجانبين وان الإدارة الأميركية تبذل كل جهد لتنفيذ رؤية الرئيس بوش حول إقامة الدولة الفلسطينية التي حان الوقت لقيامها، كما قالت ، عدا عن تأكيدها أنها ستعمل مع الطرفين لمناقشة تنفيذ التزامات المرحلة الأولى من خريطة الطريق لتحسين حياة أبناء الشعب الفلسطيني، ثم ألقت رايس الكرة باتجاه مبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير عندما دار الحديث حول الحواجز وحرية التنقل ، مشيرة إلى أن بلير سيزور المنطقة لبحث هذا الموضوع. وبالمناسبة، فهي ليست المرة الأولى التي سيزور فيها بلير المنطقة لبحث هذا الموضوع، فمنذ عقد مؤتمر باريس للدول المانحة في أواخر العام الماضي، ونحن نتوقع تحركا دوليا جادا لضمان حرية التنقل وإزالة الحواجز والقيود الإسرائيلية التي ، وعدا عن تسببها بمعاناة هائلة للشعب الفلسطيني وفقدان الثقة بين الجانبين، فإنها تؤدي إلى إحباط تنفيذ خطة الإصلاح والتنمية التي طرحتها حكومة د. سلام فياض وأيدها المجتمع الدولي بالإجماع في مؤتمر باريس. وفي الحقيقة أن ما يجري على الأرض يؤكد أن إسرائيل لم تكتف فقط بعدم تنفيذ التزاماتها وسد الطريق أمام «الزخم» الذي أحدثه مؤتمر أنابوليس بل أنها اتخذت سلسلة من الخطوات والممارسات على الأرض تتناقض مع كل الجهود الدولية سواء ما يتعلق بالحصار أو الاستيطان أو الحملات العسكرية التي تواصلت على نحو مكثف سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية. ويكفي أن نشير إلى أن إسرائيل أعلنت خلال زيارة رايس الحالية عن توسع استيطاني جديد في مستوطنة «براخا» وقبل ذلك سلسلة من المشاريع الاستيطانية في القدس ومختلف أنحاء الضفة الغربية. ومن السذاجة الاعتقاد أن وزيرة الخارجية الأميركية رايس لا تعرف هذه الحقائق أو أنها لا تعرف أن المستوطنين على مرأى قوات الأمن الإسرائيلية قاموا قبل يومين بإحباط زيارة الجنرال فريزر مبعوث الرئيس الأميركي جورج بوش لمراقبة تنفيذ التزامات الطرفين فيما يتعلق بخريطة الطريق. ولهذا، لا ندري كيف يمكن أن تنسجم تصريحات رايس حول الرغبة في دفع جهود السلام وتطبيق خريطة الطريق مع التغاضي عن هذا الكم الهائل من الانتهاكات الإسرائيلية سواء لتفاهمات أنابوليس وباريس أو التغاضي عن الخطوات التي تقوم بها إسرائيل والتي ثبت أنها تصعد التوتر وتعمق فقدان الثقة بين الجانبين وتسد الطريق أمام تقدم المفاوضات. فالثقة التي تتحدث عنها الوزيرة رايس لا يمكن أن تبنى إلا إذا قامت إسرائيل بخطوات واضحة مثل إزالة الحواجز وإزالة المواقع الاستيطانية العشوائية ووقف التوسع الاستيطاني ووقف الحملات العسكرية وإحراز تقدم جوهري في المفاوضات الجارية التي رأى الرئيس عباس أمس أنها بمثابة سباق مع الزمن للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام. هذا يعني أن الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية وقيادته بانتظار خطوات على الأرض وليس سماع تصريحات تتكرر كلما زار مسؤول دولي المنطقة فيما تواصل إسرائيل تنفيذ مخططاتها وفيما تستمر معاناة الشعب الفلسطيني. الحقائق واضحة، والعقبات الإسرائيلية واضحة، وممارسات إسرائيل التي تسد الطريق أمام تقدم جهود السلام تدركها الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي منذ وقت طويل، وإذا كانت النية تتجه فعلا لإحراز تقدم فان على الوزيرة رايس والإدارة الأميركية ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل لإزالة هذه العقبات والاستجابة لجهود المجتمع الدولي لإرساء السلام، وعندها فقط، يمكن الحفاظ على زخم عملية السلام والشعور بالتفاؤل.
http://www.miftah.org |