غزة...والتهديدات الإسرائيلية بالاجتياح
بقلم: د. مصطفى محمد الفار
2008/6/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9398

ما أهداف التهديدات الإسرائيلية باجتياح غزة؟ ولماذا تجيء هذه التهديدات متزامنة مع المساعي التي تقوم بها مصر للتوصل إلى تهدئة بين حماس وإسرائيل؟ ولماذا ترفض إسرائيل رفع الحصار عن غزة مقابل وقف إطلاق الصواريخ ، وتهدد بإعادة احتلال القطاع الذي كانت قد انسحبت منه في عام2005 ولماذا تمد إسرائيل يداً للسلام؟ بينما تصوب سلاحها باليد الأخرى ، وتهدد بضربة قاضية لحماس وفصائل المقاومة الأخرى؟

أسئلة تشير في مضمونها إلى الوضع المتردي الذي باتت تعيشه إسرائيل اليوم: بسبب أزمة الحكم ، واحتمال التسريع بانتخابات جديدة ، بعد أن أصبح مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي ، "إيهود أولمرت" مسألة وقت ، وبعد أن هدد وزير دفاعه "إيهود باراك" بالانسحاب من الحكومة مع حزبه ، إذا لم يتخذ حزب كاديما قراراً بتعيين رئيس جديد للحزب ، أو تنحي أولمرت عن رئاسة الحكومة.

هذه الحالة من التخبط والحيرة التي تعيشها إسرائيل: بينما يتواصل الحديث عن رئيس حكومة إسرائيلية في فترة حبلى بقرارات تتصل بمصير أولمرت وحكومته ، يبادر أولمرت بالتهديد باجتياح قطاع غزة ، وبتوجيه ضربة إلى حماس والمنظمات الأخرى ، وعلى الرغم من أن المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية اليوم ، مرحلة تتصف بالجمود ، فإن أي خطوة حمقاء جديدة تخطوها إسرائيل دون حساب لنتائجها ، ستؤدي إلى نسف عملية السلام برمتها ، وتدفع المجتمع الدولي إلى تغيير موقفه المتعاطف معها في موضوع أمنها المزعوم ، وهذا ما دعا بعض المحللين الإسرائيليين إلى التحذير من حالة الانهيار التام التي قد تتعرض لها إسرائيل ، في حال الإقدام على تهور غير محسوب حسابه ، أو مغامرة قد توقع مزيداً من الأخطاء.

وحول هذا التخبط في السياسة الإسرائيلية ، كتب المحلل الإسرائيلي "تسيفي برئيل" في صحيفة يديعوت أحرونوت يقول: "إن إسرائيل بسياستها الفاشلة فقدت السيطرة على قطاع غزة ، وإن من يعتقد أنه من الممكن توجيه ضربة لشعب بأكمله ، بمنع دخول الوقود والغذاء والدواء ، وإغلاق المعابر ، ومداهمة القطاع ، فهو واهم ، وإن من يعتقد أنه يستطيع أن يتجاهل حماس ومقاطعتها ، ومعاقبة الفلسطينيين على ذلك ، كمن يصب الزيت على النار ، فيزيدها اشتعالاً بدلاً من أن يطفئها.

من الواضح إذن أن هناك من الإسرائيليين من باتوا يعتقدون بانهيار الإستراتيجية الإسرائيلية في قطاع غزة ، بسبب السياسة الحمقاء التي يمارسها الساسة الإسرائيليون ، ومن الواضح لكل ذي بصيرة ، أن أي حماقة ترتكبها إسرائيل إذا ما قررت اجتياح قطاع غزة، لن يقف إزاءها المجتمع الدولي موقف المتفرج، بل إن موقفه في هذه الحالة سيكون حازماً، ومن الواضح تماماً أن أي مغامرة إسرائيلية إن تمت ضد القطاع، ستفقد إسرائيل مصداقيتها في السلام، وتفضح حالة الانهيار والفشل التي تعيشها حكومة أولمرت التي تترنح تحت فضائح الفساد المالي لرئيسها، مما يحول دون امتلاكها القدرة والنفوذ الجماهيري لتحريك عملية السلام.

فكيف إذا أقدمت على عمل متهور كهذا الذي يهدد به أولمرت ووزير دفاعه "إيهود باراك" وبدلاً من أن يسعى أولمرت وحكومته إلى اتخاذ القرار السليم لمعالجة المعضلة، والتوصل إلى تسوية سليمة مع حماس بعد أن امتثلت للمطالب الدولية، ووافقت على المبادرة المصرية للتهدئة ، إلا أن الحكومة الإسرائيلية رفضت هذه التهدئة ، وتصر على لغة التهديد والوعيد والتصعيد. فما الذي تريده حكومة إسرائيل إذن؟ وما الذي تغير حتى أصبحت مواقف حماس مرفوضة من الجانب الإسرائيلي، وأصبح الخيار العسكري هو المطروح بقوة على لسان أولمرت ووزير دفاعه باراك ، على الرغم من أن هذا الخيار باهظ الثمن ، خصوصاً على الفلسطينيين الأبرياء ، والبنية التحتية في القطاع ، وعلى الموقف الدولي من إسرائيل؟

وإذا كانت الولايات المتحدة منشغلة اليوم بالانتخابات الرئاسية ، وإدارتها تعيش الشهور الأخيرة من ولايتها ، فان المجتمع الدولي أن يقف بقوة في وجه أي حماقة قد ترتكبها إسرائيل، وتؤدي إلى مزيد من الحالة الكارثية التي يعيشها القطاع المنكوب: نتيجة للاستهتار الإسرائيلي بالقوانين والالتزامات الدولية ، وحقوق الإنسان.

http://www.miftah.org