حتى لا تتكرر المأساة في لبنان
بقلم: صحيفة القدس
2008/5/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9280

الأحداث المؤسفة التي وقعت في لبنان خلال اليومين الماضيين أعادت إلى الأذهان مجددا شبح الحرب الأهلية التي اندلعت في حينه عام 1975 وراح ضحيتها ألاف القتلى والجرحى، فكان لبنان الوطن ضحية ولبنان الشعب ضحية والقضية الفلسطينية ضحية لذلك الصراع الذي لم يستفد منه سوى أعداء لبنان وفلسطين والأمة العربية، وشكلت تلك الحرب فيما شكلت بوابة عبور واسعة لإسرائيل وغيرها من القوى الإقليمية والدولية للتدخل في الشأن اللبناني والشأن العربي لفرض ما يخدم مصالحها أولا.

وعلى مدى السنوات الطويلة الماضية شهد لبنان سلسلة من التطورات والمحطات العامة والتداخلات الإقليمية والدولية التي كانت حصيلتها ما نشهده اليوم من محاولات محمومة لصياغة لبنان جديد ينسجم مع المصالح والمعايير الإسرائيلية -الأمريكية - الغربية.

ولعل حرب لبنان الثانية جاءت ضمن هذا السياق بعد أن رأت إسرائيل وغيرها من القوى أن حرب عام 1982 وضرب منظمة التحرير في لبنان والاحتلال الإسرائيلي لأجزاء واسعة من الجنوب اللبناني على مدى 18 عاما لم تحقق هذا الهدف.

وما يحدث اليوم من صراع لبناني داخلي للوهلة الأولى هو انعكاس واضح لصراع تتداخل فيه قوى دولية وأطراف إقليمية، إلا أن محاولات تأجيج هذا الصراع ومحاولات حسمه بما يخدم الرؤية الإسرائيلية ورؤية بعض القوى الدولية يعني مجددا أن لبنان العربي سيدفع الثمن والقضية الفلسطينية ستدفع الثمن والمواطن العربي في المحيط إلى الخليج سيدفع الثمن.

وإزاء هذا الوضع وحتى لا ينزلق لبنان مجددا إلى حرب أهلية لا قدّر الله، وحتى يحافظ على وحدة أراضيه ووحدة شعبه ودوره ضمن الإطار العربي وصموده أمام التحديات الماثلة فان على القادة العرب وقادة العالم الإسلامي البدء بتحرك عاجل يستهدف تطويق الأحداث ونزع فتيل الأزمة وتمهيد الطريق لحوار بناء تشارك فيه مختلف القوى اللبنانية وصولا إلى صيغة اتفاق تجنب لبنان مأساة جديدة وتجنب القضية الفلسطينية مزيدا من التراجع وتجنب العرب الثمن الباهظ الذي سيترتب على تداعيات حرب جديدة لا يضمن احد امتدادها لتشكل شرارة تشعل المنطقة بأسرها نظرا للتداخل المعقد والمصالح الإقليمية والدولية المتضاربة.

كما أن من واجب الأشقاء اللبنانيين الآن وضع مصلحة لبنان العليا نصب أعينهم وتغليب لغة الحوار والوحدة والاتفاق على منطق الصراع والحرب والدماء.

المطلوب الآن جهد عربي - إسلامي - لبناني لنزع فتيل الأزمة والتوصل لاتفاق يحفظ للبنان وجهه المشرق وفض كل المحاولات الهادفة لتأجيج هذا الصراع أو محاولة حله على حساب طرف دون آخر، فوحدة لبنان وصموده وعروبته هي التي يجب أن تنتصر.

http://www.miftah.org