ساعة الصفر.. وعقارب باراك!!
الموقع الأصلي:
كان للتصريح الذي أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، بشكل مفاجئ تقريباً، الأثر الكبير في عودة الحديث عن سقوط حكومة ايهود اولمرت التي يشغل فيها باراك نائباً لرئيس الحكومة ووزيراً للدفاع، يقول باراك في تصريحه المذكور انه يتوقع ان انتخابات مبكرة للكنيست قد تعقد نهاية هذا العام أو بداية العام القادم.
سبب الإثارة في هذا التصريح يعود بدرجة رئيسية إلى ان العديد من المراقبين الإسرائيليين يعتقدون ان هذه الانتخابات المبكرة قد تعقد قريباً وقبل الربع الأخير من العام الجاري، هؤلاء المراقبون اعتقدوا ان باراك، هو نفسه، قد يقوم بالانسحاب من حزبه من الحكومة ما يعني ترجيح سقوطها، ما لا يجعل أي خيار محتمل سوى الدعوة إلى انتخابات مبكرة. تصريح باراك يشير، بطريق التفافي، إلا انه لا ينوي سحب حزبه - الآن- من حكومة اولمرت، لكنه يحتفظ بهذه الورقة إلى وقت متأخر من العام، وإلى حين تعديل الصورة التي تتمحور هذه الأيام، حول حقيقة ضعف وانقسام حزب العمل من ناحية، واحتمالات لمفاجآت قد تحدث في الشهور المقبلة، تستدعي إعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقة، والتنظيمية الحزبية في إسرائيل، من هذه الاحتمالات، ضربة لإيران أو اجتياح قطاع غزة، وإلى حد ما، إمكانية تقديم اولمرت استقالته على خلفية التحقيقات الفضائحية معه، خاصة وان "كاديما" يعيش حالة تنظيمية صعبة، ما قد يجعل أمر وراثة اولمرت أكثر صعوبة. باراك، هو الذي يمسك بدفة التهدئة مع غزة، ويديرها حسب حساباته وبالطريقة التي يراها ملائمة للوضع الداخلي الإسرائيلي، تصريحاته المتعاقبة حول التهدئة، تعكس تخبطاً من ناحية، لكنها تعكس تعديل حساباته من ناحية ثانية، باراك صرح قبل شهور بعدم وجود حل سحري للوضع مع قطاع غزة، ثم لجأ إلى "القبعة الحديدية" وبناء شبكة دفاعية تواجه الصواريخ البدائية المنطلقة من قطاع غزة وهي في السماء، ثم يصرح ان اجتياح غزة بات وشيكاً، وان قدرة إسرائيل على الانتظار متعذرة. بعد ذلك قال انه على الإسرائيليين التفكير ملياً قبل اجتياح غزة، هذه أمثلة قليلة من تصريحات أطلقها باراك فيما يخص التهدئة، وهي في الواقع الذي نراه، تجعل منها - التهدئة- ورقة باراك الأساسية في ساحة اللعب الحزبية في إسرائيل، قبول أو رفض التهدئة، بالشروط والمواصفات المعلنة، هو خيار من باراك تحديداً، إضافة شرط إطلاق سراح شاليط، أو التقدم في المفاوضات من أجل إطلاق سراحه، للدخول في تهدئة، هو مطلب من باراك لكي يقول "لا" للجهد المصري حول التهدئة، ولكن بطريقة تبقيه لاعباً أساسيا لهذه الورقة. وكانت جمهورية مصر العربية، قد دعت قيادة حركة حماس إلى القاهرة لاطلاعها على نتائج الجهد الذي بذلته من خلال الزيارة التي قام بها الوزير عمر سليمان إلى إسرائيل، لكن هذه الدعوة تأجلت يومين تقريباً، بعدما تبين ان باراك شخصياً سيلتقي الرئيس محمد حسني مبارك، ما استدعى تأجيل دعوة حركة حماس إلى حين وقوف القاهرة على موقف باراك من التهدئة. وبدورنا، لا نعتقد ان هناك "ساعة صفر" لبدء التهدئة في حال موافقة إسرائيلية عليها، هكذا يفكر باراك وعموم القيادة الإسرائيلية، في شرم الشيخ وبعد لقائه مع الرئيس حسني مبارك، ومدير المخابرات المصرية عمر سليمان، ووزير الدفاع المصري المشير حسين طنطاوي، ووزير الخارجية احمد أبو الغيط، من هناك، قال باراك "ان التهدئة لن تتم إلا بعد وقف جميع العمليات المسلحة ووضع حد لتعاظم حماس عسكرياً والحؤول دون استمرار عمليات تهريب السلاح والأموال وتسلل نشطاء وخبراء عسكريين إلى القطاع وبتسريع عملية التفاوض بغية الإفراج عن شاليط". فالتهدئة، حسب باراك، لن تتم "إلا بعد"، أي ان التهدئة تبدأ من جانب واحد، ليتم اختبارها من الجانب الآخر، الذي ربما سيسهل للجانب الفلسطيني في حال شروعه في التهدئة بالمضي بها قدماً من خلال تهدئة مماثلة ولكن ضمن الحسابات الإسرائيلية، تعبيراً عن هذه التهدئة تم فرضها فرضاً من خلال اختلال ميزان القوى، يقول الإسرائيليون، نحن نرد فقط على إطلاق الصواريخ الفلسطينية، لتتوقف هذه الصواريخ، فلا يكون هناك أي داع لخطوات عدائية إسرائيلية بما فيها مسألة الحصار، أي الإبقاء على الكرة في الملعب الفلسطيني، وإسرائيل التي لا تؤمن بالاتفاقات والمواثيق، تريد تجسيداً لهذه التهدئة من الجانب الفلسطيني، على الأرض، قبل ان تلجأ إلى خطوات جدية لوقف عدوانها وفك الحصار. أما فتح معبر رفح، فيبدو انه لا يدخل في إطار التهدئة بشكل مباشر، رغم الضغط الفلسطيني - المصري والإصرار على فتحه، والمعضلة في هذا السياق، ذات جانب فلسطيني في الأساس، يتعلق بالانقسام - الانقسام الداخلي أولاً وقبل كل شيء، ففتح معبر رفح ما زال أمراً معقداً بالنظر إلى التجاذب العنيف بين حماس وفتح، الرؤية المصرية - الفلسطينية لفتح معبر رفح تنطلق من موافقة جميع الأطراف، حماس والسلطة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي بإعادة العمل باتفاق المعابر العام 2005، وهو الأمر الذي لا تزال ترفضه حماس التي تراهن على ان فتح المعبر يتم من خلال استمرار الضغط الإعلامي والإنساني على القاهرة. من هنا كانت إشارات قد انطلقت لتشير إلى ان مصر ستفتح معبر رفح في حال عطلت إسرائيل مسألة التوصل إلى توافق بشأن التهدئة، مصر كررت موقفها السابق المعروف عدة مرات، من دون ان يشكل الأمر دافعاً لدى حركة حماس للموافقة عليه، لذلك، نعتقد ان مسألة المعبر ذات علاقة مباشرة بالوضع الداخلي الفلسطيني، أكثر منه ارتباطاً بالتهدئة مع إسرائيل، رغم ان الأمرين متشابكان تماماً. فهل ننتظر تحديد ساعة الصفر؟!، التي نعتقد أنها ستحدد من الجانب الفلسطيني بالاتفاق مع الإخوة في مصر، ونكون بعدها بانتظار ساعة خرقها من الجانب الآخر الذي لن يتردد في الإطاحة بها، حسب رؤية باراك وحساباته الداخلية، أم ننتظر توافقاً فلسطينياً، يحيل التهدئة المرجوة مع إسرائيل، تهدئة حتمية مطلوبة مع بعضنا البعض، أسئلة تنتظر مرونة الأطراف التي لديها الحل والربط في غياب دور للجمهور والمجتمع المدني!! http://www.miftah.org |