الاستيطان والمجازر يغتالان عملية السلام
الموقع الأصلي:
توافق إعلان إسرائيل عن بناء ألف وثلاثمائة مسكن جديد في مستعمرة رامات شلومو في القدس الشرقية، بارتكابها مجزرة في بلدة بيت لاهيا بغزة، ذهب ضحيتها اثنا عشر شهيدا بينهم رضيعة، ما يؤكد الارتباط العضوي بين الاستيطان وارتكاب المجازر والحصار لإجبار المواطنين على الرحيل أو الانصياع للاملاءات الإسرائيلية، فهما وجهان لعملة واحدة.
ومن ناحية أخرى تجيء هذه الاعتداءات في غمرة الدعوة إلى التهدئة بإشراف مصر، ما يؤكد أن حكومة أولمرت غير جادة بالالتزام بالتهدئة، بدليل ما يحدث على الأرض، إذ حوّل جيش الاحتلال غزة إلى ساحات موت، هذا أولا، أما ثانيا: فلقد مضى على قبول الفصائل الفلسطينية للتهدئة مدة ليست بالقصيرة ولا زالت تماطل، وترسل المبعوثين واحدا اثر واحد إلى القاهرة بدءا بليفني وزيرة الخارجية ثم براك وزير الدفاع، وليس انتهاء بعاموس جلعاد، الذي زار القاهرة أكثر من مرة والتقى أمس الأول بمدير المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان المعني بملف التهدئة. وفي هذا الصدد يبدو واضحا أن إسرائيل تحاول أن تستغل الظروف المأساوية التي يعانيها سكان القطاع بسبب الحصار الظالم الذي مضى عليه شهور، وأدى إلى وفاة أكثر من مائة وسبعين شخصا بسبب فقدان العلاجات والأدوية الضرورية، وحوّل حياة مليون ونصف المليون فلسطيني إلى كارثة حقيقية بعد انقطاع الماء والكهرباء وعدم توفر الاحتياجات الرئيسية كل هذا محاولة لابتزاز الفلسطينيين، وفرض شروط تبدو خارجه عن سياق التهدئة، ومن أبرزها إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي جلعاد ، في حين وافق الفلسطينيون على الشروط كما قدمتها مصر شريطة فتح المعابر ورفع الحصار. ومن هنا فالمدقق في مشهد الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي يتأكد له أن إسرائيل ليست معنية بالسلام ، وليست معنية بإنجاح المفاوضات، في ضوء إصرارها على الاستمرار في الاستيطان، وبوتيرة متسارعة بدليل أن قرارها ببناء ألف وثلاثمائة مسكن جديد في مستعمرة شلومو أمس الأول، سبق قرار بالموافقة على بناء ثمانمائة وأربعة وثمانين مسكنا إضافيا في القدس الشرقية في الثاني من الشهر الجاري، وهذا يفضح نوايا حكومة اولمرت، ويؤكد أنها استغلت المفاوضات لفرض سياسة الأمر الواقع، ما يتنافى مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة. وفي هذا السياق لا بد من التذكير بأن جلالة الملك حذر أكثر من خطورة استمرار الاستيطان في القدس الشرقية ، وخطورة استمرار الحصار على غزة ، ودعا إسرائيل إلى التوقف عن هذه السياسات الخاطئة والممارسات الاستفزازية، والتي من شأنها اغتيال عملية السلام، والعودة بالمنطقة إلى حافة الصراع. إن المتابع لتصريحات المسؤولين الفلسطينيين، وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يلمس حالة التشاؤم التي وصلوا إليها بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، وتأييد الإدارة الأميركية لهذه السياسات والتي بلغت ذروتها في تسريع الاستيطان واقتراف المجازر الدموية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، والمماطلة في قبول التهدئة، والتهديد بشن حرب إبادة على القطاع المحاصر، مما يحتم إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني كسبيل وحيد، لإعادة توحيد ورص الصفوف، بعد أن أغرت الفرقة والانقسام المتطرفين الصهاينة لمواصلة مشروعهم الاستيطاني. http://www.miftah.org |