جرس إنذار
بقلم: أمجد عرار
2008/6/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9428

جرس الإنذار الذي قرعه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مؤخراً، بشأن الوضع العربي والقضية الفلسطينية يستحق حسن الاستماع وعلمية القراءة والاستنتاج، إذ يخشى على القضية الفلسطينية من التلاشي بعد عشر سنوات أو اثنتي عشرة سنة، إذا -وهذا الأهم- بقيت أحوال العرب والفلسطينيين على ما هي عليه.

ألقى هيكل الضوء على معظم جوانب الوضع العربي وهي بمجموعها تسير عكس المنطق والتاريخ، بل حتى عكس المصالح العربية. ولا شك ان رؤية الكاتب المخضرم، المستندة الى أن المراوحة في المكان التي يعاني منها تيارا المقاومة والتسوية العربيان، وتقدم الأجندة “الإسرائيلية” قد يجعل من القضايا العربية عرضة للتبدد والضياع بعد فترة وجيزة، وبعيداً عن التشاؤم، رؤية تحفيزية يجدر التقاطها قبل فوات الأوان.

إن أول من يجدر به الاستماع إلى الجرس هم الفلسطينيون الذين كانوا بحكم التطورات الذاتية والموضوعية العديدة، ممسكين بزمام قضيتهم وهم البارومتر الذي يحدد مدى التعاطي العربي والدولي مع قضيتهم.

إذا كان هذا الكلام يصلح دائما، فإنه يصبح أكثر إلحاحية في ظل حالة الانقسام السياسي والجغرافي في الساحة الفلسطينية.

إزاء هذا الواقع تصبح ترجمة المبادرة الحوارية الأخيرة الى خطوات عملية وسريعة أمراً مصيرياً، ولكي تنجح هذه المبادرة يجب أن تتوفر لها بعض الشروط ومنها أن تكون جدية وغير تكتيكية أو توظيفية ترتبط بأية قضايا أخرى باستثناء القضية الوطنية والقومية، وأن يجري إنجازها بمشاركة كل فصائل العمل الفلسطيني فضلاً عن الرعاية العربية، وأن يتم إنجازها على مراحل تكون أولاها إنهاء الانقسام والقطيعة، وتشكيل “حكومة” وحدة وطنية وإعادة بناء الأجهزة “الأمنية” بعيداً عن الفصائلية والقبلية والولاءات الشخصية، وأن تتضمن هذه الصيغة وثيقة شرف يتعهد بموجبها الجميع بعدم اللجوء للسلاح لحسم خلاف داخلي أو تحقيق مكاسب ذاتية.

ولا شك أن إنجاز هذه الخطوة سيعني أننا أسسنا لحل الأزمة، لأن الحل يتطلب الكثير من العمل، حيث يتعلق الأمر بصياغة استراتيجية فلسطينية سياسية شاملة تتضمن رؤية مشتركة حول المقاومة (من حيث التفاصيل لا المبدأ)، وحول الموقف من المبادرات السياسية والمفاوضات المبنية على ثوابت وأسس، وبعيداً عن إمكانية توظيفها “إسرائيلياً” للتغطية على الجرائم اليومية والاستيطان وتهويد القدس، واستغلال الوقت في فرض وقائع جديدة.

مثل هذه الاستراتيجية تعني بناء قاعدة سياسية مشتركة، تستند إلى قواسم مشتركة تقوم عليها إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية حتى لا تضيع القضية بين مشروعين يراوحان في المكان، علماً أن المراوحة في زمن متحرك تعني التراجع.

http://www.miftah.org