هل بات الحوار الوطني الفلسطيني في خبر كان؟
الموقع الأصلي:
(كانت) حركة "حماس" قد ردت بإيجابية على دعوة الرئيس عباس للحوار الوطني، و(كانت) دمشق كرئيس للقمة العربية قد أبدت استعدادها للمشاركة في إنجاح هذا الحوار، و(كانت) القاهرة قد عبرت عن استعدادها لاستضافة المتفاوضين شرط توافر شروط هذا النجاح.
و(كان) السيد عمرو موسى بعد يومين من التوصل إلى اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين قد أعلن أن هناك الكثير من الأصوات التي تطالب بدور للجامعة العربية في كل الملفات، وأن تستمر على هذا الزخم لمعالجة عددا آخر من المشاكل وعلى رأسها المسألة الفلسطينية والحوار بين الفصائل والتهدئة والتوصل إلى موقف فلسطيني سياسي موحد، وأن خالد مشعل (كان) قد أبدى استعداده لعملية من هذا النوع تُنهي النزاع بين "فتح" و"حماس". ووفقا لموسى أيضا فإن المطلوب هو ضبط الأمور بحيث "يتم التحرك على قاعدة عربية جماعية كما عملنا في قطر"، وهي قاعدة جماعية تنبع من الجامعة العربية ومظلتها وجهازها السياسي والفني. و(كان) ذلك مدعاة للتفاؤل في أن الجامعة العربية سوف تأخذ دورها القومي مع الأطراف المعنية في مواجهة الصعوبات والمشكلات المستفحلة. وتبدأ بلعب دور في تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية يجعل منها مؤسسة فاعلة وصاحبة انجاز وقادرة على أن تؤمن حدا أدنى من الصمود الفلسطيني. وهى التي كانت غائبة دائما وتوصف بأنها مؤسسة النظام الرسمي العربي العاجز والفاشل، وأن أقصى ما يمكن أن تقوم به هو تأمين اجتماعات عربية جماعية تهدئ وتيرة الخلافات ولا تحلها، وتقدم وعودا ولا تستطيع أن تنجزها. و(كان) اتفاق الدوحة الخاص بلبنان، والذي جاء تتويجا لجهود الجامعة العربية والرعاية القطرية قد فتح الباب للنظر بايجابية إلى الإمكانيات الكامنة في النظام العربي ومؤسسته الجامعة إذا ما أحسن استغلالها من جهة، وكانت مؤيدة من الأطراف العربية الرئيسة من جهة أخرى، في أن تنقل الحالة الفلسطينية الخلافية إلى حالة وفاقية، وبما ينعكس إيجابا على القضية المركزية . ولكن هذه الثقة الطارئة في الجامعة العربية التي ارتفعت فجأة على وقع العواطف الجياشة التي صاحبت توقيع اتفاق الدوحة اللبناني، هبطت فجأة، وتستحق التساؤل عن سبب ذلك وعدم نجاح اتفاق دوحة فلسطيني مماثل. والحقيقة إن اتفاق الدوحة اللبناني اعتمد صيغة لا غالب ولا مغلوب كأساس لإنهاء الأزمة اللبنانية وهذا غير متوفر لدى الفلسطينيين فكلهم إما غالب أو مغلوب. وكان لدى الزعامات اللبنانية استعداد مسبق للمصالحة صاحبته ضغوط الشارع اللبناني، وفي فلسطين( كان) العكس تماما فلا الزعامات مستعدة ولا الضغوطات الشعبية جاهزة. وبينما كان هناك جهد متواصل قامت به الجامعة العربية ممثلة في زيارات أمينها العام المتواصلة إلى بيروت ومصحوب بدعم عربي جماعي عبر عن نفسه في اللجنة الوزارية التي أنيط بها تطبيق المبادرة العربية ثلاثية العناصر. (كان) لا يوجد شيء من ذلك في فلسطين. والمثير حقا أن الرعاية القطرية النزيهة للمباحثات اللبنانية، لم تكن كذلك في فلسطين! ويبقى السؤال هل نضجت ملابسات الأزمة الفلسطينية كي تستقبل جهدا عربيا كالذي قامت به الجامعة العربية في الأزمة اللبنانية؟ الأرجح هنا أن الأزمة الفلسطينية أكثر نضجا وتستحق جهدا اكبر. ولكن بعد أن يحدد الفلسطينيون موقفهم من مجموعة من القضايا الهامة، وأبرزها شروط اللجنة الرباعية الدولية، وتعثر مفاوضات التسوية بين السلطة وإسرائيل، ومدى الرهان على التوصل إلى اتفاق بشأن مواصفات الدولة الفلسطينية الموعودة قبل نهاية العام الجاري مع أولمرت الغارق في اتهامات الفساد، وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الرئيس بوش في الأشهر المتبقية من ولايته الثانية لتحفيز التوصل إلى اتفاق متوازن؟ وما هو الموقف من تمسك الحكومة الإسرائيلية بتصعيد وتيرة الاستيطان وتهويد القدس ومحيطها، والتهديدات المتكررة بشن عملية عسكرية في قطاع غزة، وعودة إسرائيل للتلاعب بمسارات المفاوضات بين مسار سوري وآخر فلسطيني، واستمرار حصار قطاع غزة وغياب أي دور عربي جماعي يسعى لإنهاء هذا الحصار ولو بتدرج، فضلا عن محدودية النتائج الميدانية التي تحرزها عملية التهدئة المنقوصة. والاهم من كل ذلك هل "حماس" مستعدة للتراجع عن انقلابها؟ هذه التساؤلات مجتمعة لا بد من الإجابة عنها للخروج من حالة الانقسام الفلسطيني، فبقاءها اضعف إلى حد كبير كلا من المفاوض الفلسطيني والمقاوم الفلسطيني معا، مما يعني ضرورة التعامل مع جذور الأزمة قبل البحث عن أي حل سياسي للازمة. كل ذلك لا يعني أن الأزمة الفلسطينية ستكون في طريقها إلى الحل، ما لم يقابله نضج مماثل في باقي العناصر ذات الصلة، فالتباعد بين الأطراف العربية الفاعلة في الملف الفلسطيني ما زال موجودا، ومن شأن استمرار هذا التباعد أن يحد من إمكانات تحرك الجامعة العربية في الملف الفلسطيني على قاعدة استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام والمظاهر غير الشرعية. وطالما وُجدت هذه الغيوم التي تزداد كثافة بين كل من مصر والسعودية والأردن من جانب، وسوريا من جانب آخر، سيكون عسيرا على الجامعة أن تبذل جهدا منظما ومنهجيا ومدعوما عربيا كالذي حدث في الحالة اللبنانية. http://www.miftah.org |